سياسة ترامب من سورية بين الواقع والرهانات

سياسة ترامب من سورية بين الواقع والرهانات

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٢ يناير ٢٠١٧

حسن سلامة
بعد الانتصار الذي حققه الجيش السوري وحلفاؤه في حلب وما افرزه هذا الانجاز على المستويين العسكري والسياسي , تتجه الانظار نحو مسار الوضع السوري خلال الاشهر القليلة المقبلة وتحديدا على ثلاث مستويات :
_ المستوى الاول ويتعلق بالمسار الميداني وما اذا كان وقف اطلاق النار الشامل الذي جرى التوصل اليه في الساعات الماضية سيبقى صامدا وتحديدا ما اذا كانت المجموعات المسلحة ستلتزم به بشكل دائم , وكذلك الامر ما يتعلق باستمرار الحرب ضد الارهاب .
المستوى الثاني : التزام  الادارة الاميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب بما كانت تعهدت به من حيث محاربة الارهاب بكل تصنيفاته وصولا الى اقامة تحالف دولي مختلف عن التحالف الشكلي الذي تقوده الولايات المتحدة اليوم , فاْي تحالف لن يكون جديا وفاعلا من دون مشاركة كل من روسيا وسوريا وايران وحلفائهم فيه .
_  المستوى الثالث ويتعلق باطلاق مفاوضات الحل السياسي الذي يتوقع انطلاقها في نهاية الشهر المقبل في استانة , وهذه المفاوضات لن تصل الى النتائج المطلوبة ما لم يعترف الغرب بدءا من الادارة الاميركية الجديدة , بالاضافة الى تركيا والسعودية والمجموعات المسلحة , بان لا بديل عن الحل السياسي بعيدا عن اي شروط مسبقة وتحديدا تخلي الغرب وانقرة والرياض عن مقولة ان لا مكان للرئيس بشار الاسد في المرحلة الانتقالية , بل بالعكس فاطلاق الحل السياسي شرطه الاول بان يحصل تحت رعاية الرئيس  الاسد  والحكومة السورية .
من الواضح _ وفق مصادر دبلوماسية _ان حلفاء واشنطن يبحثون عن دور لهم في الحل المنتظر للأزمة السورية , ولذلك تتحرك كل من باريس وانقرة والرياض في الاتجاه الذي يؤمن لهم بعض الاوراق التي تمكنهم من استخدامها  عندما يحين اوان الحل السياسي , على الرغم من اختلاف الادوار لكل من هذه الدول بحيث ان باريس والرياض خسرتا اي دور ايجابي في الحل السياسي بفعل الاصرار على الرهانات الخاطئة , بينما نظام اردوغان استطاع عبر بعض  الخطوات الايجابية  التي قام بها مؤخرا بدءا من توسيع قنوات التفاوض مع كل من روسيا وايران ان يحفظ له دورا في هذه التسوية , وان كانت المصادر ترى ان تراجع انقرة الى الوراء وعدم حسم خياراتها بما يتعلق بمحاربة الارهاب سيفقدها هذا الدور او يقلل منه .
الا ان المصادر تعتقد ان الدور الاهم في المحور الاخر يبقى للولايات المتحدة , ولذلك فمسار الحل السياسي وغيره بما يتعلق بالملف السوري سيبقى معلقا الى مابعد تسلم ترامب وادارته مقاليد السلطة في الولايات المتحدة. لكن المصادر تدعو لعدم الرهان كثيرا على الادارة الجديدة في البيت الابيض , على الرغم من الوعود والشعارات التي كان اطلقها ترامب في خلال حملته الانتخابية , وذلك لاعتبارات عديدة :
_ الاعتبار الاول , انه من غير الواضح ما اذا كانت الادارة الجديدة في البيت الابيض قادرة على تجاوز ماتحاول ادارة الرئيس الحالي باراك اوباما فرضه من وقائع على ادارة ترامب , وبالاخص السماح بتزويد المجموعات المسلحة بأسلحة نوعية , وكذلك ما يتعلق بتصنيف الارهاب بعد ان تخلت الادارة الحالية عن التزاماتها السابقة بهذا الخصوص .
_الاعتبار الثاني : ان الفريق المحيط بترامب فيه مسؤولين يحملون نفس عقيدة الادارة الحالية من حيث التعاطي مع الأزمة السورية ,كما ان هناك اسماء في البنتاغون والأمن القومي يعتبرون من الصقور وهؤلاء لن يتوانوا عن محاولة دفع الادارة الجديدة نحو مغامرات في سوريا وغيرها .
_الاعتبار الثالث :ومضمونه هل ان ادارة ترامب ستلتزم بمحاربة الارهاب فعليا , من داعش الى جبهة النصرة ومن يتعاون معها , وبالتالي ماهي طبيعة  الخطوات التي ستتخذها ادارة البيت الابيض لتحقيق هذه الامر .
_ الاعتبار الرابع , كيف ستتعاطى ادارة الرئيس الاميركي الجديد , مع مقتضيات الحل السياسي في سوريا , ام ان هذه السياسة ستسلك نفس خيارات الادارة الحالية من حيث ابقاء نزيف الدم , خصوصا ان هناك تيار كبير في البنتاغون والكونغرس يدفع من اجل استمرار الحرب في سياق المشروع الاميركي لتفتيت سوريا ودول عربية اخرى لصالح هيمنة كيان  العدو الاسرائيلي .
في الخلاصة تقول المصادر ان مسار السياسات الاميركية مع كل الادارات يشير الى ان الاميركي يسير خطوة الى الامام وخطوتين الى الوراء , وبالتالي فمسار الحل السياسي للأزمة السورية يتحدد على وقع صمود سوريا وحلفائها في مواجهة الحرب الكونية على هذا الحلف .
العهد