انهيار العالم

انهيار العالم

افتتاحية الأزمنة

الثلاثاء، ٢٧ سبتمبر ٢٠١٦

كيف سيحدث؟ متى.. أين.. هل بدأ؟ أم إنه سيكون في لحظة خاطفة؟ وهل حدث سابقاً بعد أن كان العالم قد وصل إلى قمة التكنولوجيا العلمية والروحية؟ فسطا الأول على الثاني، وكانت نهايته محتومةً، بعد أن أفرغ الإنسان من الإيمان، وملأت الشهوة عقله بكل شيء، ليحدث التدمير الذاتي نتاج فراغ روحي هائل، أوصله إلى تدمير بنيانه، كما فعل نيرون بروما تماماً في مشهد مصغر عما سيحدث مستقبلاً، وكلما تقدمنا حضارياً نجد أننا نسير إلى حتمية تدمير وجودنا، وهذا منطقي حدوثه، بحكم أنه حدث في الماضي ضمن كل دورة حياتية، والتي تبلغ بين خمسة وسبعة الآلاف عام، نتاج إفراغ الأرض من محتوياتها المادية الهائلة؛ فوسفات، حديد، نحاس، فحم، مياه نقية، وانتشار واتساع العدد البشري الذي لابدَّ من حدوث الصراعات فيما بينه، على الماء والهواء والغذاء نتاج تكاثره، وخوفه الدائم من النهاية دليل عاقل على حدوثها، ما دعاه إلى طرح فكرة المليار الذهبي من البشر، فالتاريخ الذي نقل لنا ما جرى قبل آلاف السنين من طوفانات عاتية وزلازل هائلة، وحروب نووية مبيدة، واختفاء حضارات وظهور غيرها، لهو الدليل القاطع على حتمية حدوث القادم مع التقدم الهائل للتكنولوجيا الخدمية بوساطة الذرة وانشطاراتها، وبما أننا نسجل للتاريخ، فإننا نقول بإيمان: إن المنطق الذي يتمتع به التاريخ المخفي عن أعين البشرية، يحدثنا بقوة عن ضرورات حدوث التطابق التاريخي الذي يطلق عليه البعض أن التاريخ يعيد نفسه.
هل الخوض في غمار التاريخ محرم؟ أم إننا نحن من نوجد التحريم ونصيغه بطريقة خبيثة، ونعمل على تسويره، وكأنَّ به التابو، أو نصنعه ليتواءم مع فرضياتنا التي نتجه بها إلى حكم بعضنا، وتدمير سوادنا بين الفينة والأخرى، بعد أن أنجزنا طاقة العماء التي يمسك بها أولئك المتحكمون بالنظام الذي ندعوه عالمياً، يرمون بها لكيلا يرى العالم من رسم تلك الحقب السحيقة من تاريخنا، حيث نحاول تقليده، وفي الحقيقة نسترقه في غفلة من جهالتنا التي أدركت منا علومه الندرة، بعد أن استلبت كامل الحقائق التاريخية التي لم نستطع حتى اللحظة تحقيق إلا الجزء اليسير منها، والأنكى من كل ذلك أننا ننسبها إلى فكرنا وإبداعنا وذكائنا، ونقدر أننا نسير فيه، ولم نحقق بعد منه إلا نسبة لم تتجاوز أربعة عشر في المئة من الذكاء التاريخي الذي وصل إلى ذاك الإنسان الذي نفتكر أنه قديم، أو بدائي، أو همجي، نحن الذين صورناه على تلك الصورة، وإذا تفكرنا قليلاً، وتأملنا هذا الإنسان العمودي المتحرك أفقياً، كي يلتقي الآخر، ويكون معه، فهل التقاه عبر كامل هذه الحقب والدورات الحياتية التي أطلقنا عليها بدائية الإنسان والإنسان الهمجي الكهفي، وما هي إلا عمليات تضليل أريد منها مسح التاريخ النقي الصافي، لذاك الإنسان الخلاق الذي لولاه لما كان لنا هذا الحضور، ولما قدرنا على الاستمرار فيه استعداداً لتدميره، وهذا يتوافق كثيراًَ مع المنظومات الدينية