الأداء البرلماني.. هل حقق رضى المواطن؟ برلمانيون يعترفون: لا نلبّي تطلعات الشارع ولا نملك أقلاماً خضراء

الأداء البرلماني.. هل حقق رضى المواطن؟ برلمانيون يعترفون: لا نلبّي تطلعات الشارع ولا نملك أقلاماً خضراء

أخبار سورية

الأحد، ٢٤ يونيو ٢٠١٨

تباينت آراء أعضاء مجلس الشعب حول أداء وعمل الحكومة موضحين وجهة نظرهم، وكان هناك إجماع من البعض أن حالة عدم الرضا التي سيطرت على الشارع تجاه البرلمان سببها الحكومة لعدم استجابتها وتفاعلها مع طلبات النواب التي تخص المواطنين، فضلاً عن اعتقاد أبناء الشعب بأن البرلمان ساعد الحكومة الأيمن من خلال موافقته على القرارات الاقتصادية الأخيرة التي يراها المواطنون سبب معاناتهم.
واللافت خلال لقائنا بالأعضاء أن بعضهم برر للحكومة تقصيرها في بعض القضايا باعتبارها تعمل ضمن الإمكانيات المحدودة ولكن لم يخفِ آخرون أن أداء الحكومة مترهل وغير مرضي ما يضع النواب في موقف محرج أمام أهالي دوائرهم ما جعل النواب في موقف لا يحسدون عليه فهم ما بين سندان الشعب وما يحتاجه أهالي كل منطقة من خدمات. في المقلب الآخر كان هناك إجماع من المواطنين على أن مجلس الشعب لا يلبي طموحاتهم وذلك مع استمرار الوضع المعيشي وارتفاع نسبة البطالة وانتشار الفساد مؤكدين أن أغلب الوعود البرلمانية بهذا الأمر ذهبت هباء منثوراً مع وصولهم إلى قبة البرلمان …
 
شهرة وامتيازات
 
عبرت نيرمين سليمان عن عدم رضاها على أداء مجلس الشعب في دورته الحالية مبينة  وجود أصوات حرة في المجلس غير أنها لاتلبي تطلعات المواطن والآمال التي عقدت عليهم قبيل وصولهم إلى قبة البرلمان، قائلة: ربما هناك مايقيد أعضاء المجلس، لكن أثناء الحملات الانتخابية للمرشحين كان تحسين مستوى المعيشة يتصدر قائمة الوعود التي أطلقت، ما حدث على أرض الواقع فالأسعار ارتفعت وهناك مؤشرات على تدني المستوى الثقافي والأخلاقي والصحي والنفسي والتربوي، ومن يمثلنا اليوم يعجز عن إحداث أي تغيير إيجابي يصب في إطار المصلحة العامة للمجتمع، لافتة إلى وجود شريحة من الأعضاء ينصبّ اهتمامهم على مايحصدوه لأنفسهم وللمقربين منهم من امتيازات وأن تسلّط عليهم الأضواء بهدف الشهرة.
أما محمد حلاني فطالب بأن تنقل جلسات البرلمان على الهواء ليعرف المواطن إن كان ممثله الذي منحه صوته يقوم بأداء واجبه أم أن النعاس والضجر يغلب عليه أثناء المناقشات الجارية، مردفاً أنه من الظلم تصنيف جميع الأعضاء على أنهم غير فاعلين فهناك أصوات جريئة تتحدث عن الهم المعيشي.
وأضاف: كثير من المواضيع التي أثارت ضجة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتحولت إلى قضية رأي عام تم طرحها تحت القبة كموضوع المناهج وغيرها من المواضيع، وهذه حالة صحية، لافتاً إلى أن نجاح أي نائب يرتبط بمدى قربه من الشريحة التي يمثلها والتفاعل معهم والاستماع اليهم، مبيناً أهمية مواقع التواصل التي أتاحت للمواطن معرفة مايجري وراء الكواليس أثناء الجلسات المنعقدة من خلال بعض الأخبار المسربة أو الفيديوهات التي لاينقلها الإعلام الرسمي لكون الفضول يدفع الجميع للاهتمام بتفاصيل مايجري وما يتفوه به كل نائب.
 
برلمان الصدّ والردّ
 
ويتجه البعض إلى أن المتتبع لجلسات المجلس يجدها رتيبة ومملة، إذ تؤكد لمى قدور أن مهمة البرلماني لاتتعدى الانتقاد أو الاستجواب الذي يوجهه حول إشكالية تتعلق بأحد القطاعات أو بتقصير جهة ما وتقوم بعدها الجهة المعنية  بالرد والتبرير، إضافة إلى مهمة أخرى وهي التصويت على مشاريع القوانين، مع التأكيد  في أغلب الجلسات على ضرورة تشجيع الاستثمار ودعم الاقتصاد المحلي وتأمين فرص عمل وإعادة الإعمار، ولكن كيف يمكن أن نحقق ذلك أو ماهي الوسائل فلا أحد يجيب؟! وختمت بأن المواطن أصيب بتخمة من الأقوال والتنظير وهو يريد اليوم خطوات جدية وترجمة حقيقية لكل الشعارات المطروحة.
 
