أوباما يستبق عهد ترامب: أنا البطل!

أوباما يستبق عهد ترامب: أنا البطل!

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٦ يناير ٢٠١٧

قدّم الرئيس الأميركي، أمس، حصاداً أمام الأميركيين بإنجازات إدارته، على مدى ثماني سنوات. فاخر بما حققه في الداخل والخارج، على أمل أن يكون بذلك قد حفظ «إرثه» في وجه الجمهوريين الذين يتحيّنون الفرصة لنسفه

يواجه الرئيس الأميركي باراك أوباما التغييرات المقبلة على البيت الأبيض بترسيخ صورة «البطل» الذي تسلّم الرئاسة، قبل ثماني سنوات، «في أسوأ الظروف»، ليغيّر مجراها ويحدث تطوّرات لم يحققها أحد، في عهود مضت. «إرث» كلمة لم تتردّد سابقاً، كما تكررت في عهده. كان يدأب على الترويج لها عند كل منعطف في تجربته السياسية الداخلية والخارجية.

وهو الآن، في الوقت الذي يرى فيه الجمهوريين، ومعهم الرئيس المنتخب دونالد ترامب، يبدأون بالعمل على نسف أبرز ركائزه، خطّ رسالة إلى الشعب الأميركي ضمّنها إنجازاته، علّه يتمكّن من رسم نوع من الامتداد لـ»عقيدته»، بعد انتهاء ولايته.
وقدّم أوباما، أمس، تذكرة عبوره للخروج من البيت الأبيض. وفي رسالته، حرص على حفظ الملفات والقضايا التي خاض فيها، مذكّراً بإيجابية نتيجتها، ومتمّماً مواجهته للانتقادات التي طالت الكثير منها. وعلى الرغم من أنه سيلقي خطاب الوداع يوم الثلاثاء المقبل في شيكاغو، لكنه عمد إلى استباق هذه المناسبة بشهادة اعتزاز بنفسه، إضافة إلى تقارير من كل واحد من وزرائه تصف التقدم الذي تمّ إحرازه منذ تولّي أوباما الرئاسة، عندما كانت البلاد التي تملك أكبر اقتصاد في العالم «تتجه نحو الركود»، على حدّ تعبيره.
وفي الرسالة التي نشرها البيت الأبيض، قال: «فيما أستعد لتسليم الراية والبدء بأداء واجباتي كمواطن عادي، أقول بفخر إننا أرسينا أسساً جديدة للولايات المتحدة». وتحدث عن النهوض في الاقتصاد الأميركي، وخفض عديد القوات الأميركية في أفغانستان والعراق، والانخفاض الكبير في الاعتماد على النفط المستورد، والتوصل إلى اتفاق باريس حول التغير المناخي.
وقال أوباما إن الولايات المتحدة «بدأت مهمّة طويلة للقضاء على انعدام المساواة»، مشيراً إلى أنه «بعد ثماني سنوات، نما الاقتصاد بنسبة 3 في المئة، بعدما كان يتقلّص بنسبة 8 في المئة». كذلك أكد أن الإجراءات التي اتخذتها إدارته «لم تخنق النمو، كما يروّج المنتقدون».

