ليبيا.. ماذا بعد بنغازي وسرت؟

ليبيا.. ماذا بعد بنغازي وسرت؟

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٧ مارس ٢٠١٧

شكلت الزيارة غير المسبوقة لحاملة الطائرات الروسية "الأدميرال كوزينتسوف" إلى السواحل الليبية، والتطورات الميدانية المفاجئة والمتسارعة الأخيرة في منطقة الهلال النفطي، بداية مرحلة جديدة في مسار الوضع الليبي لما لها من دلالات ميدانية وإستراتيجية مهمة على مستوى تطور النظرة الإقليمية والدولية لموازين القوى على الأرض الليبية، و ظهور لبوادر دور روسي ميداني على الأرض بالنظر إلى التطورات الأخيرة وتعدد اللاعبين الإقليميين والدوليين في الميدان الليبي. فما هو هامش المناورة الروسي في ليبيا، وما هو السيناريو المتوقع للتطورات على الأرض في الفترة القادمة؟. للإجابة عن هذه الأسئلة لابد من إلقاء نظرة معمقة على الوضع العسكري الحالي على الأرض الليبية. .

كان تحرير قوات "عملية البنيان المرصوص"، الموالية لحكومة طرابلس لمدينة سرت من سيطرة تنظيم داعش أواخر العام الماضي، واقتراب قوات الجيش الوطني الليبي الموالي لمجلس النواب في طبرق، من السيطرة على كامل مدينة بنغازي بعد تطهيرها لمنطقة قنفوذه الشهر الماضي، التطور الميداني الأبرز خلال الفترة الماضية بالإضافة إلى عملية "البرق الخاطف" في سبتمبر الماضي، والتي نفذها الجيش الليبي في منطقة الهلال النفطي، ومكنته من السيطرة بشكل كامل على الموانئ النفطية الأربع وسط ليبيا. على الرغم من أهمية هذه التطورات التي تسببت في تقليص مناطق تواجد تنظيم داعش والمجموعات المشابهة له مثل "مجلس شوري ثوار بنغازي"، إلا أنها جعلت أمكانية التصادم العسكري المباشر بين قوات فجر ليبيا وعملية البنيان المرصوص الموالية لطرابلس مع الجيش الوطني الليبي ممكنة ومتحققة بشكل فعلى على الأرض، خصوصاً بعد تكرر محاولات الهجوم على الهلال النفطي وعلى رأسها المحاولة الأخيرة التي تمت منذ أيام.


الشرارة التي جعلت إمكانية التصادم بين الجانبين متحققة بدأت في التبلور منذ الهجوم الخاطف الذي شنته وحدات تابعة لسرايا الدفاع عن بنغازي ومجلس شوري أجدابيا في ديسمبر 2016على مدينة رأس لانوف، في محاولة لاختراق دفاعات الجيش الوطني الليبي وبسط السيطرة على منطقة الهلال النفطي. تحركت القوات المهاجمة على محورين الأول من طريق سرت الساحلي والثاني من منطقة عقل نوفل. تمكنت في البداية من دخول مدينتي النوفلية وبن جواد، وأكملت طريقها باتجاه السدرة إلا أن الجيش الليبي تمكن من إيقاف الهجوم سريعاً، ومطاردة هذه القوات إلى خارج حدود بن جواد. هذا الهجوم شكل تحذيراً خطيراً لقيادة الجيش الليبي التي وجدت نفسها أمام خطر تكرر محاولات السيطرة على المنطقة النفطية، لذلك أطلقت هجمات جوية مكثفة مصحوبة بتحركات برية محدودة استهدفت اتجاهين رئيسيين.

الاتجاه الأول كان في محور جنوب سرت "زله – الجفرة – الهون"، أطلقت مقاتلات سلاح الجو الليبي من مطاري بنينا ورأس لانوف غارات مكثفة ومستمرة منذ أوائل العام الجاري، استهدفت في هذا النطاق قاعدة الجفرة الجوية ومناطق في الهون وسوكنة بها مواقع تتمركز بها قوات سرايا الدفاع عن بنغازي وكتائب أخرى موالية لها، منها كتيبة عمر المختار التي قتل قائدها في أحدى هذه الغارات. الاتجاه الثاني كان نحو محور "سمنو – تمنهت – سبها" جنوب بني وليد، هاجم الجيش الليبي مواقع لما يسمى "القوة الثالثة" وهي فصيل موالي لحكومة الوفاق في طرابلس مثله في ذلك مثل سرايا الدفاع عن بنغازي وأغلب المجموعات المنتشرة في هذه المنطقة ومن سرت إلى طرابلس.

ركّز سلاح الجو الليبي على مواقع القوة الثالثة قرب قاعدة تمنهت الجوية وتمكن اللواء 12 مشاه من السيطرة على منطقة جويرة المال على الطريق بين براك الشط وسبها وعلى بوابة المحروقة قرب تمنهت، بهذا التحرك وسعت قوات الجيش الليبي تواجدها في المنطقة الجنوبية، وأصبحت قادرة على شن هجوم على قاعدة تمنهت الجوية. هذه التطورات جعلت الفصائل الموالية لطرابلس تنفذ سلسلة من التعزيزات بهدف دعم المحورين، فنقلت قوات "البنيان المرصوص" في سرت بعض من وحداتها لدعم القوة الثالثة في سبها، وعززت سرايا الدفاع عن بنغازي من قواتها في الهون، لكن كانت هذه التعزيزات على ما يبدو تستهدف ما هو أبعد من مجرد الحفاظ على الوضع الحالي في محاور جنوب سرت.

