أردوغان يصعد تلميحاته بغزو سورية.. و«حماية الشعب» تنفي مزاعم تركية عن «تهريب أسلحتها»

أردوغان يصعد تلميحاته بغزو سورية.. و«حماية الشعب» تنفي مزاعم تركية عن «تهريب أسلحتها»

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٩ فبراير ٢٠١٦

لم تتأخر واشنطن في الرد على دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاختيار بين تركيا أو «وحدات حماية الشعب» ذات الأغلبية الكردية. الرد جاء عبر تسريبة صحفية. مسؤولون أميركيون وصفوا أنقرة بأنها «العائق الأكبر» أمام إحلال السلام في سورية، وأكدوا أن العداء التركي لعناصر «الوحدات» يعوق محاولة تكثيف الحملة ضد تنظيم داعش الإرهابي. هؤلاء المسؤولون باتوا يرون أنقرة عبئاً على سياساتهم الإقليمية. أما المسؤولون الأتراك فلم يتورعوا عن التهديد بقصف «حماية الشعب» المتحالفة مع الأميركيين، إذا ما استمر «تهريب الأسلحة» إلى داخل تركيا. وسارعت «وحدات حماية الشعب» إلى نفي «المزاعم التركية» حول إرسالها أسلحة خارج سورية، مؤكدةً أنها لم تتلق أي سلاح من التحالف الدولي الذي شكلته واشنطن لقتال تنظيم داعش.
في غضون ذلك صعد أردوغان من تلميحاته بغزو سورية، معلناً أن «تركيا لن تكرر خطأ العراق في سورية»، وأن «الوضع سيتغير في لحظة معينة».
وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، أن واشنطن تعتبر موقف أنقرة من «وحدات حماية الشعب» التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، إحدى العقبات الرئيسة في تسوية الأزمة السورية وقتال داعش. وتعتبر أنقرة الاتحاد الديمقراطي امتداداً لحزب العمال الكردستاني المصنفة على القوائم التركية والأميركية والأوروبية للتنظيمات الإرهابية. وهي ترفض سياسة واشنطن الداعمة لـ«وحدات حماية الشعب» في وجه داعش.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين أن «موقف تركيا العدائي من المقاتلين الأكراد في سورية، الذين يعتبرون من أكثر حلفاء واشنطن فعالية في مكافحة داعش، يقوض الجهود الرامية إلى القيام بأعمال قتالية أكثر نشاطاً ضد هذا التنظيم الإرهابي». وأوضحت أن التوترات في العلاقات التركية الأميركية ظهرت على السطح أثناء زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن لاسطنبول الشهر الماضي للحديث مع القادة الأتراك بشأن الحملة على داعش، لافتةً إلى أن موضوع تهريب الأسلحة طرح أثناء الزيارة.
ووفقاً لمسؤولين أتراك وأميركيين شاركوا في المحادثات، وتحدثوا إلى «وول ستريت جورنال»، فإن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو وكبار مستشاريه قد استعرضوا خريطة معدة خصيصاً للحدود التركية السورية، والتي حددت مناطق معينة قالوا إن مسلحي «حماية الشعب» هربوا الأسلحة التي ترسل إليهم لمحاربة داعش، إلى تركيا. وأخبر المسؤولون الأتراك نظراءهم الأميركيين مراراً وتكراراً أن قوات الأمن التركية صادرت أسلحة وذخائر تم تحويلها سراً من حلفاء أميركا في سورية إلى أعضاء حزب العمال الكردستاني. إلا أن مسؤولين أميركيين ذكروا أنهم درسوا الشكاوى ولم يجدوا دليلاً على أن أي أسلحة تم تقديمها بشكل مباشر من الجيش الأميركي إلى عناصر «حماية الشعب» قد تحولت إلى تركيا، لافتين إلى أن أي تهريب آخر لأسلحة إلى تركيا هو صغير على الأرجح، نظراً لأن الأكراد السوريين يركزون على معركتهم الشرسة مع داعش.
وأوضح المسؤولون الأتراك خلال لقاءاتهم مع بايدن أنهم يعتبرون أي تهريب للأسلحة غير مقبول. وبعد تلك اللقاءات، قال المسؤولون الأتراك لـ«وول ستريت جورنال»، إنهم كانوا مستعدين لقصف حلفاء أميركا في سورية لو استمر تدفق «الأسلحة».
ولم تمض أيام على زيارة بايدن إلى تركيا حتى وصل مبعوث الرئيس الأميركي إلى التحالف الدولي بريت ماكغورك إلى مدينة عين العرب بمحافظة حلب للقاء قادة «قوات سورية الديمقراطية» التي تشكل وحدات حماية الشعب عمادها. أغضبت هذه الزيارة الرئيس التركي، ودفعته إلى تخيير الولايات المتحدة بين تحالفها مع بلاده أو تحالفها مع عناصر «وحدات حماية الشعب»، الذين وصفهم بـ«إرهابيي كوباني»، الاسم الكردي لمدينة عين العرب.
وألمح أردوغان مجدداً إلى التدخل في سورية. وقال في تصريحات للصحفيين على متن طائرته إن «الأزمة السورية لن تستمر طويلاً، وأن الوضع سيتغير في لحظة معينة»، ولفت إلى أن تركيا مستعدة لأي تطور يطرأ على الوضع في سورية. وأضاف قائلاً: «لن نُكرر في سورية الخطأ الذي ارتكبناه في العراق، حيث لم نشارك في التحالف الدولي الذي أطاح بنظام صدام حسين» في إشارة للغزو الأميركي للعراق عام 2003.
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن عدد من كبار المسؤولين الأميركيين، أن «تركيا باتت واحدة من أكبر العوائق للوصول إلى حل سياسي للصراع المستمر منذ خمس سنوات في سورية، ولتكثيف الحملة العسكرية الأكثر فعالية ضد داعش».
وأول من أمس، أعلنت قيادة الجيش التركي عن اعتقال قواتها «شخصين كانا يدخلان ذخائر عبر الحدود من القامشلي إلى مدينة نصيبين».
ورد الناطق الرسمي باسم «وحدات الحماية» ريدور خليل على المزاعم التركية، متهماً أنقرة بـ«تلفيق اتهامات كاذبة، بهدف تشويه صورة وحدات حماية الشعب أمام الرأي العام العالمي، وزعزعة الثقة المتبادلة بيننا (الوحدات) وبين قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش».
وأوضح خليل في بيان له مساء الأحد أن الوحدات «لم تستلم أي أسلحة من قوات التحالف الدولي في حربها ضد داعش، مع كل تقديرنا للدعم الجوي لقوات التحالف»، مؤكداً أن عناصر «حماية الشعب» كانوا يعتمدون على إمكاناتهم الذاتية، وذلك عدا الأسلحة والذخائر بالكميات الكبيرة التي تم الاستيلاء عليها من داعش خلال المعارك التي جرت، وهي أسلحة موثقة في حصيلة العمليات القتالية مع هذا التنظيم وتم نشرها على وسائل الإعلام».
وأكد أن «وحدات حماية الشعب» لم تبادر إلى تسليم الأسلحة التي في متناولها إلى «أي مجموعة قتالية أخرى خارج سورية، بل تم استخدامها لمحاربة الإرهاب داخل سورية»، واتهم في المقابل، أردوغان وأجهزته الأمنية، بـ«تزويد الإرهابيين من تنظيم داعش بالأسلحة والمعدات القتالية وتسهيل المرور الآمن لهم لقتال الوحدات».