“فشة خلق”.. أم توصيف مؤلم لواقع مشروعنا الوطني في الإصلاح الإداري؟! خبير إدارة يسأل الحكومة: أين التزاماتك بخطة ودليل الوزيرة السفاف؟

“فشة خلق”.. أم توصيف مؤلم لواقع مشروعنا الوطني في الإصلاح الإداري؟! خبير إدارة يسأل الحكومة: أين التزاماتك بخطة ودليل الوزيرة السفاف؟

أخبار سورية

الأربعاء، ٩ يناير ٢٠١٩

يتضمن المشروع الوطني للإصلاح الإداري، رؤى معلنة وزخماً مبرمجاً يبلغ حد إعادة التعريف لأسس دور الدولة فيما يتعلق بالاقتصاد وطريقة إدارة كل شيء في سورية، كما يدعو أحياناً إلى إعادة تحديد الصلاحيات الحكومية والوزارية، وإلى التجديد والابتكار في استخدام أدوات السياسات، حيث من المحتمل أن تلامس المبادرات والاستراتيجيات -إن  كُتب لها النجاح-  كل مواطن في الجمهورية العربية السورية تقريباً، وأن تدخل إلى كل منزل وكل جهة عامة ومؤسسة وشركة ومدرسة وجامعة في سورية التي نريدها فعلاً لا كلاماً.
هذا ما يراه خبير الإدارة العامة وعضو مجلس خبراء الإدارة في وزارة “التنمية” عبد الرحمن تيشوري، مستتبعاً بتساؤل حول إمكانية احتمال نجاح هذه التغيرات الرئيسية ضمن الفسحة الزمنية التي وضعتها الحكومة السورية لنفسها والتي ستنتهي نهاية العام الجاري 2019، وذلك بالنظر إلى القدرات المتوفرة فيما يتعلق بالقيادة الملتزمة بالإصلاح وتنفيذه الموجه. ويجد تيشوري أنه من المفيد مقاربة هذا السؤال من منظور إدارة التغيير، استناداً إلى أن محاور الإصلاح واحدة ومعروفة في العالم، لكننا نحن في سورية لم نلتزم بها..! مقترحاً في ضوء متابعته لتطبيقات المشروع وضآلة ما تم، تغيير 80% من الهيكلية الحكومية بما يتوافق وتوجهاتنا الإصلاحية العامة والقطاعية، والتي لا تزال تحظى بفائق العناية والدعم من القيادة.
تَقْييس ومقاسات
أما عن خلفيات هذا الاقتراح، فيكشفها الرجل علانية، لتأكده من أن الإدارة الناجحة تحقق كل شيء وتحل المشاكل وتطور البلد، لكنه يرى أن هناك من لا يريد لها أن تعمل، ويكشف عن الحاجة إلى كوادر وكفاءات ونجاحات، وهي برأيه متوفرة وغير متوفرة، لأنه ورغم إحداث معهد متخصص بالإدارة العامة من أجل إعداد الكوادر وتخريج عدد هام منها، إلاَّ أنه لم يتم استثمارها بالشكل والمضمون الفاعلين، بل تم إهمالها وتركها فريسة اليأس والضجر، فهي إما تهاجر في الداخل أو الخارج أو تركن في الظل، وبالتالي يصبح الوصول إليها صعباً، وإعادة استخدامها أصعب، نتيجة لتقصد عدم معرفتها شيئاً عن المعطيات السائدة، وكذلك نتيجة لمنعها من الوصول إلى المناصب المناسبة، الأمر الذي حرمها من تطبيق خبراتها، وفي الآن معاً حرمها أيضاً من اكتساب الخبرات وتطويرها، نتيجة لإبعادها عن مفاصل القرار، في حين أن الأخطر يتمثل بوجود أكثرية ممن تسلّقوا الهرم الوظيفي لسنوات طويلة وهم من طراز الأتباع، أي المحسوبين على فلان وفلان، وهؤلاء رُسموا على مقاسات مصالح البعض ومشاريعهم.
محكومة بالفشل..!
