«غزوة الكرك» تثير هواجس الأردن

«غزوة الكرك» تثير هواجس الأردن

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ١٩ ديسمبر ٢٠١٦

انتهاء «غزوة الكرك» في آخر ساعات يوم امس بحسب ما أعلنت مصادر أمنية، لم يبدد أسئلة الهواجس التي عمّت الاردن، لا حول تعدد الروايات بشأن حقيقة ما جرى في سلسلة الهجمات الإرهابية التي شهدتها المملكة، بل بشأن مستقبل الاستقرار الامني في البلاد.
وأعلن الامن الاردني ليلا العثور على أسلحة وأحزمة ناسفة وكمية كبيرة من المتفجرات في مخبأ مسلحي الكرك. ونقلت قناة «العربية» عن مصادر أمنية في وقت سابق أن مسلحين أردنيين ومن دول عربية شاركوا في هجوم الكرك، في أحدث تحد أمني تشهده البلاد بعد سلسلة من الهجمات والعمليات الإرهابية خلال الشهور القليلة الماضية.

وبحسب صحيفة «الغد» الأردنية، فإن مجموعة من المسلحين احتجزوا داخل قلعة الكرك عدداً من الرهائن يقدر بـ14 شخصا، بينهم سياح من الجنسية الماليزية. إلا أن قوات أمنية خاصة نجحت في تحرير الرهائن. وكانت حصيلة هذا الهجوم مقتل أربعة من رجال الأمن وثلاثة من عناصر الدرك ومواطنين اثنين وسائحة كندية، بالإضافة إلى عدد من المصابين. وتحدث بيان لمديرية الأمن عن «إصابة 27 شخصا، بينهم عدد من رجال الأمن وقوات الدرك ومواطنون نقلوا للمستشفى للعلاج».

وقدم الأمن العام الرواية حول بداية الأحداث الدموية وأشار إلى أنه تمّ إبلاغ إحدى دوريات الأمن العاملة في منطقة القطرانه – محافظة الكرك بوجود حريق في أحد المنازل، وفور وصولهم للمكان تعرض طاقم الدورية لإطلاق نار مفاجئ من قبل مجهولين كانوا بداخله، ونتج من الحادثة إصابة رجلي أمن، بينما لاذ مطلقو النار بالفرار بواسطة إحدى المركبات.

وأضافت إدارة الإعلام الأمني أنه «بعدها بفترة وجيزة أطلق مجهولون عيارات نارية عدة باتجاه إحدى الدوريات العاملة أيضاً في محافظة الكرك، ولم تقع إصابات تذكر حينها، ليرد بعد ذلك بلاغ آخر حول قيام مجهولين بإطلاق عيارات نارية من داخل قلعة الكرك باتجاه مركز أمن المدينة في محافظة الكرك، ونتج من ذلك عدد من الإصابات من رجال الأمن العام والمارة، تم نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج، وجرى على الفور تطويق القلعة والمنطقة المحيطة من قبل رجال الأمن العام وقوات الدرك والأجهزة الأمنية الأخرى التي باشرت بتنفيذ عملية أمنية للتعامل مع المسلحين الذين قدر عددهم بخمسة أو ستة مسلحين». لكن، بحسب تصريحات رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي أمام مجلس النواب فإن «القوات الخاصة والدرك يحاصرون عشرة مسلحين من الخارجين عن القانون مطلقي النار في قلعة الكرك». ومن الجدير بالذكر أن هويتهم لم تحدد بعد.

وفي وقت لاحق، قال مصدر أمني أردني لوكالة «فرانس برس» ان «عملية الكرك انتهت بعد مقتل أربعة مسلحين كانوا متحصنين في قلعة الكرك على يد القوات الامنية».

وفي تفاصيل جديدة نشرتها صحيفة «الغد»، تبين أن مجموعة من الخلية قدمت إلى بلدة القطرانة في محافظة الكرك قبل ثلاثة أشهر، وأنهم استأجروا شقة في عمارة داخل البلدة ثم استأجروا قبل 15 يوماً مطعماً لا يعمل.

وأشارت المصادر إلى أن ابن صاحب العمارة التي يستأجرون شقة فيها اشتم رائحة بارود من داخل الشقة المؤجرة وأنه أبلغ الأمن الذي حضر إلى المكان، ما أدى إلى حدوث اشتباكات قبل أن يلوذوا بالفرار بواسطة «بيك آب» سرقوه من ابن صاحب الشقة تحت تهديد السلاح. كما نوّه المصدر إلى أن سيارة سياحية سوداء كانت تقل مسلحين آخرين وجدت أمام المركز الأمني في مدينة الكرك.
استناداً الى ما سبق، اعتبرت المحللة السياسية حياة الحويك عطية لـ «السفير» أن «تأكيد أو نفي إن كان الحدث ارتداداً لما جرى في حلب أم لا يعتمد على تحديد رواية معينة»، مبينة أن «تحديد سيناريو الحدث سيسهم بتحديد إن كان ما جرى هو رسالة للأردن. فما زلنا لا نعلم إن كان الحدث قد انفجر من قبيل الصدفة أو أنه مدبّر كي ينفجر بهذه الصورة ضد الأمن الأردني».

وأضافت الحويك انه «إذا كان انفجار هذا الحدث مدبراً، فإنه رسالة موجهة للأردن من دول ترفض صمته حيال ما يجري في سوريا». رغم ذلك تؤكد عطية «أن الأردن ليس بعيدا عن ارتدادات ما يجري في سوريا، على اعتبار أنه مع تركيا أكثر دولتين معرضتين لهذه الارتدادات في ظل أن العراق باتت بؤرة مشتعلة، في حين أن لبنان ينحو نحو الاستقرار بفضل ضبط الحدود والتوافق الجاري حالياً بين أقطابها السياسية». وذكّرت بأن «تركيا متهمة من قبل الجماعات المسلحة بأنها عقدت صفقة مع روسيا، بينما الأردن، كما سبقت الاشارة، هو متهم بصمته حيال ما يجري في سوريا وغير راغب في التورط في الأزمة السورية، وثمة دول راغبة في جره للتورط».

من جهته، استبعد الخبير العسكري اللواء المتقاعد فايز الدويري في حديثه لـ «السفير» أن يكون ما جرى في الكرك ارتداداً لما جرى في حلب، مبيناً أن الأردن «في عين العاصفة، ومن الطبيعي أن يطاله الشرر»، مذكراً بأن عدد العمليات الإرهابية التي استهدفت الأردن منذ عام 1993 وحتى اليوم هي 16 عملية، في غالبيتها نظمها تنظيم القاعدة ضد الأردن»، ومعتبراً أن داعش «هو الامتداد لتنظيم القاعدة وليس جبهة النصرة».

وعلقت عطية على ما سبق قائلة «لا أعتقد أن ثمة فوارق كبيرة بين جبهة النصرة وداعش وأحرار الشام وغيرها، إلا من منطلق واحد، وهو الدول المشغلة لهم، بالتالي اذا علمنا الجهة المسلحة المتورطة بأحداث الكرك فسنعلم طبيعة الرسالة الموجهة للأردن».
وشددت على أن «حسم الأمن الأردني لهذه الأحداث، يعني أنه يرد برسالة مقابلة مفادها القدرة على ضبط الدولة، وحينها سيكسب الأردن حلفاء».