روسيـا – تركيـا.. على أعتـاب حـرب شاملـة

روسيـا – تركيـا.. على أعتـاب حـرب شاملـة

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٣٠ نوفمبر ٢٠١٥

سوريــة.. المنطقــة العازلــة تحققــت

منذ اندلاع الأحداث في سورية والسلطان أردوغان يمني النفس بإقامة منطقة آمنة تتيح له ضم الشمال السوري إلى مشروع سلطنته الوهمية، لتقطنه الأقلية العرقية التركمانية النقية بعد تطهيرها من جنس الأكراد وسلالة العرب جميعا، لإيمانه أن الأخوة بين تركيا والتركمان تمتد من شمال اللاذقية إلى القوقاز، وفق ما أعلن صراحة بعد سقوط الطائرة الروسية (سو – 24)..

وهو الإعلان الذي فهم الرئيس بوتين خطورته على أمن بلاده، في إطار البعد القومي الذي تسعى أنقرة للعب على أوتاره على امتداد الجغرافية السياسية لمناطق تواجد التركمان، والتي تبدأ بانفصال منطقة الشمال السوري وانضمامها إلى تركيا كمرحلة أولى، في ما المرحلة الثانية تقتضي استنهاض ما يناهز 18 مليون تركماني روسي للمطالبة بالانفصال عن روسيا، وفق المشروع الأمريكي والأطلسي لتفتيت الاتحاد الروسي.

وبالنسبة للشمال السوري، ها هو القدر يستجيب لخليفة دواعش العصر فيحقق أمنيته الغالية، لكن في الاتجاه المعاكس، حيث عزل الرئيس بوتين تركيا بالكامل عن سورية، فحرق أوراق السلطان أردوغان بالكامل، ولم يترك له دورا يلعبه في الجغرافية السورية ولا مكانا يحجزه على طاولة المفاوضات السياسية، وفتح بذلك الطريق سالكا للجيش العربي السوري وحلفائه لتدمير أوكار “الذئاب الرمادية” التركية التي أعدمت الطيار الروسي قبل أن ينزل بمظلته على الأرض..

وكانت تقارير إعلامية متقاطعة أشارت نهاية الأسبوع، إلى أن إنقاذ الطيار الروسي الثاني كان بعملية بطولية قادها الجنرال قاسم سليماني شخصيا بكوماندوس من حزب الله والجيش العربي السوري خلف خطوط الإرهابيين، وأنقذوا أيضا طائرة هليكوبتر روسية بطاقمها تعرضت لإطلاق نار في المنطقة..

اليوم، لم يعد بمقدور الجيش التركي العربدة بغربانه الحديدة، لا فوق سورية فحسب، بل وفي مجاله الجوي الخاص على الحدود الجنوبية مخافة تعرضها لرد انتقامي مدمر من السلاح الروسي المرعب، أمام هذا والواقع المرير، لم يجد أردوغان من سبيل للتصعيد غير نشر دباباته على الشريط الحدودي قبالة الريف الشمالي للاذقية، واستهداف مواقع الجيش العربي السوري بالقذائف النارية من حين لآخر، ليثبت للمغفلين من حلفائه الأعراب أنه زعيم قوي لا يزال صاحب اليد الطولى في سورية، وأنه لا يخاف روسيا..

هذا، في ما الوقائع تؤكد أن نشر الجيش التركي لـ 10 آلاف جندي في المنطقة هو لغلق هذا المقطع من الحدود الممتد على طول 100 كلم بضغط من أوباما الذي حذره من مغبة التعرض لرد أوروبي قاس إذا تقاعست أنقرة عن ضبط حدودها ونجح الإرهابيون في تنفيذ هجمات جديدة على أوروبا، وهي الرسالة الجدية التي حملها الرئيس الفرنسي هولاند للرئيس أوباما أثناء لقائه به هذا الأسبوع في واشنطن.

ويأتي هذا التطور الدراماتيكي بعد أن دمرت الطائرات الروسية قوافل إمدادات أردوغان “الإنسانية” لـ”جبهة النصرة” و”أحرار الشام” بالسلاح من معبر باب الهوى وباب السلامة، منهية بذلك لعبة ضخ المقاتلين والسلاح إلى سورية عقب إنهاء سرقة النفط السوري وتصديره عبر الأراضي التركية بتدمير أكثر من 1.000 شاحنة صهريج تعود لنجله ‘بلال’ الذي كشفت وسائل إعلام روسية الجمعة، صورا فاضحة له إلى جانب قادة في تنظيم “داعش”، هذا في الوقت الذي لا يزال أردوغان يصر بوقاحة منقطعة النظير أنه لا يتاجر بالنفط مع “داعش” ولا يسلح الإرهابيين في سورية..

