معوَّقو الحرب.. بين ألم الإصابة وأمل الحصول على كامل حقوقهم

معوَّقو الحرب.. بين ألم الإصابة وأمل الحصول على كامل حقوقهم

أخبار سورية

السبت، ٢٨ يوليو ٢٠١٨

إلهام العطار:
عندما دارت رحى الحرب في سورية منذ سنوات خلت، لم تفرق قذائف حقدها بين عسكري أو مدني، فالكل كان في مرمى سهامها ونيرانها المتأججة التي خلفت وراءها جيلاً كاملاً من الشباب والكهول من جرحى أو مصابي الحرب الذين تحولوا بين ليلة وضحاها إلى معوقي الحرب نفسياً وجسدياً، منهم من تعطلت لديهم إحدى الحواس أو توقف أحد الأطراف عن الحركة فمنعهم عن أداء وظائفهم اليومية، وآخرون أصيبوا بأذى نفسي، على وجوههم ترتسم ضحكات للكاميرا أثناء حفلات التكريم والاحتفاليات، وفي قلوبهم تتولد الغصة تلو الأخرى، وفي دواخلهم يصدح ألف سؤال وسؤال بانتظار رجع الصدى، معظم تلك الأسئلة – إن لم نقل كلها- تتمحور حول خريطة المستقبل لملفهم الذي يشوبه، من وجهة نظرهم، بعض التقصير في موضوع تقديم الخدمات التي يستحقونها من جهة، وفي تأمين فرصة العمل من جهة أخرى، فهم وكما أكدوا لا يريدون أن يكونوا عالة على أسرهم ومجتمعهم، فإعاقتهم ليست نهاية العالم، بل هي وسام على صدورهم وليست عجزاً.
كلماتهم تلك وقوة إرادتهم وإحساسهم بألم الإهمال وسطوة الروتين والمحسوبيات حتى على مستحقاتهم وملفهم الإنساني، أسباب جعلت «تشرين» تطرق أبواباً كثيرة لتتعرف منهم إلى أين وصلنا في ملف معوقي الحرب الذين تناثرت طلباتهم بين الجهات المتعددة والمختلفة، في ظل غياب إحصاءاتهم رغم كثرة أعدادهم، فوفقاً لشادي مهنا من المكتب المركزي للإحصاء وميساء ميداني مديرة الخدمات الاجتماعية في وزارة الشؤون والعمل لا توجد حتى اليوم تقارير حقيقية حول عدد المعوقين من جراء الحرب في سورية، فالموضوع كما أشارا يتطلب القيام بمسح شامل ومتخصص بهذا الموضوع لاستصدار نسب المعوقين ومن ضمنهم معوقو الحرب، فكل ما صدر من أرقام وتقارير أممية تتحدث عن أعداد معوقي الحرب في سورية ما هو إلا محض كلام لا وجود له على أرض الواقع ومجرد تسويق و تقديرات مستخلصة من خلال تقارير خاصة حسب تأكيداتهما.
