هل تبارك دمشق التحالف الروسي - التركي المستجدّ؟

هل تبارك دمشق التحالف الروسي - التركي المستجدّ؟

أخبار عربية ودولية

السبت، ٢١ يناير ٢٠١٧

سنا السبلاني | أجرت القوات الجوية الروسية والتركية عملية جوية مشتركة ضد تنظيم "داعش" بالقرب من مدينة الباب في ريف حلب. هذه العملية هي الأولى من نوعها وتشكّل سابقة هامة جدًا الأراضي السورية،

  لناحية تعاون روسيا وتركيا في شن هجوم مشترك على الأراضي السورية، خصوصاً وأنها حصلت بموافقة دمشق الذي كان يدين سابقاً تدخل تركيا في الحرب الدائرة على أراضيه. فما هي الأبعاد التي تحملها هذه العملية؟ وهل يمكن القول إن الخلاف السوري - التركي تبدد وأننا أمام تحالف جديد قد يقلب الأمور؟

  ما حصل هو عمل ميداني قد يتكرر أو لا يتكرر إلاّ أنه تطور مفصلي في سياق المواجهة الموجودة لناحية ترجمة التفاهمات السياسية بين تركيا وروسيا على المستوى الميداني في سوريا، لجهة انخراط تركيا في عمل يعتبر الى حد ما، وبخاصة إذا حصل بموافقة القيادة السورية، قانونياً، وهذا إيجابي لناحية محاربة الإرهاب، يقول المحلل والخبير العسكري عمر معربوني في اتصال مع "الجديد".

  وبحسب معلومات معربوني، فقد نفّذ سلاح الجو السوري منذ يومين 12 غارة على جنوب الباب، وهناك قوات تتحضر للتقدم باتجاه المدينة، حيث يرى معربوني أن المشهد ضبابي الى حد ما، فقد توقفت عمليات درع الفرات المدعومة من تركيا بشكل نهائي وبدأ الجيش السوري بتنفيذ غارات عبر سلاح الجو التابع له. لكن لا احد يمتلك معلومات دقيقة حول من سيتقدم باتجاه الباب، يضيف معربوني مشيراً الى أن المسائل مرتبطة بما سيحصل في الأستانة "لهذا يحاول الجانب التركي أن يذهب الى المفاوضات وهو يمتلك أوراق قوة أكثر".

  ومن خلال اطّلاعه على تفاصيل الغارات، يقول معربوني إن العملية الجوية المشتركة حصلت بقيادة روسية بحتة، إذ أن طائرة "سوخوي 34" الروسية هي التي قادت مجموعة الطائرات التي تشكلت من 9 طائرات روسية و8 طائرات تركية. و"الجانب الروسي حريص جداً ألاّ يتم أي عمل عسكري من دون موافقة الأركان والدولة السورية"، مشيراً الى أن الأمور قد تتبدّل على الرغم من أن تركيا حتى اليوم لم تستدر استدارة كاملة باتجاه المعسكر الروسي - السوري ولا زالت تحتفظ بالكثير من الاوراق التي تمكنها من المناورة سياسياً.

  لكن ذلك لا يعني، وفقاً لمعربوني، أن الامور وصلت الى حد التحالف بين تركيا وروسيا أو سوريا، فالمسألة حتى اللحظة تندرج ضمن باب التفاهمات تمليها الضرورات والمصالح، هذه التفاهمات المتتالية يمكن أن تنتج جوًّا إيجابياً في إطار محاربة الارهاب وبالتالي قد ينتج عنها تحالفات في المستقبل، لكن حتى اللحظة لا يمكن القول ان هناك تحالف بين روسيا وتركيا، بل هي تفاهمات تمليها الضرورة بحكم الواقع الميداني الموجود.

  لكن كيف تدعم تركيا مجموعات معارضة تحاربها الدولة السورية وتساند في المقابل حليف النظام الأول في محاربة المجموعات المسلّحة؟

  تركيا تسعى الى تثبيت مصالحها وأوضاعها من خلال الجماعات المسلّحة التي تدعمها، وهي -رغم ما تبديه من تعاون- لا تزال تناور لإمساكها بأوراق هامة جداً، وتحاول تحسين شروط التفاوض للجماعات المسلّحة المحسوبة عليها والتي ستذهب الى الأستانة، يقول معربوني، لكن "لا تناقض في الأمر فالواقع الميداني السوري متداخل وشديد التعقيد".

  إيران وروسيا لديهما وجهة نظر عقلانية في هذه المسألة تشير الى أن التعامل مع النظام التركي الحالي سيكون أهون بكثير من التعامل تركيا ذاهبة الى الفوضى، بحسب معربوني "أما تركيا، فهي مجبرة على الإختيار بين واقعين حلوهما مرٌّ، وهما إمّا الفوضى الناتجة عن الارهاب، أو العلاقة مع روسيا ومع ايران. وهي تدرك أن ما يحصل في سوريا ينعكس عليها سلباً وبالتالي انخراطها في العملية العسكرية مع روسيا ناتج عن مسألتين؛ الأولى هي هزيمة الجماعات المسلّحة المدعومة من تركيا في حلب، والثانية هي تعرّض تركيا لعمليات إرهابية بوتيرة متصاعدة وفي أكثر من مكان، فضلاً عن أن المخابرات الروسية والايرانية كانتا أول من كشف عملية الانقلاب في تركيا ووقفت الى جانب رئيسها رجب طيب اردوغان".

  المشهد لم يكتمل بعد لأن هناك غزلاً بين تركيا والإدارة الأميركية الجديدة، لذا يجب أن ننتظر المرحلة الجديدة المقبلة لنتبين الخيط الأبيض من الأسود في طبيعة العلاقات