«داعش» و«غزوة» تدمر: فصل المحافظات السورية.. وتأمين خطوط إمداده

«داعش» و«غزوة» تدمر: فصل المحافظات السورية.. وتأمين خطوط إمداده

أخبار سورية

الخميس، ٢١ مايو ٢٠١٥

أسئلة كثيرة تُطرح مع تجدد هجوم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» على مدينة تدمر، وسط اشتباكات عنيفة تدور في قلب البادية السورية، حيث يسعى تكفيريو أبي بكر البغدادي إلى السيطرة على مناطق جديدة.
واستطاع عناصر «داعش» السيطرة على غالبية مدينة تدمر، فيما ذكر التلفزيون السوري أن القوات السورية انسحبت من المدينة بعد تأمين خروج غالبية المواطنين منها.
وكان إعلاميون مقربون من التنظيم بثوا صوراً تظهر انتشار التكفيريين في بعض الشوارع وعند مقر أمن الدولة ووسط الساحة العامة، في إطار ما أسموه «غزوة» تدمر، وسط قصف متبادل واشتباكات عنيفة تدور في أحياء من تدمر.
وكان «داعش» قد سيطر على مدينة السخنة المجاورة لتدمر، وكذلك على حقلي الهيل والأرك وقرية العامرية. ولعل الهجوم الأخير يعني أن «تدموتو» (الاسم القديم لتدمر) قد أصبحت في مقدمة أهداف التنظيم مهما كان الثمن الذي سيتكبده، سواء بالأرواح أو العتاد، بل ويمكن ربطها بالتطورات في جبال القلمون الشرقي التي تعتبر بوابة ريف دمشق باتجاه البادية، والتي طالما كانت محطة التحرك الأولى بالنسبة إلى كثير من المجموعات المسلحة، وهو ما يفسر استشراس «الدولة الإسلامية» في الهجوم على المدينة بحكم موقعها الاستراتيجي، ناهيك عن الثقل الأثري.
وفضلاً عن محاولات «داعش» فصل المحافظات السورية، عبر السيطرة على نقطة استراتيجية، تشكل عقدة في المفهوم العسكري، يبدو أن لـ«غزوة» تدمر أبعاداً أكثر خطورة في استراتيجية التنظيم المتشدد، سواء لجهة تأمين خطوط الإمداد بين بعض المناطق التي يسيطر عليها في ريف حمص الشرقي، على غرار القريتين ومهين وأطراف جبال الحسياء، وبين معاقله في الرقة، بين منطقة الحدود السورية ـ العراقية وريف حمص من جهة، وبين البادية والحدود الاردنية، التي قد تشكل إذا تمكن التنظيم المتشدد من بسط سيطرته عليها بالكامل منطلقاً لهجمات باتجاه جنوب شرق دمشق، وتحديداً مطار الضمير، وشمال شرق السويداء، على الطريق الذي يربط المحافظات الجنوبية بالعاصمة دمشق، وتحديداً مطاري خلخلة والثعلة.
ويوضح الخبير العسكري والاستراتيجي حسن حسن لـ «السفير» أن مدينة تدمر تمثل عقدة الربط بين المنطقة الوسطى وباقي المناطق حتى الحدود العراقية شرقاً والأردنية جنوباً، وحتى الشمال.
وأضاف «هناك نقطة إضافية تتمثل بقرب تدمر من حقول النفط والغاز، مثل الشاعر والهيل والأرك وغيرها، وهي من الأهمية بحيث يعول التنظيم على سيطرته على مصادر الطاقة مع إمكانية تسويق المنتجات النفطية عبر تركيا، فالنفط لا يهرّب هناك بأنابيب من السماء بل عبر طرق تصل إلى الأراضي التركية».
ويرى الخبير العسكري أن السيطرة على تدمر تعني قطع طرق التواصل بين المحافظات في الجنوب والشمال والشرق، ما يعني تقليص قدرة الجيش السوري على المناورة والتحرك، حيث إن سيطرة الجيش في المقابل ستعني رصد محاور التحرك التي يتبعها داعش، كما حصل مؤخراً باستهداف رتل لثمانين عربة.
وقال حسن «لا أستبعد إقامتهم مراكز تجميع للمقاتلين والأسلحة والعتاد في البادية، فهجومهم الماضي كان يسعى للوصول إلى حمص، وأمام الإخفاق المدوّي تم الزج بإمكانيات أكبر بهدف خلط الأوراق، وإظهار أنه لا يزال لدى المشغل الإقليمي بعض الأوراق لتحريكها». وتوقع استمرار التصعيد حتى 30 حزيران المقبل، مع استغلال كل رصاصة وقطعة سلاح تم شراؤها حتى النهاية.
واعتبر المحلل العسكري علي مقصود، في حديث إلى «السفير»، أن «ما حدث في تدمر كان هدفه لفت الأنظار بعد معركة الجيش وحزب الله في جبال القلمون الغربي»، مضيفاً ان «الهدف كان إشغال الجيش وفتح معركة في القلمون الشرقي ومنه للبادية، وهذا يعكس الانكسارات التي أصابتهم بعد كسر وطحن العظام في معارك القلمون».
إدلب..
وفي التطورات الميدانية شمالاً، فقد عزز الجيش السوري مواقعه في محيط مدينة أريحا وبلدتي نحليا وكفر نجد في ريف إدلب بعد الانسحاب من معسكر المسطومة أمس الأول. ويعتبر محللون أن ما حدث في البلدة الإدلبية لم يكن إلا تعزيزاً لخطوط الإمداد، إذ يشير العميد علي مقصود إلى أن هجوم «جيش الفتح» على المسطومة كان يهدف إلى تأخير هجوم الجيش على جسر الشغور بعد بسط سيطرة الأخير على الكفير وتل خطاب وغيرها من النقاط العسكرية.