الحريري: التحديات الاقتصادية القائمة تتطلب التوقف عن "هدر" الوقت

الحريري: التحديات الاقتصادية القائمة تتطلب التوقف عن "هدر" الوقت

أخبار عربية ودولية

الخميس، ١٢ يوليو ٢٠١٨

أكد رئيس الحكومة اللبنانية المكلّف سعد الحريري، أن التحديات القائمة في لبنان والمنطقة العربية عمومًا تتطلب حلولاً سريعة لتجنّب انعكاساتها السلبية،.
 
 وشدد الحريري على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة والمضي قدماً في الإصلاحات الاقتصادية، في وقت طمأن حاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة إلى أن العملة المحلية مستقرة، مقدّماً صورة مطمئنة نسبياً بشأن الوضع الاقتصادي في البلاد.
 
 وقال الحريري، في كلمة ألقاها خلال افتتاح المنتدى الاقتصادي العربي المنقعد في بيروت، إن "الكل يعلم بالمصاعب التي تمر بها المنطقة، والأزمات التي تواجه العديد من الدول العربية، لا سيما غياب الاستقرار الأمني والسياسي، وتداعيات النزاعات على أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن تلك التي ترتّبت على أزمة المهجرين من سورية، والتراجع الكبير في النشاط السياحي، والانعكاسات السلبية على النمو وجذب الاستثمار".
 
 وأضاف أن "هذه التحديات تطرح علينا مسؤولية التعاون على تطوير الأطر المشتركة في إعداد الحلول ورسم السياسات القادرة على تطوير الاقتصاد العربي وتفعيله".
 
 وأشار الحريري: "منطقتنا تحتاج إلى 27 مليون فرصة عمل جديدة خلال السنوات الخمسة المقبلة، والسؤال الأساسي يكمن في كيفية تحقيق ذلك".
 
 ورأى الحريري: "التحدي الأول الذي يواجه البلدان العربية يتمثل في رفع معدلات النمو، فيما يتمثل التحدّي الثاني في جعل النمو مستداماً ليشمل كل قطاعات المجتمع، وخصوصاً الشباب والنساء، فضلاً عن إطلاق حيوية لا غنى عنها في اقتصاديات الدول العربية".
 
 ولفت الحريري إلى أن "تنويع مصادر النمو لا ينطبق على الدول المصدرة للنفط فحسب، بل ينطبق على دول مثل لبنان والأردن ومصر، وغيرها من الدول العربية".
 
 واعتبر الحريري أن "النجاح في تنويع مصادر النمو يتطلب تغيير أساليب عملنا كحكومات ومؤسسات عامة، وتطوير تشريعاتنا واجراءاتنا الإدارية لتتلاءم مع شروط الاقتصاد الحديث، مع المحافظة على الاستقرار الماكرو-اقتصادي، ذلك أن أية زعزعة للاستقرار المالي والنقدي ستكون له تداعيات اقتصادية واجتماعية كبيرة".
 
 وأضاف: "في لبنان وضعنا خريطة طريق واضحة لرفع معدل النمو وتأمين مصادر استدامته، وقد عرضتها في مؤتمر سيدر"، الذي انعقد في باريس في نيسان/أبريل الماضي لدعم الاقتصاد اللبناني.
 
 وأوضح الحريري أن خريطة الطريق تقوم على أربعة محاور أساسية مكملة لبعضها البعض، وهي "برنامج استثمارات بقيمة 17 مليار دولار على مدار عشر سنوات في تحديث وتطوير البنية التحتية؛ المحافظة على الاستقرار المالي من خلال تصحيح مالي سنوي بنسبة واحد في المئة خلال خمس سنوات؛ إجراء الإصلاحات هيكلية لضمان الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد؛ وتطوير الإجراءات التي تحكم العلاقة بين القطاعين الخاص والعام، وتطوير القطاعات الإنتاجية سواء التقليدية أو الجديدة ورفع قدرة لبنان التصديرية".
 
 وتابع: "نحن مقتعون بانّ للقطاع الخاص دوراً وازناً وأساسياً في تنفيذ خريطة الطريق، ونعوّل على قدرات هذا القطاع الذي أثبت جدارته في تطوير العديد من القطاعات وتنفيذ  الكثير من المشاريع".
 
 وفي ما يتعلق بالوضع الاقتصادي في لبنان، أشار الحريري إلى أن "الكلام كثر في الفترة الأخيرة عن صعوبة ودقة الاوضاع الاقتصادية في لبنان". وأضاف "صحيح أننا نواجه تحديات عديدة بعضها تفاقم عبر السنين، وبعضها استجد بسبب التطورات الاخيرة في المنطقة، ولا سيما تداعيات النزوح السوري، فإنّ هذه تحديات يمكن ان تتفاقم اكثر اذا لم نحسن التعامل معها"، مشدداً على أن "الحل في ايدينا، ويتمثل في التوقف عن هدر الوقت، عبر الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة، والمضي قدماً في الإصلاحات المطلوبة مهما كانت صعبة".
 
 وختم نحن أمام خيار من اثنين: إما الاستلام أمام التحدّيات، وإما النهوض بلبنان لتحقيق الازدهار لكل اللبنانيين وهذا هو الخيار الذي اعمل عليه، وأملي في أن يتمكن المجتمع السياسي اللبناني من تجاوز السجالات ليدرك ان مصلحة لبنان والحياة الكريمة لمواطنيه يجب أن تتقدم على كل الاعتبارات".
 