 
إصابتنا ليست نهاية العالم
كثيرة هي الكلمات التي اصطفت لتعطي تعريفاً للشخص المعوق لكن مهما تعددت التعاريف كما ذكر الدكتور آذار عبد اللطيف، كلية التربية جامعة دمشق، فإنها تقع في بوتقة واحدة وأشهرها أن الشخص المعوق هو الشخص الذي فقد وظيفة عضو أو أكثر، فغدا غير قادر على القيام بالمهام التي يغطيها ذلك العضو، فعلى سبيل المثال من لديه شلل في إحدى قدميه لا يستطيع صعود الدرج أو نزوله كالعاديين، وبالطبع لا تختلف آلية التعامل بين معوق الحرب والمعوق العادي فقط هناك نقطة نأخذها بالحسبان أن من يغدو معوقاً فجأة فإن مفهوم الذات لذاته منخفض أكثر من ذاك الذي ألف الإعاقة منذ صغر سنه، تعريف تشعر بفحوى كلماته وأنت تتحدث مع معوقي الحرب الذين، وإن اختلفت قصصهم في الشكل ومكان وسبب الإصابة، فقد اتفقت في النتيجة التي جعلتهم بحاجة إلى تضافر جميع الجهات الرسمية والأهلية من أجل إعادتهم كعناصر فاعلة وفعالة في المجتمع بعيداً عن نظرة العطف والشفقة، يقول (ب،أ) 30 سنة، أصيب منذ أربع سنوات، متزوج ولديه أربعة أطفال: الإصابة تسببت لي بتشنجات وخثرة دم بالدماغ وشعر بالجمجمة، وعلى الأثر تلقيت العلاج في المشافي العامة، وبعد رحلة طويلة لم يتبق سوى تشنجات بالطرف الأيسر أدت إلى إعاقة حركتي، وإحالتي على التقاعد من عملي، وهو أمر لم أتمكن من التأقلم معه، لكن تدريجياً وبمساعدة المختصين في العلاج الفيزيائي ضمن المشافي العامة وفي مؤسسة الوعد الصادق، تحسنت حالة الطرف الأيسر، عندها شعرت بالتأقلم وبدأت بممارسة أعمال بسيطة لعلها تكون عوناً وسنداً لي بجانب «كراتين المعونة»- التي كانت حالتنا «بالويل لولاها»- ويضيف متسائلاً: أموري المادية تدهورت حتى وصلت تحت الصفر، فهل يعقل أنني وبحالتي هذه يتوجب علي دفع من 130 إلى 180 ألف ليرة سورية للحصول على رخصة بسطة لأعيش منها أنا وعائلتي؟، وقال متندراً: لو كان معي هذا المبلغ هل كنت بحاجة للوقوف في الشارع من الصباح وحتى المساء؟، وعند سؤاله عن بطاقة المعوق أفاد: ذهبت إلى الشؤون وحصلت على بطاقة معوق وحاولت تقديم رخصة بسطة عليها، لكنها للأسف لا تزال نائمة هناك منذ العام 2015 بحجة الدور.
يشاطره الرأي ثائر محمود 37 عاماً الذي بترت رجله إثر إصابته وهو على رأس عمله، بعد العلاج تم تركيب طرف له وهو اليوم متقاعد، يعمل في القطاع الخاص حسب الطلب، وآخر سلة غذائية قدمت لأسرته منذ 7 أشهر، يرى محمود أن هناك تقصيراً بحق معوقي الحرب ويطالب بتأمين فرصة عمل، وكشف الغطاء عن قصص الواسطة والتلاعب الذي يجري في موضوع رخص وطلبات الأكشاك التي تذهب لمن لا يستحقها، مواجع لاقت صداها عند أم محمد أخت معوق حرب «شلل نصفي» ولديه ابنتان معوقتان، مضيفة: تقدمت بطلب رخصة بيع خبز لأخي ولم أتمكن من الحصول عليها! بطاقة المعوق لم يستفد منها أو من خدماتها، كثيرة هي الأشياء التي يحتاجها وأهمها لوازم النظافة وقد راجعنا العديد من الجمعيات والهلال الأحمر ولم نحصل عليها، حتى الأدوية رغم تكلفتها العالية فهي غير متوفرة «كلها على حسابنا»، الدولة لم تقصر أثناء العلاج، وأصدرت قوانين لمصلحة معوقي الحرب ولكن التنفيذ لمن معه «واسطة»!
محمد ياسر العموري، أب لثلاثة أطفال، يتحدث بروح معنوية عالية: على الرغم من أن الإصابة أدت إلى حرمان عيني اليمنى من رؤية من أحب فإنني رفضت التقاعد وصممت على العودة إلى عملي القتالي، فالوطن يستحق أن نضحي من أجله بأرواحنا، ولكن ما يجعل الغصة تحتل مكاناً في نفوسنا هو التقصير الذي يفاقم الحالة ويزيدها صعوبة، فأنا مثلاً توقفت يدي اليسرى عن الحركة بسبب تغاضي الطبيب عن طلب العلاج الفيزيائي، كما أنني بحاجة لتركيب عدسة للعين وإجراء عمليات ترميم لها لتحسين شكلها، وحتى الآن أراجع ولم استفد شيئاً والأعذار من قبل المشافي والأطباء متعددة. ياسر لم يراجع وزارة الشؤون لأن الأمر معاناة تضاف إلى رحلة الألم، حتى الجمعيات والهلال الأحمر توزع السلل الغذائية والمعونات والمستحقات لمن تشاء ولم تحسب له ولأمثاله حساباً في دفاترها، حتى معاملتها لا تليق بمعوق حرب، كما أكدت ذلك زوجته نور المرافق الدائم له، وأضافت: تقدمنا بطلب إلى إحدى تلك الجمعيات منذ 7 أشهر وحتى الآن لم يأتِ دورنا، ويضيف ياسر: نحن نعاني من مشكلات كثيرة أهمها الإيجارات المرتفعة وتردي وضعنا المعيشي الذي يضاف إليه حوإلى 15 ألف ليرة شهرياً ثمن أدوية عينية والتهابية.
