شرط الخبرة في إعلانات الوظائف.. خريجون: من أين سنحصل على الخبرة إن لم نعمل؟!

شرط الخبرة في إعلانات الوظائف.. خريجون: من أين سنحصل على الخبرة إن لم نعمل؟!

أخبار سورية

الاثنين، ١٨ يونيو ٢٠١٨

(صحيح لا تقسم.. ومقسوم لا تاكل).. ينطبق هذا المثل على شرط الخبرة الذي تضعه بعض الجهات الطالبة للعمال، والتي تقبل أو ترفض المتقدم على أساسه، حيث تطلب منه ما ترفض تأمينه له.. فمن أين سيحصل على الخبرة؟
الطلاب والخريجون الجدد، أو الداخلون الجدد إلى سوق العمل، يرون في شرط الخبرة إجحافاً كبيراً، وقتلاً لأحلامهم بإيجاد فرصة عمل، بينما يدافع عنه أصحاب الأعمال، ويرون أنه من حقهم، ماداموا سيمنحون المتقدم أجراً يتناسب وخبرته، ويرى البعض أن الحديث عن شرط الخبرة مبالغ به، وأنه حجة يتخذها بعض (الكسالى) الذين لا يرغبون بكسر روتين حياتهم ببعض المجهود، ولاسيما أن فرص التدريب متوافرة، وإن لم تكن بشكل كبير.
 
شرط غير منطقي
كثيرون ممن التقتهم (تشرين) بشأن موضوع شرط الخبرة، كان لهم الرأي ذاته الرافض لهذا الشرط الذي قالوا عنه إنه غير منطقي أبداً.
فتساءلت خريجة هندسة العمارة هبة الشرع: كيف لشخص أن يكتسب خبرة، إذا لم يتم قبول توظيفه ولو كمتدرب؟
كذلك يارا قسطنطيني (طالبة جامعية) قالت: مادام الجميع يرفضون تشغيل الشباب بحجة عدم وجود خبرة لديهما فمن أين سنحصل على هذه الخبرة؟ لكننا نعلم أن هذا الشرط تعجيزي ومن لديه (واسطة) سيتم توظيفه.
وروت المهندسة مرح خضور قصتها مع شرط الخبرة، فأكدت أنها وبعد تخرجها بأشهر، بدأت بالبحث عن عمل، وتقدمت لإحدى الشركات الطالبة لاختصاصها في الهندسة، وخلال المقابلة أعجبوا بمعدلها ومعلوماتها، لكن عندما قالت لهم إنها خريجة جديدة رفضوا توظيفها، وقد تكرر معها الأمر ذاته أربع مرات، وعادت إلى السؤال ذاته: من أين سأكتسب الخبرة؟ الموضوع لا يقبله العقل، وعلى المؤسسات الطالبة للعمل أن تقوم بتأمين فترة تدريبية للمتقدمين الجدد.
كذلك قالت لانا حقي (طالبة جامعية) إنها تعرضت للموقف ذاته الذي تعرضت له مرح، وقد أحبطها ما جرى جداً لأنها كانت مفعمة بالطاقة والأمل ومستعدة لتطبيق كل ما تعلمته خلال دراستها الجامعية من أجل أن تبدع في اختصاصها.
أما خالد شهاب الدين فقال: إنه وبعد حصوله على شهادة البكالوريا التجارية عام 2006، أخضع نفسه لدورات مكثفة بالمحاسبة وبرامج (الأمين والإداري 2008)، وتقدم لأكثر من وظيفة في القطاع الخاص وتم رفضه لأنه لا يمتلك الخبرة المطلوبة، حتى إنه عرض على إحدى الشركات العمل مجاناً لمدة هم يحددونها كي يكتسب الخبرة المطلوبة، ومع هذا رفضوا.
من جهتها، قالت الصحفية رماح اسماعيل: (حين تتقدم لوظيفة بدافع حبك لنمط عمل ما، مع علمك أن القائمين على الوظيفة في إمكانهم تدريبك فترة وجيزة قد تصبح بعدها مبدعاً في مجالك، ومن ثم يرفضونك بحجة أنك لا تمتلك خبرة، ستتقدم إلى وظيفة أخرى وستسمع الحجة نفسها، مادام الجميع يريد الخبرة فمن أين سآتي بها بشكلها الأولي ومادتها الخام إذا لم أنخرط في سوق العمل وأكتسبها؟!)
