عندما تعزف الدماء سمفونية المقاومة والإباء

عندما تعزف الدماء سمفونية المقاومة والإباء

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٢٧ سبتمبر ٢٠١٦

بقلم د. حسن أحمد حسن

ها أنت أوفيت الدين يا ناهض، فأية سمفونية تلك التي كتبْتَ “نوتتها” بدمائك المتفجرة من عروقك الطاهرة في عقر مواخير الفجور السياسي الآثم؟؟.
أية لوحة إبداعية تلك التي انتشرت دماؤك النقية على معالمها أمام قصر الغدر لا قصر العدل في عمان يا ناهض؟؟؟.
قل لي بربك أيها المقاوم الأبي ماذا تركت لنا لنخاطبك به، وقد غدوت رمزاً اختصر المكان والزمان وحفر على جدار الزمن نشيد التحدي والكبرياء؟؟
هل بقي لأحد في الكون دَيْنٌ في عنقك؟.
أم أنك أقرضت جميع الشرفاء وأنصار السيادة والكرامة ما لا يمكن سداده إلا بالوفاء لدمائك النقية المشعشعة؟.

أحبتك ورفاقك .. أمهاتهم .. آباؤهم.. زوجاتهم.. أبناؤهم..أحزابهم المشدودة إلى العروة الوثقى حيث الله جل جلاله يمد بفيض نوره القلب المسلح لحركة التحرر العربية ينادونك بملء الفيه: طوبى لك الزلفى، وطوبى للشهادة بك فارس يراعٍ يكتب بدمائه لا بحبرٍ تبهت حروفه فوق الصفحات الصفراء التي يتداولها المتقاعسون في سوق نخاسة القرن الحادي والعشرين.
اسمح لي أيها المفكر العروبي والمقاوم الأبي أن أناديك بسيدي وقدوتي بعد معراجك الميمون.. لطالما كنت أناديك عبر الشاشات رغم بون البعد الجغرافي بالصديق الصدوق والرجل الوفي، فبماذا استطيع مناداتك اليوم وقد خلفت وراءك من ينتظرون ولن يبدلوا تبديلا… كنت فارس الشاشات، وها أنت تحرز قصب السبق في الاستشهاد، وها هي بندقيتك تؤكد أنها ليست مجرد كلمات في خندق دمشق، بل رصاص يخترق قلوب أعداء الله والإنسانية الذين زينوا اغتيالك لوحوش بشرية لا صلة لها بإنسانية الإنسان.
ها هو دمك المقدس لا حبرك الذي  يسيل في صد الحملة البربرية على الشام، وها أنت بكل هيبتك تشارك بدمائك رجال الله ، مقاتلي المشرق المتحضر التعددي ـ تشاركهم ـ المعنى التاريخي العصي عل فهم ليبرالي الصهيونية الوهابية، وتثبت باستشهادك المشرف أن المعركة واحدة للتحرر والعدالة والإنسانية من مارون الراس إلى القصير إلى الجولان إلى القدس.
لم يعد لأحد ولا لقيمة من قيم الوفاء دينٌ في عنقك، فقد أوفيت وكفيت، وأجزلت العطاء والوفاء…

في أزقة بلدتك “السلط” يا سيدي يطل طيفك من كل ركن وزاوية متحدياً ما يختزنه الإسرائيليون من  خطط لاحتلال جبالها، وبإطلالة طيفك هناك بفكرك الوقاد، ونبل عواطفك أوفيت الدين، وساهمت في إضافة لبنة جديدة في مدماك  أسوار المقاومة التي أنجزت سابقة التحرير وأنقذت عقولنا من فوبيا “إسرائيل” ووهمِ حتمية الاحتلال والركوع.
عيناك يا سيدي لم تعودا جديرتين بالدموع، بل بأشعة الأمل، ونبض الإرادة وضياء التحدي والانتصار.. لحظة الوجد التي طلبتها تجاوزتها همتك الشماء التي رفضت قول آه رغم الجراح المثخنة في جسدك الراعف، فهل تأذن لقلوب مقاتلة شاركت النبض بسرقة لحظة الوجد التي كنت تطلبها؟
هل تأذن للرفاق الذين سبقتهم بارتقائك واستشهادك أن يقولوا لك ولكل الشهداء الأبرار: شكرا لكم على تقديم حيواتكم الثرة والنابضة لكي تمكنوا الأجيال من أن تستمر عربية الوجه واليد واللسان والانتماء؟.

الدكتور حسن أحمد حسنشكرا لتضحياتكم الكفيلة بمنع الظلاميين الجدد من ذبح أبنائنا على الهوية، شكراً لدمائكم النقية المشعشعة والمجنحة في الأفق البعيد حاملة في خوافيها وقوادمها ألق المقاومة ونهج المقاومة وثقافة المقاومة وانتصار المقاومة كقوس قزح انبثق من مكان استشهادك وانطلق شهابا ثاقبا مضمخا بعبق قاسيون دمشق وكبرياء الضاحية الجنوبية وأنوار بيت المقدس وهي تردد أصوات الإباء مجلجلة في طهران مرددة: الموت لإسرائيل.. الموت لأمريكا..
نم قرير العين في سمو عليائك أيها الشهيد البطل فأنت لم تمت غريباً في أرض باردة، وبوصلة السياسة والسلاح لن تضيع، وفوهات بنادق الأحرار المقاومين من أمثالك لن تعرف وجهة إلا صدر الغزاة من امبرياليينَ وصهاينةً وتكفيريين وعثمانيين ووهابيين ظلاميين يريدون أن يطفؤوا نور الله بأفواههم، ويابى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الظالمون..
نم هانئ البال مطمئن الروح فنجيع دمائك أيها القديس قد أثبت على أرض الواقع الديالكتيك المشرقي في أبهى صوره، والقومية الحقة في أروع معانيها عندما شاركت الفتية اللبنانيين الذين آمنوا وما بدلوا تبديلا واستشهدوا تحت علم الجمهورية العربية السورية، وها أنت تستشهد متأبطاً البندقية ذاتها والعلم بعينه والقيم الإنسانية السمحة الحبلى بصفاء الانتماء ومطلقية الوفاء وحمل راية الاستشهاد برجولة وإباء، وقد وهبت روحك لله في سمو عليائه مع المقاومين الغيارى الذين استحقوا أن يكون بحق حزب الله، وحزب الله هم الغالبون.

نعم يا سيدي المفكر الشهيد إنها كما سبق لك أن وصفتها حرب إبادة، لكن لتطمئن روحك لن نباد، بل سنبيد جحافل التكفير الوهابي الآثم.. إنها كما قلت قبل رحيلك  نازية جديدة، لكننا لن نكون وقود أفرانها التي ستشوي وجود الجلادين والنازيين الجدد..  إنها بحق كما وصّفت بدقة السعودية عدوّة العروبة والتحرر والتقدم وصنو “إسرائيل”، ومن أثبتوا أن ” إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت هم اليوم أكثر قدرة وأشد تصميماً، وأرسخ إيماناً بانبلاج الفجر وإن عسعس الليل وطال واستطال، وتباشير النصر تلوح على امتداد الجبهات العسكرية والسياسية والفكرية، وستبقى روحك الطاهرة  تقض مضاجع أصحاب الكروش والعروش وتقتلهم ألف قتلة وقتلة كل يوم، وتكرس أكثر فأكثر في نفوس الأجيال نهج جمال عبد الناصر وحافظ الأسد وبشار الأسد وسيد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله..
فارقد في سمو عليائك شهيداً مقدساً ورمزاً حياً في قلوب الأوفياء، وإننا لمنتصرون، وهذا عهد ووعد.