بدهيّات للمعارضات

بدهيّات للمعارضات

افتتاحية الأزمنة

السبت، ٢٣ أبريل ٢٠١٦

نتجه بها إليهم، علّهم يستفيقون من غفلاتهم، وينهضون مما هم فيه، لا يمكن لنا أن نتمنى عليهم، إنما نرسل إليهم إشارات طبعاً، نخاطب سوريَّتهم التي يتحدثون عنها، فهل يمتلكون قيمة ما يمتلكون، وعندما نقول: طبيعيٌّ إنَّ منْ ينفقْ يشرفْ ويدر ويمنح ويقدم ويؤخر ويرفع ويخفض، حتى إن الأنثى إن أنتجت وأنجبت وأنفقت، قادت وأمسكت بزمام أمرها وأمر أسرتها وعملها، هكذا هي فلسفة الحياة والمنطق العام والخاص والديني والسياسي والاجتماعي، فلا استغراب لحظة أن نبني الأسئلة، ونتحدث عن الوجود الطبيعي لثقافة التعارض والاختلاف، ولنا في عالم الشمال عبرة، ونبحث عما يجري في عالم الجنوب، وبشكل خاص في بلداننا العربية التي حصرت كل معارضاتها في وطن اسمه سورية، من يديرها وما أهدافها؟ أين كانت؟ كيف خرجت من جحور الغرب ومن تحت عباءات الخليج والعثمانيين الجدد؟ من يمولها؟ من يشغلها؟ ما الغايات الخفية والعلنية من تجميعها وتقديمها إلى الواجهات؟
أسئلة نطرحها برسم الشعب السوري أينما وجد، ونتابع من أراد تدمير الدولة الوطنية السورية؟ ومن يسعى إلى تفكيك هذه الدولة وإضعاف جيشها وأمنها وفرط عقد وجودها وتقسيمها إلى دويلات وإمارات وإلى كانتونات؟ من يسعى إلى الفدرلة؟ هل هناك من عاقل يؤيد مقولة إن الدولة تقوم بذلك، ومن خلال تأمل بسيط، يرى جميعنا أن الدولة تدفع لأبنائها رواتبهم طوال خمس سنوات ونيف، طبعاً وقبل ذلك وبعده من دون منَّةٍ، لأن العلاقة الجامعة تقع بين مسؤوليات الوطن والمواطن والوطنية، وهذا ما نطلق عليه الدولة الوطنية التي تدير شؤون البلاد داخل الحدود وفي المحافل الدولية، وتحافظ على أمن المؤمنين الحقيقيين والواقعيين من أبنائها حتى الخارجين عنها، تقدم لهم العون لحظة أن يعودوا إلى حافتها وإلى الوطن، هي تدفع لوفد جنيف بكرامة لأنهم أبناؤها والمدافعون السياسيون والفكريون عنها والمنفذون لتوجهات الحفاظ عليها، دولة أسست منظومة الدفاع عن وجودها في كل المحافل المحلية والعربية والدولية، وعن حقوقها وحقوق مواطنيها أينما وجدوا من أجل ماذا؟ الغاية واحدة تكمن في الحفاظ على السيادة الوطنية، وسيادة كل مواطن على أرضه وبيته، والحفاظ على عرضه وشرفه العلمي والعملي والأخلاقي، وأن تبقى كلمة السوري الوطني هي العليا، أجل لقد قامت الدولة الوطنية السورية في الدفاع عن وجودها الوطني أمام هجمات الرعاع والهمجية اللا أخلاقية القادمة من أولئك القابعين في أحضان الغرب والمدفوع لهم سلفاً.
هلّا تساءلنا عن الكيفية التي يتنقلون ويقيمون بها، ومن يدفعهم للتحدث على دولتهم، وماذا يراد منهم، وماذا يريدون مباشرة من فعل كل ذلك، نجيب معاً: إن الذي يدفع لهم يشكل التآمر، لو أن أولئك المعارضين والمعترضين على كل شيء، كانت غايتهم وطنية لما قبلوا أن يدفع لهم، ولكانوا أوجدوا الحلول السريعة من خلال الحوار وغاية الجميع الحفاظ على أبناء شعبهم، وعلى دولتهم، ولما قبلوا التسلح من الآخر، البدهية تتحدث عن أن من يخن وطنه يكن مباشرة في خانة العداوة، وأن طبيعة قيامة الدول المنطقية والواقعية تتحدث أن أي جيش هو جيش وطن وحصرية السلاح بيده وحده؛ أي بيد الدولة، ومن يخرج على الدولة يخرج عن الشعب، وعن الوطن، وعن القوانين والأعراف الوطنية والدولية، هلَّا تعلَّمتْ ما يدعى أو ما يطلق على الذين خرجوا عن الدولة (معارضات)، إنهم لم يمتلكوا يوماً مفهوم المعارضة المنطقية العاقلة التي تقبل الحوار، وتؤمن به، وأن وطناً مشيداً بسواعد أبنائه ومفكريه ومثقفيه وساسته واقتصادييه، لا ينبغي أبداً هدمه أو هدم أي بناء فيه، مهما كان نوعه، وأن إنسانه هو أغلى من أي شيء معروف أو غير معرف، هل نحن السوريين كذلك؟
كيف بمعارضات تنشئ خلايا إرهابية وتدعمها وتسعى من شتى الجهات لدعمها، وتشغلها على أرض وطنها، وهي في الوقت ذاته مشغلة ضد من، ضد شعبها ووطنها ودولتها، كيف بها تتشدق بأفعالها؟ وغايتها اغتصاب الدولة، حتى وإن أتت على ظهور دبابات أمريكية أو صهيو أوروبية، كيف للوطنيين قبول ذلك؟ نحن نقول إن الوطن كان ومازال ويبقى للمواطنين الذين يؤمنون بعلمه وراياته الخفاقة في ساحات الوطن وجميع المحافل الدولية، كيف بنا لا نستنهض الشعور الوطني في أولئك الخارجين عن الوطن؟ نعم نحن نريد أن نستنهضهم، وعلينا فعل ذلك، إلا أذا كانوا باعوا ذلك الشعور الفتَّان والخلاب، واشتروا مكانه العمالة والخيانة والتبعية، السوريون أسياد الأرض، هكذا علمتهم جغرافيتهم ودوَّنها الكفاح من أجل السيادة وصولاً إلى الشهادة من أجلها.
هل يدركون معنى البدهية والبداهة وسرعة التقاط الإشارات والتحليل السريع من خلال الوعي، وإن غاب استحضار فائض الوعي والتنبه والنباهة حول ما أريد لهذا الوطن ولمواطنيه وحجم الخسائر المادية والمعنوية التي تسببت بها هذه المعارضات، لمصلحة من ما جرى ويجري؟ أليس كل هذا قدم ويقدم الخدمات الجليلة وعلى أطباق من ذهب وفضة لأعداء الوطن والهادفين لزعزعة أركانه؟
ألا تتفكر تلك المعارضات ما تفعل، ومن أجل ماذا؟ لأجل لعبة الكراسي التي تغري الضعفاء وبسطاء الفكر الذين يدفع بهم إلى أتون التعارض، بعد أن يتم تحديدهم، وتحديد مستويات آفاقهم بدقة.
د. نبيل طعمة