كذلك لم يبتعد رأي أحمد الضللي (خريج اقتصاد) عن سابقيه، موضحاً أن من يمتلك الخبرة في عمل ما لن يترك عمله الأساسي، وأصحاب الأعمال الطالبة للخبرة يدركون هذا جيداً، لذا فإن طلب الخبرة هو شرط تعجيزي هدفه الأساس إعطاء انطباع عن أهمية الجهة الطالبة للعمل والنظام المتبع فيها.
وأوضح سامي حسن (مدرب مدرسين في مشروع دمج التقانة في التعليم) أن شرط سنوات الخبرة هو طريقة مخففة لرفض من يريدون رفضه، وأن المؤسسات الاحترافية تخضع كوادرها باستمرار لدورات مهنية من أجل اكتساب الخبرة وتحقيق التنمية الإدارية المستدامة.
أما مها محفوض، (إجازة في الإعلام) فتحدثت عن الموضوع من جهة أخرى، موضحة أن هناك من يقضي في عمله سنوات طويلة ويبقى مستواه دون الوسط، ومن الممكن أن يتجاوزه شاب له فترة بسيطة في العمل، ومثلها كان رأي ابتسام الحمصي (طالبة جامعية) التي رأت في شرط الخبرة قتلاً للإبداع الذي قد يمتلكه المتقدم للوظيفة من دون أن ينتظر سنوات الخبرة.
وبيّن رافي منصور، (محاسب في إحدى شركات القطاع الخاص) أن هناك نظاماً متبعاً حالياً في الشركات الكبرى التي تعتمد نظم الإدارة العالمية، وهو يعتمد على قبول الناجحين في الاختبارات العلمية والشخصية، ومن ثم احتساب مجموع النقاط التي يتحدد الراتب بناء عليها، مثلاً (مستوى التحصيل العلمي – سنوات الخبرة – الدورات التدريبية المتبعة – الخدمة العسكرية – ….. الخ ) من ثم يتم جمع النقاط واحتساب الراتب المستحق على أساس سعر النقطة، لكن للأسف قليلة جداً الشركات التي تعتمد هذا النظام في سورية، ومعظم شركات القطاع الخاص تقوم على مبدأ الورشة التي تستغل العامل  أيّما استغلال.
حق لصاحب العمل
في المقابل، قال ماجد هويدي (رجل أعمال) من المفروض توفر الخبرة لأي عمل وفي أي متقدم لطلب وظيفة، وهذا حق لصاحب العمل، لكن أيضاً من حق الخريجين الجدد أن توفر لهم الدولة أو جامعاتهم، وبالتعاون مع شركات القطاع العام والخاص، فترات عمل مؤقتة تجريبية مجانية أو برواتب رمزية، وذلك لإكسابهم بعض الخبرة، مع منحهم شهادات تثبت خضوعهم لدورات تدريبية في هذه الشركات من أجل إرفاقها بالسيرة الذاتية لهم.
كذلك أيدت أليسار حسن (طالبة جامعية) فكرة طلب الخبرة، لكن من دون تحديد سنوات، ومع مساعدة من الجهة الطالبة للعمل.
من جهتها، أوضحت الصحفية آلاء عليوي أنه غالباً يتم التساهل فيما يخص عدد السنوات، لكن من حق صاحب العمل ومصلحته أن يطلب موظفاً ذا خبرة، وهذه الخبرة بإمكان الشخص الحصول عليها عبر الانخراط في الأعمال التطوعية وخاصة إن كانت من ضمن اختصاصه، كما يمكن وببعض البحث، إيجاد مؤسسات أو جهات تفتح باب التدريب لديها بشكل مجاني أو رمزي، ويمكن أن يعرض الباحث عن العمل إمكانية العمل لديها من دون أجر فترة معينة لحين اكتساب الخبرة المطلوبة.
