ترامب..الشرق الأوسط منقسم بين متخوف ومترقب ومرحب..

ترامب..الشرق الأوسط منقسم بين متخوف ومترقب ومرحب..

أخبار عربية ودولية

الأحد، ٢٢ يناير ٢٠١٧

بينما ينظر عدد من قادة الشرق الأوسط بترقب كبير لفترة حكم دونالد ترامب، يشعر آخرون بارتياح بسبب انسجام مواقفهم مع مواقف ترامب المثيرة للجدل. فهل سيكون ترامب بالفعل عند “حسن ظن” هؤلاء أم أن فترة حكمه ستحمل لهم خيبات أمل؟
*
أدى دونالد ترامب اليمين الدستورية الجمعة ليصبح الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة وبذلك تسلم قيادة البلد الذي يعيش حالة انقسام بعد أن فاز بالانتخابات ليضع واشنطن على مسار جديد يلفه الغموض في الداخل والخارج.  فكما يثير وصول ترامب إلى السلطة جدلا ومخاوف كبيرة داخل الولايات المتحدة نفسها، لا يقل الوضع أهمية خارجها، إذ يترقب عدد من حكام دول منطقة الشرق الأوسط فترة حكم ترامب بكثير من القلق بسبب تصريحاته النارية بينما لم يخف عدد آخر منهم ارتياحه لوصول ترامب إلى السلطة وبشكل خاص الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بالإضافة إلى الرئيس السوري بشار الأسد. فهل يبني هؤلاء ارتياحهم على مجرد شعارات انتخابية كان أطلقها ترامب في السابق أم أن الرئيس الأميركي الجديد سوف يقلب بالفعل السياسية الخارجية الأميركية رأسا على عقب وسيكون عند “حسن ظن” هؤلاء القادة؟
تفاؤل حذر
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان أول المهنئين لدونالد ترامب بمجرد إعلان فوزه في الانتخابات. ولا يخفي السيسي أنه يرى في ترامب حليفا أفضل من سلفه أوباما الذي لطالما وجه انتقادات للنظام المصري خصوصا فيما يتعلق بموضوع انتهاكات حقوق الإنسان. ومن جهته لا يخفي ترامب إعجابه بالسيسي فقد صرح بعد لقاء جمعه معه على هامش اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة بأنه “شخص رائع” وبأنه توجد “كيمياء” بينهما.
ومن أبرز النقاط التي يتفق عليها الطرفان الموقف من جماعة الإخوان المسلمين. وفي هذا الصدد يقول الخبير والصحفي أمين قمورية إن الأنظمة الشمولية العسكرية بشكل عام ترحب بقدوم ترامب ومعجبة بتصريحاته التي يتحدث فيها عما يسميه “الرجال الأقوياء”، اذ أنه يركز على محاربة الإسلام السياسي وهذا يتناسب مع سياسات أنظمة كالجزائر ومصر وحتى سوريا.
وفي ما يتعلق بحالة مصر لا يستبعد الخبير اللبناني أن يتم في عهد ترامب تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية في الولايات المتحدة. “لكن موقف ترامب الداعم بشكل كبير لإسرائيل قد يشكل فيما بعد خيبة أمل بالنسبة للسيسي على اعتبار أن تقوية مصالح إسرائيل تعني بالضرورة تضرر الدول العربية وعلى رأسها مصر، إلا إذا كان السيسي يضع نفسه في نفس الخندق مع إسرائيل”.
نقطة أخرى قد تخيب آمال السيسي باعتقاد قمورية وهي الدور الإثيوبي، إذ يرى أن تعزيز الدور الإثيوبي – وهو ما تسعى إليه أميركا – سيكون بالضرورة على حساب مصر. ويشرح ذلك بالقول: “يُتوقع أن يكون لإثيوبيا دور مهم في عهد ترامب إذ ستسعى الإدارة الجديدة من خلال هذا البلد إلى تعزيز وجودها في منطقة القرن الإفريقي عموما، وإن حصل هذا بالفعل فسيشكل ذلك بالنسبة لمصر تهديدا قوميا خاصة أنه سيكون على حساب خطة مصر في النيل والمشاريع المائية”.
الموقف من الإخوان المسلمين من أهم نقاط التقارب بين السيسي وترامب.
تأجيج الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
تصريحات ترامب خلال حملته الانتخابية طالت أيضا واحدة  من أكبر القضايا الشائكة في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وهي وضع القدس عندما قال إنه سيعمل على الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها. وحذر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الأسبوع الماضي من أن مشروع ترامب لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس يمكن أن يدفع الفلسطينيين إلى “التراجع عن الاعتراف بدولة إسرائيل”.