 من جهته، قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إن "الأسواق الناشئة تعيش خضات متتالية أدّت إلى تراجع قيمة العملات في هذه الدول مقارنة بالدولار أو اليورو، وانخفاض قيمة اصدراتها من السندات"، مشيراً إلى ان "لبنان حافظ، في المقابل، على استقرار عملته تجاه الدولار"، مشدداً على أن "الليرة اللبنانية مستقرة وثابتة وهي مدعومة بموجودات مرتفعة من العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان والمصارف الخاصة".
 
 وأشار سلامة إلى "تحسّن أسعار اليوروبوند اللبناني وانخفاض كلفتها بشكل ملحوظ"، لافتاً إلى أن "كلفة التأمين على المخاطر اللبنانية أصبحت بحدود ستة في المئة وهي نسبة مطمئنة".
 
 وأضاف سلامة أنه "بحسب المؤشر الاقتصادي لمصرف لبنان فإنّ نسبة النمو الاقتصادي في لبنان خلال العام 2018 ستكون بحدود اثنين في المئة مع الأخذ في الاعتبار التراجع في القطاع العقاري".
 
 وفي هذا الإطار، أكد حاكم المصرف المركزي اللبناني إلى أن "التراجع في القطاع العقاري بدأ منذ العام 2011، وهو لا يرتبط بالتطورات الأخيرة التي طالت القروض السكنية"، في إشارة إلى القرار الأخيرة الصادر عن المؤسسة العامة للإسكان بوقف قبول طلبات قروض السكن.
 
 ولفت سلامة إلى أن "تراجع السيولة في المنطقة أدى إلى تراجع في الوضع العقاري في مجمل دولها، وليس لبنان فحسب".
 
وتوقع سلامة "نمواً سنوياً في الودائع المصرفية بنحو خمسة في المئة أخذاً في الحسبان أرقام الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي"، موضحاً أن "النمو المتوقع بالليرة اللبنانية سيكون بنسبة 8 في المئة، و بالدولار بنسبة 4 في المئة"، ومشيراً إلى أن "الدولرة في الودائع وصلت إلى 68 في المئة خلال العام 2017) ولا تزال على هذا المستوى".
 
وقال حاكم المصرف المركزي اللبناني إن "هناك تراجعاً في التسليف خلال 2018 بنحو 1.6 في المئة مقارنة بالعام 2017، ولكن تبقى القروض المشكوك في تحصيلها بنسبة 3.4 في المئة من المحفظة الائتمانية، وقد تصل إلى 4 في المئة، وهي نسبة مطمئنة".
 
 وشدد سلامة على أن أولويات الحكومة الجديدة يجب أن تتمثل في "تحقيق الاصلاح وتنفيذ توصيات مؤتمر سيدر".
 
 وأكد سلامة على ضرورة تخفيض العجز مقارنة بالناتج المحلي، وتعزيز حجم القطاع الخاص في القطاع المحلي، والحد من الحجم المتنامي للقطاع العام.
 
 وأشار سلامة إلى أن "مصرف لبنان يتبع سياسة محافظة منذ تشرين الثاني/نوفمبر العام 2017، ولن يغيرها طالما لم تتحقق إصلاحات بخفض العجز"، مشدداً على أن هذه "السياسات لمصلحة لبنان واستقراره والحفاظ على القدرة الشرائية لدى اللبنانيين".
 
 من جهته، قال رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، في كلمته أمام المنتدى، إنّ "ثمة حاجة إلى الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد مرن وناشط مع القطاع الخاص" في المنطقة العربية، لافتاً الى أن "لبنان ضرورة عربية ودولية، واستقراره وأمنه ونموه مسؤولية الجميع"
 
 وأضاف الغانم أن "الحديث عن التحول الاقتصادي والإصلاح يصبح أقرب إلى الخيال العلمي بغياب الاستقرار".
 
 ولفت الغانم إلى أن "السياسات التي تقوم بها الكويت تتجه نحو الانفتاح وإيجاد مناخ للاستثمار، وترافق هذه الجهود ديبلوماسية اقتصادية على أعلى المستويات".
 
 وذكر بأن نجاح لبنان في "سيدر" يحتّم عليه تنفيذ التزاماته الاقتصادية والمالية كما القيام بالإصلاح السياسي المعزز للتعايش والعدل والمرجعية الوطنية"، لافتاً إلى أن "المجتمع الدولي استجاب لحاجات لبنان استجابةً غير مسبوقة في مؤتمر سيدر، ما يؤكد بأن لبنان ضرورة عربية ودولية، وأن استقراره وأمنه ونموه أيضاً مسؤولية عربية ودولية".
 
 أما المدير الإقليمي لصندوق النقد الدولي جهاد ازعور فشدد على ضرورة "إعادة تصميم سياسة المالية العامة" في اقتصاديات الدول العربية، بالإضافة إلى إعادة بناء القواعد الضريبية.
 
 وقال ازعور أنه "مع التحولات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والعالم كله أصبحت الحاجة اكثر الحاحاً لإجراء إصلاحات جريئة ومستمرة تحقق طموح الجميع، وبالتالي فان التحولات في الداخل تشهد فرص عمل غير كافية".
 
 ولفت أزعور إلى أن "للنشاط الاقتصادي له أسباباً داخلية هيكلية وكذلك هناك تحديات خارجية تنعكس سلباً على المنطقة واقتصادها، وفوق كل ذلك فقد أدّت النزاعات الأمنية إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة وخيمت بظلالها على النمو الاقتصادي".
 
 وأشار إلى أنه "في ظل هذه المعطيات، علينا أن نخلق اكثر من 27 في المئة من فرص العمل للشباب والشابات الذي سيدخلون سوق العمل خلال السنوات المقبلة"، لافتا إلى "أننا دائماً على يقين بان الإصلاحات الداعمة للنمو الاقتصادي كفيلة بتحقيق مكاسب كبيرة".