واشنطن ترتّب خطط الانسحاب مع «الحلفاء»: «جبهة النصرة» تطيح «الزنكي»

واشنطن ترتّب خطط الانسحاب مع «الحلفاء»: «جبهة النصرة» تطيح «الزنكي»

أخبار سورية

السبت، ٥ يناير ٢٠١٩

يجول مسؤولو البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية على حلفاء واشنطن المعنيين بالملف السوري، لترتيب «انسحاب منسّق بدقة» للقوات من سوريا. وعلى مقلب إدلب ومحيطها، أطاحت «تحرير الشام» نفوذ «حركة الزنكي» لتنفرد بحدود مدينة حلب الغربية
 
تسارعت مجريات الصراع الفصائلي الداخلي في أرياف حلب وإدلب وحماة، بعدما أنهت «هيئة تحرير الشام» سيطرة «حركة نور الدين الزنكي» على أبرز معاقلها (السابقة) في ريف حلب الغربي، وخسرت في المقابل بعض النقاط الأقل أهمية في ريف إدلب الجنوبي. الجولة الجديدة من المعارك التي اندلعت في وقت تحشد فيه تركيا فصائل «الجيش الوطني» العاملة تحت إمرتها في محيط مدينة منبج، تُعيد رسم خرائط النفوذ بين «تحرير الشام» و«الجبهة الوطنية» بالنار، بعد جولات سابقة مماثلة بين الطرفين (وإن بأسماء مختلفة) تخلّلها صراع على «الإدارات المدنية»، أدارته في معظمه أنقرة. الإدارة التركية للصراع وفق مقتضيات طاولات التفاوض الدولية، لم تغب عن المعارك الحالية، وإن استترت؛ إذ نأت فصائل «الجيش الوطني» في ريف حلب الشمالي بنفسها عن الصراع، رغم انتقال بعض عناصرها فردياً للمشاركة إلى جانب «الجبهة الوطنية». وكان لافتاً خلال الأيام القليلة الماضية غيابُ أي تصريحات رسمية تركية في شأن تطورات هذا النزاع، إلى جانب تهميش أخباره في وسائل الإعلام التركية الرسمية، والمقربة من السلطات. كذلك شهد ليل أمس، نشاطاً لسلاح الجو الروسي انطلاقاً من قاعدة حميميم، ترجم في غارات استهدفت مواقع قرب خطوط التماس في محيط مدينة حلب الغربي، ونقاطاً قرب بلدة دارة عزة في الريف الغربي أيضاً. وبينما ينصبّ الاهتمام التركي على مصير منبج وشرقيّ الفرات، ينتظر أن تستقبل أنقرة مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون بولتون، بصحبة الممثل الخاص لوزير الخارجية الأميركية جايمس جيفري ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة جوزف دانفورد، بعد زيارة بولتون لإسرائيل. ووفق ما أعلن الأخير عبر تغريدة على «تويتر»، فإن الزيارتين (لأنقرة وتل أبيب) مخصصتان لبحث انسحاب قوات بلاده من سوريا وآلية «تنسيق ذلك مع الحلفاء والشركاء لمنع عودة داعش»، إلى جانب «دعم من قاتلوا إلى جانب الولايات المتحدة ضد داعش، والتصدي للسلوك الإيراني المؤذي في المنطقة». كذلك، تترافق زيارة بولتون بجولة يجريها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، لعدد من الدول العربية المعنية بالملف السوري.
وسيكون هذا الحراك الأميركي، الأول في نوعه ومستواه بعد قرار البيت الأبيض الانسحاب من سوريا؛ كذلك فإنه يتزامن مع توجه لافت في عدد من الدول العربية، لإعادة فتح القنوات الديبلوماسية والأمنية مع دمشق. ويحتمل أن يتضح التوجه التركي حيال منبج وشرقيّ الفرات عقب زيارة بولتون المنتظرة، التي تأتي بعد نحو أسبوع على اللقاء الروسي ـــ التركي، الرفيع المستوى، في موسكو. وانتقدت تركيا أمس تصريحات بومبيو الأخيرة في شأن مصير شرق الفرات، التي قال فيها إن أحد أهداف بلاده «منع الأتراك من قتل الأكراد». وقال الناطق باسم وزارة الخارجية التركية حامي أقصوي، إن «مساواة الوزير بومبيو، منظمة إرهابية (وحدات حماية الشعب الكردية) مع الأكراد، حتى لو لم يكن مقصوداً، يدلّ على نقص مقلق في المعلومات» لديه. وكانت مصادر في وزارة الخارجية الأميركية قد أوضحت أن واشنطن «لا تملك الآن جدولاً زمنياً لانسحاب القوات». وبينما أكدت تلك المصادر، وفق ما نقلت عنها وسائل إعلام أميركية، الأهمية المعطاة لتنسيقه مع «الحلفاء»، لفتت إلى أنه يجري العمل حالياً على الخطط اللازمة لهذه الخطوة. وبالتوازي، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية، قولهم إن القوات الأميركية تشارك في العمليات الجارية ضد «داعش» في وادي الفرات شرقي سوريا، إلى جانب الدعم المدفعي والجوي المقدم في إطار «التحالف الدولي».
وفي انتظار بيان نتائج النشاط الديبلوماسي الأميركي، ستبقى معارك أرياف حلب وإدلب وحماة، في واجهة الأحداث الساخنة. فبعدما فرضت «تحرير الشام» سيطرتها على بلدات عنجارة والهوتة وكفرناها، وواصلت طرد بقايا «حركة الزنكي» من ريف حلب الغربي، تحدثت أوساط معارضة عن تعزيزات أرسلتها «تحرير الشام» من بلدة سرمدا جنوباً، نحو جبهات ريف إدلب وحماة، بعدما كسبت «الجبهة الوطنية» نقاطاً ميدانية مهمة هناك خلال اليومين الماضيين. وأصدرت «تحرير الشام» بياناً أمس، خصصت فيه مكافأة مالية لعناصر «الزنكي» ممن «التزموا» مواقعهم في محيط مدينة حلب الغربي، ولم يشاركوا في القتال إلى جانب فصيلهم. ولم تخرج أي معلومات دقيقة عن مصير قائد «الزنكي» توفيق شهاب الدين، بعدما تناقلت أوساط مقربة من «تحرير الشام» نبأ اعتقاله؛ غير أن معلومات أولية تفيد بأن شهاب الدين وصل إلى تركيا، وهو ما يتساوق مع صور تناقلتها أوساط معارضة أمس من مكتبه عقب اقتحام «تحرير الشام» له، تُظهر لوحة التعريف الاسمية لشهاب الدين، دون نشر أي صور له. ويرجّح أن تستكمل «تحرير الشام» تثبيت نفوذها في المناطق التي سيطرت عليها في ريف حلب الغربي، لما لها من أهمية في وصل أرياف إدلب وحماة مع منطقة عفرين ومع المعبر الأهم باتجاه لواء اسكندرون، وهو باب الهوى. وتشرف هذه النقاط على الطريق الرئيس الذي استخدمته القوات التركية في الدخول إلى عمق الأراضي السورية وتثبيت «نقاط مراقبة» في محيط منطقة «خفض التصعيد» في إدلب ومحيطها، كذلك فإنها تفرض نفوذاً مطلقاً لـ«تحرير الشام» على طوق مدينة حلب القريب من الجهة الغربية.