الموصل .. المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد !

الموصل .. المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد !

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٢٠ فبراير ٢٠١٧

 أعلن رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة العراقية حيدر العبادي أمس الأحد عن انطلاق عمليات تحرير الجانب الأيمن من مدينة الموصل, وذلك بعد أربعة أشهر على بدء معركة تحرير المدينة من يد داعش.

 

صحيفة التايمز البريطانية كشفت اليوم في تقرير لها أن القوات الجوية البريطانية والأمريكية الخاصة هي رأس حربة في العملية الجديدة في الموصل, وبينت أن قوات خاصة بريطانية، مع القبعات الخضراء وقوة دلتا فورس الخاصة، تقاتل وتنتشر إلى جانب القوات العراقية.


من المتوقع أن تثير هذه الخطوة الجدل إذ كان من المفترض أن تقتصر مهام القوات البريطانية والأمريكية تلك على التدريب والإشراف وتقديم الدعم اللوجستي وحسب، وإن زجها للقتال في أرض المعركة من شأنه أن يزيد تعقيد الأمور ما بعد "تحرير الموصل من داعش" .

 

مع بدء معركة الموصل انتابت الجهات العراقية والإقليمية مخاوفٌ من أن يكون التحالف الدولي قد دخل مرة أخرى معركة دون وضع إستراتيجية ورؤية واضحة للمرحلة التي ستلي الإنجاز العسكري, وعلى ضوء المعطيات التي يبديها المشهد في الموصل اليوم فإن الوضع بعد القضاء على داعش سيكون أكثر تعقيداً, وسيشكل إنجاز التسوية السياسية التحدي الأكبر أمام العراق.

 

تعقُّد المشهد في الموصل ينبع من عاملين اثنين : أولهما التنوع والتعدد العرقي والمذهبي الذي يكوّن ديموغرافيا المدينة, إذ يقدر عدد سكانها قبل احتلال داعش لها بحوالي مليوني نسمة، نسبة العرب "السنة" 45% والباقي موزع على الأقليات الأخرى التي تضم "الكرد" و"الايزيديين" و"الشبك" إلى جانب المسيحيين من "الكلدان" و"الاشوريين" إضافة إلى أن نسبة من "الكرد" و"الشبك" و"التركمان" ينتمون إلى الطائفة الشيعية.

 

وبالمقابل, فإن العامل الآخر هو تعدد القوات المشاركة في عملية تحرير الموصل والتي سيسعى كلٌّ منها إلى حجز مقعد له على طاولة اقتسام النفوذ في الموصل ما بعد "القضاء على داعش" , وتتمثّل القوات المهاجمة بـ (الجيش وقوات الأمن العراقية_ قوات الحشد الشعبي_قوات البشمركة_ إضافة إلى قوات التحالف الدولي التي تقودها الولايات المتحدة وبريطانيا).

 

وفي هذا السياق طرح زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر اليوم الاثنين 20 فبراير/شباط مبادرة لمرحلة ما بعد تحرير مدينة الموصل من تنظيم داعش تتكون من مجموعة حلول أولية من 29 بندا أبرزها:

-ضرورة تمتين الجيش العراقي والقوات الأمنية في المناطق المحررة

-ضرورة فتح حوار جاد وفاعل مع الأطراف في كردستان

-السعي دوليا من أجل إنهاء أزمة التدخلات التركية

-السعي من أجل دمج العناصر المنضبطة في الحشد الشعبي مع القوات الأمنية

-خروج جميع "القوات المحتلة الصديقة" من الأراضي العراقية

-فتح حوارات تتولاها الجهات الشعبية من الوجهاء وشيوخ العشائر لإزالة التوترات الطائفية

-ضرورة إدامة الحوار السياسي للحفاظ على وحدة العراق

-تأمين الحدود العراقية كافة بواسطة الجيش العراقي حصرا

-وضع قوانين صارمة تعيد للجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى هيبتها

-اقتراح تأسيس مجلس أعلى لشؤون الأقليات في العراق.

 

ويعد الحديث هذا عن استراتيجية لما بعد التحرير هو الأول من نوعه منذ بدء معركة الموصل
وبالعودة بالتاريخ إلى شهر تشرين الأول/أكتوبر 2016 وقبيل إعلان انطلاق معركة الموصل, نشرت مؤسسة Chatham House دراسةً بعنوان " كيف ستكون ملامح النصر في الموصل" , ناقشت فيها المشاكل التي ستواجهها المدينة بعد القضاء على داعش في حال الفشل في التوصل إلى حل سياسى متفق عليه بين الأطراف المختلفة هناك .

 

وتقول الدراسة أن الجهات المختلفة التي تخوض معركة الموصل قد تتفق على معيار يحدد النصر العسكري , إلا أنها لم تحدد معنى النصر السياسي ولم تضع معايير واضحة له .

 

فالمرحلة التي ستلي القضاء على داعش في الموصل سوف تفرض أسئلة جوهرية عدة وهي : ما القوات التي ستفرض نفوذها في الموصل ؟ وكيف سيكون شكل الحكم هناك ؟ وهل باستطاعة سكان الموصل التعامل مع بغداد بعد خروجهم من تحت سيطرتها منذ عام 2014 ؟!

 

كما طرحت الدراسة آنذاك احتمالية إعادة سيناريو القاعدة بعد هزيمتها عام 2008 من قبل القوات الأمريكية والعراقية إذ اختفت ظاهرياً لتعود وتخرج إلى العلن على شكل حركات تمرد متطرفة , وهو الأسلوب الذي قد يتّبعه تنظيم داعش في الموصل والعراق عموماً حيث من غير المحتمل أن يتم القضاء عليه نهائياً , وهذا عامل آخر سيسهم في تعقيد المشهد ما بعد "تحرير الموصل".

 

فهل بإمكاننا القول أن دخول القوات الأمريكية والبريطانية بشكل علني اليوم في القتال على الأرض يُعدّ ممهداً لملامح التقسيم التي باتت تتكشف في نوايا الإدارة الأمريكية الجديدة في العراق وسورية, فتمضي الأخيرة في ترتيب المشهد العراقي بحيث تفرض عليه صراعات داخلية عرقية ومذهبية تضمن استمرار التواجد الأمريكي وفرض نفوذه في المنطقة , بالتزامن مع العمل على مخطط تقسيم سورية إلى مناطق نفوذ تبدأ من فكرة المناطق الآمنة التي أطلقها ترامب مؤخراً !؟