دخل الأستاذ الجامعي.. هل تُردَم الفجوة بين «العام» و«الخاص»؟

دخل الأستاذ الجامعي.. هل تُردَم الفجوة بين «العام» و«الخاص»؟

أخبار سورية

السبت، ٢ فبراير ٢٠١٩

أيمن فلحوط:
هل في رأيكم دخل الأستاذ الجامعي السوري (الذي يعد الأقل على مستوى العالم) يكفي لضمان حياة كريمة له من حيث توفير سكن لائق ولباس ونقل محترم تليق به كأستاذ جامعي خاصة أمام طلابه، وأمام أفراد أسرته.
كيف السبيل لتحسين هذا الواقع؟
ولماذا لا تكون هناك معالجة لهذه المسألة؟
لسان حال أعضاء الهيئة التعليمية: ارفعوا دخل أعضاء الهيئة التدريسية والتعليمية في الجامعات السورية حتى تقترب مما كانت عليه قبل الحرب…. فهناك الأموال المجمدة التي تؤخذ من أعمال الأساتذة الأخرى بنسبة ١٨% بموجب قانون التفرغ ومن أموال التعليم المفتوح والتعليم الموازي والافتراضي ووحدات العمل المهنية. وذلك حفاظاً على الكفاءات والكوادر والعقول في قطاع التعليم العالي غير المتجددة والتي تتناقص باستمرار..
هذا أبرز عناوين حملها استبيان قامت به «تشرين» منذ شهرين ونيف عن دخل الأستاذ الجامعي.
أجمع المشاركون في الاستبيان على أهمية الولوج في هذه القضية المهمة على صعيد أعضاء الهيئة التعليمية في سورية، وخاصة على مستوى الجامعات الحكومية، لأن هناك فرقاً شاسعاً بينها وبين الجامعات الخاصة من حيث الرواتب والتعويضات.
يطالب أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات الحكومية بمساواتهم في الحقوق من حيث حصولهم على تعويض التفرغ على أساس الراتب المقطوع الحالي، كما حصل مع القضاة بعد مطالبتهم منذ عقود ليحققوا ذلك في المرسوم التشريعي رقم 2 الصادر في 11/1/2018 الذي جاء في مادته الأولى: يمنح التعويض القضائي الشهري المنصوص عليه في المرسوم التشريعي رقم 16 لعام 1980 للمستفيدين منه بنسبة (100%) على أساس الراتب أو الأجر الشهري المقطوع النافذ بتاريخ أداء العمل.
 
آراء متعددة
د. مالك يونس أستاذ الفيزياء في جامعة تشرين قال: لنتفق جميعاً على أن مشكلة تدني الأجور والرواتب تطول جميع العاملين في المؤسسات الحكومية وليس فقط أساتذة الجامعات، ولكننا نناقش هنا أوضاع هذه الفئة المحددة وهي أساتذة الجامعات الحكومية.
ولابد من التنويه بأن الوضع المعيشي لأساتذة الجامعات السورية أصبح الأسوأ على الإطلاق مقارنة مع جميع الدول العربية. صحيح أننا نعاني حرباً ونعيش أزمة ولكن هذا ليس مسوغاً لعدم إيجاد حلول لهذه المشكلة، وعلينا أن نناقش الموضوع من جانبين: أولاً راتب الأستاذ الجامعي عندما يكون على رأس عمله، وثانياً عند إحالته على التقاعد.
وفي الحالتين الوضع سيئ جداً ويجب العمل على تغيير هذا الواقع.
وأعتقد أن في الإمكان زيادة الرواتب وبنسب كبيرة وخاصة بعد أن أصبحت عائداتها تبلغ المليارات إن كان من خلال الضرائب على الجامعات الخاصة (كما يدّعون) أو من خلال عائدات التعليم المأجور كالموازي والمفتوح وغيره أو من الرسوم العالية المفروضة على الطلاب…
إذاً لو أنّ هناك إرادة لتحسين الوضع المادي للأساتذة فالوسيلة والإمكانات متوافرة.. ولذلك يجب المطالبة بتغيير هذا الوضع وإنصاف هذه الفئة من المجتمع ورفع مستواها المعيشي إن كانوا على رأس عملهم أو بعد تقاعدهم.
