“سمارا”.. مراسلة تواجه داعش بـ”الكاميرا والسلاح”

“سمارا”.. مراسلة تواجه داعش بـ”الكاميرا والسلاح”

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٢٤ يناير ٢٠١٧

 لم تكتف «سمارا» بدورها الإعلامى الخاص بتغطية الحرب، بل حملت السلاح ضد «داعش» وشاركت فى قتل رجاله، والتحقيق مع نسائه المقبوض عليهن من قبل القوات العراقية.
وتحدثت ابنة الـ٢٨ عامًا لـ«البوابة» عن مغامراتها الحربية ضد «داعش»، وتفاصيل ما توصلت إليه من أسرار حول التنظيم الإرهابى، موضحة أن دورها ينطلق من الواجب الوطنى والشرعى فى الدفاع عن الوطن والعقيدة والمقدسات، لافتة إلى أن الواجب الوطنى وشرف المهنة يستوجبان منها الدفاع عن بلدها الذى ولدت وعاشت وتعلمت فيه، لذلك تسعى إلى ضرب المنظومة الإعلامية الداعشية، وإسقاط التنظيم إعلاميا ونفسيا من خلال حرب إعلامية شاملة، والتلاعب بنفسيته وإحباط معنوياته.
«سمارا» أكدت أنها بدأت كمراسلة حربية أثناء الحرب على سوريا، حيث أجرت عدة لقاءات مع مجموعة مقاتلين فى سوريا لقناة الإخبارية السورية التابعة للرئيس السورى بشار الأسد، ثم بدأت تذهب لمناطق الحروب فى العراق دون علم أهلها وحتى دون علم زملائها الإعلاميين حتى تم اكتشاف أمرها أثناء مشاركتها فى إحدى المعارك ضد «داعش»، ومن وقتها انخرطت للعمل المعلن مع الجيش العراقى.
وعن أجواء الحرب، أوضحت أن أجواء الحرب صعبة جدا على الرجال، وصعوبتها أشد على النساء، لكنها تعودت على هذه الأجواء منذ الصغر فى زمن «صدام حسين»، حين قاوم والدى وكل عائلتى حكمه، ومن ثم أخوتى الذين ساروا على نفس الخط فى زمن «صدام» ثم الأمريكان، والآن يقاومون الإرهاب. وأوضحت أن أكثر المواقف الخطرة التى تعرضت لها فى الحرب عندما تمت محاصرتها ثلاث مرات من قبل قناصة «الدواعش»، مضيفة: «مرة كنت مع لواء البتار، التابع لفصيل بدر فى منطقة العوجة، حيث كنا فوق إحدى البنايات نستطلع المكان وتم الاستهداف، والأخرى فى الصقلاوية مع سرايا عاشوراء، والثالثة فى تل العيس السورية».
ولفتت إلى أنها تعرضت أيضا لمحاولة اختطاف من قبل بعض الميليشيات التابعة للأمريكان، إلا أن كتائب «حزب الله» أفشلوا مخطط خطفها، ونجحوا فى القبض على محاولى اختطافها فى منطقة «جرف الصخر»، المؤدى لمحافظة «الأنبار» العراقية، كما تعرضت لمحاولة اغتيال فى بيتها، ولكن المحاولة فشلت أيضا. وأكدت أنها شاركت فى الحرب مع «الحشد الشعبى»، وتدربت على السلاح والرماية، مضيفة أنها كانت تصوب نحو بعض قناصة العدو، وتم تدريبها على القنص، وشاركت فى أقوى المعارك مثل «البو حشمة» و«مكيشفية» و«زلاية» و«عوينات» و«سبايكر» و«العوجة».
وأشارت «سمارا» إلى أنها تعرضت لإصابتين؛ الأولى رصاصة قرب الرأس لكنها كانت خفيفة، والثانية إصابة بالغة كانت بالسلاح الكيماوى المحظور، حين قام «الدواعش» بضرب قواتها بمواد كيماوية مثل غاز الخردل وغيرها من المواد المحظورة، وبسبب استنشاقها هذه المواد تعرضت لمضاعفات كبيرة فى الصدر والعيون والأنف والأذنين والحنجرة والقصبات والكبد، ما اضطرها للعلاج داخل وخارج العراق.