رقابة عقيمة
 
بدوره الخبير الإداري عبد الرحمن تيشوري يرى أن مجلس الشعب مجرد أداة لتصديق مشروعات القوانين المقدمة من السلطة التنفيذية من دون تصويب لأداء عمل الحكومة ومن دون محاسبة أيضاً، وأن بعض النواب لا يملكون المقدرة الذاتية لمناقشة القوانين بسبب مستواهم الثقافي وحتى من يملك ذلك ليست لديه المعلومات الكافية بمحتوى مشاريع القوانين إلا عند التصويت عليها، مع الإشارة هنا إلى مبادرة الحكومة أخيراً لفتح موقع »سورية التشاركية« الذي يسمح للمهتمين وأصحاب الرأي والمختصين بالإدلاء بدلوهم في هذا المجال.
وأضاف:على المستوى الرقابي فإن نواب مجلس الشعب لايملكون المعلومات الخاصة لمساءلة الحكومة سوى المعلومات التي تزوده بها الحكومة ذاتها، وخاصة في ظل غياب الشفافية ونشر المعلومات، ما يجعل هذه الآلية الرقابية على العمل الحكومي عقيمة وسقيمة، والدليل الفساد الكبير والتهرب الضريبي .
وأكد أهمية إيجاد صيغ عمل وآليات جديدة تحدد العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتخرج النائب من دور الوسيط إلى دور فعال في مجال التشريع والرقابة وإحداث تعديلات في آلية انتخابه وفق شروط جديدة كالمستوى العلمي المحدد باختصاص الإدارة والحقوق والاقتصاد، وإيجاد آليات عمل جديدة تنسجم مع دور النائب أو عضو مجلس الشعب في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ البلاد.
 
غير مثيرين للجدل
 
من جهته الدكتور حسام خلاصي -كاتب ومحلل سياسي أوضح أن مجلس الشعب هو الجهة الرقابية الوحيدة التي منحت من قبل الدستور، وللشعب الحق في تقييم عمل الحكومة ولكن بالنظر للواقع الحالي فإن المجلس لم يمارس هذا الدور أو على الأقل يقوم بعض النواب بتوجيه النقد فقط ويتلقون أجوبة ويكتفون بهذه النقطة ولم تسجل أي سابقة بأن حجبت الثقة عن أي وزير أو الحكومة تحت قبة البرلمان، واعتقد أن الثقافة البرلمانية لم ترتقِ إلى هذا الحد حتى اليوم لأسباب كثيرة.
وفيما يتعلق بالوعود التي أطلقها النواب قبل وصولهم إلى قبة البرلمان ومدى تنفيذها على أرض الواقع أجاب: لم تكن هناك أصلاً برامج انتخابية ليلتزموا بها بل كان هناك عنوان لليافطات الإعلانية للقوائم، لذلك لا نستطيع مقارنة أقوالهم بأفعالهم، ربما كانت لديهم نيات انتخابية وهذا مانجهله وهم غير ملزمين بتنفيذ أي وعد لم يعدوا به، ولكن على الأغلب هم ملتزمون بالأداء غير المثير للجدل والمشكلات النيابية ويمشون قرب الحائط.
وفيما يتعلق بأهمية التحصيل العلمي لنواب المجلس قال: مجلس الشعب مزيج متجانس ممثل للمجتمع السوري بكل شرائحه حسب الواقع، وتالياً التحصيل العلمي والاختصاصي مطلوب لشريحة ولبقية الشرائح الحق في الوجود، لكن التجانس مطلوب، لافتاً إلى ضرورة أن تتبدل أسس التمثيل كفقرة العمال والفلاحين مثلا !
 
مرحلة حساسة
 
بدوره عضو مجلس الشعب صفوان قربي أشار إلى أنه من غير المعقول وضع المسؤوليات كلها في رقبة الحكومة في هذه المرحلة الحساسة، فهي تتحمل مسؤولية ما يحدث في الشارع من غلاء الأسعار وغيره لكن ليست كاملة، فالواقع المعيشي صعب في ظل الحرب، إضافة إلى أنه متبدل في معطياته الميدانية والخارجية وهذا جزء رئيس من المشكلة، مبيناً أن الحكومة تعمل ضمن الحلول الدنيا للممكن وهي تستطيع تقديم الأفضل رغم الإمكانات المتواضعة خاصة فيما يتعلق بالوضع المعيشي.
 
