كيري يريد مواصلة العمل مع موسكو.. وحديث عن مقترح روسي مشروط لحظر الطيران

كيري يريد مواصلة العمل مع موسكو.. وحديث عن مقترح روسي مشروط لحظر الطيران

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٨ سبتمبر ٢٠١٦

فيما كانت الدبلوماسية الروسية تؤكد أن روسيا «لن» تسمح باستنساخ السيناريوهين الليبي والعراقي في سورية وتنبه إلى وجود مخطط أميركي لاستنزاف جميع الأطراف على الأرض السورية، سربت مصادر روسية أنباء عن اقتراح روسي مضاد بخصوص فرض حظر طيران في بعض مناطق سورية، مؤكدةً أن روسيا لن تتخذ إجراءات من جانب واحد ما لم تجبر إدارة الرئيس باراك أوباما جميع المؤسسات الأميركية على تنفيذ الاتفاق الروسي الأميركي.
وبالرغم من تصاعد حدة التوتر الأميركي الروسي، وتلويح مسؤولين أميركيين بترك دول الخليج تزود المسلحين بصواريخ محمولة على الكتف مضادة للجو من طراز «مانباد» في تكرار لتجربة «المجاهدين» في أفغانستان في مواجهة الجيش السوفييتي، إلا أن وزارتي الدفاع الأميركية والروسية واصلتا العمل وراء الكواليس من أجل التوصل إلى اتفاق.
وأكد السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين أن بلاده لن تسمح بتكرار عدوان أميركا وبعض الدول الأوروبية في سورية كما حصل في ليبيا والعراق. وفي مقابلة متلفزة نقلت وكالة «سانا» مقتطفات منها، قال زاسبكين: «هم لديهم حتى الآن نفس الفكرة والهدف هو إسقاط الدولة السورية ونحن لدينا نهج آخر هو إيجاد التسوية من خلال الحوار الوطني بين الحكومة والمعارضة»، لافتاً إلى أن الأميركيين لم يتمكنوا إلى الآن من الإيفاء بتعهداتهم والفصل بين الإرهابيين ومن يسمونهم «معارضة معتدلة».
وإذ أشار زاسبكين إلى أن العدوان الأميركي على موقع للجيش السوري في دير الزور شكل دعماً لإرهابيي داعش وبين أن الأميركيين لا يريدون التقدم في مجال تنفيذ بنود الاتفاق الروسي الأميركي بل يريدون استمرار المعارك لاستنزاف جميع الأطراف. ولفت إلى أن التنظيمات الإرهابية استغلت اتفاق وقف الأعمال القتالية لزيادة التسليح وتجميع قواتها وهي من قامت بانتهاكه، مؤكداً أنه لا بد من توجيه الضربات ضدهم وبالدرجة الأولى تنظيما داعش وجبهة النصرة.
وكشفت صحيفة «روسيسكايا غازيتا» عن الأسباب الحقيقية التي دفعت الغرب إلى طلب انعقاد مجلس الأمن الدولي لبحث الوضع في مدينة حلب قبل أيام، في محاولة دورية يائسة للضغط على موسكو. وكشفت أن إخفاق المجموعة الدولية لدعم سورية مؤخراً في التوصل على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى اتفاق بشأن «خريطة طريق» لتسوية الأزمة حول مدينة حلب، حرك اتصالات دبلوماسية مكثفة بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف.
واعتبرت الصحيفة أن واشنطن أفسدت الخطة الروسية الأميركية حول سورية، بمطالبتها بتنفيذ الجزء «الروسي» منها والمماطلة بتنفيذ التزاماتها هي، وهو ما دفع البيت الأبيض إلى رفض نشر محتوى الاتفاق، على الرغم من أن كيري وافق خلال لقاءاته لافروف على نشرها. وأوضحت أن إخفاق الهدنة، دفع كيري خلال اجتماع لمجموعة دعم سورية إلى اقتراح تحديد موعد جديد للهدنة، مطالباً أيضاً بفرض حظر على طيران القوة الجوية السورية فوق المناطق التي تمر فيها قوافل المساعدات الإنسانية؛ وأشارت إلى أن الحديث في البداية «كان يدور حول وقف طيران الطائرات الروسية»، مبينةً أن موسكو «رفضت مناقشة مثل هذه الأمور».
