انتصارات الجرود.. آخر هزائم "14 آذار"؟

انتصارات الجرود.. آخر هزائم "14 آذار"؟

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ١٦ أغسطس ٢٠١٧

معركة جرود عرسال التي كانت مؤجَّلة من العام 2014، كما قال سماحة السيد حسن نصر الله، تمّت إدارتها بمنتهى العناية والدقة، كما قال نائبه الشيخ نعيم قاسم، ليس لطابعها العسكري وطبيعة العدو، بل لأن عرسال البلدة كانت لغاية أيار من العام 2016 بؤرة المماحكة المذهبية للجوار الشيعي، وأيضاً المسيحي، وقهراً للعرسالي السُّني الذي حزم أمره وحسم المعركة داخل البلدة في صناديق الاقتراع العام الماضي، وطيّر رئيس البلدية علي الحجيري المعروف بـ"أبو عجينة"، و"قصقص أجنحة" شقيقه "أبو طاقية"، وأعطى رئيس البلدية الجديد باسل الحجيري المثل في اللبنانية الصادقة، ووضع عرسال بتصرُّف الجيش اللبناني ودعاه إلى دخولها وفرض الأمن فيها، وبدأت هزيمة فلول "14 آذار" السياسية في قلب عرسال قبل أن تهزم في الجرود؛ بسقوط إرهابيين داخليين استخدمتهم خناجر في ظهر الوطن وخاصرة المقاومة، و"قمصان عثمان" لاستدرار دموع التماسيح على بلدة ليس لهم فيها ولا في الجوار أية مصلحة انتخابية سوى أنها آخر معقل "مذهبي سياسي" كان يتنافس على قطف ثمار وجود الإرهاب فيه كل جماعة "تيار المستقبل"، ومعهم "إسلاميو" عكار وطرابلس، إضافة إلى مسيحيي "14 الشهر" الذين كانوا يوهمون من بقي لهم في شارعهم أن حماية القاع ورأس بعلبك تتم عبر كلاشينكوف حمله النائب "القواتي" أنطوان زهرا ذات سهرة قضاها مع شباب القاع، الذين يحملون أصلاً أسلحة فردية زوّدتهم المقاومة بالكثير منها لحماية أنفسهم.
وإذا كان ترحيل 350 إرهابياً من "سرايا أهل الشام" بأسلحتهم الفردية، وفق شروط الدولتين اللبنانية والسورية، يُعتبر استكمالاً لترحيل إرهابيي "النصرة" ومن يناصرهم، فإن وجود هؤلاء في مخيم وادي الحميد كان الأخطر على الوضع اللبناني أكثر من سواه خلال معارك الجرود، لأنهم كانوا القنابل الموقوتة التي كانت ستفجّر الوضع داخل بلدة عرسال لتحقيق ما ترنو إليه "14 آذار"، وإشعال حرب مذهبية كانت ستُشعل لبنان، لولا حكمة الجيش وقدرته على ضبط تحركات إرهابيي وادي الحميد، ولولا حكمة وووطنية أبناء وفعاليات عرسال، وفي مقدمتهم رئيس بلديتها باسل الحجيري.
أما وأنّ معركة الجرود الأولى قد انتهت بهزيمة ماحقة لإرهابيي "النصرة"، ورحيلهم عن أرض تعتبرها "14 آذار" غير لبنانية أو متنازَع عليها مع سورية، ومعركة الجرود الثانية قد بدأها الجيش اللبناني فعلياً، والنصر فيها مؤكد على إرهابيي "داعش"، مع مراعاة وضع العسكريين الأسرى، الذي قد يؤخّر الحسم قليلاً إذا اقتضت الأمور مفاوضة "داعش" بعد تطويقها للكشف عن مصير العسكريين، الذين سيكون الكشف عن مصيرهم وإطلاق سراحهم المطلب اللبناني الأول في التفاوض من موقع القوة، فإن "14 آذار" أو من بقي منها تعيش في عالم آخر من الوهم لا بل الهلوسة، خصوصاً من خلال المؤتمر الصحفي للنائب "الإقليمي" عقاب صقر، أو وقائع وتصريحات قائد "القوات اللبنانية" سمير جعجع خلال زيارته مدينة زحلة.
لا موجب للتعليق على "مسرحية عقاب صقر" التي اعتبر فيها أن "نصر عرسال" مسرحية، بل التعليق على هذه "العلقة" التي حصلت بين صقر والرئيس ميقاتي، حيث إن كلاً منهما هدد بفتح ملفات بحجم مجلدات ونشرها على "حبال الغسيل"، رغم أنها حتماً غير نظيفة، لكننا نقول للنائب صقر: يا رايح عالحج والناس راجعة.
لا التغيير في الموقف الأميركي نتيجة انتصارات الجيش السوري في الجنوب وعلى الحدود مع الأردن، ولا هزيمة زبائن "الحليب والحفاضات" يعترف بها النائب صقر، ولا نصيحة عادل الجبير بأن الرئيس الأسد باقٍ، ولا التغييرات الدراماتيكية التي تحصل في السعودية على طريقة "مات الملك عاش الملك" والرؤوس التي تتطاير وسوف تتطاير ورأس عادل الجبير من ضمنها، ولا استقالة رياض حجاب من رئاسة وفد التفاوض باسم "المعارضات"، ولا إعلان "رئيس حكومة المعارضة السورية" أن الأموال قد شحّت ويمكن لأي "وزير" فيها أن يعمل تطوُّعياً، وكل هذه التطورات التي تكتب نهايات محور "الربيع العربي الأسود" وما زال عقاب صقر وسواه يكابرون عليها، ويرفضون تطبيع العلاقة مع الحكومة السورية، ويطالبون برحيل السفير السوري واستقدام من يمثّل المعارضة السورية لفتح مكتب في لبنان، وعقاب صقر لا يمون على متر واحد خارج ملجئه كأحد أزلام الرئيس الحريري، وأحد أبرز الرؤوس الطائرة من المجلس النيابي المقبل، لأن زحلة لن يطلع له من عنقودها حبة عنب، ولو كانت فاسدة.
ونبقى في زحلة، حيث تستوقفنا كلمة قائد "القوات" السيد سمير جعجع حين قال: "14 آذار انتهت تنظيمياً، لكنها باقية كمشروع"، ولا موجب للتساؤل عن هذا المشروع، مادام أساس "14 آذار" أنها تحالف انتخابي يحاول كل حزب فيها اليوم استخدامها كمظلة بالية للبقاء في الشارع الآخر، وحضور النائب المستقبلي الوزير جمال الجراح من دائرة البقاع الغربي راشيا إلى دائرة زحلة للترحيب بالسيد جعجع، ما هو سوى تغطية سُنّية حريرية في منطقة تاريخها عروبي على ناصري على سلفي على "حريري"، وشارعها الانتخابي السُّني يعتبر السيد جعجع حليف أمر واقع، ولعل الهزائم الإقليمية والداخلية السياسية التي تمزّق "14 آذار"، لن تبقي منها سوى شراذم تدخل المجلس النيابي تحت عنوان قديم جديد: "مشروع الدولة"؛ الدولة الفاسدة والمنهوبة والذليلة التي تشبه بقايا "14 آذار".

أمين أبو راشد