ولم يكد السلطان يواجه هذه المعضلة الخطيرة التي أثبت للعالم بالدليل الملموس أن أردوغان وأفراد من أسرته بمساعدة مخابراته هم من يمولون الإرهاب عبر تجارة النفط المنهوب، حتى انفجرت في وجهه فضيحة ثانية كشفت عنها صحيفة “جمهورييت” التركية حين نشرت مواد إعلامية تؤكد إرسال ذخائر لمسلحي “داعش” في سورية تحت ستار “المساعدات الإنسانية”، فلم يجد أردوغان من حل لها غير اعتقال الصحفي ورئيس تحرير الصحيفة المذكورة، في انتهاك صارخ لحرية التعبير التي يكفلها الدستور وينص عليها قانون الإعلام التركي، ما استحق عليه السلطان لقب الديكتاتور بامتياز.
خلفيــة التصعيــد الروســي..

مما سلف، يستفاد أن الخلفية الحقيقية للتصعيد الروسي ضد تركيا، وكما أكدنا في مقالة سابقة، هو إدراك الرئيس بوتين لأبعاد وخطورة المشروع الأمريكي – التركي الذي يهدف إلى ضرب الأمن القومي الروسي من خلال تدريب وإعداد آلاف المقاتلين الشيشانيين والقوقازيين والإيغوريين ومن آسيا الوسطى في شمال اللاذقية لاستنهاض القومية التركمانية في روسيا للمطالبة بانفصالها عن الوطن الأم، وهذا بالتحديد هو ما أغضب الرئيس الروسي وجعله يقتنع بفكرة الانخراط العسكري لمحاربة الإرهاب في سورية، على ضوء المعلومات الدقيقة التي قدمها له الجنرال قاسم سليماني خلال زيارته السرية الأولى لموسكو والتي احتجت عليها الإدارة الأمريكية بقوة، وكل الأطروحات التي تروج لمقولة أن “التدخل” العسكري الروسي في سورية جاء لحماية الرئيس الأسد من السقوط هي محض تضليل، وإن كان الأمن القومي السوري جزء لا يتجزأ من الأمن القومي الروسي كما أصبح واضحا.

وإسقاط الطائرة الروسية (سو – 24) في نفس المنطقة التي نتحدث عنها، كان بمثابة الصاعق المفجر لحقيقة الأزمة وطبيعة الصراع في بعده الجيوسياسي، الأمر الذي استوجب استحضار السلاح النوعي الروسي إلى المسرح السوري في رسالة تصعيدية تشمل تركيا والحلف الأطلسي معا..

حتى “إسرائيل” انتابها الرعب من حادثة إسقاط الطائرة الروسية (سو – 24) بعد أن أدركت أبعادها الخطيرة، فقال أحد كبار مسؤوليها العسكريين، أن جيش بلاده لن يتعرض للطائرات الروسية حتى لو خرقت مجال الكيان المحتل، وهو الأمر الذي علقت عليه الصحافة الصهيونية بالقول، إن خوفا حقيقيا ينتاب القيادة في تل أبيب من الدب الروسي الذي أصبح يتحكم في الفضاء السوري والتركي و”الإسرائيلي” بفضل منظومة (إس 400) القاتلة، وأنه يجب تجنب استفزاز بوتين عندما يكون غاضبا، لأن الرجل لا يتراجع أبدا ومفاجآته لا يمكن توقعها..

“إسرائيل” تعلم أن المستهدف بمنظومة (إس 400) ليس الطائرات فحسب، لأن مثل هذه المهمة تستطيع القيام بها بنجاح منظومة (إس 300) في نسختها البحرية انطلاقا من الطراد الروسي القابع قرب شاطئ اللاذقية، بل المستهدف هي الصواريخ الباليستية ومنظومة الدرع الأمريكية والأطلسية، وهي رسالة تتجاوز التهديد التركي أو “الإسرائيلي” لتطال التهديد الأطلسي في حال فكر الأخير في دعم مغامرات أردوغان الجنونية، وهناك حديث عن عزم موسكو فتح قاعدة عسكرية جديدة وسط سورية وتزويدها بمنظومة (إس 400) إضافية وصواريخ (إسكندر إم) الباليستية المدمرة، تحسبا لأي تطور دراماتيكي محتمل، ناهيك عن منظومة الحرب الإلكترونية التي لو تم تفعيلها لأصابت طائرات وصواريخ الحلف الأطلسي بالشلل التام..

