بوتين نجح في إنجاز هذا التحدي قبل نهاية العام... ماذا بعد؟

بوتين نجح في إنجاز هذا التحدي قبل نهاية العام... ماذا بعد؟

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٢٦ ديسمبر ٢٠١٦

ماهر الخطيب
منذ إنطلاق العمليات العسكرية في مدينة حلب، كان من الواضح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد الإنتهاء منها قبل نهاية العام الجاري، على أساس الإستفادة من فترة السماح، التي تفصل بين إنتخاب الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب وتسلمه السلطة فعلياً مع إنطلاقة العام الجديد، بهدف فرض أمر واقع على طاولة المباحثات الثنائية بين البلدين.
من حيث المبدأ نجح بوتين في تحقيق هذا الهدف، حيث تم الإعلان عن عودة عاصمة سوريا الإقتصادية إلى كنف الدولة كاملة، أول من أمس، وبالتالي تعدلت شروط أي تسوية سياسية مقبلة عما كانت عليه أيام المحادثات مع الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها برئاسة باراك أوباما، بالرغم من أن نجاح تنظيم "داعش" الإرهابي في إستعادة السيطرة على مدينة تدمر الأثرية، كان ضربة قاسية لجهود موسكو في الحرب السورية.
إنطلاقاً من هذا الواقع، يمكن فهم إعلان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن عملية تحرير حلب جرت بأمر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من دون إهمال حديثه عن أن الأمر تم بالتنسيق مع تركيا وإيران، فالحديث عن التعاون مع إيران في هذه العملية هو أمر طبيعي، بسبب التحالف بين الجانبين، لكن الجديد هو المعلومات عن دور تركيا في هذه العملية، حيث المقصود على الأرجح صمت أنقرة عنها، بالإضافة إلى ضغطها على فصائل المعارضة السورية المتعاونة معها من أجل الوصول إلى تسوية.
في هذا السياق، من الطبيعي أن يرتكز بوتين على هذا الإنجاز للعودة إلى الهدف الثاني من العمليات العسكرية السورية، أي الضغط باتجاه الذهاب نحو طاولة مفاوضات ضمن شروط تصب لصالح المحور الذي يقوده، لا تتوقف عند رفض تقسيم البلاد والحفاظ على وحدة أراضيها بل تشمل أيضاً إبعاد البحث في مصير الرئيس بشار الأسد عنها، من دون أن يشمل أي إتفاق لوقف إطلاق النار من الممكن الوصول إليه مع الفصائل التي تصنفها موسكو منظمات إرهابية، أي جبهة "النصرة" وتنظيم "داعش" بشكل أساسي، وهو سيستعين حكماً بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد أن نجح في إبعاده عن السياسة الأميركية، التي كانت تسعى إلى الذهاب إلى حرب إستنزاف مع روسيا، إستناداً إلى الهجمات العسكرية التي تقوم بها الفصائل المعارضة، مقابل ضمان الحد الأدنى من مصالحه.
بالإضافة إلى ذلك، يأمل الرئيس الروسي بأن ينفذ الرئيس الأميركي الجديد التعهدات التي كان قد قطعها في خطاباته الإنتخابية، لناحية التركيز على محاربة الإرهاب وعدم السعي إلى تغيير الإنظمة في بلدان الشرق الأوسط، بالإضافة إلى التعاون مع موسكو على مستوى الأزمة السورية، وبهذه الطريقة تكون الطريق معبدة أمام الوصول إلى حلٍّ سياسي سريع، عبر إجبار قوى المعارضة على الجلوس إلى طاولة مفاوضات مع الحكومة من دون شروط مسبقة أو مضخمة، لكن هذا لا يلغي الخشية من إمكانية نجاح النظام الأميركي في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، من خلال دفع ترامب إلى التأقلم مع السياسات الخارجية المعدة سلفاً.
على هذا الصعيد، يمكن القول أن موسكو، بعد أن نجح الجيش السوري في إستعادة السيطرة على أغلب المدن  الرئيسية، باتت في وضع أفضل بكثير من السابق على المستوى العسكري، الأمر الذي لا يمكن إلا أن يكون له تداعيات كبيرة على المستوى السياسي، وهي أيضاً نجحت في دفع الحكومة التركية إلى التعاون معها على هذا الصعيد، بالإضافة إلى تجاوزها الضغوط السياسية والإعلامية التي كانت تسعى بعض البلدان الأوروبية إلى فرضها عليها تحت عنوان الأوضاع الإنسانية، وللتأكيد على ذلك يمكن العودة إلى الإتفاق الذي كان قد تم أبرامها بين وزيري خارجية واشنطن وموسكو جون كيري وسيرغي لافروف، قبل أشهر، الذي سقط على وقع الغارات الأميركية على مواقع الجيش السوري في دير الزور.
في المحصّلة، نجح الرئيس الروسي، بالتعاون مع الرئيس السوري والحلفاء، في فرض معادلة: ما بعد حلب لن يكون كما قبلها، واليوم يمكن الإنتظار لمعرفة ما إذا كان تحرير المدينة سيقود إلى إطلاق مسار المفاوضات السياسية، من دون إهمال أن عامل أن التهديدات الأمنية باتت أكبر.
النشرة