شرط قابل للتغيير
من جهتها، قالت د. نسرين زريق (دكتوراه اقتصاد) إن شرط الخبرة يوضع وهو أساساً قابل للتغيير، فإن تقدم للعمل شخص يمتلك خبرة شهر واحد فقط مثلاً، لكنه أثبت خلال المقابلة فهمه بالعمل المتقدم له بشكل جيد، يتم إسقاط شرط سنوات الخبرة، لأن هذا الشرط يتم وضعه تقديرياً فقط، أي ظاهرياً يوضع بغاية جذب من يدرك التوصيف الوظيفي للعمل المطلوب فقط، لذا على كل شخص يعلم أن لديه القدرة على تجاوز المقابلة وإثبات معرفته في العمل المعروض ألا يتردد وألا يجعله شرط الخبرة يُحجم عن التقدم.
وأضافت د. زريق أنه يُنظر للسيرة الذاتية على أساس ثلاثة أمور، والبقية زئبقي:
الثابت المنظور إليه هو الشهادة – اللغة والحاسوب – الشخصية.
شرط الخبرة للوظائف العليا
وللتعرف على الموضوع من الداخل، التقت (تشرين) المحاضر الدولي لعدة منظمات دولية وجمعيات محلية في الموارد البشرية، الدكتور بشار أسعد طعمة، فقال: إن شرط الخبرة ليس شرطاً أساسياً في جميع وظائف القطاع الخاص، فالخبرة المطلوبة عادة تكون من شروط الوظائف العليا في الهرم الوظيفي كمدير أو مشرف، بل على العكس تماماً، فبعض الوظائف، كموظفي خدمة الزبائن مثلاً، يُشترط أن يكون المتقدم للوظيفة من الخريجين الجدد، ولا يشترط وجود أي خبرة في التوصيف الوظيفي.
وعن نسبة الشركات التي تدرب موظفيها، أوضح طعمة أنه من الصعوبة معرفة هذه النسبة بلا إحصائية دقيقة، لكن مؤخراً، يُلمس أن هناك وعياً حقيقياً لأهمية التدريب للعاملين في الشركات، ولاسيما في عصر التقدم والتطور التكنولوجي، فعلوم الإدارة علوم متطورة تحتاج الشركات أن تواكبها، لذا هي بحاجة للتدريب ولتفعيل موظفيها دائماً، والتدريب لا يكون فقط على مواكبة تطور علوم الإدارة، بل يتعداها إلى تقوية نقاط الضعف لدى العاملين، وتحسين الأداء الوظيفي، وهذا يؤدي إلى رفع الكفاءة لدى الموظفين، وتالياً، يعود هذا التدريب بالفائدة الإنتاجية على الشركات.
التدريب والتأهيل ثقافة جديدة
أما عن انتشار ثقافة التدريب والتأهيل في القطاعين العام والخاص، فقال طعمة حسب خبرته بعد العمل في العديد من الشركات: إنها بدأت تنتشر في القطاع الخاص، وفي جزء مِن القطاع العام، مشيراً إلى أن أي عملية تدريبية يجب أن تنطلق من استراتيجية التدريب، وأولها الحاجات الأساسية للموظفين لأنها في هذه الحالة فقط ستؤدي إلى تنمية المهارات المطلوبة (عملية وحياتية) للموظفين، لزيادة الإنتاجية والاستفادة منها، كما يجب قياس الأثر الفعلي للإنتاجية بعد كل عملية تدريب تقوم بها الشركات، أي ليس فقط دورات تدريبية من باب البرستيج.
وأضاف طعمة: إن بعض الشركات والمنظمات التي عمل فيها – وخاصة شركات الاتصالات والمنظمات الدولية – كانت تخصص في ميزانيتها مبالغ كبيرة للتدريب، وذلك لعلمها أن هذه الأموال التي توضع في هذا الموضع سوف يكون لها – عبر رفع مهارة الموظفين-  مردود كبير بزيادة إنتاجية الشركات، لكن بشرط أن تكون عملية التدريب ناجحة ومن خلال استراتيجية واضحة.
