نجح المعرض.. ولكن!

نجح المعرض.. ولكن!

أخبار سورية

الاثنين، ١٧ سبتمبر ٢٠١٨

علي محمود هاشم
 
أغلق معرض دمشق أبواب دورته.. وحتى شهرين أو أكثر من الآن، سنطالع -عن جدارة- الكثير من الدروس الحكومية حول مناقب التنظيم.
ما يجب معرفته هو إذا ما كانت الحكومة قد تلقت من أيام المعرض التسعة، بعض دروسه الماثلة للعيان في قاع نجاحها التنظيمي ذاك: الطوابير الداخلية، والانجذاب الجماهيري القهري إلى أجنحة محلية محددة وفي مقدمها مطارح العيّنات المجانية.. إنما يلخص عمق المأساة المعيشية التي يحياها السواد الأعظم من الزوار.
هذا الدرس، يلمح ببلاغة إلى أننا على أبواب تبديد ثروة الحياء التي لطالما اختزنها السوريون، وإلى أنهم أقاموا لأنفسهم مجتمعاً لا يأمن جانب شعاراتنا الاقتصادية العريضة.
على الحكومة أن تشعر بشديد الوجل جراء ذلك، فملخص الأمر أننا نحتاج، وبشدة، إلى كبح المرارة التي تستكمل صورها يومياً في الأسواق.
بغض النظر إن فعلت ذلك أم لا، فثمة جوانب مشرقة تستوجب المرور عليها، الزحام و«التدافش»، اعتلاء الباصات وما تيسّر من وسائل أخرى مجهزة أو غير مجهزة، و«ألمعية» بعضنا المعتادة التي تنبثق تلقائياً لدى مستغلي هذا النوع من الفرص العارضة لتحقيق ثروات صغيرة على حساب الزوار.. كل ذلك لم يكن له أن يفسد متعة هذه الدورة الثانية منذ 2011.
من زاوية مقابلة، وبغض النظر عن أسبابه، وعما تسبب به من ضيق، فقد كان ازدحام المعرض، في خواتيمه على وجه الخصوص، هدفاً أساسياً للتنظيم، لا بل إن الاحتجاجات التي ذخرت بها مواقع التواصل الاجتماعي حول الأمر، قيض لها أن تكون مبعث فخر للمنظمين وتبدّيا مقبولاً لاختلاف أهدافهم عن توقعات الزائرين، ذلك أن تحويل المناسبة إلى استنفار عام متزامن للمعارض والمؤتمرات والمناسبات الاحتفالية والترفيهية الوطنية، يعد سبباً كافياً لتلقف الرغبات التنظيمية الحقيقية.
والحال كذلك، يمكن النظر إلى تغني بعض منصات الحكومة بالسيول البشرية المتزاحمة مستبطنة ذلك بانتقاد ناعم هنا وآخر هناك، كقطعة جبن في مصيدة تخدم هدفها العزيز في إبراز الازدحام بالقدر الذي يتيح لها تكرار جملتها المحببة الشهيرة: ليس هناك حكومة في العالم قادرة على فعل كذا… خصوصية المعرض، أكملت هذا الموشح تناسبياً بـ: «نقل تلك الجموع البشرية دفعة واحدة».
للحكومة رسالتها «الجماهيرية» المبررة من وراء المعرض، وهي نجحت في تحقيقها بأكثر مما يجب، وللمرة الثانية على التوالي، لا بل استجزلت في كتابة مفرداتها، كما عادتها.. الازدحام، أحد جوانب معرض دمشق الدولي الذي يستحق نعته به.
لكن، ودون إخلال بحصتها من النجاح، فعلينا ألا نختلف على أن الازدحام شعبي متوقع يسجل للزائرين الحصة الكبرى منه، لا للحكومة، بطبيعة الحال، ثمة أهداف اقتصادية متمايزة ينتظر من الأخيرة تحقيقها كما بقية معارض خلق الله.
في الجانب الاقتصادي، حاولت الحكومة أيضاً اختلاق الازدحام، وهي لذلك حشدت بعض عقود القطاع العام وتوريداته عبر تأجيل توقيعها حتى هامش المعرض، ورغم ما قد يجتذبه ذلك من نظرة مناكفة على اعتباره اختلاساً معنوياً من نشاط مؤسساتها خلال بقية العام لمصلحة الأيام التسعة للمعرض، فهو مسعى مشروع لها في الطريق إلى تحقيق تطلعاتها.. العبرة، ستتجسد في البيانات التعاقدية التي لم ينته تنظيم قوائمها بعد.
بشكل مسبق، سيكون على الحكومة وهيئة تنمية الصادرات وبضع مؤسسات ومنظمات أخرى معنية بأمر التنظيم، فصل بيانات المعرض ذات العلاقة عن لازمتها المعتادة «نجحنا بشكل منقطع النظير»، ينتظر أن يتم ذلك من خلال إبراز حجم التعاقدات التي أبرمت عبر الحدود، خارجاً.
لو حققت العقود التصديرية التي تحظى بدعم منقطع النظير ثقلاً وازناً، فهنا سيكون مربط فرس النجاح الحقيقي.