مع الحكومة لخدمة الشعب
 
ورأى عضو مجلس الشعب مهند الحاج علي أن عمل الحكومة غير مرضٍ في العام الماضي لأن أغلب القوانين التي جاءت من الحكومة كانت رفعاً للرسوم والضرائب وغيرها, ونحن نقدر أن سبب ارتفاع سعر الصرف كان له تأثير كبير ولاسيما أن بعض الضرائب هي ذاتها منذ 30 عاماً، وهي مبالغ زهيدة، والجميع يعلم أن موارد الدولة خلال السنوات السابقة معظمها كان خارج السيطرة مثل الغاز والبترول، لكن هذا لا يبرر رفع الرسوم، ومن ناحية أخرى لم يخفِ في حديثه أن هناك بعض الوزارات تقوم بعملها بشكل جيد وتساهم في بلورة الرؤية الحقيقية لإعادة الإعمار مثل وزارة الإدارة المحلية، إضافة إلى وزارة السياحة التي تعد من أنشط القطاعات مقارنة مع حالة الحرب التي نمر فيها وبينما يقال: إن هذا القطاع متراجع لكن ما نراه هذا القطاع من أول القطاعات التي بدأت تتعافى وهذا شيء إيجابي.
وأوضح أن مقولة مجلس الشعب ضد الحكومة غير صحيحة لأن للمجلس دوراً رقابياً على الحكومة، ونحن كأعضاء نرى الأخطاء ونصوبها، مؤكداً: نحن لسنا ضد الحكومة نحن مع الحكومة، من أجل خدمة الشعب ومهمتنا كسلطة منتخبة من قبل الشعب مراقبة عمل الحكومة والإضاءة على الايجابيات والتحذير من السلبيات، وفي الوقت نفسه تجب المساهمة في مشاريع مشتركة لما فيه المصلحة العامة.
وبخصوص رضى الشعب عن أداء النواب قال: للأسف، غير راضٍ، لكن على المواطن أن يعلم أن التقصير ليس من المجلس، فكثير من المواطنين لايدركون أن عضو مجلس الشعب لايملك مفاتيح سحرية وهو غير قادر على حل جميع المشكلات، ولا يدرون أننا سلطة تشريعة ورقابية وتالياً يمكن أن يكون هناك العديد من الأمور لا يمكن أن يحققها عضو مجلس الشعب خصوصا بعض المكاسب الشخصية وبسبب جهل البعض بعملنا يتهموننا بالتقصير.
وتابع: هذا لا يعني أن المجلس غير قادر على فعل شيء، فهناك أمور جزئية صغيرة تمسّ حياة المواطن الخدمية يستطيع المجلس المساهمة في حلها خاصة في حلب، إذ هناك تواصل مستمر مع المحافظ لحل المشكلات.
 