ويبقى السؤال المحيّر فعلاً هو: لمصلحة من؟ ولماذا يُسمح بأن يصل دخل ومعيشة أساتذة الجامعات إلى هذا الوضع، أليس من الواجب أن نمنحهم راتباً يضمن لهم الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة أمام مجتمعهم وأمام طلابهم.
ماجد صقور قال: حصلت على خمس شهادات عليا من عدة دول، وراتبي لا يتجاوز 85 دولاراً لقد آن الأوان للنظر في حال الأستاذ الجامعي.
وأضاف د. خير الخطيب: أصبحت مصلحه التعليم ولاسيما الأستاذ الجامعي، لا تؤمن لقمة العيش لعائلته بأي طريقة، ولابد للأستاذ الجامعي من العمل بأي طريقة بعيداً عن العلم والتعليم.
وأكد محمد الخطيب أن تحسين راتب الأستاذ الجامعي مطلب حق وأيضاً يجب المطالبة بتعديل طبيعة التعويض أو الراتب عند الاحالة على التقاعد. يخسر الأستاذ الجامعي حوالي ثلثي الراتب، أي بعد أن يكون قد أفنى عمره في التدريس وحالياً يعاني قساوة العيش. تصبح المعيشة صعبة بعد التقاعد. فالنظام المالي يجب أن يتغير ولا يوجد نظام مالي شبيه مثل نظام التفرغ عندنا في أي دولة في العالم، والمطلوب ألا يكون هناك فرق كبير بين الراتب الذي يتقاضاه وراتب التقاعد.
الدكتور فريد الحوساني قال: اشتغلت في جامعة دمشق العريقة مدة 30 عاماً وقد حصلت خلالها على درجة الدكتوراه ولم يتجاوز سقف الراتب الذي كنت أتقاضاه 37000 ليرة سورية، وهناك صديقة لي تعمل في مؤسسة سورية أخرى وتحمل شهادة الإعدادية فقط لكن أساس راتبها كان 47000 ليرة سورية. فتخيل يارعاك الله!!
د.غزوان سلوم: يبلغ راتب حارس ليلي في شركة خاصة 75 ألفاً مع بدل طعام و…أما السائق فيصل إلى 150ألفاً… حدث ولا حرج؟؟؟؟!!!!
مقترح للتعديل
د. محمد فواز قربي عضو الهيئة التدريسية في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق: لا يكفي راتب الأستاذ الجامعي في الجامعات الحكومية لمعيشة كريمة في سورية، ولا يكفيه طعاماً، لدي عائلة مكونة من أربعة أطفال، وزوجتي لا تعمل، فكيف لـ ٦٣ ألف ليرة أن تكفي مع العلم أنني منذ ١٥ عاماً موظف في الجامعة، فكنت معيداً موفداً، ومنذ ٦ سنوات أنا عضو هيئة تدريسية في كلية الاقتصاد.
لدي مقترح لتحقيق العدالة في دخل أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات الحكومية وفحواه الآتي:
لقد نصت المادة (7) من المرسوم التشريعي لزيادة الرواتب والأجور رقم 38 لعام 2013 على ما يلي: «تبقى كل التعويضات الممنوحة وفق القوانين والأنظمة النافذة محسوبة على الأجور النافذة قبل صدور هذا المرسوم التشريعي».
وهذه المادة أثرت تأثيراً كبيراً في أعضاء الهيئة التدريسية، لأن ثلثي راتب عضو الهيئة التدريسية هي تعويضات، وتالياً لم تُصب زيادة الراتب إلا الراتب المقطوع، ولم تطبق الزيادة على التعويضات، كتعويض التفرغ، وتعويض التفرغ الإضافي، وأدت هذه المادة إلى تثبيت التعويضات الممنوحة لعضو الهيئة التدريسية حتى إشعار آخر.