نصائح للباحثين عن عمل
وختم طعمة حديثه بتوجيه عدة نصائح للراغبين بالدخول إلى سوق العمل، بدأها بضرورة تحديد نوع الوظيفة من خلال دراسته أو ميوله الشخصية، وعلى الخريج أن يخضع لدورات تدريبية مرتبطة بالوظيفة التي يسعى إليها، واكتساب المهارات والمعارف والمعلومات المطلوبة عبر سؤال المختصين ومعرفة ماهي المهارات المطلوبة ومعرفة ماهية وطبيعة العمل، وختاماً تدريب النفس على السمات والمواصفات الشخصية المطلوبة، كالثقة بالنفس والعمل ضمن الفريق، واكتساب مهارات التواصل الفعّال.
رأي قانون العمل
ولمعرفة رأي قانون العمل في شرط الخبرة، التقت (تشرين) محمود دمراني مدير العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الذي أكد أن الفقرة (أ) في المادة 41 من قانون العمل رقم 17 لعام 2010، نصت على التزام صاحب العمل في المنشآت التي يزيد عدد العاملين فيها على 50 عاملاً، بتخصيص ما لا يقل عن 1% من كتلة الأجور، لدعم عملية التدريب ورفع مستوى مهارة العاملين لديه. أي أن صاحب العمل ملزم بالتدريب حين يكون الشخص عاملاً لديه أساساً، وليس طالباً للعمل.
وهذه المخصصات توضع في صندوق خاص بالمنشأة، يتم الصرف منه بالتنسيق بين صاحب العمل واللجنة النقابية الموجودة في المنشأة، والوزارة تقوم بزيارات تفتيشية دائماً للتأكد من قيام الجهات التي تنطبق عليها شروط التدريب الإلزامي بالتدريب والتأهيل الدائم.
أما تفاصيل التدريب، فقد لحظتها عدة مواد في قانون العمل، حيث تقول المادة 37 من قانون العمل 17: (يقصد بالتدريب المهني، التدريبات المهنية النظرية أو التطبيقية، أو كلاهما لدى صاحب العمل، لاكتساب المهارات في مهنة أو حرفة معينة، قبل الالتحاق بالعمل، إضافة إلى تدريب العمال أثناء خدمتهم، لرفع درجة مهاراتهم المهنية).
وتكمل المادة 38: (يجب أن يكون العمل التدريبي المهني خطياً، وأن يكون المدرب حائزاً المؤهلات والخبرات الكافية في المهنة أو الحرفة المراد تدريب العامل فيها، كما يجب أن تتوافر في المنشأة الشروط المناسبة للتدريب).
أما المادة 42 فتحدثت عن منح الشهادات، قائلة: (تلتزم المنشأة التي تزاول عمليات التدريب المهني، بمنح المتدرب شهادة تفيد اجتيازه البرنامج التدريبي الذي نفذته، وتبين المستوى الذي بلغه، وتحدد بقرار من الوزير وبالتنسيق مع الوزارات المختصة والجهات المعنية الأخرى، البيانات الأخرى التي يجب أن تتضمنها هذه الشهادة).
وبالطبع، هذه الشهادة تفيد المتدرب في مكان آخر.
مبالغات
وأوضح دمراني أن نسبة طلب الخبرة التي يتحدث عنها الكثيرون مبالغ فيها، ضارباً مثلاً غرف التجارة والصناعة التي تبحث بشكل دائم عن عمالة لتقوم بتدريبها، أما الخبرة فتطلبها منشآت كبرى تريد عمالة لها مواصفات لا تتوافر في الجميع، وهذا من حقها، وإجمالاً، منشآت القطاع الخاص تعلن دوماً عن طلب اختصاصات معينة، وهذا أيضاً حقها، أما شرط الخبرة فهو غير وارد في قانون العمل، لكن القانون لا يلزم بعدم ذكره وطلبه، أي أن طلب الخبرة ليس مخالفاً لقانون العمل الذي ينظم العلاقة بين العامل ورب العمل من ناحية الواجبات والحقوق، لكن في النهاية، يبقى صاحب العمل أدرى بما يلزم عمله وما يحتاج إليه، فمنشآتهم ربحية، ومن حقهم الحصول على موظفين بمواصفات معينة يزيدون من هذه الربحية التي تقوم عليها منشآتهم.