هجوم خاطف على الهلال النفطي
فقد أطلقت سرايا الدفاع عن بنغازي مدعومة بقوات فصائل متعددة تتوافق في توجهاتها مع فكر تنظيم القاعدة، مثل مجلس شوري مجاهدي درنة وبعض الوحدات التابعة للمجلس العسكري في مصراتة وقوات درع ليبيا بجانب حرس المنشآت النفطية الموالي لحكومة الوفاق، والذي كان مسيطراً على الهلال النفطي قبل انسحابه منها عقب عملية "البرق الخاطف"، أطلقت هذه الوحدات هجوما على الهلال النفطي يوم 3 آذار/مارس الجاري، حيث تحركت من جنوب سرت إلى قاعدة الجفرة الجوية ثم تجمعت شمالاً في منطقة زلة جنوب السدرة، ومن ثم انطلقت في ثلاثة محاور إلى كل من النوفلية وبن جواد والسدرة، ثم أكملت التقدم باتجاه رأس لانوف وتمكنت من السيطرة على مطارها الذي انسحبت منه الطائرات التابعة لسلاح الجو الليبي.

حققت هذه الوحدات تقدماً سريعاً وسيطرت على المناطق التي تحركت إليها وتراجعت أثر ذلك قوات الجيش الليبي إلى العقيلة شرق رأس لانوف. هذا الهجوم الخاطف والذي أثار نجاحه تساؤلات عديدة حول كيفية تجمع هذه القوات وصولها إلى أهدافها دون أن يتم رصدها سواء من المروحيات الليبية أو طائرات الاستطلاع الإماراتية العاملة في ليبيا انطلاقاً من مطار الخادم شرق بنغازي، كان مختلفاً من حيث التكتيك المستخدم والذي تفادي استخدام طريق سرت الساحلي المرصود جواً وبراً دوريات الجيش الليبي، كما انه على عكس الهجمات السابقة لا يهدف فقط إلى السيطرة على المنطقة النفطية بل تتعدى أهدافه ذلك لتصل إلى السيطرة على بنغازي التي لم يتبق فيها من مناطق لتواجد عناصر مجلس شورى ثوار بنغازي والفصائل الموالية له سوى منطقة "الصابري" فقط.

اللافت في هذه الهجوم أيضاً انه تزامن مع محاولات هجومية من جانب القوات الموجودة داخل منطقة الصابري في بنغازي، والعناصر الموجودة جنوب مدينة درنة التي مازال فيها تواجد محدود لما يسمى مجلس شورى مجاهدي درنة. النقطة الأهم في هذا الهجوم تتعلق بما تم ذكره في عدة بيانات للجيش الوطني الليبي حول معدات متطورة للتشويش تزودت بها القوة المهاجمة، وحول مشاركة مجموعات تشادية الجنسية ضمن هذا الهجوم، وهي تفاصيل تزكي من فرضية وجود أطراف إقليمية مساندة لهذا التحرك مثل السودان وقطر وتركيا، وهي دول تزور طائراتها للشحن العسكري قاعدة معيتيقة الجوية بصفة منتظمة وعلنية.

الجيش الليبي من جانبه أعلن عن عدة إجراءات لاحتواء الموقف، فأعلن مثلث لحظر التجول ما بين الجفرة جنوباً ورأس لانوف شرقاً وسرت غرباً، وحشد قوات كبيرة في العقيلة قدم معظمها من بنغازي منها الكتيبة 131 مشاه ميكانيكية والكتيبة 302 التي تتمركز أساسا في أجدابيا والكتيبة 106 والكتيبة 210 مشاه ميكانيكية، لتنضم هذه القوات إلى الكتيبتين 21 و152 اللتين تتمركزان في الأصل في منطقة الهلال النفطي، كما عزز الجيش من قوات اللواء 12 والجحفل 153 الذي يعد من أهم وحدات الجيش الليبي بغرض مراقبة الطريق القادم من الجفرة لمنع وصول اى إمدادات جديدة للقوات المهاجمة للهلال النفطي، بالنسبة للمجهود الجوي أصبحت قاعدة بنينا الجوية هي القاعدة الأساسية لانطلاق الغارات الجوية على الهلال النفطي والتي تشمل كافة المناطق التي سيطرت عليها القوات المهاجمة، وتشارك في المجهود الهجومي قاعدة الأبرق الجوية التي أطلقت غارات على مدينة درنة، كما تشارك قاعدة الوطية الجوية في عمليات الاستطلاع للمناطق جنوب طرابلس لمتابعة اى تعزيزات قادمة للهلال النفطي.
الدور الروسي والإماراتي/المصري
تصاعدت بوتيرة سريعة احتمالات تطور الدور الروسي في ليبيا، والذي كان شبه غائباً خلال الفترة الماضية لصالح الملف السوري. خلال الشهور الماضية لم توجد أية مؤشرات على اى دعم مقدم للجيش الليبي من روسيا، وظل الدعم الرئيسي للجيش الليبي عموما والقوة الجوية خصوصاً من مصر والأمارات العربية المتحدة. لكن برغم هذا تم رصد تواجد مستمر لطائرات استطلاع دون طيار روسية الصنع من نوع "ORLAN10" في أجواء بنغازي ودرنة وأجدابيا ومدن أخري خلال العامين الماضيين.