أمام إحدى الجمعيات وقف أبو علاء مع عكازه وهي رفيقه الدائم منذ أن أصيب بالشلل إثر شظية قذيفة هاون وقعت جانبه وهو يبيع الدخان في الشارع، أملاً بالحصول على معونة لعائلته سجل عليها منذ 5أشهر، بعد الأخذ والرد وإقناع زوجته له باح بمعاناته: تلقيت العلاج بالمشافي العامة بالمجان، لكن رغم سوء حالتي وتعطيل أحد أفراد أسرتي لعمله من أجلي، علي مراجعة المشفى أكثر من مرة حتى أحصل على العلاج، فعدم توفر الكريمات أو غياب الطبيب المختص حجج حفظناها عن ظهر قلب، أما الجمعيات فحدث ولا حرج، فأنا بحاجة لجورب من أجل سهولة حركة الطرف الصناعي ثمنه حوالي خمسة وعشرين ألف ليرة سورية وهو مكفول لسنتين، وضعي المادي لايسمح بشرائه، لذلك تقدمت بطلب إلى إحدى الجمعيات وبالفعل أعطتني جورباً لم يكفني لمدة أربعة أشهر!! ويضيف: حياتي تغيرت كثيراً بعد الإعاقة، فأدراج معظم الأماكن والمؤسسات لم تحسب لنا حساباً، الأمر الذي يضطر من وضعهم مثل وضعي لوجود مرافق دائم لحمله عند إجراء أي معاملة، نحن كمعوقين لا نطلب الشفقة بل نريد العلاج والتأهيل لممارسة أعمال تتناسب مع وضعنا الجديد.
وليس بعيداً عن أبي علاء كانت شهد تجلس على كرسيها المتحرك بانتظار فرج قريب، تقول شهد التي بترت ساقها ويدها اليمنى إثر سقوط قذيفة في منزلها: الإصابة سببت لي أذى جسدياً ونفسياً فأنا انقطعت عن العالم لأكثر من ستة أشهر، ولكنني خياطة نسائية وعندي التزامات مع الزبائن، فبعد وفاة زوجي أصبحت المعيل لعائلتي المكونة من ثلاث بنات وحماتي، وإذا تركت عملي لا نأكل، فمعونات الهلال الاحمر والجمعيات تقدم لنا كل ثلاثة أشهر تقريباً، وتتابع: بعد جهد وواسطة حصلت على كرسي متحرك، وأحد أقاربي صمم لي أريكة لأسند يدي عليها أثناء الخياطة بينما تقوم ابنتي الكبرى التي تركت المدرسة من أجل إعانتي ومساعدتي في عملي فهي ترسم الموديل على القماش وتقصه.