هاجم ترامب الديموقراطيين واصفاً زعيمهم في
الكونغرس بالمهرّج

ولكن أوباما وضع على رأس قائمته «قانون الرعاية الصحية المنخفضة الكلفة»، وهو برنامج إصلاح الرعاية الصحية البارز الذي يفتخر به، والذي توعّد ترامب بإلغائه. وقال: «منذ أن وقّعت على قانون الرعاية الصحية، أضيفت أكثر من 15 مليون وظيفة جديدة». ولفت إلى أن إلغاء هذا القانون سيؤدي إلى «حرمان 30 مليون أميركي من الرعاية الصحية، معظمهم من البيض وأبناء الطبقة العاملة، وحرمان العمّال من أجور الساعات الإضافية التي استحقها معظمهم، أو تخصيص الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي، والسماح للسوق المالية بتنظيم نفسها بنفسها مرة أخرى ــ وهي ليست الأمور التي صوّت الأميركيون من الطبقة الوسطى عليها».
وتعرّضت إصلاحات أوباما للانتقادات، خلال حملة انتخابات الرئاسة، مع ارتفاع أقساط التأمين وخروج عدد من كبار شركات التأمين من أسواق الولايات. إلا أن عناصر من برنامج «أوباما كير» لا تزال تلقى قبولاً واسعاً، وخصوصاً البنود التي تحظر على الشركات رفض توفير التغطية الصحية للمواطنين بسبب إصابتهم بأمراض قبل اشتراكهم في التأمين، والسماح للأبناء بالاحتفاظ بالتغطية الصحية في إطار خطط التأمين العائلية حتى عمر 26 عاماً.
وفيما يتحرّك الجمهوريون بقوة في الكونغرس باتجاه إلغاء «أوباما كير»، فقد استبق أوباما هذه الرسالة بحملة شنّها لمحاولة إنقاذ البرنامج الصحي، وقام بزيارة قلّ مثيلها إلى مبنى الكونغرس لحشد الديموقراطيين، في أول معركة كبرى ستخوضها الإدارة المقبلة. في مواجهة ذلك، قام نائب الرئيس المنتخب، مايك بنس، بزيارة للكونغرس للتشاور مع الجمهوريين الذين يسيطرون على مجلسي النواب والشيوخ، وسيهيمنون على البيت الأبيض فور تنصيب ترامب في 20 كانون الثاني. وقال بنس، على الأثر، إن «إلغاء مشروع أوباما كير هو الأمر الأول على جدول الأعمال»، مضيفاً أن «معالم الصيغة البديلة ستتشكل، عبر الآلية التشريعية، في الأسابيع والأشهر المقبلة». وقد تزامن ذلك مع سلسلة تغريدات صباحية، هاجم فيها الرئيس المنتخب الديموقراطيين بشدة، واصفاً زعيمهم في الكونغرس تشاك شومر بأنه «مهرّج»، ومطالباً إياهم بالتعاون مع خصومهم الجمهوريين، لوضع برنامج صحي جديد.
أوباما لم يغفل في رسالته الحديث عن السياسة الخارجية. وفيما تناسى المغامرات التي خاضتها بلاده في الخارج، طيلة عهده، فقد ركّز على أن «أيّ منظمة إرهابية خارجية لم تتمكّن من تخطيط وتنفيذ هجوم على أرضنا». ولم يغفل العودة إلى معزوفة قتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، على أنه من أهم إنجازاته. كذلك لم ينسَ الإشارة إلى «التحالف الدولي» الذي تقوده بلاده ضد «داعش»، مروّجاً لنظريته التي تقول إنه تمكن من «كسر ظهر داعش، وحرمانه من مناطقه الآمنة».
أما عن الاتفاق النووي، فقد كرّر الحجة ذاتها، وهي أنه أدى إلى «إيقاف برنامج إيران النووي»، متطرّقاً في الوقت نفسه إلى «الانفتاح على الشعب الكوبي». ولكن ما قد يثير حنق أوباما هو أن هذين الإنجازين سيكونان خاضعين للتداول والنقاش والمواجهة في أروقة الكونغرس، في ظل اعتراض الجمهوريين، ومعهم ترامب، على أبرز بنودهما، وتلويحهم بالقضاء على الاتفاق النووي، وإعادة فرض عقوبات على كوبا.
وبانتظار ما ستؤول إليه «إنجازات» أوباما وإرثه، فقد قلّده البنتاغون ميدالية وزارة الدفاع، أمس، تكريماً له «على أدائه المتميّز في مكافحة الإرهاب وردع روسيا وتعزيز علاقات الشراكة بين بلاده والدول الأخرى وتطوير القوات المسلّحة».