وهو الأمر الذي علق عليه أحد القادة العسكريين الصهاينة بالقول، كنا نقيم الدنيا ولا نقعدها ضد تزويد إيران بمنظومة (إس 300) الروسية، فإذا بروسيا تزود سورية بمنظومة (إس 400) وأسلحة أخرى لا نعرف نجاعتها، ولا نملك أمام هذا التطور الخطير إلا الرجاء أن تسحبها موسكو حين يستقر الوضع في سورية..

والحقيقة، أن الموقف “الإسرائيلي” هذا، إنما يعبر عن قلق عميق بسبب ببروز الدور الروسي في المنطقة وانكفاء الدور الأمريكي، ولا تملك تل أبيب أمام هذا المتغير إلا الصمت في انتظار أن ينجلي غبار الحرب وتتضح الصورة.
لمـاذا قـرر بوتيـن التحالـف الإستراتيجـي مع إيـران؟..

ما لم يبرزه المحللون بشكل واضح وأثار جنون السلطان أردوغان، وقادة الكيان الصهيوني المجرم، وعصابة ‘آل سعود’ و’آل ثاني و’آل خليفة’ اليهود، وكل من يدور في فلكهم من المنافقين الأعراب، هو إقدام الرئيس الأرثودكسي المؤمن أبو علي بوتين بزيارة إمام المسلمين وقائد المجاهدين السيد علي الخامنئي في طهران، حيث جلس بين يديه جلسة “المريد إلى شيخه” بتعبير ‘جمال خاشقجي’، وقدم له نسخة من أقدم مصحف كريم كتب في روسيا، الأمر الذي فهم على أنه إشارة رمزية لها دلالة دينية بليغة مؤداها، أن مرجعية الإسلام القرآني السمح الجميل ومنارة الأخلاق المحمدية النبيلة توجد هنا في طهران، لا في أنقرة عاصمة النفاق التي تروج لـ”إسلام” أمريكي متوحش ومعولم، ولا في الرياض منبع التطرف والفكر التكفيري الذي أصاب بشروره العالم أجمع.

وقد عبر ‘جمال خاشقجي’ في مقالته الأخيرة في صحيفة الحياة بعنوان “خطر بوتين على السعودية”، عن هذه الحقيقة بالقول، أن هناك قلق حقيقي أصاب ‘السعودية’ عقب التصعيد الأخير مع تركيا، مرده الخوف من أن تتكرر حادثة الطائرة الروسية، موضحا: “نحن تقريباً في حال حرب مع الروس على رغم كل الزيارات والاجتماعات والابتسامات، وعاجلاً أم آجلاً ستتداخل السعودية وقطر وتركيا مع المعارضة السورية في نظر بوتين، فبعدما يفشل في هزيمتها (وفق ظنه)، سيبحث عن أحد يلومه، ولن يجد غيرنا”، كاشفا بذلك الدور الخبيث الذي تلعبه بلاده لحساب أمريكا بهدف إفشال روسية وفق ما يتوهم، متجاهلا أن أوباما الذي ورط أردوغان وتخلى عنه في محنته لن يدافع عن ‘آل سعود’ حين تحين ساعة الحقيقة، وسيكتفي من الروسي بضمان مصالحه، ما دام العالم كله يجمع اليوم على أن خطر الإرهاب مصدره النظام الوهابي القائم في مملكة الشر والظلام “السعودية”، وهذه هي قواعد اللعبة الجيوسياسية كما تقتضيها العقلانية بين الكبار.

