اوباما مصرّ على استراتيجيته رغم تقدم "داعش"

اوباما مصرّ على استراتيجيته رغم تقدم "داعش"

أخبار عربية ودولية

السبت، ٢٣ مايو ٢٠١٥

فشلت استراتيجية الرئيس الاميركي باراك اوباما في منع سيطرة تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام"-"داعش" على مدينة الرمادي، ورغم ذلك يبدو متردّداً في تغيير مسار سياسته وإن كان "الجهاديون" يتقدّمون في أرض المعركة.
ويرى خبراء أن سقوط مدينة الرمادي بيد "داعش" فضح الحدود التي ترسم سياسة اوباما، ما كشف الانقسامات الطائفية داخل المجتمع العراقي التي يستغلها التنظيم المتطرف، على إصرار الرئيس الاميركي على تفادي احتلال عسكري آخر.
وبعد سقوط الرمادي بيد "داعش"، حاول اوباما الدفاع عن مقاربته مصراً على أن كل ما حصل ليس سوى "تراجعاً تكتيكياً".
وفي مقابلة مع مجلة "ذي اتلانتيك"، قال اوباما: "لا أعتقد أننا نخسر".
وبالنسبة للرئيس الأميركي فان السؤال لا يدور حول إمكانية إرسال قوات أميركية برية بل "كيف نجد حلفاء فاعلين" قادرين على هزم المتطرّفين في سوريا والعراق.
ولكن حتى داخل ادارته، ينظر إلى ما حصل في الرمادي على أنه يُضرّ القوات العراقية من جهة والتحالف العسكري الجوي الذي تقوده الولايات المتحدة منذ نهاية العام الماضي.
والأمر لا يقتصر على العراق. فبعد أيام على سقوط الرمادي، سيطر مقاتلو "داعش" على مدينة تدمر التاريخية في سوريا فضلاً عن معبر الوليد الاستراتيجي على الحدود العراقية والمعروف بمعبر التنف الاستراتيجي.
ويناقض هذا التقدّم الميداني ما تتحدّث عنه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) منذ أسابيع حول أن تنظيم "الدولة الاسلامية أصبح في موقع دفاعي".
ويبدو أن ذلك أجبر واشنطن على مراجعة سياستها.
وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى للصحافيين إنه مع استمرار تقدّم "داعش" على الرغم من أكثر من أربعة آلاف غارة جوية للتحالف العسكري خلال تسعة أشهر في سوريا والعراق، فان الإدارة الأميركية تُعيد النظر في استراتيجيتها.
وغداة السيطرة على الرمادي، أعلن مسؤولون أميركيون أن ألفي صاروخ مضادّ للمدرّعات من طراز "أي تي 4" في طريقها إلى العراق لمساعدة قواته على مواجهة السيارات المفخّخة.
وتأتي تلك الخطوة في إطار جهود لتعزيز تسليح القوات العراقية والعشائر السنية.
ورغم خطوات بهذا الشكل لدعم القتال ضد "داعش" لا يزال يُنظر إلى استراتيجية اوباما، داخل الولايات المتحدة وخارجها على أنها حذرة جداً.
ويواجه اوباما دعوات متصاعدة لإجراء تعديلات جذرية على الحملة العسكرية التي تعتمد أساساً على غارات أميركية لدعم القوات المحلية المجهّزة أميركياً أيضاً.
وحثّ بعض المشرّعين على زيادة كبيرة في عديد القوات الأميركية، على الأقل آلاف او أكثر، في حين دعا مسؤولون سابقون رفيعو المستوى إلى استراتيجية ديبلوماسية أكثر جرأة.
وعلى سبيل المثال، دعا السيناتور الجمهوري جون ماكين وغيره من الأصوات على يمين اوباما إلى نشر عدد أكبر من القوات الخاصّة أكثر وشنّ غارات شبيهة بعملية الأسبوع الماضي التي قتلت فيها قوات أميركية أحد قياديي تنظيم "داعش" في شرق سوريا.
وبحسب ماكين، فانه من الممكن نشر نخبة من القوات الخاصة في كافة أنحاء ساحات المعركة للمساعدة على تحديد أهداف الغارات الجوية ودعم القوات العراقية وملاحقة قادة الجهاديين.
وقال ماكين: "ما نحتاج إليه بشدّة هو استراتيجية شاملة، والتطبيق الصارم لزيادة محدودة للقوة العسكرية الأميركية فضلاً عن جهود مشتركة مع الحكومة العراقية لتجنيد وتدريب وتجهيز القوات".
وتحثّ الانتقادات واشنطن على اتباع استراتيجية ديبلوماسية أكثر صرامة لمنع "الجهاديين" من استغلال الانقسامات داخل التحالف العسكري.
ويقول خبراء إنه لا يُمكن للولايات المتحدة بعد اليوم تجاهل الحرب الأهلية في سوريا بل عليها أن تتّخذ خطوات جريئة بدعم المقاتلين "المعتدلين"، ما من شأنه اقناع الحكومات بالتدخّل أكثر في المعركة ضد تنظيم "داعش".
وفي هذا الصدد، قال الديبلوماسي السابق ريتشارد هاس إن "الفكرة الأساسية تكمن في أن تلك الاستراتيجية لا تعمل ولا يُمكنها أن تعمل".
وبحسب مدير معهد "مجلس العلاقات الدولية" هاس، فان التعامل مع العراق كدولة واحدة أمر "غير واقعي على اعتبار أنه مقسّم بين سنة وشيعة وأكراد". وبالنتيجة، وفق قوله، فانه على واشنطن فتح قناة عسكرية مباشرة مع القوى المحلية من دون المرور بالحكومة المركزية غير الفعالة في بغداد.
وقال هاس لمحطة "بلومبرغ" إن الوقت حان للاعتراف بانه لا يمكن توحيد العراق بعد الآن، "العراق القديم المتنوّع طائفياً قد انتهى".
اما انطوني كوردسمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية فاعتبر أنه حان الوقت لتسمح واشنطن لمستشاريها في العراق الذين لا يزالون بعيدين عن الجبهة، بالاقتراب من القوات المقاتلة.
ويجدر على هؤلاء المستشارين المساعدة في التمييز بين القادة العراقيين الجيدين والآخرين السيئين، فضلاً عن تسهيل نقل المعلومات الاستخبارية والمساعدة على كسر الحواجز الطائفية التي تُضعف القيادة العسكرية العراقية.
وبحسب قوله، فان "هذا قد يعني أن ولاية ادارة اوباما ستنتهي والحرب ستبقى مستمرة. ولكن حان الوقت أن يفهم الطاقم الرئاسي ان خسارة الحروب عبر الإهمال والجمود لا يُعتبر سجلاً تاريخياً جيداً".