وعن أخطر ما رصدته من جرائم لتنظيم «داعش» الإرهابى، أوضحت أنه عندما كانت قوات «الحشد الشعبى» والقوات الأمنية تحاصر منطقة «العوجة»، مسقط الرئيس الراحل صدام حسين، وكان فيها عدة قصور لعائلته يتحصن فيها مجموعة خطرة من «الدواعش». وتابعت: «كانت المسافة بيننا وبين تلك القصور من ٥٠٠ إلى ٧٠٠ متر، وكنا نراقب القصور عن كثب من خلال مواضعنا العسكرية، ونشاهد حركة العدو، ولاحظنا سيدة تتحرك داخل القصر، وكان الدواعش حولها»، وأوضحت: «حاصرنا وراقبنا تلك القصور لمدة ٣ أيام، إلا أننا لاحظنا طائرة أمريكية هبطت قرب القصر الذى كانت فيه المرأة والقيادات، ثم أقلتهم إلى مكان مجهول، وتبين لنا فيما بعد أن تلك المرأة كانت رنا صدام حسين، وأنها تشرف على الخطط العسكرية الداعشية». ولفتت إلى أن كل منطقة كانت تدخلها كانت تجد آلاف الوثائق، وهناك وثائق تدون أسماء الجنود والقيادات الداعشية، وهناك وثائق فتاوى وتحريم وتحليل حسب أهوائهم، وأغربها وأقذرها كانت فتوى تتحدث عن جواز نكاح المرأة المتزوجة من قبل أكثر من رجل من مقاتلى «داعش».
وعن تقييمها للتنظيم بعدما شاركت فى قتاله، قالت «سمارا» إنه تنظيم عسكرى اقتصادى سياسى إقليمى، ترتبط قوته العسكرية بحجم الإمكانيات المادية والبشرية ومقدار التمويل، وهو يمتلك تمويلا كبيرا بالدرجة الأولى، وجهدا استخباريا وأمنيا عاليا، إضافة إلى ترويج كبير جعل منهم فى نظر البعض مخلوقات فضائية لا يمكن مواجهتها.
وفيما يتعلق بالجانب العسكرى، أكدت أن التنظيم لا يمتلك الخبرات القتالية الكافية بحجم الخبرات التى يمتلكها الجيش العراقى، وهذا ما لاحظناه فعليا على أرض المعركة، حيث كنا نشاهد حالات هروب جماعية لعناصر التنظيم فى أغلب المواجهات العسكرية. وشددت على أن تنظيم «داعش» يعتمد على الدعم الدولى والإقليمى، وكذلك ما ينبهه من المصارف العراقية، بالتنسيق مع بعض السياسيين الفاسدين فى الحكومة العراقية الذين نهبوا مئات الملايين من الدولارات وحولوها إلى «داعش»، والتى تبلغ فى بعض التقديرات ٤٩٥ مليون دولار. وأشارت إلى أن التنظيم يعتمد كذلك على ما يستحوذ عليه من الأسلحة والآليات والذخائر التى تعود للجيش العراقى، والتى يعمل على دمجها وإعادة استعمالها مرة أخرى، كذلك سيطرة التنظيم على بعض الحقول النفطية العراقية وتهريب النفط من الحقول العراقية إلى تركيا، فهو يجنى ما يقارب المليون دولار يوميا من بيع النفط الخام العراقى. وأكدت «سمارا» انضمام عدد كبير من السيدات للتنظيم باسم «المجاهدات»، ودورهن فى الغالب تقديم «جهاد النكاح»، وقليل منهن يشارك فى القتال، وكل هذا يتم بأجر عالى على أساسه توجهت الكثير من النساء العربيات والغربيات للانضمام للتنظيم.