لكن رب ضارة نافعة، فـ”السعودية” التي تعتقد واهمة أن تحالفها مع العثمانيين الجدد سيساعدها على تدمير سورية لتتربع على عرش المنطقة كزعيمة للعرب والمسلمين السنة، فاتها أن تقرأ التاريخ الحديث بالعمق المطلوب، وتأخذ من تصريحات السلطان أردوغان العبرة، وهو الذي دشن أولى خطواته عند وصوله إلى سدة الحكم في تركيا بالقول “مساجدنا ثُكننا، قبابنا خُوذاتنا، مآذننا حرابنا، والمصلون جنودنا، وهذا الجيش المقدس يحرس ديننا”، وهو القول الذي استذكره الرئيس بوتين لاتهام أردوغان بأنه يعمل على أسلمة الدولة التركية في اتجاه التشدد والغلو لإحياء مشروع إمبراطورية أجداده الأتراك المقبورين، وتقويض أسس الدولة العلمانية التي أسسها كمال أتاتورك.

ولو كانت “السعودية” فهمت عمق هذا الكلام، وأدركت بعد ذلك معنى قول أردوغان أن “الله لا يقبل الشريك، والدولة العثمانية لا تقبل الشريك، وعلى الجميع أن يعي ذلك جيداً”، لوصلت إلى نتيجة حاسمة مفادها، أن العالم العربي أصبح بالنسبة لتركيا هدفا مشروعا لإعادة بسط سلطة الخلافة انتقاما من العرب الذين أسقطوها مطلع القرن الماضي.. وأن “الأخونة” التي بدأت في تونس وانتقلت إلى مصر ويعمل على التمكين لها في ليبيا واليمن وفلسطين، برغم الانتكاسات التي منيت بها، لن تنتهي حدودها عند بلاد الشام، بل كانت ستطال “السعودية” نفسها وكل مشيخات الخليج، ليسود “الإسلام” العثماني المتطرف جغرافية العالم العربي، ويصبح المسلمون وحوشا في خدمة الإمبريالية الغربية يذبحون ويفجرون ويخربون في إيران وروسيا والصين..

وبدل أن يهاجم ‘آل سعود’ الأغبياء الرئيس بوتين لدخوله الحرب ضد الإرهاب في سورية، ويصرون من غبائهم على تنحي الرئيس الأسد بالحل السياسي أو الخيار العسكري اعتمادا على سلاح الإرهاب، كان يفترض بهم أن يشكروا الرئيس بوتين وحلفائه الشرفاء الذين أوقفوا تركيا عند حدها وحطموا أوهام أردوغان الإمبراطورية، فأنقذوا بذلك “السعودية” ومشيخات الخليج وكل العالم العربي والإسلامي من شر مستطير كان يتربص بهم لإنهاء وجودهم كدول بعد الإعلان عن سقوط حدود “سايكس وبيكو” القديمة.. لكن وكما يقول ‘أينشتاين’، “شيئان لا أعرف لهما حدودا، الكون وغباء آل سعود” (بتصرف).
لكن ماذا عن سيناريوهــات المواجهــة؟..

هناك سيناريوهين يتم تداولها بقوة في المرحلة الراهنة في مواجهة تركيا، الأول سيناريو العقوبات، والثاني سيناريو الحرب.. السيناريو الأول قد لا يكون بديلا عن الثاني، بل يمثل أرضية خصبة لمزيد من التصعيد الذي قد ينتهي حتما إلى التفجير في حال لم تتراجع واشنطن وترغم “كلبها المسعور” كما قال بوتين بالتزام حدوده وعدم التطاول على أسياده الشرفاء الذين قرروا تنظيف المنطقة من زبالة التكفيريين..

ومفاد ذلك، أن الرئيس بوتين قرر تحويل كارثة الطائرة إلى فرصة، فمن جهة، هو يعلم علم اليقين أن أمريكا وأدواتها عازمون على إفشاله في سورية من خلال استراتيجية الاستنزاف الطويل الأمد، الأمر الذي سينهك اقتصاد بلاده وسيرغمه على الانسحاب وفق ما يتوهمون، لذلك قرر بوتين التصعيد بهدف الحسم، ليس مع الإرهاب فحسب، بل ومع داعميه وأولهم تركيا..

ما يعني، أن أمام أوباما خياران لا ثالث لهما، إما التخلي عن رهان الاستنزاف بضخ مزيد من الإرهابيين والسلاح إلى سورية من قبل أدواته الإقليمية، أو سيقوم بوتين بمهاجمة تركيا عند أول خطئ يرتكبه أردوغان، ويمكن أن يكون التفجير باستهداف طائرات أردوغان داخل المجال الجوي التركي بعد أن أصبحت تصنف من القوى المعادية التي تشكل خطرا على القوات الروسية..