احتياجات متعددة
ما تم ذكره ما هو إلا غيض من فيض مطالبات واحتياجات المصابين أو معوقي الحرب التي كللها العلاج الفيزيائي وزاد عليها قسوة، فتكلفته خارج المشافي والجمعيات كما وصفها أبو أنس المعالج الفيزيائي في قسم الإسعاف في مؤسسة الوعد الصادق «نار كاوية»، وهو محطة ضرورية ومهمة جداً على المصاب المرور بها، لأنه يعتبر متمماً للعلاج الطبي أو الجراحي، فالعلاج الفيزيائي يعمل على إعادة الحركة تدريجياً للأطراف التي كانت متوقفة عن الحركة، ويعطى على «كورسات» حسب الإصابة والخطة العلاجية الموضوعة من قبل الطبيب المختص، فهناك تمارين لا يتم تنفيذها إلا في العيادات المتخصصة بسبب الحاجة إلى الأجهزة الملائمة لكل إصابة، وفي بعض الحالات أو مراحل العلاج يمكن أن يعطى المصاب بعض التمارين التي يمكن أن ينفذها في البيت، وذلك لتخفيف الأجور وصعوبة التنقل عنه، واستطرد قائلاً: نحن نقدم للمصاب الذي يأتي كل إمكانياتنا ليعود إلى الحياة بكامل قوته، ولكن هناك مصابون كثر تراجعت حالتهم بسبب التأخر في العلاج الفيزيائي أو عدم طلبه من قبل الطبيب، من الضروري اهتمام المؤسسات المعنية والجمعيات بالعلاج الفيزيائي لكي يتمكن المعوق من خدمة نفسه بنفسه، من دون مساعدة من حوله.
بدوره الدكتور محمود الكظيم العبودي مقيم جراحة بولية أكد أن الإهمال أو التقصير في تأمين المعينات الحركية والفرشات الهوائية على سبيل المثال لمن أصيب بالشلل النصفي أو الكلي يؤدي إلى ظهور ما يسمى «بالخاشكاريكا» بسبب الاستلقاء لفترات طويلة على الظهر وعدم الحركة، نحن لا ننكر بأن المشافي تقدم الخدمات من عمليات وأدوية، ولكن الكم الهائل من المصابين يقف عائقاً في أحيان كثيرة أمام وصولها بالشكل الأمثل لكل الحالات، نأمل أن تكون هناك تسهيلات قروض لمعوق الحرب تمكنه من فتح مشروع صغير يساعده وعائلته على تحدي صعوبات الحياة.
من جهته الدكتور آذار عبد اللطيف قال: معوقو الحرب من الموضوعات المهمة، والمتتبع تاريخياً يجد أن كل الدول التي واجهت حرباً وضعت نصب أعينها هذا الملف. وسورية أولت هذا الملف اهتماماً نظراً للمهام الجسام التي قدمها مصابو الحرب. وعلى سبيل المثال لا الحصر قامت الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان في عام 2015 بتكليفي بوضع دليل عملي للتأهيل النفسي والاجتماعي لمصابي الحرب وقد تم إنجازه والبدء بدورات عملية لهذه الشريحة المهمة، وهذه الخطوة دليل عملي على الاهتمام بهذه الشريحة والتي مهما قدمنا لها لا نفيَها حقها، ولابد من تكاتف الجهود لمساعدتهم على التكيف النفسي والاجتماعي مع واقعهم الجديد والتطلعات التي يمكن تحقيقها مستقبلاً ولاسيما أن جلّ المصابين في عمر الشباب وبالتالي فإن الآثار النفسية والاجتماعية للإصابة تكون متفاقمة. ومعظم دول العالم التي سبقتنا بهذه التجربة كانت تتجه نحو التأهيل المهني للمصاب بما يتناسب وحالته كي يكون قوة منتجة بالمجتمع لا العكس.