كما أنها خالفت المادة (6) من القانون (7) لعام 2006 لقانون التفرغ العلمي وعدمتها حيث تنص المادة 6 من قانون التفرغ العلمي على مايلي:
أ- يمنح المتفرغ جزئياً أو كلياً تعويض التفرغ بالنسب الآتية من الراتب الشهري المقطوع بتاريخ أداء العمل وفق الآتي:
100% لأعضاء الهيئة التدريسية، و50% لأعضاء الهيئة الفنية، و25% للمعيدين
ب. 1- يمنح المتفرغ كلياً تعويض تفرغ إضافي من الموارد الذاتية للجامعة بنسب تحدد بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناءً على اقتراح الوزير، بعد الأخذ في الحسبان حصيلة هذه الموارد، يصدر قبل نهاية كل عام ويطبق في مطلع العام الذي يلي تاريخ صدوره، شرط ألا تتجاوز نسب تعويض التفرغ الإضافي النسب الآتية: 100% لأعضاء الهيئة التدريسية، و50% لأعضاء الهيئة الفنية، و25% للمعيدين.
حتى إن هذه المادة رقم (7) أصابت أيضاً كل الزيادات اللاحقة على الراتب فبقيت التعويضات الممنوحة لأعضاء الهيئة التدريسية ثابتة على ما كانت عليه قبل تاريخ (22-6-2013) وحتى اليوم، وسيستمر هذا الأمر مع كل زيادة للراتب في المستقبل، إن لم يتم تعديل هذه المادة وستصبح عندئذ التعويضات الممنوحة لعضو الهئية التدريسية مهملة لا قيمة لها، فمع كل زيادة مستقبلية للرواتب والأجور ستتضاءل نسبة هذه التعويضات الممنوحة لعضو الهيئة التدريسية حتى تصبح شبه مهملة في النهاية ويصبح راتب عضو الهيئة التدريسية كراتب موظف فئة أولى من دون تعويضات.
لمعالجة هذا الأمر غير العادل أقترح العمل على إصدار مرسوم لإلغاء هذه المادة رقم (7) من المرسوم التشريعي لزيادة الرواتب والأجور رقم 38 لعام 2013 خاصة أن ظروف إصدارها زمن الحرب قد ولت إن شاء الله، أو إصدار مرسوم يؤكد المادة 6 من قانون التفرغ العلمي.
وكانت وزارة التعليم العالي قد خلقت شرخاً بين راتب الأستاذ الجامعي والطالب الموفد داخلياً من حيث تبني توصيات لجنة البعثات العلمية التي وافق عليها مجلس التعليم العالي وتبناها، لكونها تشجع الإيفاد الداخلي للموفد بغية تمكينه من التفرغ للدراسة والحصول على الشهادة المطلوبة في المدة المطلوبة، فأصبح وفقاً للدراسة ما يتقاضاه الطالب الموفد داخلياً ضعفي راتبه المقطوع ويضاف إليه بدل السكن وبدل المعيشة أيضاً، ليصبح مجموع صافي ما يتقاضاه الطالب المعيد الموفد داخلياً أكثر من مجموع صافي ما يتقاضاه الأستاذ الجامعي عند بدء تعيينه (متضمناً تعويضي التفرغ) حتى ولو كانت الدرجة الوظيفية للمدرس الجامعي أعلى من الدرجة الوظيفية للطالب المعيد. وذلك ناتج عن المفارقات الآتية:
– الطالب الموفد يأخذ ضعفي راتبه المقطوع محسوباً على أساس راتبه المقطوع الحالي، أما أستاذه فيتقاضى تعويض التفرغ محسوباً على أساس راتبه المقطوع القديم قبل صدور مرسوم زيادة الرواتب لعام 2013.
– الطالب الموفد داخلياً يتقاضى تعويض سكن أما أستاذه فلا يتقاضى مثل هذا التعويض.
– الطالب الموفد يعطى تعويض شراء حاسب، أما أستاذه فلا يمكنه ربما شراء حاسب.
وهنا طالب الأساتذة بمساواتهم بطلابهم المعيدين الموفدين من خلال حساب تعويضي التفرغ على أساس الراتب المقطوع الحالي النافذ بتاريخ أداء العمل تمكيناً لهم من التفرغ للتعليم العالي والبحث العلمي.
وبما أن رؤساء الجامعات هم الأقرب لزملائهم من حيث التواصل والشعور بمعاناتهم كان لابد لنا من التوجه لجامعات دمشق وحلب وطرطوس كأنموذج عن ذلك عبر الحوارات الآتية التي أجمع فيها كل من الدكاترة قباقيبي وأفيوني والدالي على أهمية دراسة واقع راتب الأستاذ الجامعي.
