أما آن الأوان لقانون جديد للأحوال الشخصية؟

أما آن الأوان لقانون جديد للأحوال الشخصية؟

أخبار سورية

الاثنين، ١٧ ديسمبر ٢٠١٨

قد يفاجأ كثير من السوريين بأن قانون الأحوال المدنية لا يرجع إلى عام (1953) إنما إلى أواخر الحكم العثماني عام (1917) وقد عرف آنذاك بقانون (حقوق العائلة) وضم (157) مادة تنظم حياة الناس الأسرية وربما كانت بنوده آنذاك تخدم واقع الأسرة وأفرادها بشكل أمثل أما اليوم، وبعد هذا الزمن الطويل لم تعد هذه الأحكام تناسب واقع التغيير الإنساني والتاريخي والعلمي، وخصوصاً بعد هذه الحرب الظالمة التي رزح تحتها المجتمع السوري بمختلف شرائحه، مخلفة وراءها واقعاً اجتماعياً جديداً كانت صنميّة المرأة والطفولة ما استوجب إعادة النظر بمواد القانون رغم بعض التعديلات الخجولة التي طرأت على بعض مفرداته ومواده والتي لا تفي بالغرض، بل كرست واقع التبعية وكبت الحرية وعدم تحقيق المساواة بين المرأة والرجل بالحقوق والواجبات.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة لماذا بقي تجديد القانون سجين الأدراج وقد طلب رئيس الحكومة بموجب القرار (2437) الصادر في حزيران 2007 إعادة تنظيمه بما يتلاءم مع واقع العصر ومن يقف خلف صنمية القانون رغم حاجة المجتمع السوري اليوم وأكثر من أي وقت مضى إلى تطويره بعد أن طال التغيير البشر والحجر، وما المانع الذي يقف دون إنشاء قانون جديد كـإعمار سورية وإعادة بنائها وهو منذ انتهاء اللجنة المكلفة منذ عام (2009) بقي مخفياً لكونه جاء مخالفاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية حقوق الطفل ومناهضة العنف ضد المرأة.
المحامي (حازم حيد الحيدر) أحد مؤسسي شركة (إعمار القانونية) يرد أسباب جمود القانون إلى العادات والتقاليد والإرث الاجتماعي، وأن نبذ القانون بمواده الحالية، قد يدخل البعض بفكرة الحرام لأن القانون مستمد من الشريعة الإسلامية والقرآن الكريم مع اجتهادات تعود إلى المذهب الحنفي وهذا الإرث الاجتماعي لا يمكن أن يتغير بشكل سريع إنما يحتاج إلى جيل أو جيلين وإلى بنية ثقافية فكرية جديدة تصبح جاهزة لتقبل فكرة التغيير وأوضح (الحيدر) أن واقع تغيير القانون يصبح صعباً جداً لكون (الصنمية هي ذاتها الجلاد).
مشيراً إلى أن بعض التغييرات طرأت على القانون (59) كانت خجولة وغير منصفة صبت مجملها في إطار الزواج والطلاق والنفقة وحضانة الأطفال ومنها المادة رقم (7) من القانون (34) نصت على أنه يسقط حق الزوجة في النفقة إذا عملت خارج المنزل دون إذن من زوجها، وإعطاء الزوج الحق بتطليقها عبر توكيل غيره تبعاً للمادة (87) وما إلى ذلك.
ورغم أن كثيراً من الدول العربية ومنها تونس والجزائر ومصر والسودان أجرت تعديلات جذرية على قانون الأحوال الشخصية إلا أن واقع التغيير على القانون السوري لا يزال حلماً ينشده الكثير من السوريين ممن يسعون إلى بناء سورية علمانية بمفهوم جديد يلائم واقع تغيير الحياة. ويضمن حياة منصفة للمرأة في أسرتها الصغيرة ووطنها لكون استقرار حياتها ينعكس إيجاباً على المجتمع برمته.
يشار إلى أن مصطلح قانون الأحوال الشخصية استخدم عام (1953) مقرّاً بموجب المرسوم التشريعي رقم (59) وقد أعده الشيخ السوري علي الطنطاوي على المذهب الحنفي وبقي مفعوله ساريا حتى عام (1975) حيث بدأت بعدها التعديلات على فقراته تأخذ طريقها إلا أنها لم تجد الحلول المجدية وقتها، فكيف بنا اليوم وقد دخلت التكنولوجيا حياتنا وأثرت في صيرورتها وقد شابتها تناقضات لا يمكن السكوت عنها أو تجاهلها بعد الآن.