تصعيد ترامب السياسي تجاه إيران مقدمة للحرب؟

تصعيد ترامب السياسي تجاه إيران مقدمة للحرب؟

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ١٥ فبراير ٢٠١٧

تعيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية هذه الأيام في الذكرى الثامنة والثلاثين لانتصار ثورتها المباركة، التي راهن الغرب وعلى رأسه أميركا على إسقاطها، ومنذ اللحظة الأولى لإعلان الإمام الخميني شعار "الموت لأمريكا.. والموت لإسرائيل" بدأت أميركا حربها ضد إيران، من خلال صدام حسين ومعه الدول الخليجية، لكنها لم تربح هذه الحرب التي استمرت ثماني سنوات وانتهت بقرار أممي يحمل الرقم 1958.

استمرت المواجهة ضد إيران لأنها التزمت شعار تحرير فلسطين وإزالة "إسرائيل" من الوجود، ودعت إلى الوحدة الإسلامية والتعاون من أجل تحرير فلسطين والتحرر من أميركا و"إسرئيل"، لكنّ الحكام العرب لم يتجاوبوا مع إيران، وازدادوا ارتباطاً بأميركا و"إسرائيل"، وتصرّفوا كأدوات أميركية، فيما إيران وبعد 38 عاماً من الانتصار أصبحت في صدارة الدول على المستوى العلمي والصناعي والزراعي، وذات شأنٍ على المستوى السياسي الإقليمي والدولي، واستطاعت أن تفرض نفسها كلاعب دولي، وأن تنتزع من أميركا اتفاقاً يصون حقها في التخصيب النووي السلمي، وإن لم تلتزم بمندرجاته كافة، وقد أبقى أوباما على العديد من العقوبات الأميركية بحجة الإرهاب والأسلحة البالستية، ووضع العراقيل أمام التحويلات بالدولار، وعمل على تحقيق الهبوط الحاد لسعر النفط، لمحاصرة إيران اقتصادياً، لكنها ماتزال صامدة وقوية.

حاولت أميركا استغلال "الربيع العربي" من أجل القضاء على خط الممانعة في سورية ولبنان والعراق، والذي تدعمه إيران.

وتستمر الحرب ضد إيران في عهد ترامب، ولن تتوقف، رغم اختلاف "الجمهوريين" عن "الديمقراطيين"، لكنهم جميعاً لا يختلفون في السياسات العامة لأميركا، فـ"إسرائيل" بالنسبة إليهم دولة حليفة، والمساس بأمنها هو مساس بأمن الولايات المتحدة الأميركية، بينما إيران ومن معها يُعتبرون "رأس الإرهاب".

قد تختلف الإدارات في ترجمة هذه السياسات، وقد تعاطى أوباما مع إيران على أنها تشكّل تهديداً استراتيجياً من خلال برنامجها النووي، وحين عقد معها اتفاقاً نووياً اعتبر أنه حقق إنجازاً تاريخياً لمصلحة أميركا.. فأوباما لم يكن في يومٍ من الأيام صديقاً لإيران حتى تشكره إيران، ولم يكن طيّباً (حسب كلام ترامب)، فكلاهما وجهان لعملة واحدة، وكلاهما تعاطى مع إيران على قاعدة أنها داعمة للإرهاب، وعلى رأسه حزب الله.

وكذلك ترامب، لكنه كان أكثر صراحة من أوباما، وبدأ برشقه الإعلامي، وبالعديد من العبارات الاستفزازية، كوصفه للاتفاق النووي بأنه مهين، وبأن "إيران ليس لديها أي احترام لبلدنا، وإنها دولة إرهابية رقم واحد"، ووعد بالتحرك ضد إيران من باب العقوبات، وكذلك طاقمه السياسي في الإدارة، فقد وصف وزير دفاعه جيمس ماتيس إيران بأنها أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، وحظر نائب الرئيس مايك بنس من اختبار حزم ادارة الرئيس ترامب، و"من الأفضل لإيران ألا تختبر حزم هذا الرئيس الجديد".. وبعد تجربة الصاروخ البالستي فرضت الإدارة عقوبات جديدة، وأكد البيت الأبيض أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة، بما ذلك الخيار العسكري، فكان الرد الإيراني بدءاً من الإمام الخامنئي الذي قال: "يجب توجيه الشكر للرئيس الأميركي الجديد لأنه أظهر الوجه الحقيقي لأميركا، وإن تهديدات ترامب فشلت في تخويف إيران، وسيردّ الشعب الإيراني في العاشر من شباط".. وقد ردّ فعلاً.

هل سيأخذ هذا التصعيد السياسي من قبَل ترامب وإدارته ضد إيران، هاتين الدولتين إلى حرب؟ وهل الظروف الإقليمية تسمح بها في هذه المرحلة؟ وهل أجرت أميركا جردة حساب للحروب التي خاضتها ضد إيران في المنطقة ولم تربح فيها؟

قد تكون الحرب غير واردة عند أميركا في هذه المرحلة، وإن تصريحات الرئيس ترامب هي تصريحات دأب الرؤساء الأميركيون على إطلاقها، كما وصفها وزير الدفاع الإيراني، وقد تكون وراء هذه التصعيد السياسي مجموعة من الأهداف نذكر منها:

1- استفزاز إيران لجرّها إلى اتخاذ بعض الإجراءات التي يمكن أن تؤثر سلباً على علاقتها الاقتصادية والسياسية مع بعض الدول.

2- إيحاء أميركا بقرع طبول الحرب ضد إيران، علها تتراجع في مواقفها السياسية الداعمة لخط الممانعة في المنطقة، والذي حقق انتصاراً كبيراً في سورية، خصوصاً بعد استعادة حلب وإفشال مخطط التقسيم فيها.

3- إعطاء الأولوية لمحاربة إيران، وزيادة الهوة بينها وبين الدول العربية والإسلامية، التي أصبح بعضها يتعاطى مع إيران كعدوّ لدود.

4- ابتزاز الزعماء العرب لوضع اليد على ثروات الأمة العربية والإسلامية بحجة دعمهم (دعا ترامب العائلة السعودية إلى تقديم ثلاثة أرباع ثروة السعودية إلى أميركا بدلاً من نصفها الذي كانت تدفعه مقابل حماية حكمهم واستمراره في الجزيرة العربية، معتبراً أن ما يقدّمه آل سعود لأميركا من مال، حتى لو كان نصف ثروة البلاد، لا قيمة له ولا أهمية بالنسبة لما تقدمه أميركا لهم من حماية ورعاية).

5- تحييد "إسرائيل" عن واجهة الصراع العربي - "الإسرائيلي"، وإطلاق يدها في المشروع الاستيطاني.

هاني قاسم