إرادة قوية لإعادة النظر
أكد د. ماهر قباقيبي- رئيس جامعة دمشق أن هناك إرادة من عدة جهات معنية لإعادة النظر في راتب الأستاذ الجامعي من خلال إجراء بعض التعديلات الخاصة بالتعويضات، وأن تكون على أساس الراتب الحالي، وخاصة ما يتعلق بتعويض التفرغ، لأن الأستاذ الجامعي يجب أن يعامل معاملة خاصة بسبب الظروف المحيطة به على أكثر من صعيد، ومتطلبات المعيشة له ولأسرته.
القانون (86)
من جهته، أوضح د. مصطفى أفيوني- رئيس جامعة حلب أنه توجد دراسة في وزارة التعليم العالي من خلال مجلس التعليم العالي لإعادة النظر في بعض التعويضات، ومطلبنا أن تكون هذه التعديلات على أساس الراتب الحالي.
وأي زيادة يجب أن تكون على أساس الراتب الحالي، وليس راتب التعيين، وعندها سيتحسن الوضع المادي للأستاذ الجامعي، وهناك دراسة واضحة في إطار القانون (86) لإعادة النظر في التفرغ الجامعي، وأجرة ساعات المراقبة والإشراف لرسائل الماجستير والدكتوراه، وقد يساهم ذلك في تحسين دخل عضو الهيئة التدريسية.
يضيف د. أفيوني: يجب أن نسعى جميعاً لتحسين الدخل بشكل عام، وأعضاء الهيئة التدريسية لهم وضع خاص، وأرى في الأفق ما يشير لتحسين الدخل بشكل عام، ولاسيما أعضاء الهيئة التعليمية بشكل عام، ولاسيما هناك فرقاً شاسعاً بين رواتب الأساتذة في الجامعات الحكومية وفي الجامعات الخاصة، كما أن المئة الثانية لطبيعة التفرغ تأتي من الموارد الذاتية للجامعات، وفي حال تحسنت هذه الموارد يمكن أن تعدل هذه أيضاً لتصبح أكثر من النسبة المئوية الحالية.
الموضوع شائك
بدوره د. عصام الدالي- رئيس جامعة طرطوس رأى أن موضوع الرواتب شائك لأنه لا يتوقف على شريحة الأساتذة الجامعيين، لأنهم جزء من المجتمع، ولابد من تحسين رواتب الجميع في الإطار العام، فهناك من يقول: إن الأستاذ الجامعي يحصل مع التفرغ على راتب يعادل تقريباً مئة ألف ليرة، وحتى هذا الراتب لا يفي بالغرض قياساً لظروفهم التي تحكم عملهم في إطار التدريس فقط، وإذا قارناها برواتب آخر مسابقة أجريناها في جامعة طرطوس منذ أيام لـ(472) وظيفة لا يتعدى الراتب فيها 18 ألف ليرة سنجد أن المشكلة عامة، ولا تمثل شريحة من دون غيرها.
أضاف الدالي: يوجد مشروع لتعديل المرسوم (86) على صعيد الحوافز والتدريب والمشاركة في الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه والبحوث العلمية لأعضاء الهيئة التدريسية، وآمل أن ينجز في أسرع وقت.
وعن إمكانية تغطية نفقات تحسين الرواتب من الموارد الذاتية لوزارة التعليم العالي بين د. الدالي أن تعويض التفرغ الثاني يأتي من الموارد الذاتية للجامعات، لكن هناك جامعات غيبت على مدار سنوات بفعل الإرهاب الذي تعرض له الوطن سنوات عدة عن العمل، ولم يدخل صناديقها قرش واحد كجامعة الفرات منذ 7 سنوات، وأيضاً جامعات حلب والبعث، بينما تعد جامعتا طرطوس وحماة جديدتين ومواردهما قليلة، إذ لا توجد لدينا دراسات عليا، ولا تعليم مفتوح ومواز، والدفعات الأولى لبعض التخصصات في جامعة طرطوس لم يتم تخريجها بعد لأنها جديدة، مضيفاً: لقد جئت إلى جامعة طرطوس، ولم يكن لديها أي برنامج تعليم مفتوح، والآن أصبح لدينا ثلاثة برامج وبأعداد صغيرة، فلا توجد عندنا، مثل جامعة تشرين، تلك الأعداد من طلبة التعليم المفتوح التي تصل لـ(50) ألف طالب، وفي جامعة دمشق لـ(70) ألف طالب، لنصل إلى حقيقة أن الجامعات التي لديها الأموال هي دمشق وتشرين فقط، أما الجامعات الأخرى فلديها عجز كامل وربما مع مرحلة التعافي يمكن أن «تتنشط» وتؤمن العديد من الموارد الذاتية مستقبلاً.
