ضمن فعاليات “الشام بتجمعنا”.. “شارع الأكل” فكرة جميلة تعكس الهويــة الســورية.. وتتيــح الفــرص للطهــاة الهـواة

ضمن فعاليات “الشام بتجمعنا”.. “شارع الأكل” فكرة جميلة تعكس الهويــة الســورية.. وتتيــح الفــرص للطهــاة الهـواة

أخبار سورية

السبت، ٣٠ يونيو ٢٠١٨

فكرة جميلة، أن تنشئ تجمعاً أو شارعاً للطعام يقدم أصناف المأكولات المختلفة، وتتسابق فيه مهارة الطهاة، وروائح الطبخ والطهو إلى أنوف المارة ممن يقصدون ذلك الشارع خصيصاً لإسكات جوعهم، وملء بطونهم، والاستمتاع بخصوصية فريدة يحضر فيها بكل تأكيد طابع البلاد التي يقام فيها هذا الشارع، وتتبدى هويتها المميزة، فالحديث عن الطعام أو الأكل لا يمكن أن يمر أو نتجاوزه دون ربطه بثقافة الشعوب وخصوصيتها، وحين يتعلق الأمر بمدينة دمشق، ومأكولاتها الفريدة التي تقدم في مطابخها ومطاعمها المختلفة، فهناك الكثير والكثير لنتحدث عنه من أطعمة ووجبات مختلفة وشهية حرّضت فيما يبدو لإنضاج فكرة شارع الطعام أو الأكل الذي افتتح مساء أمس الخميس في حديقة تشرين ضمن كرنفال “الشام بتجمعنا”، برعاية من وزارة السياحة، وغرفة تجارة دمشق، والمحافظة، وبتنفيذ من فريق وكالة “سوشلها” الإعلامي، وشركة “بي أوردر” صاحبة أول تطبيق لطلب الطعام على الأنترنت.
ليست بالجديدة
ورغم أن الفكرة من ناحية المبدأ ليست بالجديدة عالمياً، فهناك الكثير من الدول الغربية والعربية سبقتنا إليها، واشتهرت سابقاً بتنظيم كرنفالات للطعام، وشوارع يتسابق فيها الطهاة الذين يحضرون بعرباتهم المتنقلة أو خيمهم لتقديم أصناف مختلفة من الطعام، فيمكن أن نتحدث مثلاً عن كرنفالات مختلفة للطعام حول العالم، ومن أشهرها مهرجان المأكولات والمرح في ايسلندا، وفيه تقدم مأكولات مختلفة من اللحوم والأسماك والألبان، ومهرجان الربيع في ألمانيا الذي تقدم فيه أكشاك الطعام بأصناف مختلفة من المأكولات، ويتضمن فعاليات مختلفة للغناء والرقص، وهناك مهرجان ميستورا في بيرو الذي يعرض مكونات الأطباق التقليدية، واتجاهات الطهو في أمريكا الجنوبية، وغيرها الكثير من المهرجانات الأخرى حتى في الدول العربية المجاورة مثل لبنان، ومصر، والإمارات، نرى مثل هذه الأفكار سنوياً، ولكن بالتأكيد الخصوصية الدمشقية، والمأكولات السورية المشهورة والمعروفة شعبياً، سيكون لها طابع مختلف حين تجتمع في شارع واحد، وتجمع الكثير من الزوار الذين سيحضرون هذا الكرنفال.
 
بداية حلم
والمؤكد أن انطلاق هذه الفكرة سيطلق العنان لفرص وأحلام الطهاة الهواة، وأصحاب المطاعم، ليتوسعوا بأفكارهم ومطابخهم في مناسبات وكرنفالات أخرى، وهو الأمر الذي تحدث عنه زيد عجلاني، مدير وكالة سوشلها، حين قال: هناك عدد جيد جداً من المطاعم والخيم التي افتتحت في هذا المهرجان 30 خيمة مشاركة، وتضم أصحاب مطاعم مختلفة، أو هواة لديهم حلم بافتتاح مطعم، لذا سيشكّل المهرجان دافعاً لهم لتحقيق أحلامهم، وتوسيع مشاريعهم، وأضاف عجلاني بأن الشركة المنظمة حرصت أن تكون أنواع الطعام المقدمة مختلفة ومتنوعة كالفلافل، والبيتزا، والشاورما، وكل أصناف الطعام الشرقي والغربي ضمن رقابة صحية، وستستمر على مدار شهر كامل من 27 حزيران ولغاية 26 تموز ضمن حديقة تشرين، وسيكون رسم الدخول للمهرجان بـ 500 ليرة، تتضمن وجبة بالقيمة نفسها، إضافة للعبة من التسالي الموجودة، وأضاف: هناك أيضاً عدد من الفعاليات المختلفة التي ستقام مثل مركز لريادة الأعمال، ومعرض للزهور، وحديقة للحيوانات، وهو ما سيمنح نكهة إضافية للمهرجان.
 
إثبات وجود
الطعام ليس مجرد مادة تذوق، يؤكد عجلاني أثناء حديثه عن أهمية المهرجان الخصوصية التي تحملها الفكرة، فهي ليست مجرد عرض الطعام وتقديمه فقط، لكنها أتت كإثبات وجود وهوية لمدينة عانت طويلاً من ويلات الحرب، ورغم ذلك حافظ الطعام السوري على هويته وميزاته الفريدة، فالمطلوب إذاً ليس مجرد عرض الطعام وتقديمه وتذوقه، ولكن جمع المطاعم المختلفة، وتقديم محتوياتها للدمشقيين، وغيرهم من الزوار من مدن أخرى، فالملاحظ خلال فترة الأزمة أن هناك تباعداً حدث بين المناطق، وأصبح سكان كل منطقة يكتفون بالمأكولات المعروفة أو المقدمة في شارعهم، فأتى هذا المهرجان لتعريفهم بالمطاعم الجديدة الموجودة، وأسمائها، وما تقدمه من مأكولات.
وختم عجلاني: إضافة لكل ما تقدم هذا النوع من المهرجانات يشكّل باباً للتكافل الاجتماعي،، فهناك تعاون بين فعاليات المهرجان المختلفة والمشاركين مع جمعيات خيرية مختلفة، جمعية جذور، لتقديم الطعام وتوزيعه مجاناً على المحتاجين والفقراء الذين ينبغي ألا ننساهم في مناسبة كتلك.
 
هوية تاريخية
من الجميل فعلاً البدء بتنفيذ فكرة كهذه، والعمل على إنجاحها في بلد يتعافى من الإرهاب وويلاته، فالطعام يعتبر في مختلف المجتمعات جزءاً أساسياً من هوية أفراده، ومرآة تعكس تاريخه، فماذا نأكل، وكيف نصنعه، وكيف نقدم كلّ طبق؟.. جميعها تفاصيل صغيرة متعلقة بأسلوب حياتنا تصطف جنباً إلى جنب عاكسة جزءاً من هويتنا الشخصية، وخاصة في دمشق بكل القدم والامتداد التاريخي الذي تعنيه هذه المدينة وغيرها من المدن السورية ذات الأصالة والعراقة.
 
محمد محمود