الأمل بالمستقبل

الأمل بالمستقبل

افتتاحية الأزمنة

السبت، ١٣ ديسمبر ٢٠١٤

يدعونا كي نستعد دائماً وأنْ نعمل بجد وأنْ نؤمن مخلصين بما نسعى إليه، فمعظم الناس يبنون حياتهم على الآمال والأحلام ولا يصلونها من باب ضعفهم بجوهر الروح، فلماذا يجب أنْ يكون الأمل قوياً وممتلئاً بالحياة والنشاط؟ وعلى جميعنا الاستعداد للانتقال إليه، ففيه تكمن صحوتنا، ويتشكل حضور المنقذ لنا فيه، فالحاضر الذي تعايشنا معه بقسوة وضراوة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً ينبغي أنْ ينتهي وبسرعة، وكلما تأخرنا نجده يقضمنا، ما يؤدي لاحقاً إلى انقراضنا من الحاضر الذي لم يعرف الرحمة، أو كمرض لا شفاء منه ولم نجد له حتى اللحظة الدواء، لذلك أدعوكم للاتجاه إلى المستقبل، والنظر لا إلى كلّه بل إلى بعضه كي نقدر الوصول إليه، فمساحته هائلة ويمكن أيضاً أنْ تأخذنا متاهاته فيبدو لنا كالحاضر، وحينها نقول لو لم نذهب إليه، لنعلم أنّ الحقيقة التي نسعى لاكتشافها مسكونة فيه، ودونها لا مكان لنا إلا في الحاضر الذي يجسد النهاية، بالعمل الحثيث والمثابرة مع التطلع إلى الأمل نصله، دعونا نتعلم أكثر، نقرأ عنه أكثر، نفهم بعضنا أكثر، دعونا نتصالح منذ اللحظة كي نتقدم بقوة، إنّ هذا يخدم مصلحة الجميع حين التمتع بأفكاره، إذاً لنعترف أنّ الشعور الذي ينتابنا شعور أمل، ونسأل هل سيجانبنا الحظ؟ وهل نحتاج لتلاوة آيات القرآن ومزامير داوود وإنجيل يسوع التي تقنعنا إلى حدٍّ كبير بها، وبأنّها المُخلّصة لنا كلما اضطرنا الحاضر، والأدعية التي نعمل عليها من خلال السبحة والبسملة واللطيفية والتمسك بها، ربما، أو لعلها تساعد في الأخذ بيد بعضنا بغاية إحداث اللقاء والجلوس على مائدة الحوار من أجل مستقبل جميعنا، فإلى أين نسير؟ ونحن متفرقون وكل منا ضل الطريق، وغدونا متعاكسين متفرقين، لا موحدين، ولا متحدين، مشرذمين بين هنا وهناك، حيث لم يعد أحدنا يعلم شيئاً عن هنا، وكاد يهرب من تحت خطواتنا هناك بعد أنْ اختلطت المسارب وتاهت المواقع.
إنّه المشترك، أو الرابط لأضلاع مثلث القداسة، وضمن فلسفة تقاسيم الضلع الواحد، وسمة جوهر الثقافات الخلّاقة، يتم التطلع إليه من باب توقع حصول الأفضل، وزوال المحن وحلّ المشكلات العالقة، فإنْ لم نبرع ونسرع دون تسرع في الانتقال فمؤكد أنّه سيفنينا القتال والتصارع بعد التهالك والهلاك، لذلك أدعوكم كي نولّد الثقة ببعضنا من جديد، وإنْ  كان أحد ما يعتقد  بالحظ أو بضربة منه تخرجه بمفرده من المشهد الذي يراهن العالم فيه فهذا يجافي الحقيقة التي نحن عليها، ونبتعد فكرياً عما نبحث عنه، ألا وهو المستقبل، الذي يعني بدقة ما نترقبه من أحداث قادمة نصنعها أو تصنع لنا، أو نتفاجأ بصناعتها.
الروحانية منظومة إنسانية الإنسان توحّد جميعنا، الأديان صورها تفرقنا، الإيمان ببعضنا يأخذ بنا إلى الخلاص، الأمل بالمستقبل يشير إلى التمسك بالحياة، والانفتاح عليها لا يؤمن بثقافة الانحصار، بل يصرّ على الاعتقاد بأنّ حقه أنْ يحيا فيها لكنه ومن أجلها يحتاج إلى الاستزادة من منظومة المعرفة العلمية، والاجتهاد بالعمل، والالتزام به بعد امتلاك نواصي التخصص به، طبعاً ينبغي أولاً وأخيراً أنْ يكون لديك حلمٌ كبيرٌ يمتلك طموحاً واقعياً، الإصرار يأخذ بك إلى تحقيقه، ويوصلك مما تمتلك إلى أهدافك، لذلك تجد أنّ تحقيق الوصول إلى الأمام -أي إلى النجاح- يحتاج لمفتاح، هذا المفتاح تجده بالحب لما تريد أنْ تصل إليه، وبالفرح وأنْ تكون سعيداً فيما تسعى إليه، فلا يمكن لأي كان أنْ يصل الغد بالحزن أو الكآبة، أو بحمل الآلام ورميها عليه.
ويعلم جميعنا أنّ الحياة وهمٌ مريحٌ، لذلك وجب تفكيك الوهم، والنهاية واقع مجهول، وتحويل المجهول إلى معلوم منطق علمي، لذلك ينبغي علينا الذهاب إلى الحياة التي تحتاج إلى الثقة، وكلما عززناها أولاً بأنفسنا استطعنا التمتع بها، ما يدلنا على أنّ حيويتنا كبيرة، وقادرة للوصول بنا إلى مبتغانا، فلدينا أرضنا وأسرنا وهويتنا وجنسيتنا، وأهم من كل ذلك لدينا الأمل والإيمان بالروح الكلية الموزعة فيما بين جميعنا وطاقتنا الكامنة بها.
الذي نريد أنْ نصله بعد فهمنا لفلسفة الآجل، ماذا يخبئ لنا فيه؟ ما هي شروط الانتقال إليه، قيمة وقوة منافعه ومزاياه، ووعودنا المحتملة التي نأمل أنْ نحققها حين وصولنا إليه، الحياة دنيا دنيئة، عذابها أكبر بكثير من عذبها، والوصول إلى العذب منها يحتاج الجهد.
د.نبيل طعمة