رغم إدعاءات تخفيضها.. أسعارها لا تزال عصية على الجيوب.. وموائد الفقراء اشتاقت للحوم الحمراء

رغم إدعاءات تخفيضها.. أسعارها لا تزال عصية على الجيوب.. وموائد الفقراء اشتاقت للحوم الحمراء

أخبار سورية

الثلاثاء، ١٠ أبريل ٢٠١٨

هي مادة غذائية لم تعرف أسعارها الانخفاض منذ سنوات، رغم ضعف الطلب عليها، فسعر الكيلو الواحد تراوح ما بين 5000 ليرة إلى 6000 ليرة، لتصبح هذه المادة منيعة على موائد معظم السوريين، ولا يتناولونها إلا بعد وضع خطة اقتصادية (خمسية) لشرائها… إنها اللحوم الحمراء، ونقصد هنا لحم العواس، وليس لحم الجاموس المستوردة… فالسوريون منذ زمن اعتادوا على تناول هذا النوع من اللحوم إلا أن السنوات العجاف السبع التي مضت جعلت من أسعارها تبلغ العنان، ولتصبح هذه اللحوم حكراً على الأغنياء فقط.. .فكيف لموظف راتبه 40 ألف ليرة مثلاً أن يتجرأ على تناول (كيلو لحمة مشوية سعره 6500 ليرة؟!!)..طبعاً هذا ضرب من الجنون الاقتصادي لن يقدم عليه.
 
مؤخراً، أكد مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية المهندس نضال مقصود أن ارتفاع أسعار اللحوم بأنواعها يعود لقيام المربي خلال هذه الفترة بتثمين قطعانه نتيجة وفرة المراعي والمياه وهذا ما أدى إلى قلة العرض بشكل لا يتناسب مع الطلب وبالتالي ارتفاع الأسعار، مبيناً أن هذه الحالة عارضة وطارئة.
 
ليعتبر مراقبون ان هذا التفسير منطقي، ولكن ليس دقيقاً ما ذُكر بأن ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء يعتبر حالة عارضة وطارئة، فالحالات الطارئة تكون لمدة محدودة، إلا أن ارتفاع أسعار اللحوم أصبح مزمناً وليس عارضاً.
 
باحث في الشؤون الزراعية بين أن المتتبع لواقع أسواق اللحوم الحمراء يجد تشابكاً بأسباب ارتفاعها، فمربوا هذه الثروة يعانون من قلة الأعلاف خلال فصل الشتاء مع ارتفاع أسعارها وتحكم بعض التجار بتوفيرها، ومن جهة أخرى تعاني هذه الثروة من التهريب وفق ما ذكرته الكثير من التقارير الإعلامية سابقاً، كما أن المربي يواجه صعوبة توفير اللقاحات الخاصة بقطعان الأغنام، عدا عن الإقدام على ذبح إناث العواس، والذي يهدد هذه الثروة بشكل كبير، كل هذه العوامل مع انخفاض عدد القطيع نتيجة للحرب القذرة التي تشن على سورية كان له أثر مباشر على أسعار مادة اللحوم الحمراء ما دفعها للارتفاع دون انخفاض، مع انخفاض الطلب عليها من قبل المستهلكين لضعف القوة الشرائية لديهم وتوجه معظمهم لسد حاجاتهم الأساسية المعيشية.
 
أسعار اللحوم الحمراء لم تنخفض إلا بضع مئات من الليرات فقط، في حين مؤشر أسعارها لا يزال محلقاً ولا يتناسب مع دخل معظم المواطنين، وفق ما ذكره الباحث، فسعر كيلو الخروف الحي (القائم) حالياً وفق جمعية اللحامين، أصبح بـ4700 ليرة أي بارتفاع 300 ليرة، للكيلو، حيث عزت الجمعية سبب ذلك إلى ارتفاع أسعار الأعلاف.. حيث بينت أن الأسعار ستستقر على هذه الحال فترة طويلة بسبب نقص المراعي لهذا الموسم، والاعتماد على الأعلاف مرتفعة الثمن، إلا أن الباحث بيّن أن عودة غوطة دمشق سيكون له أثار إيجابية على القطاع الزراعي والغذائي في سورية، فهي تعتبر خزان غذائي لجميع أنواع المزروعات والثروة الحيوانية، حيث سينعكس ذلك على أسعار اللحوم نوعاً ما، وعلى أسعار بقية أنواع المواد الغذائية وخاصة مشتقات الحليب من أجبان والبان، إلا أن هذا الخزان الغذائي (غوطة دمشق) لن يستطع تغطية الطلب، وخاصة أن المربون خلال هذا الموسم يعانون من قلة المراعي نتيجة انحباس الأمطار، وغلاء الأعلاف.
 
وبين الباحث على أهمية أن تتوجه وزارة الزراعة واتحاد غرف الزراعة وجميع الجهات المعنية بالقطاع الزراعي، إلى دعم الفلاح والمربي، لجعلة يتمسك بأرضه وقطيعه، وتوفير مستلزمات تربية قطعان الأغنام، والعمل على زيادة عددها بشكل أسرع، ومنع تصدير الأغنام في هذه الفترة كون العرض قليل في الأسواق والقطيع يحتاج إلى ترميم، مع وضع خطة لتوفير الأعلاف وكسر احتكارها وطرحها بأسعار مدعومة للمربين وخاصة في فصل الشتاء لاعتمادهم عليها.
 
ومن جهة أخرى لا بدَّ من وزارة التجارة الداخلية العمل على دراسة واقع أسعار اللحوم وإصدار نشرات دورية بأسعارها، وفتح صالات لبيع اللحوم الحمراء بأسعار مدعومة للمواطنين، وأن تكون هذه الصالات في الأرياف والمناطق الفقيرة وليس ضمن المدن فقط كما فعلت مؤخراً بافتتاح صالة لبيع اللحوم الحمراء في منطقة المزرعة بدمشق، فهذه المنطقة يقطنها الأغنياء، في حين هناك مناطق فقيرة سكانها لا يستطيعون شراء اللحوم الحمراء، وهنا يأتي دور صالات التدخل الإيجابي، ويكون عملها الحقيقي.