الخدمات لا تكفي
كنا نتمنى من معوقي الحرب الذين التقيناهم ذكر أسماء جمعيات أو جهات أو مؤسسات بعينها عزفت على وتر جراحهم وآلامهم ولكنها قصرت بحقهم.. ولكن يبقى المثل القائل: قطع الأرزاق ولا قطع الأعناق هو السائد في مجتمعاتنا!!! وحتى لا نتهم بأننا لا نرى إلا النصف الفارغ من الكأس، فقد توجهنا إلى مؤسسة الوعد الصادق التي تعنى بأسر الشهداء ومصابي الحرب للتعرف من خلالها إلى دور المجتمع الأهلي في بلسمة جراح المصابين والاهتمام بهم، ورؤيته في هذا الموضوع، تقول ريم سليمان رئيس مجلس أمناء مؤسسة الوعد الصادق: المجتمع الأهلي انطلق في عمله من مبدأ التكافل والتعاضد كأساس لإعادة إعمار البشر قبل الحجر في سورية، وقدم الكثير من الخدمات الطبية والعلاجية والتأهيلية ولكن التساؤل الذي يطرح نفسه: إذا ما تكفلنا بالمصاب أو المعوق اليوم، فما هو المستقبل، هل يكفي ما نقدمه من خدمات؟ الجواب بالتأكيد: لا، والسبب أننا لا نمتلك الإحصاءات التي تحدد العدد وتصنف كل شخص حسب حالته وإعاقته، حتى تتم تلبية احتياجاته، فالكفيف مثلاً يحتاج معينات تختلف عمن أصيب بالشلل أو بتر أحد أطرافه، وكذا الحال للمصابين بإعاقات سمعية وغيرها، أضف إلى ذلك أن على المجتمع الأهلي والجهات المعنية التشبيك لإيجاد مشاريع تأهيلية وتدريبية ونحن كجمعيات طرحنا مشاريع متعددة منها ما أبصر النور ومنها مازال حبيس الأدراج، فرخصة كشك أو بسطة لا يمكن أن تشكل حلاً، لأن الآلاف مشكلتهم الأساسية معيشية، فراتب 30 أو 40 ألف ليرة لا يكفي شيئاً، وعن العلاقة مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تمنت سليمان أن تكون هناك متابعة بشكل أكبر، وأن تتجاوب الوزارة مع المشاريع التي تهدف إلى خدمة الجرحى وتوفير الوقت والجهد على الدولة وعلى المعوق وعائلته.
خصوصية في صندوق المعونة!
بعد رحلة طويلة، كان لا بد لنا من فرد أوراقنا التي حملت بين طياتها تفاصيل كثيرة وتساؤلات متعددة على طاولة مديرة الخدمات الاجتماعية في وزارة الشؤون ميساء ميداني التي بينت أن التصنيف الوطني للإعاقة الذي صدر العام الماضي جاء موسعاً واعتمد على منهج جديد وهو البحث عن النتيجة وليس السبب، وقد شمل مصابي الحرب الذين حولتهم الإصابة إلى معوقي الحرب وبذلك أعطيت لهم بطاقة معوق التي تخولهم الحصول على كل الخدمات المالية والعينية أو التأهيلية، فمن يدخل ضمن التصنيف سواء كان مدنياً أو عسكرياً له الأولوية بالحصول على الخدمات المناسبة ويستفيد من الميزات الواردة في القانون 34 الذي تقوم اللجان المختصة بمناقشة ومتابعة تفعيل بنوده لتحسين جودتها في كل الوزارات المعنية، فمثلاً إذا دخل معوق الحرب ضمن تصنيف الشلل الدماغي فإنه سيستفيد من المنحة التي قام المجلس المركزي للإعاقة برفعها إلى 40%، ومن خدمات التوظيف التي نص عليها قانون العمل بوجوب تعيين 4% ضمن الدولة و2% في القطاع الخاص والآن نحن نعمل على تفعيله، أضف إلى استفادته حسب الحالة من منح التحويلات النقدية التي تأتي عن طريق الجمعيات. وتضيف : الخدمات تقدم لمعوق الحرب كأي مواطن عادي ولكن له ميزة إضافية بأنه هو من إحدى الشرائح الخاصة التي نتوجه لها، فمثلاً هناك مشروع بيت الجريح الذي أطلقته الوزارة في مركز التنمية الريفية في بيت ياشوط لتقديم خدمات متكاملة صحية وتعليمية وتدريب، أضف إلى أن لهم خصوصية بالصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية لأنهم أصبحوا فئة معتمدة فمن بنود تأسيس الصندوق تحويل إعانات نقدية للإعاقة غير القادرة على العمل وفقاً لدستور الجمهورية العربية السورية الذي أكد أن الدولة هي المسؤولة عن الأشخاص غير القادرين على العمل من كافة الفئات، أما القادر على العمل فنحن نقوم اليوم بتطوير وصيانة معهد التدريب المهني للأطفال لتقديم خدمات تأهيل مهني للبالغين، ونحاول حتى بالموازنة الاستثمارية الإكثار من هذه المراكز، كما أن المجلس المركزي للإعاقة يتجه نحو تفعيل المنح التعليمية للإعاقة وباتجاه التدريب المهني. وبينت ميداني أن الوزارة تعتمد نظام الإحالة عبر النافذة الواحدة، فإذا كان الموضوع متوفراً في معاهدنا نقوم بتقديمه فوراً، أما إذا كان غير متوفر فنقوم بإحالته إلى الجمعيات المختصة، فلقد تم خلال الحرب إحداث 33 جمعية مختصة بالجرحى والشهداء، فمهمة الوزارة ليس توصيل الخدمة بشكل مباشر بل تنظيم المجتمع الأهلي كنوع من التكافل الاجتماعي.
