البطاطا حلم الفقراء.. التجار يتحكمون بسوقها وأسعارها .. السورية للتجارة تتدخل..150 ألف ل.س خسارة الفلاح بالدونم

البطاطا حلم الفقراء.. التجار يتحكمون بسوقها وأسعارها .. السورية للتجارة تتدخل..150 ألف ل.س خسارة الفلاح بالدونم

أخبار سورية

الخميس، ٢٧ سبتمبر ٢٠١٨

البطاطا لحم الفقراء ووجع الفلاحين ...في موسم البطاطا للعروة الصيفية قبل أقل من شهرين كانت البطاطا السلعة الموجعة التي آلمت الفلاح وكبّدته  خسائر فادحة ، فبعد أن انخفض سعرها إلى مادون التكلفة أي إلى 50 ليرة  في الأسواق و»25» ل.س بالحقل، بسبب الحملة الشرسة التي قادها حيتان السوق السوداء صارت خسائرهم هماً ثقيلاً.
 
خسارة مضاعفة
  السورية للتجارة حاولت التدخل على خط التسويق لدعم الفلاح، من جهة لوقف خساراته المتتالية، ولدعم سعر البطاطا، ومن جهة أخرى لدعم المواطن في حال ارتفع السعر، واليوم ارتفع إلى أضعاف مضاعفة، ليربح التاجر مرتين مرة حين جمع المادة بسعر لا يقارب سعر التكلفة، ومرة حين تعدى سعرها اليوم الـ180 ل.س، ومرات حين لم يجد منافساً حكومياً له قادر على كبح جماح طمعه وتحكمه بالسوق، فالسورية للتجارة اليوم لم تعد منافساً قوياً، بل تنحت جانباً لتترك للتاجر الساحة ويتحكم هو وحده بالسعر.   
في الموسم
 المزارعون عبروا عن معاناتهم وهمومهم بطريقة حزينة ومؤلمة نظراً لحجم الخسارة التي تعرضوا لها من جراء انخفاض سعر مبيع البطاطا، عدا عن الجهود المضنية التي بذلوها في خدمة محصول البطاطا .
و في  حساب شبه دقيق عن تكلفة الدونم الواحد من البطاطا استناداً إلى خبرة الفلاح وممارسته على ضوء أسعار وأجور الخدمات الزراعية المقدمة للمحصول، كلّفه الدونم 300 ألف ل.س وإذا اعتبرنا أن متوسط إنتاج الدونم الواحد من البطاطا 3 أطنان وسعر مبيع الكيلو غرام الواحد في سوق الهال بشكل وسطي 50 ل.س ، فإن مردود الدونم الواحد يبلغ 150 ألف ل.س ومن خلال المقارنة بين الكلفة والمردود يتبين لنا حجم الخسارة!. 
إنها خسارات كبيرة، يضاف إليها استهلاك المازوت في عملية ري المحصول خاصة بعد ارتفاع سعرها، بينما أسعار مبيع البطاطا في سوق الهال متدنية جداً، وهذا ما أوقع المنتج بخسارة كبيرة، لا تسر الخاطر ولا تسد من جوع لأنها لا تحقق كلفة الإنتاج!!
حيتان السوق
  قبل فترة وفي عز الموسم وخلال زيارة قصيرة لسوق الهال كانت صورة المأساة مؤلمة، فالسيارات المحملة بالبطاطا كانت تتوقف بانتظار من يستجر حمولتها بدون مناقشة، لأن الأسعار الهابطة جعلت المنتج يمل من الانتظار والمماطلة في سعر المبيع، ويعد لحظة مبيع الإنتاج بأي سعر فرصة سعيدة له، لأنه من المحتمل أن يعود بإنتاجه إلى أرضه، بعض المزارعين حفظوا إنتاجهم من البطاطا في مستودعات خاصة بهم أو في وحدات الخزن والتبريد، وبعضهم الآخر أبقى الإنتاج بالأرض أو باعه لمربي الأغنام لذلك فإن أغلب المزارعين سيمتنعون عن زراعة البطاطا أو سيخفضون المساحة المزروعة .
