البابا يختتم جولته الأفريقية: دوامة الكراهية تتسع

البابا يختتم جولته الأفريقية: دوامة الكراهية تتسع

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ١ ديسمبر ٢٠١٥

رسائل عديدة وجَّهها البابا فرانسيس خلال جولته الأفريقية التي اختتمت يوم أمس، وشملت كلاً من كينيا وأوغندا وأفريقيا الوسطى، كان أبرزها انتقاده أشكال الاستعمار الجديدة في الدول الفقيرة، والأقليات التي تحتكر السلطة، فضلاً عن دعوته المسيحيين والمسلمين على حد سواء إلى إنهاء دوامة الكراهية.
وفي خطوة رمزية تعزّز مسعاه التصالحي في أفريقيا الوسطى، زار البابا في المحطة الأخيرة من جولته، صباح أمس، مسجد بانغي الكبير في حي بي.كاي 5 الذي شهد مجازر خلال معارك بين ميليشيات مسيحية وأخرى مسلمة أواخر العام 2013.
الزيارة إلى أحد أخطر الأحياء في العالم، كان الهدف منها مناشدة المسيحيين والمسلمين إنهاء دوامة الكراهية والثأر وسفك الدماء، التي حصدت أرواح الآلاف خلال السنوات الثلاث الماضية.
ولدى وصوله إلى المسجد، قال: «المسيحيون والمسلمون أخوة»، مضيفاً «معاً يجب أن نرفض الحقد والثأر والعنف، وخصوصاً العنف الذي يرتكب باسم ديانة أو باسم الله».
وكان البابا حازماً في حضّه على العودة إلى الحسّ الإنساني بعيداً عن «دوامة الانتقام التي لا نهاية لها»، داعياً جميع مواطني أفريقيا الوسطى إلى «عدم الخوف» من الآخر بسبب ديانته أو اتنيته.
وحيّ بي.كا. 5، هو آخر منطقة مسلمة في بانغي، ولا يمكن لسكّانه الخروج منه للتبضّع من دون أن يواجهوا خطر القتل، على أيدي عناصر الميليشيات المسيحية، خصوصاً أن ميليشيا الدفاع الذاتي «أنتي بالاكا» المسيحية عزلت الحي عن باقي العاصمة.
ويشهد محيط المسجد مواجهات مسلّحة بين ميليشيا «سيليكا» المسلمة وميليشيا «انتي بالاكا» المسيحية، ما استدعى انتشار جنود القوة الدولية وعددهم 10900 عنصر في جميع أنحاء البلاد، والقوة العسكرية الفرنسية التي تضم 900 عنصر، وشرطة أفريقيا الوسطى في بانغي، لضمان الأمن في اليوم الأخير من جولة البابا.
وفي أوغندا، المحطة الثانية في جولته الأفريقية بعد كينيا، اعتبر البابا فرنسيس أنَّ كيفية التعامل مع اللاجئين والمهاجرين تضع «إنسانيتنا» على المحك. وقال في أول خطاب ألقاه بعد وصوله إلى أوغندا، إنَّ «عالمنا يختبر حركة غير مسبوقة للشعوب. إنَّ كيفية تعاملنا معهم هو اختبار لإنسانيتنا، لاحترامنا الكرامة الإنسانية وخصوصاً لتضامننا مع إخواننا وأخواتنا في الحاجة».
وأمام الرئيس يويري موسيفيني الذي يحكم أوغندا منذ 30 عاماً وأعضاء حكومته في القصر الرئاسي في عنتيبي، أشاد البابا بالطريقة «الاستثنائيّة» التي استقبلت فيها أوغندا اللاجئين في الأعوام الاخيرة، والذين يقدَّرون راهناً بنصف مليون فروا من النزاعات في جمهورية الكونغو الديموقراطية، وجنوب السودان، والصومال.
أمَّا في نيروبي، فتحدّث البابا من كنيسة «القديس يوسف العامل»، التي تشرف عليها الرهبانية اليسوعية، في ضاحية كانغيمي العشوائية، حيث يتكدَّس أكثر من 100 ألف شخص، وتتجمع مظاهر التدهور البيئي والبشري.
وقال البابا بنبرة حادّة «كيف لا أنتقد أشكال الظلم الذي تتعرَّضون له؟ والظلم الفظيع للتهميش في المدن يتجلّى بالجروح التي تتسبّب بها الأقليات التي تحتكر السلطة والثروة وتبذر الأموال بأنانية، بينما تضطر الأغلبية للجوء إلى ضواحٍ مهملة ملوثة ومهمشة».
وأمام حشد كبير، انتقد البابا أيضاً «أشكالا جديدة من الاستعمار» تجعل من البلدان الأفريقية «قطعاً من آلية وأجزاء من تشابك هائل» وتعرّضها لشتّى أنواع «الضغوط لحملها على تبنّي سياسات تهميش مثل سياسة الحدّ من الولادات».
هذه السياسات تهدف، وفق ما قال، إلى «تشريع نموذج التوزيع الحالي حيث تعتقد أقليّة أنَّ من حقّها الاستهلاك بنسبة يتعذّر تعميمها»، فيما ندَّد بـ «تعذّر الاستفادة من البنى التحتية والخدمات الأساسية»، ودان «التوزيع الظالم للأراضي الذي يحمل عائلات بأكملها على دفع ايجارات باهظة»، و «احتكار الأراضي عبر شركات خاصة لا وجه لها، وتسعى حتى إلى امتلاك ملاعب المدارس التي يتعلم فيها أولادكم». وأضاف أنَّ «العداء الذي تتعرّض له الأحياء الشعبية يتفاقم عندما تستخدم المنظمات الإجرامية التي تخدم المصالح الاقتصادية أو السياسية، أطفالا وشباناً بمثابة وقود لأعمالهم الملطخة بالدم».