بعد تحرير الموصل..هل ينتهي داعش في العراق؟

بعد تحرير الموصل..هل ينتهي داعش في العراق؟

أخبار عربية ودولية

السبت، ٢١ يناير ٢٠١٧

شارل أبي نادر - عميد متقاعد

تشهد مدينة الموصل حاليا معركة حاسمة بين تنظيم داعش الارهابي من جهة، والجيش العراقي والوحدات العسكرية والامنية المنضوية بإمرته من جهة اخرى، وبعد استعادة الجيش السيطرة على كامل الساحل الايسر للمدينة او ما يسمى بشرقها، تتحضر وحداته لاستكمال السيطرة على الساحل الايمن منها او ما يسمى بغربها، لتكون بذلك على الطريق لتحرير المدينة العراقية الاكبر بعد العاصمة بغداد، والتي اتخذ منها امير داعش " ابو بكر البغدادي " عاصمة للتنظيم في دولته المزعومة في العراق والشام.

لقد اتخذت الدولة العراقية قرار استعادة السيطرة على مدينة الموصل، وذلك بعد تنفيذ الكثير من المعارك الهجومية التي حررت عبرها القسم الاكبر من المحافظات الوسطى، ولا شك ان الكثير من تلك المعارك تميزت بالصعوبة والخطورة بعدما واجه فيها التنظيم الوحدات العسكرية العراقية بشراسة، كونه وضع جهودا ضخمة في محاولة الحفاظ على تلك المواقع الاستراتيجية، والتي امتدت على مجرى نهر دجلة بدءًا من شمال بغداد مرورا بسامراء وتكريت وبيجي والشرقاط فالقيارة حتى تخوم الموصل من جهة، وعلى مجرى نهر الفرات، اعتبارا من غرب العاصمة مرورا بالفلوجة والرمادي وهيت وحديثة باتجاه الحدود مع سوريا من جهة اخرى.

  صحيح ان "داعش" خسر مواقعه في محيطي دجلة والفرات، لكن وجوده الان في العراق هو على المحك بعد هذه المعركة الاخيرة لتحرير الموصل في شمال العراق والتي تمثل بالمبدأ اوسع واكبر معارك الدولة العراقية ضد التنظيم الارهابي، وحيث ان معركة الموصل لم تكن معركة مستقلة استهدفت المدينة العراقية الشمالية الاستراتيجية فحسب، بل واكبها معركة اخرى لا تقل عنها اهمية، وهي الهجوم الناجح الذي نفذه الحشد الشعبي على المحور الجنوبي الغربي للموصل انطلاقا من حدود القيارة والشورة، وصولا الى مدينة ومطار تلعفر على تخوم سنجار حيث تنتشر عناصر من البشمركة، فهل يمكننا القول ان داعش قد هُزم بالكامل في العراق وفقد قدراته الميدانية والعسكرية، ام انه سيخرج من كبوته ويعيد تنظيم وحداته ومناورته من جديد؟

في قراءة ميدانية وجغرافية لخارطة انتشار داعش في العراق حاليا، بعد خسارته المرتقبة لكامل مدينة الموصل، وبعد ان فقد سابقا اغلب مواقعه في وسط وغرب وشمال العراق، يمكننا القول ان الوضع العسكري الحالي للتنظيم في العراق هو على الشكل التالي:

- خسر التنظيم تباعا وفي اغلب المواجهات التي خاضها، العدد الاكبر من عناصره اصحاب الخبرات، من الاجانب والانتحاريين، والذين كانوا يشكلون عماد معركته الهجومية والدفاعية سابقا.

- تناقصت مع الوقت امكانيات التنظيم في التجهيز والتسليح، وذلك بسبب الحصار الذي فرض عليه وبعد ان استنفذ اغلب تلك القدرات والامكانيات في المعارك المتواصلة التي خاضها مؤخرا، ودون ان يتسنى له تعويضها.

- خسر اغلب غرف عملياته التي كان يدير عبرها معاركه الميدانية والعسكرية والارهابية، وبالتالي فقد قدرته المعهودة في القيادة والسيطرة، والتي تميز بها في بداية انتشاره وتمدده.
- فُصلت وحداته في الموصل وغربها عن وسط نينوى الغربي وعن الاراضي السورية في ارياف الرقة الشرقية وارياف الحسكة الجنوبية الشرقية.
- فُصلت وحداته في الموصل ايضا عما تبقى من مواقعه غرب الانبار على امتداد الحدود مع سوريا بين مدينتي القائم العراقية والبوكمال السورية وامتدادا الى دير الزور.

هذا لناحية الوضع الميداني والعسكري الصعب لوحدات داعش؛ اما من الناحية الاخرى، يمكن القول ان الجهوزية العملانية واللوجستية للوحدات العراقية تميزت مؤخرا بالنقاط الايجابية التالية:

- بعد ان خاضت الوحدات العراقية اصعب المعارك وعلى فترة ناهزت الأربع سنوات تقريبا بمواجهة تنظيم شرس متمرس في الاعمال القتالية والارهابية، اصبحت تمتلك خبرات مهمة رفعت من مستواها القتالي بشكل عام.
- اصبحت الوحدات العراقية بمجملها، وبالاخص وحدات مكافحة الارهاب تمتلك خبرات مهمة في مواجهة العمليات الارهابية الخاصة التي تميز بها التنظيم، وخاصة في التعامل مع السيارات المفخخة ومع الانتحاريين الارهابيين.
- تعززت مؤخرا اغلب الوحدات العراقية باسلحة حديثة متطورة، ما ساهم في تفعيل قوتها الجوية والبرية.
- كان لافتا في المرحلة الاخيرة ما تميزت به الوحدات العراقية لناحية القدرات الاستعلامية، وذلك بعد ان فعّلت هذه القدرات عبر العنصر البشري في اماكن تواجد داعش، حيث المعلومات الدقيقة عن نقاط تواجده وتواجد قادته ومسؤوليه، وبعد استفادتها من تقنيات حديثة في الرصد والمراقبة والتنصت من خلال أجهزة متطورة وطائرات بدون طيار حصل عليها مؤخرا.

 اخيرا... ومن خلال النقاط الايجابية المذكورة التي اصبح يمتلكها الجيش العراقي والوحدات المنضوية بامرته، ومن خلال ما سبق ذكره عن الوضع المتردي لداعش ميدانيا وعسكريا وبشريا، يمكن القول ان معركة التنظيم الارهابي اصبحت خاسرة في العراق، وان وحدات التنظيم هناك هي على طريق الانهيار الكامل، والذي لم يعد يتطلب اكثر من متابعة نهائية للخطط الموضوعة، والرامية الى اكمال تحرير مجرى الفرات حتى القائم على الحدود مع سوريا، والى استعادة السيطرة على منطقة الحويجة جنوب كركوك .

العهد