يستدرك الخبير بتنويهه إلى أنه لا يجب على أحد ممن يعتبر نفسه كفاءة نادرة أن يسخط من توصيفه السابق، لأنه يتناول المساحة الأشمل من قطاعات المجتمع، مبيناً أن الكفاءة النادرة التي تتوافر أحياناً في السلطة محكومة عملياً بواقع يحد من قدرتها ومقدراتها، وهذا واقع صُنع عبر الزمن وأصبح أمراً مفروضاً، أدى  لوجود “كفاءات” محدودة وعادية وباهتة، مُتَحَكَم بها، تارة من فوقها وتارة من تحتها في التراتب الوظيفي، أو في كليهما معاً، ويتابع موضحاً أن الكفاءة النادرة تلك محكومة بالفشل غالباً، لأنها إن كان عليها إدارة السائد دون تغييره فهي ستدير الأزمة، ولن تقدم شيئاً له قيمة، وستعيد إنتاج السائد مما هو بائد (وهذا حاصل)، وهي إن سعت نحو التغيير والإصلاح سيضع أولئك (الفوق والتحت معاً) العصيّ في دواليبها وستفشل (وهذا ما نلاحظه)، وإن أرادت المواجهة أو النسف، فإن عليها أن تواجه الجميع، وعندئذٍ ستتحول إلى شخصية دونكيشوتية، وإن دفعت باتجاه الصمت، ستكون شيطاناً أخرسَ، وسيكون معيار الحكم عليها أبغى من الفشل، وهذا ما يتم للأسف.
المطلوب
ويؤكد أن المطلوب اليوم، طبقة وذهنية إدارية جديدة بالكامل، تعاكس الثقافة السائدة وتعمل بمنطق وذهنية جديدة لتنفيذ الرؤية الجديدة، معتبراً ذلك شرطاً رئيساً لتنفيذ كل برامج المشروع الوطني للإصلاح الإداري والقانون 28، إضافة إلى شرط آخر مهم وهو تفاعل الناس وتركهم لـ”اللامبالاة”، والابتعاد عن ثقافة “ما لي علاقة وهذا ليس من اختصاصي”. وبالمقابل يشدد على علاقة الكل بكل شيء، واعتبار أن كل شيء هو من اختصاصنا كسوريين، لأن سورية بلد للجميع وللأجيال القادمة، وليست حكراً على أحد.
كشفهم
ويخلص عضو مجلس خبراء الإدارة في وزارة “التنمية” إلى أن ما يتم من “إصلاح”، يقتضي تحديد المطلوب وتوجيه الجهد نحو الهدف وحل مشاكل الناس، وهذا هو ما يعرف باسم الإدارة، فالإدارة اليوم مهنة راقية في العالم وهي تخصص، لكن في سورية حتى الآن لا تمهين ولا تخصص “والطاسة ضايعة”..!؟، مذكراً بأن المشروع الوطني للإصلاح الإداري 2017 – 2019، يقدم إطاراً لعملية تطوير إداري واقتصادي واجتماعي طموحة، وأنه يشدد على ضرورة وجود ووجوب التفاعل الوثيق بين عمليات الإصلاح المزدوج في المجالين الاقتصادي والإداري في سورية، التي يدعي “رعاة” المشروع أن الإصلاح هو خيار الخيارات وهو الحل، لكن “ماء” الإصلاح كشف فشل “غطاس” الإدارة..!
ويختم الخبير توصيفه لحال وواقع المشروع في سورية أين التزامات الحكومة الحالية في خطة الوزيرة السفاف لمشروع الإصلاح الإداري..!؟
أما نحن فنختم بتوجيه سؤال بسيط للوزيرة عينها وهو: هل لا يزال القانون 28 ساري المفعول، وماذا عن التوضيح والدليل التفصيلي التي تقدمت به نهاية 2017، والذي يوصي من ضمن ما يوصي، حذف إدارة العمل اليومي للمؤسسات من المسؤوليات المباشرة للوزير المختص وتفويضها للمعاونين والمديرين بالأقاليم والمحافظات وتعزيز دور مديريات التنمية الإدارية بعد ضم التدريب والمعلوماتية إليها وبعض اللوجستيات..؟ وهل تحقق شيئاً فعلياً منها، نكتفي بهذا ونذكر بما خلص إليه علماء الإدارة، بأنه “لا توجد دولة متقدمة ودولة متخلفة، وإنما توجد إدارة ناجحة وإدارة غير ناجحة “.
البعث