انتفاء شرط المسافة يزيد من فوضى المحلات في ريف دمشق.. غياب القانون يحوّل المناطق السكنية إلى ورشات حرفية وصناعية

انتفاء شرط المسافة يزيد من فوضى المحلات في ريف دمشق.. غياب القانون يحوّل المناطق السكنية إلى ورشات حرفية وصناعية

أخبار سورية

الأحد، ٢٢ أبريل ٢٠١٨

افتتاح محلٍ لأي مهنة لا ينظمه شرط المسافة باستثناء الصيدلة التي تشترط نقابة الصيادلة أن يكون مكانها بعيداً عن أي صيدلية أخرى بما لا يقل عن 75 متراً، لذلك يستطيع أي شخص فتح محل بقالة في أي مكان حتى لو كان ملاصقاً لمحلٍ آخر ولا يمنعه القانون من هذا، ويستطيع أن يفتتح محلاً للحلاقة أو مكتباً عقاري وحتى لو كان ملاصقاً لمكتب آخر.
بعض المناطق في ريف دمشق امتلأت عن بكرة أبيها بجميع أنواع المحلات، الشارع الذي يحتاج إلى أربعة أو خمسة محلات بقالة ستجد فيه عشرة وربما عشرين منها، والذي يحتاج إلى ثلاثة أو أربعة مكاتب عقارية ستجد فيه أضعاف هذا العدد، الأمر الذي جعل المحلات تأكل بعضها لأن العرض يشكل أضعاف الطلب، وبعض المحلات شهدت ثلاث حفلات افتتاح في السنة الواحدة ما يعني أنه تعاقب عليها ثلاثة مستثمرين، وفي جرمانا وحدها بلغ عدد المحلات التي تم طيها بشكلٍ نظامي، في العام الماضي فقط، أكثر من 300 محل، أما الرقم الحقيقي لعدد المحلات التي غيّر أصحابها مهنتها أو أغلقوها ربما وصل لأربعة أضعاف هذا العدد.
رئيس اتحاد حرفيي ريف دمشق محمد الخطيب قال: لا يوجد قانون يشترط مسافة معينة بين محل مهنة أو حرفة وآخر، فقط فيما يتعلق بحرفة الحلاقة كان هناك اجتهاد سابق يُعمل به في جمعية الحلاقين الحرفية وهو أن تكون هناك مسافة 100 متر تفصل بين أي محل جديد ومحل آخر موجود سابقاً، مضيفاً أن هذا الشرط لا يطبق حالياً بسبب ظروف الأزمة.
ولفت الخطيب إلى أن الحرفيين شريحة واسعة وجيش اقتصادي، وأضاف: لدينا في ريف دمشق ما يقارب 24 ألف حرفي مسجلين وثلاثة أضعاف هذا العدد غير منظمين في التنظيم الحرفي ونسعى جاهدين لتنظيمهم حرفياً من خلال تعديل القانون رقم 250 ليكون التنظيم إلزامياً من خلال التعاون مع محافظة ريف دمشق والوحدات الإدارية في المحافظة بحيث يتطلب إحداث أي منشأة الشهادة الحرفية.
الحرف يفترض أن تكون في مناطق خاصة بها
غياب هذا الشرط الذي يضمن توزيع المحلات بشكلٍ منظم ومناسب لحاجة السوق جعل الشوارع في ريف دمشق تغصُّ بالمحلات، منها ما هو مسموح به كمحلات البقالة والحلاقة والمكاتب العقارية وغيرها ومنها ما هو غير مسموح به كورشات النجارة وتصليح السيارات والحدادة التي من المفترض أن تكون في مناطق صناعية وحرفية مغلقة.
الخطيب ذكر أنه في كل وحدة إدارية يوجد مخطط تنظيمي يلحظ عليه وجود المناطق الحرفية، وأعطى مثالاً على ذلك في منطقة التل حيث إن الحداد بجانب الحداد ومحل نجارة الألمنيوم بجانب آخر، مضيفاً أن كل حرفة لها سوق ومحلات خاصة بها في منطقة مصنفة تنظيمياً كمنطقة حرفية.
وأوضح الخطيب أنه بالنسبة للأشخاص الذين كانت لديهم حرفة في منطقة ساخنة سمح لهم القانون بمزاولة المهنة في المناطق الآمنة بشكلٍ مؤقت ريثما تعود الأمور إلى سابق عهدها في تلك المنطقة ويعطى ترخيصاً مؤقتاً لمزاولة المهنة.
يتم إنجاز المخططات التنظيمية لـ 14 منطقة صناعية في ريف دمشق
تعدد محلات النوع الواحد من التجارة، في منطقة تعد سوقاً لهذه التجارة، أمر مفهوم لكن انتشارها بهذا الشكل العبثي في مناطق عادية ومعظمها مصنف تنظيمياً مناطق سكنية أصبح مربكاً للأهالي خصوصاً تلك المحلات التي تحتاج إلى فسحة كبيرة أمامها كمكاتب تأجير أو بيع السيارات المستعملة.
عضو المكتب التنفيذي في محافظة ريف دمشق لقطاع البلدات والاقتصاد والموارد المائية منير شعبان أكد أن منطقة السكن الأول والثاني يمنع فيها فتح المحلات، لكن في ظل ظروف الأزمة اخترقت هذه المخططات وأصبح فيها الكثير من المخالفات والتجاوزات، وقال: بعض المواطنين يشتري شقة سكنية طابق أرضي ويقوم بتحويلها إلى عدة محلات تجارية وهذا كله مخالف.
وبيّن شعبان أن هناك وحدات إدارية لا توجد فيها مناطق حرفية وتراعى هذه المسألة بمنح رخص إدارية مؤقتة مشروطة بموافقة الجوار ويتم الإعلان عن هذا الأمر في المكان الذي سيتم فيه الترخيص على الأعمدة والجدران لمدة 15 يوماً وإذا لم يكن هناك اعتراض من الجيران يتم منح الترخيص المؤقت لحين إيجاد منطقة حرفية مستقلة ومغلقة في تلك الوحدة الإدارية لجميع أنواع الحرف كالحدادة والنجارة وميكانيك السيارات وغيره.
وأضاف شعبان: تم التوجيه إلى كل الوحدات الإدارية في محافظة ريف دمشق للإسراع في إنجاز المخططات التنظيمية للمناطق الحرفية، مشيراً إلى أنه يتم حالياً إنجاز المخططات التنظيمية لـ 14 منطقة صناعية منها الكسوة وصحنايا والأشرفية ومناطق أخرى في الغوطة الشرقية.
تنظيم انتشار المحلات بحاجة لقانون
إن ترك سوق المحلات لينظم نفسه بنفسه يهدر أموال الكثيرين من المستثمرين حتى لو وظفوا أموالهم في المكان الصحيح لأن القانون الحالي يجعلهم عرضة للتنافس في أي لحظة، فلمَ لا يكون هناك قانون ينظم توزيع المحلات وانتشارها في الأحياء والشوارع مهما كان نوعها ويشترط على سبيل المثال أن تكون المسافة بين أي محل بقالة وآخر 50 متراً في الشوارع الرئيسة و100 متر في الشوارع الفرعية و 150 متراً في الحارات الضيقة، وهكذا بالنسبة لبقية المهن والحرف.