لملمة الجراح
الدكتورة صديقة طرابيه- رئيسة مكتب التعليم العالي في نقابة المعلمين قالت:
لم تقصر سورية كدولة في لملمة الجرح الاقتصادي كما جرح الحرب، والمعلمون بشكل عام في وزارتي التربية والتعليم العالي كانوا خلف القوات المسلحة، من خلال مساهمتهم في إعادة تأهيل المدارس والثبات في الجامعات وعدم مغادرتها برغم التحديات المتعددة التي تعرضوا لها، وراتب المعلم لا يكفي كما كل مواطن سوري، ما يفرض علينا التساؤل ما الحل؟
وزارتا التربية والتعليم العالي تعملان في هذا الاتجاه لإيجاد الحلول حسب القدرات والإمكانات المتوافرة، ونحن -نقابة المعلمين- نقف إلى جانب مطالب زملائنا وإداراتنا الجامعية، ولذلك علينا العمل بجدية والبحث عن الفرص التي تكون رديفة لتحسين راتب المعلم بشكل عام، خاصة أنه تحمل ظروف التهجير القسري والاستشهاد، وهناك من قام بإعطاء مابين 7-8 مقررات إلى جانب عمله الإداري، وإحدى الزميلات- كما علمت خلال مؤتمرات النقابة- كانت تعطي 8 مقررات داخل الكلية وخارجها، وبعضهم كان يتوجه لجامعة الفرات لتغطية النقص الحاصل في الكوادر التدريسية هناك.
تضيف د. طرابيه: الأستاذ الذي وقف في الحرب وضحى بأغلى ما يملك وتحمل وزرها علينا أن نحسن مكافأته، وليكن أحد أشكال التقدير عدّ كل ما يزيد على نصابه التدريسي مأجوراً، بالرغم من أن القانون لم يشرع ذلك(سواء في الكلية أو الجامعة) لكن التشريع والقانون هما من صنع الإنسان، وليسا منزلين أي هما قابلان للتغيير والتعديل، وليكن ذلك تقديراً للزملاء الذين التصقوا بالأرض وبالجامعة ولم يتركوها وتحملوا وزر الحرب في أحلك الأوقات.
هناك عمل جاد حالياً باتجاه تعديل المرسوم (86) سيعود بالنفع على كل أعضاء الهيئة التدريسية، ولا ننسى المعلمين من غير أعضاء الهيئة التدريسية (الإداري والمخبري والقائم بالأعمال ومدير الأعمال) ولابد من تعديل قانون تنظيم الجامعات، وأن تكون هناك حصة من الموارد الذاتية للجامعات توزع بطريقة أو بأخرى وبنسبة معينة على العاملين الإداريين، لأنهم عينوا وفقاً لقانون العاملين الأساسي في الدولة، وتالياً لا يخضعون لقانون تنظيم الجامعات والتفرغ العلمي ولا يستفيدون من ذلك.
في اعتقادي اذا ما تم تعديل المرسوم (86) سيعود بالفائدة على كل العاملين في قطاع التعليم العالي، وسيؤدي لزيادة أجور ساعات المراقبة والتدقيق، وبذلك تسعى وزارة التعليم العالي لخلق فرص إضافية لتأمين عوائد مادية للأستاذ الجامعي.
ولم تقصر وزارة التربية في هذا الإطار، ففي أعوام سابقة حسنت الحصة الدرسية الإضافية من حيث التعويضات، مع أن الراتب بقي ضعيفاً جداً.