وتتنوع جنسيات هذه السيدات فمنهن التونسيات والسوريات إلى جانب الفرنسيات والألمانيات والآسيويات، وهن يصلن إلى أماكن القتال فى العراق وسوريا، من تونس عبر ليبيا باتجاه تركيا، ثم إلى مدينة عزاز السورية، حيث هناك جماعات تستقبلهن لإدماجهن مع التنظيم، أما الغربيات فيأتين إلى تركيا ومنها إلى سوريا والعراق. وأوضحت أن من أبرز نساء «داعش» اللائى تم القبض عليهن مؤخرا «أم المقداد» وهى امرأة كبيرة سعودية كانت تعيش فى «الأنبار» وتعمل على استقطاب الفتيات للانضمام إلى التنظيم، وتشرف على تدريب الفتيات على السلاح والقنص، إلى جانب قيامها بتشكيل خلية خاصة تنتشر فى الأسواق تعمل على جذب النساء للانضمام إلى التنظيم، وهو ما دفع البعض لإطلاق لقب «أميرة داعش» عليها.
وقابلت «سمارا» أغلب «الداعشيات» بعد إلقاء القبض عليهن، موضحة أنها كانت تحقق مع بعضهن فى أمور تتعلق بطريقة التحاقهن بالتنظيم، ومن الشخص المسئول عن انضمامهن؟ وأمور أخرى تتعلق بالمسائل الأمنية، مضيفة: «كنت التقى بجنسيات مختلفة، وأكثرهن من القناصات، إما سعوديات أو سوريات أو آسيويات».
وعما إذا كانت هناك نساء إعلاميات يغطين الحرب مثلها، أوضحت أن الإعلام فى العراق لا تحكمه ضوابط قانونية، وهذا الأمر سبب لهم مشكلة كبيرة حيث أصبح الإعلام فى العراق مهنة لمن لا مهنة له للأسف، وهذا جعل الكثير ممن يدخلون للساحة الإعلامية، وخاصة من النساء لا يحملون صفة صحفى أو إعلامى، ولا يمتلكون هوية نقابة الصحفيين العراقيين لمزاولة المهنة، وهذا أمر جعل الكثير يقحم نفسه بهذا الموضوع، لافتة إلى أن هذا خطأ كبير وفادح لأنك تتعامل مع حرب وموت، فإذا تعرض من يذهب للجبهات لخطر أو إصابة أو انفجار أو ما شابه فإنه لن يحصل على فرصة العلاج.
وعن رأيها الشخصى فى قيادة المرأة لميليشيا عسكرية، قالت إنها لا تشجع أن تكون المرأة قائد فصيل عسكرى، مضيفة: «لو تابعنا تاريخ المقاومة لن نجد فصيلا عسكريا تقوده امرأة، وقد طرح الموضوع على عدة مرات لكننى رفضت رفضا قاطعا، أنا مع فكرة أن تشارك المرأة أخاها الرجل لكننى ضد فكرة أن تقود المرأة الرجال، ففى مجتمعاتنا العربية لم تصل المرأة إلى المستوى المطلوب الذى يؤهلها للقيادة العسكرية، ولا تمتلك الإمكانيات الفكرية والعقلية العسكرية للتخطيط والتكتيك».
ورغم ذلك، أشادت «سمارا» بدور المرأة العراقية فى الحرب الحالية، موضحة أنه مشرف فى مواجهة «داعش»، حيث كانت النساء تحث أزواجهن وأبناءهن وأخواتهن على القتال، بالإضافة إلى ما قدمته المرأة من خدمات أخرى مثل إعداد الطعام وإرساله للمقاتلين فى الجبهات، وحفاظ المرأة على بيتها وأطفالها طوال فترة غياب زوجها المقاتل، كما أن هناك نساءً لهن دور كبير فى علاج الكثير من الجرحى ولا ننسى دور أمهات الشهداء وزوجاتهم والجرحى فى رفع الروح المعنوية.