مزارعو الحمضيات: جُعنا بسبب الخسائر ومللنا كثرة الوعود.. دعم حكومي لتصريف المحصول بـ 1600 دولار للحاوية الواحدة

مزارعو الحمضيات: جُعنا بسبب الخسائر ومللنا كثرة الوعود.. دعم حكومي لتصريف المحصول بـ 1600 دولار للحاوية الواحدة

أخبار سورية

الأحد، ٢٥ نوفمبر ٢٠١٨

رحاب الإبراهيم ـ مادلين جليس:
هي أزمة مستمرة منذ عقود طويلة ولم تجد الحلول لها طريقاً للتنفيذ رغم وضوحها، ما يجعل مزارعي الحمضيات المتخمين بالوعود يكتفون بحبس أنفاسهم طويلاً مع بداية كل موسم رغم معرفتهم الأكيدة بحجم خسائرهم الكبير، لكن لا حول لهم ولا قوة ، فهم غير قادرين على قطع أشجار ربّوها منذ سنوات طويلة كأبناهم، وفي الوقت ذاته لم يعودوا يقوون على تحمل تكاليف تقصم ظهورهم كل عام، لكن يبدو أن هذا الحال تغير جزئياً عبر اتخاذ الحكومة مؤخراً قراراً بدعم تصدير الحمضيات عبر تقديم 1600 دولار للحاوية الواحدة وهو أمر لا شك سيساعد على تصدير وتصريف الحمضيات، لكن السؤال المشروع، هل سيستفيد المزارع من هذا الدعم المهم، أم إن الحصة الأكبر ستكون – كما جرت العادة – لمصلحة التجار والمصدرين فقط؟..
المستفيد التجار العمالقة!
لم يتغير حال مزارعي الحمضيات هذا العام أيضاً، فمسلسل الخسائر لا يزال متواصلاً رغم فتح معبر نصيب، الذي توسم المصدرون به خيراً بغية المساهمة في تسويق هذا المحصول، بينما لم تصل خطوة الحكومة الأخيرة بدعم تصدير الحمضيات إلى المزارعين، أو على الأقل لم يلحظوا تأثيرها الفعلي على الأرض، حيث يؤكد عماد بركات «مزارع الحمضيات»، أن هذه الخطوة لن يستفيد منها فلاحو الحمضيات أبداً، وإنما المستفيد الأول هم التجار الكبار والضمّانة والمصدرون، علماً أن الفلاح «يكب» رزقه اليوم بسبب الخسائر الكبيرة التي يتعرض لها، ولا سيما أن الكيلو غرام الواحد يباع بأقل من 40 ليرة، بينما التكلفة تتجاوز الضعف.
دعم طن الإنتاج
وأضاف بركات: إن مشكلة الحمضيات المستمرة منذ سنوات لن تحل هذا العام أيضاً، علماً أن المعنيين يأتون في نهاية الموسم لاستجرار المحصول مع تسميع الفلاحين نفس الوعود من دون معالجة واقع الحمضيات، وهنا يقترح بركات لحل هذه الإشكالية بدل منح الدعم إلى التجار والمصدرين، التوجه إلى دعم طن الانتاج، بحيث يستفيد الفلاح والمصدر والمواطن عبر تقديم السعر الأرخص له، لافتاً إلى أنه عند تطبيق هذا الإجراء لن تحتاج الحكومة اتخاذ إجراءات جديدة تسويقية داعمة سواء عبر استجرار «السورية للتجارة» للمحصول أو إقامة معمل حمضيات، لافتاً إلى أنه بناء على دعم تصدير الحمضيات، الحكومة ستدعم الكيلو بـ35 ليرة، أي تقديم حوالي 800 الف ليرة على الحاوية، الذي يبلغ 20 طناً حسب رأيه، بالتالي الأجدى لها تقديم هذا الدعم للفلاح عبر منحه دعم للكيلو بـ 20 ليرة بشكل سيسهم في النهاية في إنهاء أزمة تسويق الحمضيات وتحسين واقع الفلاح.
