محادثات «بريكست» تبدأ اليوم... وسط تحذيرات «محافظة» لماي

محادثات «بريكست» تبدأ اليوم... وسط تحذيرات «محافظة» لماي

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ١٩ يونيو ٢٠١٧

يتوجّه ممثل تيريزا ماي، اليوم، إلى بروكسل للبدء بمفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي. وفيما ترزح ماي تحت وطأة تشكيل حكومة جديدة، تواجه أيضاً تحذيرات وضغوطاً من حزبها

يبدأ الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة رسمياً، اليوم، مفاوضات الانفصال، على أن تُنجز هذه المهمة، الأولى من نوعها والبالغة التعقيد، في مهلة أقصاها 24 شهراً. وتُعقد هذه المفاوضات في وقت تواجه فيه رئيسة الحكومة البريطانية، تيريزا ماي، ضغوطاً قوية، نتيجة الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعت إليها، والتي أدت إلى خسارة حزبها ــ المحافظين ــ الأغلبية البرلمانية، ونتيجة حادث الحريق الذي شبّ في برج سكني في العاصمة لندن، مودياً بحياة 58 شخصاً.

ويستقبل كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بارنييه، الوزير البريطاني المكلّف عملية «بريكست» ديفيد ديفيس، اعتباراً من قبيل الظهر في مكاتب المفوضية الأوروبية في بروكسل. وكشفت المفوضية الأوروبية عن جدول أعمال اجتماع اليوم، موضحة أنه سيتم بحث تنظيم آلية التفاوض وستتركز المحادثات بصورة خاصة على ثلاثة ملفات منحتها الدول الـ 27 المتبقية في الاتحاد الأوروبي أولوية. وهذه المسائل الثلاث هي: مصير الأوروبيين المقيمين في المملكة المتحدة والبريطانيين المقيمين في الاتحاد الأوروبي بعد «بريكست»، ومستقبل الحدود الإيرلندية، وأخيراً «التسوية المالية» لتعهدات لندن تجاه الاتحاد. واشترطت الدول الـ 27 أن تتركز المباحثات أولاً على هذه المواضيع الثلاثة من أجل التحضير لـ«انسحاب مُنظم»، في حين كانت بريطانيا تطالب ببحث «علاقاتها المستقبلية» مع الاتحاد الأوروبي بشكل موازٍ منذ بدء المفاوضات. لكن يبدو أن لندن قبلت بالجدول الأوروبي، فقد قال دبلوماسي أوروبي كبير إن «قدومهم وموافقتهم على البحث في المواضيع التي حددناها يثبتان أن الصدامات تحت السيطرة».
في غضون ذلك، ذكرت صحيفة «صنداي تليغراف» نقلاً عن مصادر بارزة في حزب «المحافظين»، قولها إن ماي ستواجه تحدياً فورياً لزعامتها من قبل مشرعين متشككين في الاتحاد الأوروبي من داخل حزبها، وذلك إذا سعت إلى التساهل في خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبي. ونقلت الصحيفة عن وزير سابق قوله: «إذا رأينا إشارة قوية على تراجعها، فأعتقد أنها ستواجه صعوبات كبيرة». وأضاف: «المسألة هي أنها لم تعد شخصاً يتفق عليه الجميع. لقد أثارت حنق أعضاء الحزب في البرلمان لأسباب معروفة. لذلك أخشى أن أقول إنه لم تعد هناك نيات طيبة تجاهها».
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة «صنداي تايمز» أن وزراء من حكومة ماي لم يخفوا أنهم سيسعون إلى إطاحتها إذا تصوّروا أنها لن تتمكن من تمرير البرنامج التشريعي للحكومة في تصويت متوقع يوم 28 حزيران. وأضافت الصحيفة أن أعضاء الحزب الذين كانوا يعارضون الخروج من الاتحاد الأوروبي سيكون لديهم على الأرجح مرشح جاهز ليحل محل ماي، وربما تكون وزيرة الداخلية آمبر راد، الخيار المرجح.
مع ذلك، يأمل ميشال بارنييه إنجاز المرحلة الأولى من «بريكست»، «بين تشرين الأول وكانون الأول». وفي حال رأت الدول الـ 27 عندها أنه تمّ إحراز «تقدّم كافٍ»، فستقبل ببدء محادثات موازية حول مستقبل العلاقات مع لندن بعد «بريكست».

ستتركز المحادثات على 3 ملفات منحتها الدول الأوروبية أولوية

ومن بين الأولويات الأوروبية الثلاث، تبدو «التسوية المالية» الأكثر إشكالية. فبعد تقييم أولي غير رسمي للمبالغ المترتبة على بريطانيا قدره 60 مليار يورو، بات الأعضاء الـ 27 يتحدثون في ما بينهم عن فاتورة تصل إلى مئة مليار يورو. وتشمل هذه الفاتورة «المبالغ غير المسدّدة بعد»، التي يطالبون لندن بدفعها لتسوية الحسابات بين الطرفين، وهي الالتزامات التي تعهّدت بها لندن في سياق الميزانيات السنوية التي أقرّها الاتحاد الأوروبي، غير أنها لم تسددها بعد.
كما يطالب الاتحاد الأوروبي لندن بالوفاء بالتزاماتها في سياق البرمجة المالية لعدة سنوات والممتدة حتى عام 2020، بما يشمل «الصناديق الهيكلية» للمناطق والبلدان الأكثر فقراً في الاتحاد الأوروبي.
ويبقى مصير أكثر من ثلاثة ملايين مواطن أوروبي مقيمين في بريطانيا، وأكثر من مليون بريطاني مقيمين في الاتحاد الأوروبي، من النقاط الأكثر غموضاً في آلية «بريكست». وتطالب الدول الـ 27 بـ«الحفاظ» على حقوق المواطنين المكتسبة أو الجاري اكتسابها، مثلما تنص عليها التشريعات الأوروبية الحالية. ومن أبرز هذه الحقوق: حق الإقامة الدائمة للأشخاص الذين أقاموا بصفة شرعية لخمس سنوات في واحدة من دول الاتحاد، وتلك المرتبطة بحرية التنقل.
بموازاة ذلك، تريد الدول الـ 27 ضمان عدم قيام حدود «فعلية» مجدداً بين جمهورية إيرلندا التي ستبقى ضمن الاتحاد الأوروبي، وإيرلندا الشمالية. ويقضي الحلّ بمنح إيرلندا الشمالية «وضعاً خاصاً» مع الاتحاد الأوروبي بعد «بريكست». لكن الحزب «الوحدوي الديموقراطي» الإيرلندي الذي تجري رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي محادثات معه سعياً إلى تشكيل غالبية برلمانية، يعارض ذلك.