نقول هذا، لأن هناك معلومات تسربت عقب زيارة وزير الخارجية السوري السيد وليد المعلم إلى موسكو مؤخرا، تؤكد أن بوتين وبعد إسقاط الطائرة، قرر إرسال قوات برية من النخبة إلى الساحة السورية، وخصوصا إلى منطقة الشمال للقضاء على الإرهابيين الأسيويين في أماكن تواجدهم قبل أن يرسلوا إلى روسيا، وهو الأمر الذي سيدفع تركيا حتما للتدخل بشكل من الأشكال في محاولة يائسة لحمايتهم بحجة حماية الإخوة التركمان من جهة، ومحاربة إرهاب الأكراد الذين تدعمهم روسيا ويهددون أمن السلطنة على امتداد الشريط الحدودي مع سورية..

هذه هي المصيدة الروسية الجديدة التي في حال سقط في فخها السلطان المغرور أردوغان، فسيفاجأ برد مدمر لن يجد من يدفعه عنه..

خبراء عسكريون روس تحدثوا عن الإستراتيجية الروسية لحرب شاملة مع تركيا لموقع (Politonline.ru) نهاية الأسبوع، تقوم على سيناريو حرب خاطفة ومدمرة تجنبا لحرب كلاسيكية طويلة، ويركز هذا السيناريو المرعب على المبادرة بشن حرب عنيفة وقاسية ستضطر معها موسكو لاستخدام الأسلحة النووية التكتيكية لاستهداف البنية العسكرية التركية دون المدنية، من مطارات وطائرات وموانئ ومخازن السلاح ومراكز القيادة والسيطرة والتحكم خلال الساعات القليلة الأولى من الحرب، لنزع أنياب الجيش التركي بالكامل وإجباره على الاستسلام..

ويعتقد الخبراء الروس، أن موسكو ستضطر في هذه الحالة لاستعمال صواريخها الباليستية (إسكندر إم) لتدمير الدفاعات الجوية ومنظومات الصواريخ والرادارات، يتبعها مباشرة توجه بوارج بحرية وقوات خاصة لاحتلال المضائق (مضيق البوسفور ومضيق الدردنيل) خشية من إقدام تركيا على إغلاقهما في وجه البوارج الروسية.

وبخصوص حلف الناتو، يقول الخبراء، بالرغم من أن تركيا عضو فيه، وما يعنيه ذلك من لجوئها للمطالبة بتفعيل المادة الخامسة، إلا أن قرارات الحرب تتخذ في الحلف بالإجماع لا بالأغلبية، ومواجهة روسيا ليست نزهة لما تمثله من مخاطر حقيقية على مجمل أوروبا، الأمر الذي سيضطرها لمناقشة وتحديد من هو المعتدي، لأن العدوان شيئ والاعتداء شيئ آخر مختلف، الأمر الذي قد يدفع الحلف للتملص من التورط في حرب نووية قد تدمر الأرض ومن عليها..

وهذا يعني بموازين القوة، إما تراجع أردوغان عن أوهامه العثمانية وانسحابه بالكامل من التدخل في سورية بهدف إفشال روسيا، أو التضحية بتركيا حفاظا على الحياة فوق كوكب الأرض، وفي هذا بوتين لا يراوغ وقطعا لا يمكن أن يتراجع ما دام يرى أن الحرب التي يخوضها في سورية هي حرب وجود ومصير للأمة الروسية كما هي لمحور المقاومة أيضا.. والإشارة، فكل الحروب التي خاضتها روسيا ضد تركيا انتصرت فيها، وهذه المرة لن تكون استثناءا بالمطلق..

فهل سينجح الرئيس بوتين في فرض الأمر الواقع بشكل يتيح له إدارة اللعبة وفق الشرعية الأممية والقانون الدولي لما فيه مصلحة الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، ما دامت أمريكا ترفض محاربة الإرهاب في إطار تحالف دولي تحت مظلة الأمم المتحدة، وتصر على صب المزيد من الزيت على النار في المنطقة اعتقادا منها أن الحريق لن يصل إلى عقر دارها؟..

هذا ما سيتضح على هامش المؤتمر العالمي حول المناخ الذي سيعقد في باريس مطلع الأسبوع، حيث ستشهد أروقته جهودا محمومة لاحتواء غضب بوتين قبل فوات الأوان..