وعود فقط!
الأمر ذاته تحدث عنه المزارع محسن عدلا الذي نفى علمه بالدعم الحكومي الجديد الذي لم يصل طريقه إلى التنفيذ أو بالأحرى إلى مسامع المزارعين، مشيراً إلى أنه في كل عام يتم إطلاق الوعود بحل مشكلة تصريف موسم الحمضيات بلا أي نتائج، حيث تتنهي الحكايا ونعود إلى نقطة الصفر، لافتاً إلى أن وزارة التجارة الداخلية عرضت شراء كيلو الحمضيات بـ 25 ليرة، وهذا أمر مجحف بحق الفلاح، الذي تتجاوز تكلفته أضعاف ذلك ما يعرضه لخسائر كبيرة.
وأضاف بحرقة: كنا سابقاً نقطع عن أولادنا من أجل الزراعة والاعتناء بموسم الحمضيات، وللأسف أصبحنا «نجوع» بسبب الخسائر الكثيرة التي نتعرض لها، مشيراً إلى ملله من كثرة الوعود التي لن تسهم في حل المشكلة أبداً.
قرار مهم
قرار دعم تصدير الحمضيات وجده عبد الرحمن قرنفلة المستشار في اتحاد غرف الزراعة, مهماً لتصريف الموسم، حيث سيسهم برأيه في تسويقه وتطوير الانتاج ودعم طرق التسويق، لافتاً إلى أن دعم المزارعين يعد من الاستراتيجيات المهمة لتنمية وتنشيط الإنتاج، لافتاً إلى أن سياسة دعم الصادرات وخاصة لمحصول الحمضيات تعتبر خطوة مهمة وضرورية ولازمة لتأمين مورد للقطع الاجنبي يرفد خزينة الدولة ويساهم بإنقاذ منتجي الحمضيات من الخسائر التراكمية، كما يقود الى زيادة اهتمام العاملين بالسلاسل التسويقية وتطوير قدراتهم الفنية للتناغم مع متطلبات الأسواق الخارجية، مشيراً إلى ضرورة تشجيع التصدير باتجاه الدول العربية نظراً للقيود المعقدة التي تفرضها دول الاتحاد الأوروبي التي تعوق نفاد الحمضيات إلى أسواقها، مشدداً على أهمية الترويج للحمضيات السورية وتنظيم الدعاية لها في الأسواق المستهدفة.
دعم إضافي
وللوقوف على أهمية قرار دعم صادرات الحمضيات، أكد ابراهيم ميده مدير هيئة تنمية ودعم الإنتاج المحلي والصادرات، ندعم موسم الحمضيات لعام 2018 فإن هذا الدعم هو دعم إضافي، وقد وصلتنا العديد من الطلبات بأن يتم دعم المنتجات خارج معرض دمشق الدولي، وهذا ما طرحه مجلس إدارة الهيئة خلال اجتماعه، ووافق على تقديم دعم الشحن البحري للحاويات والشحن البري للسيارات التي تذهب إلى العراق ودول الخليج عبر معبر نصيب، بحيث يتم منح مبلغ يعادل 1600 دولار أمريكي.
وأشار ميده إلى أن هذا الدعم يقدم لسيارات وشاحنات الحمضيات فقط، مؤكداً أنه سيتم استبعاد السيارات المختلطة، أي التي تضم منتجات أخرى غير الحمضيات، وقد طلب هذا الأمر من الجمارك عبر معاون المدير العام الذي حضر الاجتماع، بأن يتم التدقيق على السيارات العابرة كي لا تحتوي غير الحمضيات كما ذكر سابقا.
