المُعلبات عوضاً عن الأسماك المستوردة.. ومكافحة التهريب تطول المهرَّب منها.. 50% من الأسماك في الأسواق الشعبيـة لا تحقق المواصفة

المُعلبات عوضاً عن الأسماك المستوردة.. ومكافحة التهريب تطول المهرَّب منها.. 50% من الأسماك في الأسواق الشعبيـة لا تحقق المواصفة

أخبار سورية

الاثنين، ١٥ أبريل ٢٠١٩

كما يُرمى الصابون والشامبو والمحارم على البسطات وبين أرجل المارة، وغبار الصيف ودخان الشتاء، كذلك حال بسطات الأسماك المثلجة خاصة. ولأن الفقر حافظ على زبائن لكل أنواع السلع، يجد هذا النوع من الأسماك مجهولة المصدر زبائنه، رغم كل علامات الاستفهام حوله، إذ إن هذا النوع يجعل أصحاب الجيوب الخاوية يأكلون السمك، ومن دون البحث عن مواصفاته.
في حملة مكافحة التهريب التي تقودها الحكومة منذ أشهر تراجعت هذه الظاهرة لأن الأسماك المجمدة المهربة تصادر كما بقية المهربات التي تصادرها الجمارك، ولكن هذا يجعل حصة الأسواق المحلية المنخفضة أصلاً من السمك، أكثر تراجعاً وخاصة أنها متزامنة مع قرار منع استيراد الأسماك، بقصد الحفاظ على القطع، كما يذكر مدير الهيئة العامة للثروة السمكية د. عبد اللطيف علي. ماذا عن الأسماك التي تنتج من أنهار ملوثة في دول كالأرجنتين وفييتنام، وتسوق في دول عربية ومنها سورية؟ وما هو المتاح من هذه المادة؟
 