وتتساءل د. طرابيه: لماذا لا أخلق حالة مشابهة لقانون التفرغ الجامعي العلمي في الجامعات السورية ضمن وزارة التربية للحد من ظاهرة الدروس الخصوصية، وليكن هناك قانون للتفرغ في وزارة التربية، من يريد التفرغ الكامل للتدريس ضمن الوزارة أعطيه نسبة ولتكن 50% على راتبه ويمنع من القيام بإعطاء الدروس الخصوصية، وهذه قد تحقق مداخيل إضافية مفيدة للكوادر التعليمية في الوزارة، لكن ذلك يتطلب موارد ذاتية آمل أن نسعى لتحقيقها في المستقبل.
من بين المقترحات التي تقدمنا بها كنقابة للمعلمين لتعديل قانون تنظيم الجامعات رقم (6) لعام 2006 تعديل المادة 111 التي نصت على أن يحال أعضاء الهيئة التدريسية على التقاعد بقرار من الوزير وفقاً لما يلي: أ- الأستاذ عند إتمامه 70 والأستاذ المساعد 65 والمدرس 60 ويجوز إبقاء الأساتذة والأساتذة المساعدين والمدرسين الذين يبلغون سن التقاعد خلال السنة الدراسية تسعة شهور ولا تحسب هذه المدة من المعاش.
ب- يجوز بقرار من الوزير بناء على اقتراح معلل من الجامعة المختصة وبموافقة مجلس التعليم العالي تعيين عضو الهيئة التدريسية بعد إتمام الـ 70 بتعويض إجمالي يوازي الفرق بين راتبه والمعاش التقاعدي مضافة إليه التعويضات القانونية التي كان يتقاضاها قبل إحالته على التقاعد، ويكون تعيينه مدة سنة قابلة للتجديد كلما اقتضت الحاجة ( فقط للأستاذ الجامعي).
نقابة المعلمين طرحت من خلال دراسة رفعتها لمجلس الوزراء ومجلس التعليم العالي ركزت فيها على تعديل تلك المادة، وخاصة تجاه المدرس الذي لايزال قادراً على العطاء، ويستطيع ممارسة العملية التدريسية ويمارس البحث العلمي والتدريس على نحو يتم الدمج بين الأستاذ المساعد والمدرس وتصبح إحالتهما على التقاعد في عمر 65.
وعلى صعيد مديري الأعمال بالنسبة لأعضاء الهيئة الفنية فلماذا لا أعطيه الفرصة مادامت لديه المقدرة على العطاء وأمدد له حتى سن 65 وهو الذي يقدم الأبحاث العلمية عند كل ترفع وأقلهما اثنان محكمان ولماذا لا أماثله في الترفيع كما هو الحال عند الترفيع من مدرس إلى أستاذ، ومن المؤسف أن سقف راتب القائم بالأعمال سيكون أقل من سقف الفئة الأولى.
وبصراحة، قانون تنظيم الجامعات مجحف وعمل تفرقة بين عضو الهيئة التدريسية وعضو الهيئة الفنية، فعضو الهيئة الفنية أعاقبه مادياً إذا لم يترفع علمياً، وإذا ترفع علمياً أسقف راتبه على رقم صغير، وعند سن الستين أقول له الله معك، أما عضو الهيئة التدريسية فيعاقب بعمره في حال عدم ترفعه العلمي، وإذا ترفع علمياً يستمر في العمل حتى سن 65 وهنا أتمنى أن يطبق المعيار ذاته في هذا الإطار وليكن واحداً بين أعضاء الهيئة التدريسية والفنية.
وترجو د. طرابيه من الدارسين لتعديل قانون تنظيم الجامعات- ومع الأسف الشديد لم أدع كرئيسة مكتب التعليم العالي في نقابة المعلمين لمثل هذه الاجتماعات- أن يحكموا ضميرهم في هذه القضية الإنسانية لعضو الهيئة الفنية، بالابتعاد عن لقمة عيشه بفتح سقف راتبه ليماثل الفئة الأولى لأن بعضاً منهم يتقاعد وراتبه يوازي الفئة الثانية أو الثالثة وهذا غير مقبول، والمطلوب العمل على حالة تطويرية لتجاوز هذا الواقع.
تشرين