وأضاف ميده: إن اجتماع مجلس إدارة الهيئة تقرر عنه عدة أمور أيضاً، كان من بينها تحديد فترة تقديم عقود زيت الزيتون المبرمة خلال فترة تتحدد من ١٥/١١ ولغاية ٣١/١٢/٢٠١٨، كما تتحدد فترة تقديم الوثائق من ٢/١ ولغاية ١/٥/٢٠١٩، أي إن فترة تنفيذ العقود تنتهي في نهاية موسم الحمضيات.
تكاليف الدعم مجزية
على جانب آخر يتم وقف دعم الشحن البري للعراق عبر معبر نصيب في حال تم فتح معبر البوكمال الحدودي، بحسب مدير الهيئة الذي أشار إلى أن تكاليف هذا الدعم كبيرة ومجزية جداً، لكن الهيئة ترحب به، وما دام هناك محصول استراتيجي، سيتواصل دعم العملية التصديرية له. إلا أن هذا الدعم سيعود بالنتيجة الأكبر للمزارع، فبحسبما يرى الدكتور ميدة سيؤدي إلى خفض تكلفة شحن الحمضيات وبالتالي سيشكل ذلك عاملاً مشجعاً ومحفزاً للمصدرين لكي يقوموا بالعملية التصديرية بنجاح. ولكن على الرغم من هذه المهمة التسويقية المنوطة بهيئة تنمية ودعم الإنتاج المحلي والصادرات، إلا أن الأمر لا يتوقف عندها فقط (أي الهيئة)، بل وبحسب مدير الهيئة فإن دعم القطاع الزراعي، عمل شمولي ومتكامل يجب أن تتضافر لأجله عدة جهات كوزارة الصناعة والتجارة الداخلية.
وأضاف ميده: إن كميات الحمضيات التي صدرت في العام الماضي وصلت إلى 42 ألف طن، فلو تم تكرار هذا الرقم في العام الحالي 2018 سيكون هناك دعم كبير ومبالغ كبيرة تقدم للتصدير، عدا عن الشحن الذي تقدمه الهيئة للعقود التجارية الموقعة على هامش معرض دمشق الدولي.
إعادة نظر
وعن سؤالنا له إن كانت هناك منتجات لا تقوم الهيئة بدعمها فقد أكد الدكتور ميده أن الدعم يقدم فقط للمنتجات ذات الميزة التصديرية، والهدف الأول منه دعم المنتج المحلي، إضافة إلى ايجاد الحلول للمشاكل التسويقية التي يعانيها كما يحصل مع تسويق الحمضيات في كل موسم. وختم ميده بقوله: يجب أن تحمل المواسم والسنوات القادمة إعاده نظر في المشكلات التي تعانيها المنتجات الزراعية السورية، وخاصة الحمضيات، من حيث الأنواع والجودة والكثافة، بحيث يتم تصدير المنتجات التي تتوافق مع الأسواق في الخارج.
يخفف التكاليف
إياد محمد عضو اتحاد المصدرين ورئيس القطاع الزراعي في الاتحاد أكد أن تكلفة شحن السيارات بين سورية والعراق عالية جداً تصل إلى 6500 دولار، مشيراً إلى أن دعم تصدير الحمضيات يؤدي إلى تخفيض تكلفة المذكورة سابقاً، ما يعود بالنتيجة إلى المزارع وليس إلى التاجر.
وبيّن محمد أن دعم الشحن إضافة إلى أنه يذهب إلى المزارع فإنه يقوم بتشغيل مراكز الفرز والتوضيب ويشغل كذلك آلاف سيارات النقل المبردة والمتوقفة عن العمل منذ عدة سنوات، إضافة إلى تشغيل مكاتب خدمات الشحن ومكاتب التخليص وغيرها، مشيراً إلى أن المبالغ المدفوعة يمكن أن تساهم في زياده توفير القطع الأجنبي، وبالتالي دعم الليرة السورية، إضافة إلى أن دعم التصدير يساهم في تحرك عجلة الإنتاج أكثر من الشراء المباشر للحمضيات وتوزيعها.
تشرين