وبيّن دمراني أن الوزارة تطلب من رب العمل (قطاع عام – قطاع خاص – قطاع مشترك) أن يكون العامل لديه، أو المتقدم للعمل، يملك شهادة قيد، أي مسجلاً في مكاتب التشغيل، فقط، حيث تقول المادة 17 من قانون العمل: (لا يجوز تشغيل أي متعطل داخل أراضي الجمهورية العربية السورية إلا إذا كان حاصلاً على شهادة قيد)، وعدّلت هذه المادة بالمرسوم 116 فأصبحت: (تعد وثيقة قيد العمل الصادرة عن مكاتب التشغيل من الأوراق الثبوتية المطلوبة للتعيين أو التشغيل في الجهات العامة والقطاعين الخاص والمشترك والقطاع التعاوني داخل أراضي الجمهورية العربية السورية).
وختم مدير العمل أنه وفي حال مخالفة صاحب العمل بند التدريب، يعاقب بغرامة لا تقل عن 5 آلاف ليرة ولا تزيد على عشرة آلاف، وتضاعف في حال تكرار المخالفة وعدم الالتزام بالقانون، ومبلغ العقوبة الذي يبدو قليلاً الآن، تم وضعه في العام 2010، أي ما يعادل الآن 100 ألف ليرة، وحالياً في إطار تعديل قانون العمل، ومن ضمنه باب العقوبات، تتم دراسة زيادة مبلغ المخالفة المذكور.
إنجازات وتخطيط
ومن مديرية العمل، إلى مرصد سوق العمل، حيث التقت (تشرين) مدير المرصد محمود كوّا الذي أوضح أنه على جميع الراغبين بالحصول على فرصة عمل، معرفة الخدمات التي يضطلع بها المرصد، موضحاً أنه تم إحداث مرصد سوق العمل كوحدة في هيئة التخطيط والتعاون الدولي عام 2010، وكان بالتعاون بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وهيئة التخطيط والتعاون الدولي، ومع بداية الحرب على سورية، انسحب الخبراء الذين كانوا يخططون للمشروع، فتوقف العمل به وانتقل إلى وزارة العمل التي كانت وزارة مستقلة عام 2013، وبعد إعادة دمج الوزارتين معاً (الشؤون الاجتماعية والعمل) عام 2016، شكلت الوزيرة فريقاً فنياً لوضع رؤية متكاملة لإعادة إطلاق مرصد سوق العمل ذي الأهداف المتعددة، فهو بالنسبة لمتخذي القرار، يدعمهم بمؤشرات وبيانات لاتخاذ القرارات المتعلقة برسم سياسات ووضع استراتيجيات التشغيل على المستوى الوطني، أما دوره بالنسبة للباحثين عن العمل والمتعطلين، فيقوم بتأمين معلومات فرص العمل المتاحة، ويقدم لهم المهارات المطلوبة للحصول على هذه الفرص، ويبني قدرات الداخلين الجدد إلى سوق العمل، وحالياً أضيفت إليه مهمة جديدة هي دعم ريادات الأعمال.
مركز الإرشاد الوظيفي
وتابع مدير المرصد أنه وضمن الإطار السابق، تم أيضاً إطلاق مركز الإرشاد الوظيفي وريادة الأعمال في شباط 2018، وذلك بشكل تجريبي في دمشق وريفها (مساكن برزة مقابل مشفى حاميش)، وهو الأداة التنفيذية لمرصد سوق العمل في سوق العمل، وقام بتوفير فرص تدريب لأكثر من 400 مستفيد من الداخلين الجدد إلى سوق العمل، وتأمل الوزارة بأن ينتشر في كل المحافظات السورية خلال السنوات القادمة، وتم إطلاق موقع إلكتروني له للتعرف على خدماته، وهو يوفر تدريب وبناء قدرات، وحالياً يركز على قطاع ريادة الأعمال، وذلك من باب أنه ليس على الجميع أن يكونوا موظفين في القطاعين العام والخاص، ويجب تشجيع ثقافة ريادة الأعمال والعمل الحر، حيث يقوم المركز ببناء قدرات الراغبين بافتتاح مشاريعهم الخاصة، مع ربطهم بقنوات تمويلية، وقريباً سيتم إطلاق برنامج ريادة الأعمال لذوي الإعاقة، ويهدف لدمج جزء من ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة بسوق العمل، حيث يتم البحث عمّن لديه ملكة أو مهارة معينة تخوله دخول سوق العمل، فتتم تنميتها ويُعطى منحة بقيمة 300 ألف ليرة، كما يوفر مركز الإرشاد الوظيفي بيانات عن فرص العمل المتاحة (مسابقات الدولة – فرص عمل القطاع الخاص) ويحاول خلق حلقة وصل بين الباحث عن العمل وصاحب العمل.