وحسب «روسيسكايا غازيتا»، فقد عرض لافروف خلال لقائه كيري «خطة مضادة لمقترح (الوزير الأميركي)، تتضمن مبدئياً عدم اعتراض روسيا على تحديد منطقة حظر جوي فوق مناطق معينة من سورية» لكنه وضع ثلاثة شروط. أولها ألا يشمل الحظر الطائرات الروسية، ثانيها أن يتفق العسكريون الروس والأميركيون قبل الإعلان عن تحديد تلك المناطق، «على تفاصيل مواقع المعارضة المعتدلة المدعومة من واشنطن على الخريطة، وكذلك مواقع المجموعات الإرهابية التي يمكن الإغارة عليها. وأخيراً اشترط لافروف أن يضغط البيت الأبيض بنفسه على «حلفائه في سورية لكي يتخلوا عن تنسيق عملياتهم مع الإرهابيين». وذكرت الصحيفة أن موسكو ترى أن قوات الحكومة السورية «يحق لها القيام بالعمليات العسكرية التي تراها ضرورية ما دامت هذه الشروط لم تنفذ»، مبينةً أن الوفد الروسي «لم يتعهد بمنع دمشق من القيام بأي عمل عسكري».
وشددت الصحيفة على أن انتصارات الجيش السوري «التكتيكية» في حلب تسمح له بـ«السيطرة التامة على هذه المدينة المهمة إستراتيجياً»، ولذلك، أشارت إلى أن «تطور الأوضاع بهذا الشكل لا يرضي واشنطن»، وهو ما دفعها إلى الدعوة لعقد جلسة مجلس الأمن الطارئة كمحاولة منها لـ«عرقلة» عمليات الجيش السوري.
ووصفت الصحيفة الدعوة المشتركة التي وجهها كيري ومفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، إلى المعارضة السورية بوقف تعاونها مع «جبهة النصرة» بأنها «ليست حاسمة.. وليست مدعومة بعقوبات عسكرية»، وختمت قائلةً: «إلى أن تقوم إدارة أوباما بإجبار المؤسسات الأميركية كافة، بدءاً بالبنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية وانتهاء بوزارة الخارجية، على تنفيذ الاتفاق الروسي الأميركي، فإن موسكو من جانبها لن تتخذ أي إجراءات من جانب واحد في سورية».
جاء ذلك في حين نقلت صحيفة «إيزفيستيا» الروسية عن مصدر مطلع في الدوائر الدبلوماسية العسكرية أن «وزارتي الدفاع الروسية والأميركية جاهزتان خلال الأيام القريبة المقبلة لتنسيق برنامج مؤقت للتعاون في سورية»، مبيناً أن «البرنامج يحدد الآليات الأساسية لتبادل المعلومات عن عمل طائرات كل طرف، إضافة إلى تحديد ترتيب عمل كل طرف في الحالات الاستثنائية».
وبيّن المصدر أن العمل على إعداد الوثيقة بلغ مرحلته النهائية، وقد يُنجز خلال الأيام القريبة المقبلة.
وعلى الجانب الآخر، حمل كيري أمس موسكو ودمشق المسؤولية عن انهيار الهدنة والجهود الدبلوماسية، متهماً إياهما بمواصلة الهجوم العسكري والبحث عن تحقيق انتصار ميداني عوض التوجه صوب الحل السياسي عن طريق المفاوضات الفعالة. واعتبر من كولومبيا، أن التطورات في مدينة حلب تؤكد أن روسيا والنظام ينويان السيطرة على المدينة عسكرياً وتدميرها ضمن هذه العملية العسكرية القائمة.
وعلى الرغم من الاتهامات، وعد كيري أنه لن يستسلم وسيواصل مساعيه مع روسيا لإعادة تفعيل وقف النار في سورية.
وبعد أن تحدث مسؤولون روس عن تعويل أجنحة في واشنطن على المماطلة بانتظار إطلاق «الخطة ب» في سورية بعد خروج أوباما من البيت الأبيض، نفى المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر، وجود «خطة ب» لدى واشنطن لحل أزمة سورية، مؤكداً أن الحل الدبلوماسي يبقى الخيار الأوحد. وكان كيري هو أول من تحدث عن وجود خطة بديلة إذا ما انهارت الجهود الدبلوماسية مع روسيا حول سورية.