صاحب مسمكة في دمشق يعمل ببيع السمك منذ 20 عاماً أكد أن 50% من الأسماك المتوافرة في أسواق السمك لا تتمتع بمواصفات جيدة، بسبب طريقة تخزينها، ويشبهها بالحلويات المكشوفة.
وعن الأسماك المهربة التي تدخل من دول أجنبية يؤكد أبو علاء أنها الآن غير موجودة وهذا ما لاحظناه خلال جولاتنا في بعض الأسواق التي كانت تبيع هذا النوع من الأسماك، وأكد بعض الباعة أن هذه الأسماك تدخل الأسواق عن طريق البحر ومن لبنان، وأن هناك تجاراً مختصين باستيراد هذه الأنواع المجمدة وتطرح في الأسواق من دون خضوعها للمراقبة، وأن حال هذا النوع من الأسماك كحال الموز وغيره من المواد المهربة.
أضاف صاحب المسمكة: إن الأسماك التي تأتي من الدول العربية يتم صعقها على البواخر ومن ثم تثليجها، وبعدها تصدر إلى سورية، ويشير أبو علاء إلى أن منتجات بعض المسامك الخاصة أكثر سوءاً من أنواع مهربة بسبب الأعلاف التي تقدم للأسماك، والتي هي بقايا أحشاء الدواجن، وأن زبائنه بالآلاف لأنهم يؤمنون حاجة الفقير والغني، وأن الطلب محدود على السمك لأن استهلاكه محدود، إذ إن أغلب العائلات تطلب «أكلة السمك» كل ستة أشهر مثلاً، بسبب الوضع المادي المتردي للناس.
وأن سعر كيلو السمك يتراوح بين 1000 ليرة وقد يصل إلى 14 ألف ليرة لبعض الأنواع كاللقس، وأكد أنه يتعامل مع الأسماك المنتجة محلياً، وعندما يطلب زبائنه الأنواع المجمدة المهربة يشتريها من المولات، لأنها متاحة هناك!
ودعا صاحب المسمكة الجهات المعنية إلى مراقبة أسواق السمك الشعبية وخاصة في باب سريجة، لأنها أنواع سيئة ويشتريها الكثير من الناس من دون معرفة مواصفاتها.
بينما أكد صياد آخر أن هناك أسماكاً تعبر الحدود التركية إلى الشواطئ السورية «القجاج» ويتم صيدها، وفي رأيه أن المشكلة الأساسية في سوق السمك هي في طريقة حفظه وعرضه، وأن هذا الأمر لا يقتصر على الأسماك بل الحال ذاتها ينطبق على الفروج، ويدعو الجهات الرقابية إلى متابعة واقع الفروج وكل الصناعات التي تعتمد عليه «كالشاورما» مثلاً، ولإثبات ذلك يتساءل عن مواصفات الفروج الذي يباع بسعر أقل من تكلفته؟
في حين يقول صاحب مسمكة آخر: إن اللبنانيين من بين زبائنه الذين يتسوقون السمك من سورية، لأن البحر السوري يتميز بنظافته، قياساً بالمساحات البحرية في بلد شقيق مجاور الذي تلوثه نفايات مولدات الكهرباء ومخلفاتها التي ترمى في البحر، وأن البحر في سورية وفرنسا يصنف ضمن البحار الأكثر نظافة.
ليست كبيرة
رئيس جمعية اللحامين في دمشق أدمون القطيش يؤكد أن ظاهرة التهريب ليست بالحجم الذي يتم الحديث عنه، وأن الكثير من الأنواع المهربة الموجودة في الأسواق يباع في الكثير من الدول المجاورة والأوروبية، وأن مصدر الأسماك الموجودة في السوق المحلية من الأردن ولبنان وتركيا، وأن هناك كميات لا يستهان بها تصل بشكل طازج من تركيا عن طريق البحر.
أضاف القطيش إن هناك الكثير من الأسماك المهربة التي يتم تقديمها في الفنادق الكبيرة مثل «الهامور» الذي يقدم على شكل شرحات، وهنالك أنواع أقل جودة تباع على البسطات كالسمك المقطوع الرأس.
معاملة المواد المهربة
مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية- علي الخطيب يرى أن إنتاج هذا العام من الأسماك المحلية جيد، وأن الأسماك المهربة تعامل معاملة المواد المهربة كلها ضمن حملة مكافحة التهريب، وأن الكميات التي تتم مصادرتها تتلف، وعن مصدر الأسماك أكد أنه يتنوع بين الأردن والأرجنتين ولبنان.
أضاف الخطيب: لا تتوافر أرقام بشأن كميات الأسماك المصادرة، لكن تم خلال شهري الأول والثاني من العام الجاري تسجيل 545 ضبطاً أغلبها لمواد غذائية من بينها الأسماك واللحوم أيضاً.
وقال الخطيب: إن صحة المواطن خط أحمر، وهذا من ضمن أسباب الحملة على مكافحة المواد المهربة، التي تتم متابعتها من قبل دوريات حماية المستهلك، وأن عدد الضبوط خلال مدة الحملة المستمرة منذ ثلاثة أشهر تراجع إلى أقل من 15- 20 ضبطاً بعدما كانت تصل إلى خمسين ضبطاً أسبوعياً، وأنه يتم التعامل بشكل رادع مع الجهات التي تضبط عندها مواد مهربة حتى لو لم تتجاوز القطعة أو القطعتين فيتم إغلاق المحل إغلاقاً إدارياً من شهر إلى ثلاثة أشهر تبعاً للكميات المصادرة عنده.
ويرى الخطيب أن حملة التهريب لم تتسبب في ارتفاع أسعار الأسماك، لأن الإنتاج المحلي لهذا العام كان وفيراً، وأن الصحة أولوية عند الوزارة أكثر من السعر، إذ ما فائدة الحصول على سعر كيلو سمك منخفض، إذا كانت نوعيته رديئة ويجب عدم استهلاكه؟
وفي إجابة مقتضبة أكد مدير التجارة الداخلية لمدينة دمشق عدي الشبلي أنه وصلهم تعميم من وزارة التجارة الداخلية لمتابعة موضوع الأسماك المهربة، وأن هذا ما يفعلونه.
قديم جديد
في حين أكدت مديرة المخابر في وزارة التجارة الداخلية لينا عبد العزيز أن موضوع الأسماك المجمدة موضوع قديم جديد، يكثر الحديث عنه بين الفينة والأخرى، وأن الأسماك المجمدة المهربة تتم مصادرتها، ومن ثم إتلافها من دون حاجة لتحليلها، وأن المسموح استيراده هو ما يأتي من الدول العربية.
