السعودية في المقدمة: الغذاء المهدور يُطعم جياع العالم !

السعودية في المقدمة: الغذاء المهدور يُطعم جياع العالم !

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٦ مارس ٢٠١٧

توصّل مركز "باريلا" للطعام والتغذية، بالتعاون مع مجلة "إيكونوميت" البريطانية، لتأكيد النتيجة التي تكررت في دراسات دولية أخرى، وهي أنّ المملكة السعودية تتصدر قائمة الدول التي تهدر الطعام!
إذ بلغ ما يهدره المواطن السعودي الواحد سنوياً 427 كغ، بما يعادل ضعف المعدل العالمي، حسب إحصائية أعدتها السعودية نفسها. تلتها أندونيسيا والولايات المتحدة والإمارات المتحدة.
49.833 مليار ريال سنوياً قيمة الهدر الغذائي في السعودية وفق تقديرات العام الماضي 2016.
1.3 مليار طن من الغذاء يهدر أو يفقد سنويا في العالم الذي يعاني فيه نحو 1 مليار إنسان من الجوع حسب تقديرات منظمة الأغذية التابعة للأمم المتحدة (فاو). 40% منه في أوربا وحدها، أي أنّ ما تهدره أوروبا وحدها قار على إطعام 200 مليون إنسان!
في تقرير سابق لمنظمة أوروبية قالت إنّ الأسرة البريطانية ترمي منتجات غذائية بقيمة 800 يورو سنوياً. أمّا الأمم المتحدة فقالت أن نحو 21.7 مليون طن من الغذاء الذي يتم شراؤه، يرمى في النفايات سنوياً، أو ما يعادل 32% من الطعام المشترى في بريطانيا.
ليس الفرنسي أحسن حالاً بكثير، فطعام بقيمة ما بين 13 إلى 22 مليار دولار سنويا يرميه الشعب الفرنسي، حسب موقع "ساسة بوست"، أما في الولايات المتحدة الأمريكية فيصل إلى 48 مليار دولار.
مشكلة هدر الطعام لا تتعلق فقط بالمليار جائع في العالم الذين لا يجدون ما يأكلونه، بل يتعلق أيضا بمستقبل البشرية الغذائي، فهذا الهدر يعني المزيد من الضغط على الموارد الطبيعية.


نصف غابات الأرض اختفت، نضبت المياه الجوفية من كثيرمن بقاع الأرض، والباقي منها يتلاشى بسرعة، التنوع البيولوجي في مرحلة حرجة، عدد سكان العالم يزداد بسرعة.


فبحلول 2050 يقدّر أن يصل عدد سكان الأرض إلى 10 مليار شخص، أي زيادة بنسبة 50% على الطلب على المنتجات الغذائية. كيف سيتم تأمين ذلك في ظل هدرٍ غذائيٍ مباشرٍ تبلغ قيمته 400 مليار دولار سنوياً، ويرجح أن يقفز إلى 600 مليار خلال الأعوام العشرة القادمة مع نمو "الطبقة المتوسطة" في بعض البلدان النامية؟!


غذاء؟ يعني مياه للزراعة، وأسمدة كيمائية، وطاقة وتلوث في التصنيع والتغليف والنقل، وطاقة وتلوث جرّاء الرمي إلى النفايات.


مؤسسة "المهندسين الميكانيكيين" البريطانية قدّرت أنّ نحو 550 مليار متر مكعب من المياه تصرف على ري محاصيل لا تؤكل أبداً. أي نحو نصف المياه المستخدمة في الغذاء يهدر أيضا.


المدير العام لـ"الفاو" يؤكد ما يعرفه الجميع أنّ ما يهدر من طعام يكفي لإشباع جياع العالم كله، ومع ذلك، الهدر مستمر في الشمال الغني والجنوب الفقير. يتابع جوزيه غرازيانو دا سيلفا "إنّ المستهلكين الأثرياء يهدرون سنويًا 222 مليون طن من الغذاء، أي ما يضاهي صافي إنتاج الغذاء في بلدان جنوب الصحراء الإفريقية الكبرى".


تتراوح أسباب الهدر، حسب ساسة بوست، من أخطاء الخزن، والتقليد، حتى عادات الطعام. "الأغلبية العظمى من الناس لا تعرف عيار بطونهم" يقول مواطن كويتي، ولهذا السبب وحده يهدر 90% من الغذاء المهدور في السعودية في الولائم وحدها! ففي الرياض تذهب نحو 16 مليون وجبة غذائية إلى القمامة يوميأ!


على الضفة الأخرى، بدأت تنشط في العالم مبادرات لمواجهة هذا الواقع المرعب. سيلينا جوول، الدانماركية تمكنت من خفض الهدر في الطعام في بلدها بنسبة 25% خلال خمس سنوات فقط، وذلك عبر حملة توعية خاضتها في محلات "السوبر ماركت".


لكن هذه المبادرات تبقى فردية، فيما تكتفي الحكومات بإرشادات عامة، وتنشط الشركات المنتجة للأغذية في نشر حمى الإستهلاك الغذائي غير آبهة بما يحدث، المهم أنها تجمع الأرباح.


بريطانيا بادرت في هذا المجال، ففي العام الماضي أقرّ مجلس الشيوخ البريطاني قانونا يزيل العقبات أمام المتبرعين بالطعام، ويشجع المزارعين على التخلي عن المنتجات غير المباعة لصالح جميعات خيرية بدلاً من رميها، ودون تكاليف. القانون يهدف إلى توفير مليون طن من أصل خمسة تهدر فيها كل عام.


أما فرنسا فقد أقرت قانونا مشابها يجبر المتاجر الكبرى على التبرع بفائضها لصالح الجمعيات المعنية بدلاً من إتلافها، وفرض عقوبة مالية على من يخالف ذلك، الأمر الذي ساهم بتصنيف فرنسا كالدولة الأولى في الحفاظ على الغذاء وتقليل هدره، تلتها أستراليا ثم جنوب إفريقيا.


الغذاء المهدور، والجوع المنتشر، تناقضات تُظهر بوضوح إلى أي حد ما يزال عالمنا عالماً متناقضا وعدائياً بعضه تجاه بعض، رغم كل الكلام والمواثيق حول "التكافل الإنساني" وما شابه.