الفواكه تتمرد على جيوب المواطنين وتنضم إلى قائمة الكماليات.. المعنيون يبررون: الحق على الراتب والتصدير والتموين

الفواكه تتمرد على جيوب المواطنين وتنضم إلى قائمة الكماليات.. المعنيون يبررون: الحق على الراتب والتصدير والتموين

أخبار سورية

الاثنين، ٤ يونيو ٢٠١٨

على خلاف المتوقع، لا تزال أسعار الفواكه تحلق في «العلالي» مبتعدة بأشواط عن جيوب المواطنين، التي بدأت بالتصفير مع أن الشهر لا يزال في أيامه الأولى، من دون أن نشهد أي انخفاض في تسعيرة هذه السلعة المهم وجودها على المائدة الرمضانية ولا أي سلعة أخرى كما تنبأ أحد مسؤولي التجارة الداخلية لما سماه «هبة» سعرية، التي عصفت بقروش الفقراء وذوي الدخل المحدود فقط، بلا مقدرة على (تخفيض) أرباح التجار الدسمة ولو قليلاً حسبما تفرض التسعيرة المنطقية، فمادامت دفة قيادة السوق في أيديهم لا مناص من استغلالهم وعلى «عينك يا تموين»، ما يتوجب اتخاذ إجراءات رادعة وخاصة على تجار المفرق في ظل ملاحظة الفروق السعرية الكبيرة بين أسعار سوق الهال والأسواق التي لم تعد تصح تسميتها «شعبية» تحت حجج واهية لم تعد تقنع حتى الطفل الصغير، فهل سنشهد انخفاضاً في أسعارها خلال الأيام المتبقية من شهر رمضان أم سيبقى الوضع على حاله ريثما يعدل السوق نفسه بنفسه بحكم قوى العرض والطلب كما يحصل دوماً.
 