وعن وجود هذا النوع من الأسماك ذات المنشأ الأرجنتيني والفييتنامي غير الصالحة للاستهلاك، لأنها تعيش على مستنقعات النفايات في بلدانهم، قالت: إن هذا النوع من الأسماك كاد ينقرض تقريباً، لأنها تموت.
وأكدت أن ما يتم تحليله من عينات السمك في المخابر هو «المعادن الثقيلة، والأثر المتبقي من المبيدات»، وأن كل النتائج الموجودة لديهم من العينات التي يتم تحليلها تشير إلى أن هذه النسب تأتي ضمن المستوى المقبول.
وتمنت عبد العزيز على المواطنين عدم شراء أي نوع من الأسماك مجهولة المصدر مهما انخفض سعرها خاصة شرائح الفيليه، حيث تغيب عنها العلامات التي يمكن بمشاهدتها معرفة مدى جودة السمك وحالته، «كالعيون والخياشم».
الاستيراد متوقف
مدير الهيئة العامة للثروة السمكية د. عبد الطيف علي، يؤكد أن استيراد الأسماك بكل أشكاله متوقف حالياً من الجهات المعنية، باستثناء المعلبات، وأن الأسماك المجمدة عندما تدخل القطر تخضع للقرارات الخاصة بهذا الشأن، ويتم تحديد الشروط الصحية التي تبين أنها سليمة وصالحة للاستهلاك البشري، ويتم إجراء الاختبارات التي تثبت جودتها للتأكد من خلوها من كل المسببات المرضية والمعادن الثقيلة، وأنه يتم الكشف الحسي عليها أولاً، وبعد ذلك يتم أخذ عينات إلى المخابر المختصة للتأكد من سلامتها، ويتم رفضها في حال وجود أي عامل لا يتطابق مع المواصفات الموضوعة لهذه الغاية.
وأضاف د. علي أنه تم تحديد المراكب المرخص لها الصيد في المياه البحرية لمختلف الوسائل بنحو 1850 مركباً كما تنص تعليمات القانون الناظم لعملها.
وعن المخالفات التي تحصل في الصيد المحلي أكد د. علي أن عدد المخالفات التي سجلت بحق صيادين خلال العام الماضي بلغ 7 ضبوط فقط لصيادين مخالفين للشروط، وتمت مصادرة 14 شبكة مد مختلفة الطول، إضافة لتنظيم 6 ضبوط لعدم الالتزام بالطرق السليمة لبيع الأسماك وعرضها، كما تتم مراقبة عمليات الصيد في المياه البحرية وفق القوانين الناظمة لعمليات الصيد والقرارات والتعليمات الأخرى الناظمة للصيد البحري الصادرة عن وزارة الزراعة لمنع المخالفات.
وعن استخدام بعض المسامك مخلفات المسالخ علفاً أكد د. علي أنه لا يجوز استخدام هذه المخلفات، إلا بعد معالجتها في معامل خاصة، ومن ثم إخضاعها للتحاليل والفحوصات في مخابر معتمدة، ويؤكد أن العلف النباتي لا يكفي وحده في حالات الزراعة المكثفة للأسماك، وتجب إضافة نسبة من البروتين الحيواني في الخلطة العلفية للحصول على نتائج أفضل.
الأقل عربياً وعالمياً
أضاف د. علي أن إنتاج سورية من الأسماك لم يتجاوز 5537 طناً، خلال العام الماضي وهذه الكميات تقتصر على إنتاج المناطق الآمنة التي يمكن الوصول إليها ومعرفة كميات إنتاجها، في حين كان إنتاج سورية من الأسماك قبل الحرب يصل إلى 17800 طن سمك، ولكن مع هذا كان استهلاك الفرد السوري من السمك الأقل، إذ إنه لا يتجاوز 1كغ في السنة، في حين يصل المعدل العربي إلى 8 كغ، والعالمي إلى 18 كغ!
عن كيفية تغطية بعض من النقص قال د. علي إنه في السابق كانت تتم تغطية جزء من النقص في الأسماك عن طريق الاستيراد، وبعد توقفه خلال الأعوام الأخيرة، بسبب ظروف الحرب، وبقصد المحافظة على القطع أصبح الاعتماد على المعلبات فقط (سردين، تونا).
خطة لزيادة الإنتاج
وحالياً تعمل الهيئة على زيادة الإنتاجية من الأسماك عن طريق استزراع المسطحات المائية، لزيادة مخزونها، وتأمين مادة سمكية للمجتمع المحلي، وتزويد المربين بالإصبعيات، وتبني مشروع مزارع الأسماك الأسرية، عن طريق تقديم الزريعة السمكية للمزارعين الذين يمتلكون مزارع صغيرة أو أحواضاً لسقاية المزروعات، أو أحواضاً في حديقة المنزل، وقد تم تقديم 2500 إصبع من إصبعيات الكارب كمنحة من الهيئة لتسعة مزارعين في ريف جبلة مع تنفيذ يوم حقلي لمتابعة نتائج تلك المزارع، وقد أثبتت التجربة نجاحها منذ بدايتها عام 2018 وحتى الآن، وتبين أنه تمكن زيادة حصة الفرد من الأسماك باعتماد هذه الطريقة، وسيتم التوسع بهذا المشروع ضمن أربع محافظات هي حمص، حماة، اللاذقية، طرطوس بعدد يصل إلى 400 مزرعة لكل محافظة.
وعن الطريقة الأفضل لتغطية حاجة السوق من السمك، يرى د. علي أن أفضل طريقة هي في زيادة إنتاج القطر من الأسماك، وهذا ما تعمل عليه الهيئة العامة للثروة السمكية، وأن هناك لجنة في كل محافظة خاصة بمراقبة الأسواق ممثلة لكل الجهات المعنية (تموين، شرطة، الصحة الحيوانية، البلديات) بما فيها الهيئة العامة للثروة السمكية مهمتها الكشف على الأسماك، والتأكد من سلامتها صحياً، وأنه عند وجود أسماك غير صالحة تتم مصادرتها وإتلافها، وتنظيم الضبوط بحق المخالفين.
أما أنواع الأسماك التي يتم صيدها محلياً من المياه البحرية فهي (سكمبري، سردين، بلميدا، عصيفر، قجاج، غبس، غريبة، البوري، سلطان إبراهيم، فريدة، سرغوس، مرلان، شترب، القشريات بأنواعها).
أما من المياه العذبة فهي: الكارب، المشط بأنواعه، السللور.