التقصير من الحكومة
 
حسن حسون-رئيس لجنة الموازنة والحسابات في المجلس قال: حسب مواقع التواصل الاجتماعي لا يوجد أحد راضٍ عن أداء مجلس الشعب، وطلبنا من المؤسسات الإعلامية مواكبة عمل وأداء مجلس الشعب لإيصال أصواتنا للشارع كي يعلم المواطن أننا لانقصر في إيصال صوته، ولمعرفة ما يدور داخل القبة وضمن اللجان، موضحاً أن المجلس خلية عمل سواء في اللجان أو تحت القبة، وأي شكوى تأتي مباشرة يتم طرحها في المجلس مع التذكير بأن مهمتنا التشريع والمراقبة وليس التنفيذ.
أما عضو مجلس الشعب جمال رابعة فأكد وجود تقصير في الأداء الحكومي في العديد من الجوانب والمطلوب أكثر من حالة التنفيذ، وللحكومة مسوغاتها ونحن، للأسف، اعتدنا على تسويغها ونأمل في أن يكون الأداء أفضل على جميع المستويات, لكن حتى نكون منصفين يبدو أن الإمكانات التي بيد الحكومة متواضعة لكنها قادرة على العمل بخصوصية أكثر ولاسيما في موضوع المبادرات والإمكانات المتاحة الموجودة فنحن نحتاج إلى مبادرات حقيقية وكبيرة على كل المستويات خاصة من قبل الحكومة لأن الإمكانات المتاحة على الأرض كبيرة لكنها تحتاج إلى مبادرات حقيقية وصحيحة.
النقطة الأهم تتعلق بإطار التعيينات والكادر الإداري الذي لا يزال يخضع للمحسوبيات والعلاقات الشخصية بعيداً عن الكفاءات والقدرات الذاتية لهذه الإدارات، وحتى نستطيع أن ننهض بمؤسساتنا الإدارية والإنتاجية يجب أن تكون الخيارات صائبة، وأن تكون هناك معلومات حقيقية عن أي مسؤول يكلف حتى يستطيع أن يرفع من مستوى إنتاجية هذه المؤسسات.
وبالنسبة للتشريعات والقوانين قال: نحن نعمل جاهدين بهذا الخصوص وهناك خلية نحل في المجلس بخصوص المواضيع التي تخدم المواطن وتزيد التماسك الاجتماعي وتبسط الإجراءات، بما يحقق مصالح المجتمع ويسهم في تطوير عمل وأداء هذه المؤسسات.
بشكل عام القوانين التي تمت مناقشتها مهمة لكن المواطن يستحق أكثر من ذلك، يستحق قوانين تنظم حياته وتلبي تطلعاته وطموحاته والشارع ينتظر العديد من القوانين المهمة كقانون العمل الذي أشبع معالجة في أروقة الحكومة وينتظر ميزات جديدة لمشروع هذا القانون، ونأمل من الحكومة أن تسرع في إنجاز مشروع هذا القانون وتقديمه إلى مجلس الشعب لمناقشته بما يحقق تطلعات الشعب.
وأضاف: لست راضياً على أداء الحكومة ونأمل أن يكون أفضل من ذلك لأن هناك تقصيراً في العديد من الجوانب، وعضو مجلس الشعب لا يملك القلم الأخضر ليوقع، هو سلطة تشريعية ونحن ضمن الإمكانات المتاحة بصراحة لم نحقق طموحات وتطلعات الشعب لأننا لسنا أداة تنفيذية، فالمطلوب معالجة الغلاء وسعر الصرف وكثير من المشكلات لكن مجلس الشعب لا يملك السلطة المباشرة على الموضوع فهي بيد الجهات التنفيذية واللجنة الاقتصادية والحكومة، ونحن نطرح أكثر مما يطرحه الشارع، نحن غير مقصرين بالطروحات لكن على السلطة التنفيذية تطبيق متطلبات الأعضاء لما فيه مصلحة الوطن والمواطن.
 
اطلب المستطاع
 
عضو مجلس الشعب موعد ناصر قال: من واقعية مطلقة نقول: إن الحكومة قامت بما استطاعت أن تقوم به خلال هذه الفترة ضمن الإمكانات المتوافرة والمتاحة لديها.. لكنه لم ينفِ وجود العديد من الملاحظات على أداء البعض رغم كونه مقبولاً ونأمل أن يتحسن في المستقبل »فإذا أردت أن تطاع اطلب المستطاع« والحكومة لديها إمكانات محدودة ولا تستطيع القفز فوقها ومن خلال مراقبتنا لهذه الإمكانات نرى أن عملها متناسب إلى حد ما مع هذه المرحلة وما نمر فيه من حرب كونية فالحكومة محكومة بقوانين الأزمة.
وفيما يخص الوضع المعيشي والرواتب والأجور قال: أنا مع زيادة الرواتب والأجور إذا توافرت الكتلة النقدية المستندة إلى أساس اقتصادي.
أما إذا كانت الكتلة النقدية طباعة أوراق نقدية فهذا يؤدي إلى تعويم العملة وانخفاض قيمتها أكثر.. وعن ارتفاع الأسعار طالب الموعد الحكومة بضرورة العمل بشكل جدي لتثبيت الأسعار وتحديدها بما يتناسب مع سعر الصرف المتداول.
وعن القوانين التي صدرت هذا العام قال: جاءت وفق الظروف والأولويات التي لها علاقة مباشرة بحياة المواطن، إذ وصل إلى مرحلة لم يعد يحتمل الأعباء الاقتصادية خاصة أصحاب الدخل المحدود، ونعمل لإيصال معاناته لكننا لسنا أصحاب قرار، ويجب أن يعلم أننا لسنا غائبين ونسعى لتحقيق الأفضل، علماً أن هناك مجموعة من الأعضاء ناشطين ومجدين يعملون على تحسين الأداء، وهناك أعضاء يعملون ضمن إمكاناتهم وظروفهم لكن الأهم اليوم أن يستقر وضع البلد كما كان وأن يشعر المواطن بالأمن والأمان، ولن تستقيم الأمور سواء في الاقتصاد أو السياسة إن لم يكن هناك استقرار أمني واضح.
 
بصمة تاريخية
 
مع الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري في سحق الإرهاب، فإن شماعة الحرب التي كانت تعلق عليها كل التسويغات بدأت بالسقوط، ولايزال هناك متسع من الوقت أمام أعضاء المجلس بدورته الحالية لتكون لهم بصمتهم التي سيذكرها التاريخ بإحداث تغيير ملموس في حياة المواطن الاقتصادية والاجتماعية،لأنه صمد وصبر ويستحق الأفضل.