غلاء غير مبرر
مختلف أنواع الفواكه الصيفية تعرض في أسواق دمشق الشعبية ومحال المفرق في أحياء العاصمة، لكن رغم توافرها إلا أن سعرها المرتفع يحول دون تمكن أغلب المواطنين من شرائها، وهنا تستغرب سيدة أربعينية عرفت عن نفسها بسوسن أحمد «موظفة» هذا الغلاء غير المبرر، فالكرز يباع بـأكثر من ألف ليرة ومثله المشمس والدراق، فمن يقدر على شرائه إذا كان راتب الموظف لا يتجاوز 35 ألف ليرة، لذا نشتري كميات محددة دون الكيلو أحياناً، بغية تذوق طعم الفواكه الصيفية، بينما يلمح سليم اسماعيل إلى أن المشكلة تكمن في الرقابة، بدليل اختلاف سعرها بين محل وآخر، لدرجة تصل أحياناً إلى 300 ليرة مع أن النوعية نفسها، مطالباً الرقابة التموينية بتشديد العقوبات على التجار المخالفين عبر إلزامهم بتسعيرة منطقية وخاصة أنه يمكن بكل بساطة «مسكهم من يديهم يلي بتوجعهم» كون هذه المنتجات سريعة العطب، ما يجعلهم يسارعون إلى بيعها بـ (نور الله) بعيداً عن تلك الأرباح الكبيرة.
دراق لبنان على الخط
نقصد سوق باب سريجة الذي تخلى عن صفة سوق شعبي وتحديداً في أسعار الفواكه، التي ترتفع أسعارها على نحو جلي، حيث يباع كيلو الكرز بـين 800 إلى 1300 ليرة، والدراق بين 800-1200 ليرة، والمشمس بين 700-1000 ليرة، والخوخ بين 350 إلى 600 ليرة، وهنا نسأل أحد التجار عن أسباب غلاء الفواكه، التي يرجعها إلى أن الموسم في بدايته، ومن الطبيعي أن تباع بهذه الأسعار، لتكون المفاجأة قوله، مثلاً الدراق السوري لم ينزل بعد إلى السوق، والمعروض حالياً أغلبه دراق لبناني مهرب، الذي يختلف شكله عن الدراق السوري، لكنّ بائعاً آخر رفض وجود دراق لبناني أقله في محله، فالمتوافر حسب رأيه محلي مئة بالمئة، رافضاً فكرة غلاء أسعار الفواكه من أساسه، فأسعارها في رأيه معقولة، متوقعاً أن تشهد انخفاضاً حينما يبدأ ضخ الفواكه بكميات أكبر.
تجلس سيدة خمسينية تبدو على وجهها علامات التعب أمام عدد من «سحاحير» الفواكه وتعرضها للبيع، نسألها عن أسعارها التي تبدو متقاربة مع أسعار السوق، وخاصة كما تقول إنها من منطقة سرغايا المعروفة بالفواكه ذات النوع المميز، بحيث تستحق سعرها المرتفع، لتعود وترجع سبب الغلاء إلى تجار سوق الهال، الذين يبيعون الفواكه بأسعار مرتفعة، لتربح جزءاً قليلاً لتأمين قوت عيالها بعد وفاة زوجها.
الحق على تجار المفرق
في كل غصة سعرية تحاول كل جهة تحميل الجهة الأخرى مسؤولية الفوضى الحاصلة في الأسواق وخاصة إذا كان هناك ارتفاع ملحوظ، وهنا يرفض محمد العقاد أمين سر لجنة سوق الهال تحميل تجار سوق الهال مسؤولية غلاء أسعار الفواكه، التي يؤكد أنها تباع بنصف قيمة ما يبيعها باعة المفرق، الذين يتحملون هذا الارتفاع غير المبرر، حيث يربحون بالكيلو الواحد قرابة 500 ليرة، بحيث يباع أي صنف من الفواكه الصيفية الموسمية بأكثر من 1000 ليرة، رافضاً أن يكون النقل سبباً لهذا السعر المرتفع، وإنما يعود ذلك إلى عدم التقيد بهوامش أرباح محددة من قبل وزارة التجارة الداخلية، التي يفترض أن تشدد الرقابة عليهم وإلزامهم بأسعار وأرباح محددة من أجل بيع الفواكه بأسعار معقولة علماً أن نسبة الأرباح محددة بين 20 إلى 25% وليس 100%، على حد قوله، مضيفاً: إن تصدير الفواكه إلى دول الخليج والسعودية يعد أحد أسباب غلاء الفواكه لكن من وجهة نظر أخرى من حق الفلاح أن يحقق بعض الأرباح بغية تغطية تكاليف إنتاجه الكثيرة، متوقعاً انخفاض أسعار الفواكه قريباً وخاصة بعد ضخ كميات كبيرة من الموسم، الذي يعد إنتاجاً خيراً هذا العام.
دخل المواطن المشكلة
يتفق محمد كشتو رئيس اتحاد الغرف الزراعية مع العقاد في أغلب ما أشار إليه، وخاصة لجهة الفروقات السعرية بين مبيع سعر الجملة والمفرق والمستهلك، لذا يرجع كشتو المشكلة الأساسية إلى سوء إدارة هذا الملف، الذي يفترض ضبطه عبر تشديد الرقابة على باعة المفرق ومحاسبتهم على زيادة أسعارها على هذا النحو المضاعف، مشيراً إلى أهمية تصدير الفواكه للفلاح الذي يتحمل تكاليف كثيرة يفترض أن تعوض من خلال تحقيقه بعض الأرباح عبر تصدير بعض من إنتاجه من دون أن يؤثر ذلك في السوق المحلية، مشيراً إلى ضرورة الاهتمام بعمليات الفرز والتوضيب من المزرعة بشكل ينعكس على جودة المنتج ونوعيته، بحيث يمكن بيع بعض المنتجات بأسعار متفاوتة حسب نوعيتها، ليشدد على أن المشكلة الأساسية تكمن في ضعف القدرة الشرائية عند المواطنين، فالفواكه بالأسعار المبيعة حالياً ليس مرتفعة لكن دخل المواطن المنخفض يمنعه من شراء الفواكه، لذا يجب العمل على حل هذه الإشكالية عبر قيام الحكومة بتحسين الدخول ليتمكن من شراء متطلبات حياته الأساسية، إضافة إلى تكثيف الدوريات على الأسواق بغية الالتزام بالأسعار المحددة وضبط المخالفين.
لا غلاء
عدم توافق غلاء معظم السلع ومنها الفواكه مع الراتب الشهري بات مشكلة عويصة معروفة للجميع، وتحتاج إلى حل جذري بغية المواءمة بين الانفاق والدخول الشهرية، لكن ضبط الأسواق مسألة تحتاج إلى حل أيضاً، وهو ما يشير إليه مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية د.حسام نصر الله، الذي يؤكد أن الوزارة تفعل ما في وسعها لضبط السوق  لكن عموماً أسعار الفواكه مقبولة وخاصة عند قياسها بالعام الفائت لكن في بداية الموسم قد يحصل ارتفاع متوقع لكن سرعان ما ينخفض بعد ضخ كميات جديدة من الموسم، مشيراً إلى أن الدوريات التموينية تراقب السوق وفق أسعار النشرات الصادرة من مديريات التجارة الداخلية بالمحافظات، وفي حال لحظ أي زيادة في الأسعار يتم تنظيم الضبط بمخالفة الاعلان بسعر زائد.
قانون السوق
تخضع أسعار الخضر والفواكه لقانون السوق المتعلق بالعرض والطلب، وبالتالي ارتفاع سعرها مرده، حسب مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، إلى نقص الكميات المعروضة جراء قيام المجموعات الإرهابية باقتلاع وحرق أغلب الأشجار المثمرة، وهذا انعكس على عرض كميات تكفي حاجة السوق، وبالتالي ارتفع سعرها، لكن مقارنة مع العام الماضي إنتاج الفواكه أفضل وخاصة بعد تحرير نسبة كبيرة من المناطق السورية وتحديدا ً في الأرياف التي تعد منطقة الإنتاج الأساسية للفواكه، لذا من المتوقع انخفاض هذه المنتجات قريباً بعد ضخ كميات جديدة في السوق، لافتاً إلى أن هوامش ربح الفواكه تختلف حسب المادة كونها مواد سريعة العطب لكنها تتراوح بين 25-40%، حيث تم رفع نسبة الأرباح بغية ضبط السوق، لافتاً إلى استنفار دوريات الرقابة التموينية لمنع حصول أي زيادة سعرية ومراقبة الأسواق، مطالباً بمساعدة المواطن في هذا الجانب عبر تقديم الشكوى حول لحظ أي مخالفات لتبادر الوزارة بمديرياتها إلى حل شكواه وإنصافه.
رحاب الإبراهيم - تشرين