في امتحان ضبط الأسعار.. إجراءات تتسارع.. ووقائع السوق تقارب تطلعات الناس بخجل!

في امتحان ضبط الأسعار.. إجراءات تتسارع.. ووقائع السوق تقارب تطلعات الناس بخجل!

أخبار سورية

الخميس، ٥ أبريل ٢٠١٨

لم تنته لعبة لي الذراع بين تجار الأزمة ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، فمازالت العقبات كثيرة أمام الوزارة في التخفيف من هيمنة “الدكنجية” الذين يعتبرون أنفسهم تجاراً وأصحاب سوق، والكلمة الأخيرة فيه تصدر منهم، هذه الفئة، رغم جهلها واعتمادها على فنون تجارية قديمة لم تعد تجدي نفعاً، لا تخجل من مواجهة أي قرار أو قانون يضبطها بسبب العقلية البالية التي تعتبر من أهم الأوبئة المسيطرة على أسواقنا، وللأسف يصل هؤلاء “الدكنجية” إلى مركز القرار في حياتنا الاقتصادية، وفي كل الأحوال يبني المستهلك آماله على ما يمكن أن تنجزه الوزارة ومديرية حماية المستهلك من إجراءات تعتبر رادعة نوعاً ما، إلا أنها تبقى في إطار العقوبات والضبوطات، بينما حان الوقت لفرض تعليمات وقوانين جديدة تتناسب مع المتغيرات التي فرزتها الأزمة، أو على الأقل تتماهى مع حالة التطوير القادمة.
انفراج صناعي
يفرض الواقع نفسه على أطماع التجار، ويحدثهم بلغة أكثر جدية تتناسب مع ضمائرهم إلى حد ما، هذا ما نشهده في الآونة الأخيرة، ففي ظل عودة المصانع الحلبية، وإعادة الإنتاج، باتت الأسعار أكثر ليونة، وانخفض ابتزاز الباعة في فرض أسعارهم على الألبسة بحجة المستورد والأجنبي، وخاصة خلال فترة التنزيلات، وأهل الاختصاص لهم كلمتهم في هذا الشأن، حيث صرح مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية نضال مقصود عن انعكاس نشاط المعامل والمصانع في حلب وعودتها للإنتاج على واقع الأسواق السورية، إذ كان لها الأثر الأكبر في انخفاض أسعار الألبسة والأحذية، خاصة أنها بدأت العمل بطاقة إنتاجية عالية، ساهم في ذلك تحسن وضع الكهرباء، وتوفرها على مدار أربع وعشرين ساعة، حيث ساهمت في زيادة الإنتاج وتحسن نوعيته وجودته، وانخفاض التكلفة بعد الاستغناء عن المحروقات والوقود من غاز، ومازوت، وبنزين، فلم تعد هناك ضرورة لاستهلاك كميات كبيرة منها نتيجة استخدام المولدات والبطاريات وغيرها، وهذا ما ساهم في التخفيف من أعباء عمليات الإنتاج، إضافة إلى توفر المواد الأولية اللازمة، والاستعانة بلوازم أولية، صناعة محلية.
 
إجراءات غير مجدية
لم تحظ جميع المنتجات السورية بالمنافسة العادلة، كما هو حال الألبسة، ففي تحديد أسعار الأغذية مازالت هذه المواد محافظة وثابتة على أسعارها رغم التحسن الذي طرأ على عمليات الإنتاج فيها، وهنا يوضح مقصود أن المنتجات الغذائية المحلية خاضعة للظروف الزراعية في البلد، وهنا الحال مختلف تماماً، فمصانع الغذائيات تعتمد على الكميات التي يمكن أن تتوفر لها، وهي كميات متواضعة حالياً، ولكن هناك مؤشرات جيدة تكشف أنه قريباً يمكن أن تتوفر جميع السلع بالكميات والأسعار المناسبة، ويضيف بأن الإجراءات التي تقوم بها الوزارة كفيلة بتأمين متطلبات الأسواق السورية من السلع الأساسية واليومية في حياة المواطن، وهناك دراسة حول إجراءات إضافية ستساعد كثيراً في تغطية مساحات جغرافية كبيرة، وإيصال كافة المواد الغذائية إليها، وخاصة المناطق التي بدأت بالتعافي وعودة الحياة إليها.
 
انفلات الوجبات
تجار المأكولات الجاهزة وغيرها استطاعوا الإفلات من تعليمات وزارة التجارة الداخلية، ففي جولة للأسواق، وخاصة المناطق المنتعشة كالمزة، و”أبو رمانة”، وغيرها، مازالت تتفاخر بأسعارها الخلبية، وخاصة فيما يتعلق بالشاورما، والدجاج الجاهز، ومن وجهة نظر مدير حماية المستهلك في الوزارة حسام نصر الله فإن السوق انصاع إلى إجراءات الوزارة بعد عدة ضبوطات للمحلات المخالفة، والمراقبة مستمرة للأسواق للحفاظ على استقرار الأسعار وجودة المنتجات المباعة، ووصلت نسبة المحلات الملتزمة بالأسعار إلى أكثر من خمسين بالمئة في المناطق التي ذكرناها، ودورياتنا تعمل على المتابعة في كشف حالات الغش ورفع الأسعار.
 
قيد المباحثات
يأخذ سوق الهال حيزاً كبيراً في ملفات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وخاصة فيما يتعلق بضبط الأسعار، حيث تم الحديث مؤخراً عن مشروع جديد يعتمد على وضع لائحة الكترونية كبيرة تكشف عن أسعار المنتجات الزراعية التي تحددها الوزارة، ويبدو أن هذه الفكرة مازالت قيد المباحثات والجدل بين فرقاء متعددين، وهذا ما منع المديرين في الوزارة من التحدث بهذا الشأن، ولكن من وجهة نظر أحد المختصين بضبط السوق فإن اللوائح الالكترونية تحجم من سيطرة التجار، ومن عمليات التلاعب التي تحدث بين حلقات البيع، والتي تؤدي لوصول الأسعار إلى المستهلك بطريقة غير مرضية، ويضيف نصر الله: عملت الوزارة جاهدة في هذا المضمار من خلال مراقبة سوق الهال، وعمليات البيع التي تتم مع تجار المفرق، وحلقات البيع لضبط عمليات رفع الأسعار، وتحكّم تجار السوق بها، واحتكارهم لبعض المنتجات.
 
الموزع الأول
يبدو أن مشكلة سوق الهال لا ترتبط فقط بعمليات الغش والتحكّم بأسعار المنتجات الزراعية، فمعظم التجار هناك تبيّن أنهم لا يملكون أي سجل تجاري، ومع ذلك هم متحكّمون بالسوق خارج أي نطاق رسمي لعملهم، هنا يوضح أحد المسؤولين في الوزارة بأنه يتم حالياً العمل على كشف بيانات التجار في سوق الهال، ومن ليس لديهم سجل تجاري من أجل تنظيم العمل في السوق الذي يعتبر المصدر الأول لتوزيع المنتجات الزراعية في دمشق وغيرها، ومن خلاله يتم تحديد الأسعار والتحكّم بها، ويعتبر المسؤول أن عملية تنظيم وضبط سوق الهال تعتبر خطوة كبيرة وجريئة تنعكس على جميع الأسواق السورية في حال تنفيذها.
ميادة حسن