وحتى بعد خطاب أوباما الأخير وما تطرق إليه بشأن حل الدولتين، لم يفوت ترامب هذه المناسبة أيضا لإبداء دعمه لإسرائيل، وعلى هذا الأساس ينتظر تيار اليمين الإسرائيلي بحماس وصول ترامب للبيت الأبيض على أمل أن يدشن رئيس جمهوري حقبة جديدة من الدعم لأنشطة الاستيطان الإسرائيلية على أراض يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها. ويقول قمورية إن تصريحات ترامب بخصوص نقل السفارة واعتماد القدس عاصمة لإسرائيل لها وزن كبير حتى وإن كانت مجرد شعارات انتخابية لن تطبق بالضرورة. ويضيف في هذا السياق: “مجرد إطلاق هذه التصريحات هو بمثابة ضوء أخضر بالنسبة لإسرائيل للمضي قدما في عدد من الإجراءات مثل الاستيطان وهو ما كانت تتعامل معه في السابق بحذر أكبر حتى لا تصطدم بالمجتمع الدولي والقرارات الدولية”.
ويأتي تولي ترامب السلطة في وقت يروج فيه حزب البيت اليهودي اليميني المتطرف إلى جانب أعضاء من حزب الليكود، الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لتشريع سيؤدي إلى ضم مستوطنة كبيرة في الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل بالإضافة لمشروع قانون آخر سيقنن عشرات من المواقع الاستيطانية غير المرخصة.
التقارب بين ترامب وبوتين -الحليف القوي- والتركيز على خطر الإرهاب، هل يجعل النظام السوري في أمان؟
ترامب والأسد والخليج
وفيما يتعلق بالأزمة السورية التي يبدو أن السياسية الأمريكية فيها ستتخذ منحى مغايرا مع ترامب على الأقل حسب ما توحي به مواقفه المتقاربة مع روسيا، تبقى الأمور غير واضحة تماما بسبب التوتر الموجود بين ترامب وإيران. فبعد تصريحات كان تعهد فيها بإلغاء الاتفاق النووي التاريخي مع إيران، عبرت الأخيرة مؤخرا عن معارضتها لمشاركة الولايات المتحدة في محادثات أستانا للسلام في سوريا. ويأتي هذا الموقف الإيراني في وقت دعت موسكو فريق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى المشاركة في هذه المحادثات. كما أكدت تركيا من جانبها مرارا أن الولايات المتحدة مدعوة إلى المحادثات.
ويقول قمورية إن الأسد سيستفيد بالفعل من مجيء ترامب للسلطة على الأقل من ناحية أن الضغط الأمريكي سيخف عليه، لأن ترامب يرى أن الخطر الأكبر في سوريا هو الإرهاب، بينما كان يعتبر أوباما الإرهاب والأسد خطرين معا، كما أن الأسد مرتاح بسبب التقارب بين حليفه بوتين وترامب.
وفيما يتعلق بالعلاقات مع إيران يقول قمورية :”رغم تصريحات ترامب العدوانية تجاه إيران، ليس واضحا إن كان بالفعل سيطبق تهديداته أم أن تركيزه على الحرب ضد الإرهاب سيكون هدية جديدة لإيران لتتوسع أكثر في المنطقة كما كان إسقاط صدام كهدية استفادت منها”.
وإن كانت دول الخليج وعلى رأسها السعودية لطالما وجهت انتقادات للإدارة الأميركية السابقة خاصة بسبب الاتفاق النووي الإيراني. ورغم تصريحات ترامب المعادية لإيران، الغريم التقليدي، إلا أن الخليجيين يترقبون بحذر كبير فترة حكم ترامب بعد تصريحاته اللاذعة لهم ومطالبته إياهم بدفع “تكاليف حماية أميركا لمصالحهم طول الفترة الماضية”، وإذا طبق ترامب ما صرح به فسيشكل ذلك تحولا كبيرا في سياسة واشنطن الخارجية، الأمر الذي قد يعني تخليها عن حلفاء تاريخيين استراتيجيين كالسعودية، وفي هذا الإطار يقول قمورية: “المخاوف الخليجية في محلها، فترامب ينظر إلى هذه الدول بمنظور الفائدة والمعنى التجاري، وعلى هذا الأساس فالأموال الخليجية في الولايات المتحدة مهددة خصوصا بسبب ورقة قانون جاستا التي سيستغلها ترامب ضد السعودية”.