دمشق لا تسقط... بقلم د. نبيل طعمة

دمشق لا تسقط... بقلم د. نبيل طعمة

افتتاحية الأزمنة

الأربعاء، ١٨ يناير ٢٠١٧


للمدعين والمتحدثين والمشتغلين في حقول السياسة السلبية، الوحلة منها والآسنة ورمالها المتحركة، وإلى أولئك الذين عملوا على تدمير سورية أرضاً وشعباً وبنى تحتية، وإرادتهم إسقاط البنى الفوقية ورأسها القائد المدير والخبير المحنك في شؤونهم، حيث خيِّل لهم أنهم بأفعالهم هذه يستطيعون إسقاط دمشق، طبعاً غايتهم الرئيسة إسقاط سورية، وحتى أصدقاء سورية الذين قدموا الدعم النوعي والمهم، ونحن نعترف لهم بما قدموه، والأهمية البالغة لوقوفهم المعلن والخفي إلى جانبنا، حيث إن دعمهم عزَّز من صمودنا، وتطورت خبراتنا منه. نقول لأعدائنا: فشلت جميع مخططاتكم، ست سنوات جربتم كل فنون النذالة، بغاية الإسقاط، ولم تنجحوا، ولن تفلحوا، وها أنتم اليوم تجرون أذيالكم عائدين مع خيباتكم منكسرين، تطلبون الخلاص، حاولوا إصلاح أخطائكم. وللأصدقاء الذين تحدثوا سابقاً بأنهم لا يدعمون فرداً أو شخصاً؛ بل يدعمون دولةً وجيشاً، أليس هذا الشخص هو قائد هذه الدولة، وفي الوقت ذاته قائد للجيش والقوات المسلحة، انتهى ذلك منذ زمن ليس بالبعيد، لنجدهم  اليوم يتحدثون عن أننا كنا على حواف السقوط، وأنه كان محتماً خلال أسبوعين أو ثلاثة، لو لم يتدخلوا، نقول لهم: مشكور دعمكم، ومقدَّرٌ وقوفكم إلى جانبنا، نحن شعب لا ينكر الجميل، ويقدر المعروف، ويردّه في حينه، وهو مسجل في أدبياتنا، وهو من أهم بنود أخلاقنا، لكن دمشق ما كانت لتسقط، حتى وإن قاتلت وحدها، لأنها أسهمت في صناعة التاريخ، وقدمت للحضارات الكثير، وإسهامها الأكبر كان في نشر رسالتين إلهيتين حملتا الحب والسلام للعالم أجمع.
لا أقول هذا الكلام عن عبث، لأن من لا يعلم، عليه أن يعلم أنه لو حدث ذاك الذي يتحدثون عنه لكان سقط العالم، وعادت سماؤه إلى أرضه، لأن أعمدتها الحاملة لها منتصبة في دمشق، والقرار في سورية يحمل ميزات مهمة؛ أولاها كرامة الدولة الوطنية السورية. وثانيتها وهي الأهم إصرار أبنائها على الانتصار لها. وثالثتها قدراتها العسكرية التي لم تظهر رغم المعاناة والصبر المؤلم الذي تحملته وتحمله قائدها المؤمن على ما يجري معها، وعليها الذي استخدمته ومازالت تستخدمه ضمن الشدائد، وهنا وكمواطن عربي سوري أقول: إن سورية أرضاً وشعباً وقائداً، قدمت لأصدقائها بالتوازي، مثلما قدموا لها، قدمته بالسر والعلن أيضاً، وقدراتها التي مررت من دون تفصيل على ذكرها كافية في لحظة واحدة أن تعيد المنطقة برمتها إلى عهد النشأة الأولى، وبضغط بسيط من أنامل أبنائها على الأزرار الخفية، لكن حكمتها وحكمة رئيسها واستيعابها لمجريات الأمور والأحداث العاصفة، قد يبدو للآخر أنها أكبر مما يشاهدون، وفي حقيقة الأمر والواقع أن سورية أكبر بإرادتها من الوقائع التي ذهبت وحضرت بين عمليات الكرِّ والفرِّ، وتنوع المعارك وانتشارها على كامل جغرافيتها ضمن حرب لو مرت على غيرها لما أبقت فيها ولم تذر، وتحدث أعداؤها منذ اللحظة الأولى عن التغيير والرحيل وتكرار ذلك عبر سني الأزمة، لكن معظم المتحدثين عن ذلك سقطوا ورحلوا، وغدا سقوطهم وما تحدثوا به وراء ظهر سورية التي لا تلتفت إليه، وكذلك الذين دعموا حينما يتحدثون بلغة ( لو ) أنهم لم يقدموا الدعم، لكان السقوط أيضاً، نحن أبناء الحاضر والمستقبل نقول: إن ( لو ) أمست لغة بائدة، ولا وجود لها في قوانين السوريين.
نحن السوريين لم نمنن أحداً في تاريخنا القديم والحديث؛ بل كنا نعمل لنجدة من يدعونا بصمت، إلى أن يتحدث بذاته عما قمنا به، هكذا يفعل الأصدقاء الحقيقيون والواقعيون، أما إن كان ذلك ورقة ضغط أو وسيلة إخضاع، فنعتقد أنها بعيدة عن الواقع، وعن السوريين الوطنيين الذاهبين إلى أستانا وجنيف، وغايتهم العودة مع السوريين الذين خرجوا عن سوريتهم بالإغراء أو بالتغرير إلى وطنهم.
السوريون الذين يؤمنون بالحق، ويرفضون الباطل، يقاومون بكل ما أوتوا من قوةٍ قوى الشرِّ والبغي، فهم من امتلكوا فكر المقاومة الذي كرسوه ودعموه حقاً لا وهماً.  
لكل ما تقدم، وهو غيضٌ من فيض، نقولها بالفم الملآن: دمشق لا تسقط.. ولن تسقط.. والقادم من الأيام سيثبت صوابية كلامنا، وإنَّ غداً لناظره قريب.