ورداً على سؤالها حول المعينات والعلاجات أوضحت: إن هناك مؤسسات وجمعيات متخصصة بالأطراف الصناعية، وبالنسبة للمعينات توفر لدينا منح، وقد قدم قسم منها للجرحى العسكريين عن طريق وزارتي الدفاع والداخلية وبقي قسم للمدنيين حسب القوائم بعد أن تحققت لجنة طبية متخصصة فيما إذا كانت الحالة تستدعي كرسياً كهربائياً أو عادياً، أما العلاج الفيزيائي والنفسي فهو يقدم في معاهد الرعاية وفي الجمعيات، ونعمل على تطوير وتنظيم هذه الخدمة ونحن مع هيئة شؤون الأسرة والسكان بصدد تنظيم هذا الملف وقد تواصلنا مع الجامعة لتشكيل فريق متخصص من الأقسام والكليات المختصة، كما تقوم الهيئة على تطوير دليل ليتناسب مع مختلف الإعاقات. لتنوه ختاماً بأن الوزارة استهدفت الأطفال معوقي الحرب، حيث قامت بنشر مشاريعها في الأماكن التي تنتشر فيها الإعاقات وقد بدأت بريف دمشق وحمص وطرطوس واللاذقية والحسكة.
الأكشاك ..الإلغاء أو العدل
أثناء إعداد الملف تناهى إلى مسامعنا مداخلة عضو مجلس الشعب جانسيت قازان رئيس لجنة الشهداء وضحايا الحرب حول موضوع الأكشاك لذوي الشهداء ومعوقي الحرب، وخلال وقفة لـ«تشرين» معها قالت: لقد بينا في المداخلات بحضور وزير الإدارة المحلية بأن الفساد يطول هذا الموضوع ونتمنى إلقاء الضوء عليه، وطالبنا بإلغاء المشروع أو التوزيع بعدالة، وبضرورة وجود متابعة حثيثة من قبل المسؤولين، فكل ميزة تعطى لا بد من متابعتها، وأن تكون الاستفادة حصراً لذوي الشهيد أو معوق الحرب ومتابعة ذلك من قبل الوزارة المختصة، فالصرامة في العمل هي التي تلغي الفساد وتقضي عليه، وقد أفاد الوزير بأنه سيتم بمشاركة وزارة الدفاع والشؤون والإدارة المحلية إصدار قانون جديد بالتوزيع وها نحن ننتظر، وتابعت: الفساد من ثقافة الحروب ولكن نتمنى أن يأتي إلينا في مجلس الشعب كل من لديه أوراق ووثائق كاملة ومثبتة لنعمل على تقديمها ومتابعتها وكشف ملابساتها. وبالنسبة للجنة أشارت قازان إلى أنها مؤلفة من 27 عضواً وهناك رؤساء لجان، وهي تقوم بالتواصل مع أسر الشهداء والضحايا ومتابعة مشكلاتهم ورفعها إلى اللجان المهنية، ونعمل على تكريمهم باسم اللجنة كما نقدم لهم الدعم القانوني وليس المالي، فاللجنة تعتبر صلة الوصل بين المجتمع وأسر الشهداء والجرحى أو المعوقين.
لتختتم حديثها بالقول: علينا العمل بهدوء وحكمة لإدارة الدفة في هذا الملف لنصل به إلى بر الأمان، فنحن في طور المعافاة من الحرب وهناك تشريعات جديدة وقوانين سوف تصدر لمصلحة الشهداء الأحياء، وإلى جانب ذلك لدينا الكثير من العمل إن كان في المؤسسات الرسمية أو الأهلية، وهناك معوقون لديهم فكر وعلم ولا بد من استثمار إمكاناتهم.