التي تتحدث جميعها عن نهاية حتمية، فماذا يعني أن ينفخ في الصور، وتقوم القيامة، والحساب المنتظر على ما فعله الفكر البشري لهذا الكوكب الحي، وما احتواه من رعب، وأكد العقل البشري حدوث ذلك، ولم يبتعد عنه أبداً، لأنه مستمر في تطوير أدوات القتل والتدمير، وكنت قد تحدثت قبل عقد من الزمن أن فرص نهاية الحياة البشرية قادمة بقوة، فذوبان أحد القطبين يغمر الأرض بالمياه لعشرات الأمتار، والمخزون النووي كافٍ في لحظة من تطور الأنا لأن يكبس أحدهم الزرَّ، ويكون التدمير الهائل وفناء البشرية، إلا من بعض الناجين الذين يتحولون في الشكل إلى بدائيين أو همجيين بحكم الهروب والاختباء، وكل الدلائل التاريخية تشير إلى أن الدورة الحياتية السابقة وصلت إلى قمة التكنولوجيا البشرية، وآثارها موجودة في معابد الكرنك في الأقصر، والأنكا والمايا والأزتيك، ولدى إنسان لوسي في إثيوبيا وجاوا الأندونيسية ونيدرتال الألمانية، هذا الإنسان الذي يعتبر المخلوق الوحيد القادر على النوم والاستلقاء على ظهره من أجل التأمل والتفكر فيما هو فوقه، ويحيط به، والدخول إلى جوهره، وصولاً إلى الكون ونشأته والعمل من أجل بنائه، ومن ثمَّ تدميره.
كان ذاك الإنسان ذكياً لحظة أن بدأت دورتنا الحياتية التي نحن فيها، وأشار إليها بسفر التكوين ولغة انحسار الماء والنبت من جديد وظهور الإنسان، وتوافقت معه الرؤى بفطر السماء عن الأرض بوساطة حبة الكمأة، وتعلق الإنسان روحياً بهذه النظريات، وبلوغه الوعي الروحي على حساب الوعي العلمي الذي تصارع معه، إلى أن بدأ يكشفه الآن، فلم يعد هناك ما يخبئه، ورفع الغطاء عن الأفكار التاريخية بات قريباً وقريباً جداً، وهنا أقصد مصادر العلم ومصادر الأديان، هل سيتوقف العابثون بأمن واستقرار العالم وكوكبنا الحيّ المهيب والرهيب عند هذا الحد؟ أم إن الطبع البشري ذاهب إلى إحداث ذلك، مع إيماننا بأن سقوطنا عنه آيل لا محالة؟
هل تعلمون أيها السادة أنَّ المخفي عنكم من العلم سيذهلكم، إذا تمَّ الإفصاح عن بعضٍ منه، وما أوردته في هذه المادة عبر لغتي التي شفَّرت بعضها، وسأكشف عنها لاحقاً، ابحثوا عميقاً فستصلون إلى فك الكثير من الرموز، وأستطيع أن أكشف لكم أنَّ الحضارة القديمة كان لديها طائرات وصواريخ وصحون طائرة وتكنولوجيا نووية هائلة وإنارة ذاتية وتقنيات الوصول إلى الكواكب الأخرى، فقد عثر تحت معابد الكرنك على طائرات مازالت فاعلة، وهي بعمر خمسة آلاف سنة، والتقنية التي تشغلها حتى اللحظة لم يصل إليها العلم، ونجد رسوماً لها على أعمدة وجدران المعابد، وإنَّ هناك مدناً تحت الأرض مازال بها أحياء تعمل بهممٍ عالية، وأيضاً في الكواكب الأخرى حيوات عظيمة وبشر مثلنا تماماً.
تفكروا في الحياة، وفي إعمارها، لا في تدمير الإنسان ومنتجه والمخلوقات المحيطة به، إنَّ العلم عظيم وقدراته أعظم، وما كلماتي إلا تحذير من القادم البشري الذي ينفلت بسرعة هائلة، ما سيؤدي إلى انهيار العالم من جديد، وتكون هناك ولادة جديدة.
د. نبيل طعمة