واليوم باتت الصورة معكوسة، فالسيارات المحملة بمادة البطاطا بدأت بأخذ الثأر لكن ليس من التاجر، بل من المواطن، فالتاجر في كل الأحوال هو الرابح وهو كما يقال كالمنشار يأكل في كل الحالات، فبعد أن كان سعر البطاطا  لا يتجاوز الـ  50 ل.س ضرب اليوم أضعافاً مضاعفة ليصل سعر الكيلو اليوم إلى 200 ل.س.
تدخل إيجابي ولكن
المزارعون المغلوب على أمرهم استنجدوا بالمؤسسة السورية للتجارة التي وعدتهم باستجرار محصولهم بـ 100 ليرة للكيلو الواحد لإنقاذهم من ورطتهم الجديدة، لكنها تراجعت بعد أيام قليلة عن وعودها بتخفيض السعر إلى 65 ليرة، وهو أقل من التكلفة بكثير، كما يقول الفلاحون، بشكل يضعهم أمام خسائر محققة. 
المؤسسة السورية للتجارة بدأت باستجرار محصول البطاطا في المحافظة وتحميله من الحقول مباشرة وذلك بهدف شراء الفائض من هذا المحصول لدى الفلاحين بأسعار مجزية وتخزينه في وحدات التبريد التابعة لها وطرحه في اﻷسواق في فترات انقطاع إنتاج هذا المحصول، إلى أن وصلنا إلى مرحلة الانقطاع الذي حصل في الحقل وفي الصالات، فأين هو الإنتاج المخزن؟ 
من المزارع مباشرة
المهندس بسام سلامي مدير فرع السورية للتجارة بحماة قال :
كان الهدف من استجرار محصول البطاطا من الفلاح لخدمة المواطن منتجاً كان أم مستهلكاً، فهو أعلى من أسعار سوق الهال لمنع أية جهة من الاحتكار والابتزاز في المواسم و غير المواسم، وأن المؤسسة اشترت من المزارع مباشرة بسعر يناسبه ويخفف عنه كلف النقل و عمولات و كمسيونات تجار أسواق الهال بما يضمن حقه ونقوم بتصريف قسم من البطاطا المستجرة  للبيع المباشر للمواطنين في صالاتنا و منافذ البيع لنحقق وصول المادة من المنتج إلى المستهلك، ونخزن القسم الباقي لكي نطرحه في صالات المؤسسة في غير مواسمه بعيداً عن الاحتكار و بسعر يناسب المواطن.
المخزون إلى المحافظات
ولدى سؤالنا عن المخزون اليوم قال :
لقد تم تسويق المخزون إلى المحافظات غير المنتجة كدمشق والمحافظات الشرقية «الحسكة ودير الزور». 
هذا يعني أن المخزون لم يعد موجوداً وبالتالي بقي التاجر هو المتحكم بالسعر ولهذا فقد وصلت أسعاره إلى ما يقارب 180 ل.س بالجملة في سوق الهال وبسعر 200 ل.س في محال البقالة، فمن سعّر هذه السلعة ؟
حماية المستهلك في مصياف وافتنا بالعبارة الدائمة التي حفظناها عن ظهر قلب وهي  أن المتحكم بالسعر هو العرض والطلب والكميات التي ترد إلى سوق الهال وقلة الكميات الواردة تحكمت بالسعر. 
وماذا بعد؟
بين سعر 35ل.س للفلاح وقت الإنتاج برغم كل تكلفته، وسعر 175 ل.س في غير وقته لدى التاجر الذي لم يخسر ليرة واحدة وقت الإنتاج، على العكس كان هو الرابح الأكبر وهو يضع رجلاً على رجل في محله، بين ذلك فرقٌ شاسع، فمن يتحمل هذا التفاوت السعري الذي حصل؟ وهل سيبقى التاجر المتحكم بالفلاح والمواطن وحتى مؤسسات الدولة.
ازدهار صقور - الفداء