إيكونوميست: سياسة "أمريكا أولًا" تدفع الولايات المتحدة للخسارة

إيكونوميست: سياسة "أمريكا أولًا" تدفع الولايات المتحدة للخسارة

أخبار عربية ودولية

الأحد، ١٧ يونيو ٢٠١٨

بعد أن وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على اتفاق مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، في سنغافورة الأسبوع الماضي، تم سؤاله، لماذا ستحترم الدولة الآسيوية هذا الاتفاق على الرغم من نقضها لكل الاتفاقات النووية التي وقعتها في السابق، وكانت إجابة ترامب عندئذ أن الفارق هنا يكمن في شخصه هو، حيث قال: "بصراحة، لا أعتقد أنهم كانوا يثقوا في أي رئيس مثل الثقة التي يولونها إياي الآن، وكان هذا تذكيرًا بأن مبدأ الرئيس ترامب الوحيد في السياسة الخارجية، هو نسب الفضل لشخصه فقط.
 
وتقول مجلة الإيكونوميست البريطانية، إن "هذا يبدو واضحًا جليًا في سياسته تجاه كوريا الشمالية، فهو هنا يستخدم نفس طريقة رجل العقارات، فعندما أطلع باراك أوباما خليفته دونالد ترامب لأول مرة على الحالة الدبلوماسية لكوريا الشمالية، رأى أنها تمثل خطرًا قليلًا، ومن الممكن أن تكون فرصة لتحقيق فوز سهل، وكان تم تجميد المفاوضات منذ فترة طويلة بسبب مطالبات الولايات المتحدة بأن يتخلى نظام كيم جونج أون عن أسلحته النووية، ورفض النظام الكوري الشمالي القيام بذلك".
 
"جعل هذا أمام رئيس الولايات المتحدة فرصتين فقط لتحريك الأمور، إما أن يعد كيم جونج أون بعلاقات طبيعية أكثر، أو يهدده بشن حرب، ورأى أغلب المتابعين للأوضاع في كوريا الشمالية أن الحل الأول غير معقول، والثاني غير واقعي، ولكن ترامب كان له رأي آخر، حيث لم يهتم بمثل هذه الآراء، وحاول أن يجرب الشيئين، أحيانًا في نفس الوقت".
 
وتابعت المجلة أن "هذا التخطيط أسفر عن شيء ملحوظ بالنسبة للرئيس، حيث مكنه من تحقيق تقدم تاريخي في العلاقات بين الدولتين، مما أسعد مؤيديه وجعلهم يطالبون بمنحه جائزة نوبل للسلام، وفي حالة إن لم تؤدِ هذه الصفقة (بين الأمريكيين والكوريين الشماليين) إلى شيء ملحوظ، قال ترامب إن لديه خطة طوارئ.
 
وتقول المجلة عن هذا: "سوف يجد ترامب عذرًا لإبعاد اللوم عن نفسه"، فكل تحركاته السياسية الخارجية المزعجة تقريبًا، واتحاده مع حلفائه، وانسحابه من الاتفاقيات الدولية، وفرض التعريفات والتهديدات بالأسوأ على كل جبهة، يمكن النظر إلى كل هذا في المقام الأول على أنها حيل تكتيكية تهدف إلى تقوية صورته الشخصية كقائد حاسم، الإيفاء بوعوده السيئة في الحملة الانتخابية، وإثارة المشاعر الحزبية والقومية والكارهة للأجانب والتي يستمد قوته منها، ولكن يُعرف عن هذه الاستراتيجية دائمًا أنها ما يكون لها نتائج عكسية".
 
وأضافت المجلة أن "نتائج إزالة ارث أوباما - والتي يحاول ترامب الإطاحة به الآن - ستكون كارثية، بعد انسحاب ترامب من اتفاقية التجارة عبر المحيط الهادئ، واتفاقية باريس للمناخ، واتفاق إيران النووي، وقوبلت كل هذه الانسحابات بتصفيق من الجمهوريين المؤيدين لترامب، وسيكون من الصعب للغاية تحديد حجم النتائج التي ستتحملها الولايات المتحدة.، ولم يكن تحقيق مطالبات ترامب بتوفير الأمن والتجارة الجيدة أصعب من ذي قبل."
 
"يتردد زعماء العالم الغربي في مجادلة ترامب في قراراته أحيانًا بسبب ثقل أمريكا السياسي، وأحيانًا بسبب كونه ذو وجهة نظر، مثل مطالبته بزيادة الإنفاق الدفاعي لدول "الناتو" على سبيل المثال، وأثرت آداب العلاقات الدبلوماسية على أسلوب ترامب، حيث كان وقحًا للغاية لجاستن ترودو رئيس وزراء كندا بعد اجتماع مجموعة الدول السبع الأسبوع الماضي، ولكن كان الأمر الأكثر مدعاة لتوتر العلاقات الدبلوماسية هو رفضه التوقيع على بيان شينديج، وبهذه الطريقة استطاع ترامب إحداث تأثيرات سياسية كبيرة بتكلفة غير ملموسة أو متواضعة، ولكنه الآن سيكون أمامه فرصًا أقل في أن يصبح متسلطًا بتكلفة منخفضة أو إتمام صفقات جريئة مثلما فعل في الماضي".
 
لم يعد أمام ترامب، بحسب المجلة، أي إنجازات لإدارة أوباما ليلغيها، ولكن إذا استمر ترامب على هذا المنوال سيكون في خطته القادمة أن يغادر كلًا من الناتو، النافتا، والأمم المتحدة، والتي سيكون مغادرتها مدمرًا للولايات المتحدة بشكل كبير سواء سياسيًا أو من أي ناحية أخرى، فقرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، وفرض تعريفات جمركية على المعادن على كندا والأوروبيين، رفعا بالفعل تكلفة إساءة معاملة الحلفاء، حيث أجبرتهم على اتخاذ ردود فعل انتقامية وجعلهم أقل قابلية لدعم قرارات ترامب المستقبلية خاصة مع إيران.
 
يرجع سبب ذلك - عدم دعم حلفاء أمريكا لقرارات ترامب - جزئيًا، إلى أنهم يعرفون أن تجاهل الرئيس الأمريكي للفلسطينيين قد جعل "صفقة القرن" - التي من المفترض أن تكون تسوية لصراعاتهم مع إسرائيل - أمرًا مستبعدًا للغاية، وفي التجارة، يواجه ترامب مخاطر عالية أيضًا، حيث أقنع مؤيديه حتى الآن بأن سياسة الحماية الاقتصادية يمكن أن تكون مربحة ومرضية عاطفيًا أيضًا، ولكن النتائج السلبية نتيجة فرض رسوم على الواردات من السيارات الأجنبية والحرب التجارية مع الصين، جعلهم يفكرون مرة أخرى، واختصارًا - حسب المجلة - يبدو أن أن فرص ترامب في الفوز باستخدام سياسة "أمريكا أولًا" قد استنفدت.