ما السيناريوهات المحتملة لمستقبل أكراد سورية؟

ما السيناريوهات المحتملة لمستقبل أكراد سورية؟

أخبار سورية

السبت، ١٢ يناير ٢٠١٩

أعلنت الجماعات الكردية في سوريا عن نيتها بالدخول في مفاوضات مباشرة مع حكومة دمشق الشرعية وذلك من أجل التوصل إلى تسوية سياسية ولقد جاءت هذه الخطوة الكردية عقب إعلان الحكومة الامريكية بأنها ستقوم باخراج قواتها العسكرية من سوريا في القريب العاجل وهذا الامر زاد من خوف الاكراد السوريين من الهجمات العسكرية التركية المحتملة على أراضيهم. تجدر الإشارة إلى أنه خلال السنوات الأخيرة، عانى الأكراد السوريون كثيرا؛ فمن ناحية، عانوا من ظلم وويلات تنظيم "داعش" الارهابي، ومن ناحية أخرى، عانوا من التواجد الأمريكي في أراضيهم الذي عمل على خلق الكثير من الخلافات بين الجماعات الكردية المختلفة ولذلك، فإن الأكراد السوريين يعیشون في وقتنا الحالي في خضم عاصفة من الأحداث التي جاءت نتيجة لبعض السياسات الدولية وكذلك لنوايا بعض القوى الداخلية الرجعية.
 
وخلال السنوات الثمان الماضية، واجه الأكراد معضلات كبيرة حيث كان يجب عليهم اختيار احد المسيرين الذين لكل منهما تكاليف وعواقب مختلفة ولسوء الحظ، فلقد خدعتهم بعض الوعود الأمريكية وأجبرتهم على اختيار مسير الوقوف مع واشنطن، الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى حدوث الكثير من الخسائر لهم. يذكر أن الأكراد السوريون قاموا بارسال العديد من شبابهم إلى القواعد الأمريكية المتمركزة في أراضيهم لمساعدتهم وتدريبهم عسكريا وذلك من أجل الاستفادة من قدراتهم للدفاع عن الشعب الكردي، لكن للأسف، لم يقم الأمريكيين بمساعدتهم وتدريب أبناءهم. في الواقع، كانت واشنطن تستغل الشباب الاكراد لتحقيق الكثير من أهدافهم في المعادلات السياسية والعسكرية في المنطقة وهذا الامر يؤكده القرار المفاجئ وغير المتوقع الذي قامت به واشنطن والمتمثل بانهاء دعمها للأكراد.
 
وفي سياق متصل، تلقى الأكراد السوريون رسائل سيئة من الأقليات الكردية المستوطنة في الدول المجاورة لسوريا، ومن جهة أخرى أدت الحملات العسكرية التركية على بعض مناطق الاكراد في "عفرين" إلى زيادة الامور سوء بالنسبة لجميع الاكراد الذين يعيشون في سوريا.
 
وبعد مرور سبع سنوات فإنه من المحتمل أن تكون هذه الفترة الزمنية بالنسبة للجماعات الكردية، هي الفترة الافضل ولهذا فإنهم هذه المرة على عكس الماضي، يفكرون في الدخول في مفاوضات مباشرة مع الحکومة السوریة برئاسة "بشار الأسد"، من أجل الحفاظ على وحدة أراضي سوريا، مما يعني استعادة الأوضاع السابقة التي سبقت بداية اندلاع الازمة في سوريا وفي وقتنا الحالي، يكمن الأمل الوحيد للأكراد في بدء جولة جديدة من المفاوضات مع حكومة دمشق الشرعية، على أمل أن يتمكنوا من التعويض عن الخسائر التي لحقت بهم في الماضي.
 
وهنا يمكن القول أن الجولة الجديدة بدأت بإعلان الرئيس الامريكي "دونالد ترامب" عن سحب قوات بلاده من سوريا وبالطبع لقد أثار هذا الاعلان الامريكي في البداية الكثير من المخاوف بين الأكراد وعلى وجه الخصوص، أنه مع انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، فإنه لن يكون هنالك أي حواجز أمام الجيش التركي للقيام بعمليات عسكرية في المناطق الكردية. يذكر أن تركيا تحدثت قبل حوال ثلاثة أشهر عن نيتها بتنفيذ عملية عسكرية كبيرة في شمال سوريا، ولهذا فلقد دعت أنقرة إلى تحرك جماعات المعارضة الكردية في المناطق الشمالية من سوريا لتكون الذريعة الرئيسية لها لشن هجوم عسكري جديد على تلك المناطق.
 
في الوقت نفسه، أظهرت التجارب الكردية في مدن مختلفة في شمال سوريا، ولا سيما في مدينة "عفرين"، أن التهديدات قد تضعهم في مأزق جديد، وبالتالي، فلقد بدأ الأكراد حوارهم مع الحكومة السورية، وخلافا لتوقعات "أنقرة"، فلقد تمكن الاكراد من التوصل إلى حل حكيم والبدء في التعاون مع الحكومة السوریة، والذي سيؤدي بدوره إلى تحقيق الكثير من النتائج الإيجابية لجميع الاطراف السورية، على الرغم من أنه في نفس الوقت تسبب في غضب وقلق الجانب التركي والامريكي وبعض الدول العربية في المنطقة.
 
إن من أبرز الخيارات والسيناريوهات التي تنتظر المحادثات القادمة للاكراد مع الحكومة السورية، يتمثل في بقاء جزء من القوات الأمريكية في المناطق السورية الشمالية، وفي هذه الحالة علی الاكراد اختيار أحد المسيرين؛ فإما يواصلون التعاون مع الولايات المتحدة أو يبدؤون بالتعاون مع الحكومة السورية وهذان المسيران  يمكنا أن يؤديا إلى خلق خلافات بين المجموعات الكردية والخيار الآخر يتمثل في زيادة التواجد العسكري التركي في المناطق الكردية السورية وهذا الامر قد يخلق الكثير من المضايقات الجديدة والعنيفة للأكراد؛ الأمر الذي سيؤدي بلا شك إلى مزيد من المشاركة والتعاون بين الأكراد والحكومة السورية وهذه المرة، ستقف الجماعات المسلحة الكردية، إلى جانب الجيش السوري في الدفاع عن مناطق إقامتهم. بطبيعة الحال، إن التواجد العسكري التركي في سوريا سيخلق فجوة بين الأكراد الاتراك والأكراد السوريين، وسوف يوقف أو يعوق سلسلة التعاملات بين هذه المجموعات العرقية المختلفة.