مسح شامل لسوق العمل
وأضاف كوّا، أنه ليستطيع المرصد دعم متخذي القرار، لا بد من وجود مؤشرات رقمية صحيحة ودقيقة، وللحصول على هذه المؤشرات، لا بد من إجراء مسح لسوق العمل، وخلال فترة الأزمة لم يتم القيام بأي مسح، وكان الأخير عام 2009، لكن في الموازنة الاستثمارية الحالية للوزارة في هذا العام، تم رصد مبلغ لإجراء مسح شامل لسوق العمل، وتم الاجتماع مع المكتب المركزي للإحصاء، وسيتم البدء بالمسح مع مطلع الشهر المقبل تموز، بمدة لا تتجاوز الشهرين.
وعن معنى مسح سوق العمل، أوضح كوّا أنه يضم جانبين؛ العرض والطلب، من ناحية العرض، تجب معرفة المتوافر من قوة العمل في سوق العمل، وفي أي اختصاصات تتركز البطالة، وعلى أساسها ترسم السياسة التشغيلية لامتصاص أكبر نسبة ممكنة من البطالة، أما من ناحية الطلب، فسيتم إجراء مسح للمنشآت الصناعية والتجارية، ولكل المنشآت الطالبة لليد العاملة، وذلك لمعرفة مواضع تركز الطلب، ليصار لاحقاً إلى رسم مفاضلات القبول للمؤسسات التعليمية بما يتوافق وحاجة سوق العمل.
وبيّن كوّا أن الذي مكّن الوزارة من إعادة فكرة المسح الشامل وإقرار تنفيذه، هو توسع انتصارات الجيش العربي السوري، فإن لم تكن المساحة الجغرافيّة الآمنة كبيرة، لن يستطيع المرصد إجراء هذا المسح، ولو تم تنفيذه على مساحات ضيقة، لما عكس الواقع الحقيقي لسوق العمل.
وأضاف كوّا أن المرصد نفذ أيضاً حزمة اسمها (حزمة التدريب المنتهي بالتشغيل) التي تم تأسيسها بالتعاون مع غرفة صناعة دمشق وريفها، وأمنت هذه الحزمة حوالي 500 فرصة عمل، وتدربت فيها سيدات معيلات لأسرهن ضمن شركات خاصة مدة شهر، ثم انتقلوا للعمل فوراً.
مواءمة مخرجات التعليم وحاجة السوق
وكشف مدير المرصد أنه، وبعد إجراء المسح الشامل، سيساهم المرصد بشكل أكبر في تصميم مفاضلات القبول الجامعي، وذلك بالشراكة والتعاون مع وزارتي التربية والتعليم العالي، حيث تكون هناك – خلال السنوات الخمس المقبلة – مواءمة أكثر بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، كما يتم بالتعاون مع وزارة التربية تنفيذ حزمة لمواءمة مخرجات التعليم الصناعي (تلمذة صناعية) واحتياجات سوق العمل، وتم اختيار ثلاث مدارس نموذجية في منطقتي صحنايا والباردة، وسيتم تدريب طلاب سنوات التخرج بإحدى المنشآت الصناعية في منطقة الباردة وسينتهي هذا التدريب أيضاً بالتشغيل.
فراس القاضي-تشرين