زيارة القطع البحرية الروسية إلى السواحل الليبية وعلى رأسها حاملة الطائرات "الأدميرال كوزينتسوف"، والاستقبال الحافل لقيادات الجيش الليبي وعلى رأسهم المشير خليفة حفتر على متن الحاملة، كان بمثابة تدشين لعلاقة متطورة بين الجيش الوطني الليبي وروسيا، تزامنت هذه الزيارة مع حديث عن صفقة بملياري دولار لتزويد الجيش الليبي بما يحتاجه من أسلحة وذخائر، وبدأ الدعم بالفعل بالوصول إلى سلاح الجو الليبي بعد تسجيل استلامه لدفعة أولي من المقاتلات القاذفة ميج-23 من الاحتياطي الروسي المخزن بجانب ذخائر جوية وقطع غيار وصواريخ مضادة للطائرات خاصة بالمنظومات ذاتية الحركة سام13 التي أعيد تأهيل بعض وحداتها وأعيدت للخدمة. لم يقتصر الدعم الروسي الحالي على التسليح بل تعدى ذلك بعد أن بدأت تتكرر زيارات طائرات الشحن الروسية من نوع اليوشن76 التي باتت تعمل على خط طيران يصل ما بين قاعدة بنينا الجوية ومطار سيدي براني المصري وقاعدة حميميم الجوية في سوريا، ونقلت جرحى من الجيش الليبي ومستقبلا قد يتحول هذا الخط إلى جسر جوي.
بحريا تتواجد عدة قطع تابعة للمجموعة البحرية الروسية في البحر المتوسط في المنطقة الواقعة جنوب قبرص، وقد نفذا مؤخراً مناورات بالذخيرة الحية في هذه المنطقة، وترابط أمام السواحل الليبية سفينة الاستخبارات والمسح الهيدروغرافي Kildin لتقييم الوضع الميداني الحالي.

هذه التحركات الروسية ترافقت مع تطورات مهمة في الدول الميداني للأمارات العربية المتحدة خصوصاً على مستوى العمليات الجوية، سلاح الجو الإماراتي ينفذ منذ منتصف العام الماضي طلعات استطلاعية وقتالية انطلاقاً من قاعدة الخادم الجوية التي تقع على بعد 100كم شرق بنغازي، اشتملت هذه الطلعات على غارات باستخدام طائرات الهجوم الأرضي AT802 وطلعات استطلاع بالمروحيات دون طيار CAMCOPTER وغارات بالطائرات دون طيار صينية الصنع Wing loong.


شهدت قاعدة الخادم أواخر العام الماضي عمليات تحديث وتطوير مستمرة حتى الآن توحي باحتمالية توسيع نطاق الدور الجوي الإماراتي في اليمن ليشمل استخدام المقاتلات الفرنسية ميراج2000 ومقاتلات الأف16 الأمريكية. كذلك تطور الدعم المقدم للجيش الليبي من أعتدة وآليات بالتعاون مع مصر، ليشمل تزويد الجيش بعربات مقاومة للألغام من نوع Caiman تم تعديلها لتحمل منظومة فتح الألغام مصرية الصنع فاتح4، كما زودت الأمارات سلاح الجو الليبي بشحنات من الذخائر الجوية فرنسية الصنع منها حاويات التدريب على الاشتباك الجوي القريب SECAPEM.


أدوار الأطراف الأخرى
على الجانب الأخر لم يتوقف الدعم العسكري لحكومة الوفاق في طرابلس، بل أن الدور التركي في هذا الدعم بدء في التطور بشكل لافت، ففي الزيارة الأخيرة لرئيس وزراء حكومة الوفاق فايز السراج إلى أنقرة، تم توقيع اتفاقية مع وزارة الدفاع التركية للبدء في تدريب طيارين ليبيين في تركيا، مع احتمالية لتزود طرابلس بمروحيات تركية مستقبلاً. الدعم التركي وبجانبه الدعم السوداني والقطري يتقاطع مع الدعم الايطالي لحكومة طرابلس. حكومة روما تسير رحلات منتظمة إلى طرابلس لنقل الجرحي للعلاج في ايطاليا ونقل خبراء عسكريين إلى المطارات والمواقع العسكرية التابعة لحكومة الوفاق، كذلك تحتفظ ايطاليا بمستشفي ميداني كبير في طرابلس.

يبقي الدور الأمريكي الميداني في ليبيا مختلفاً. حيث حصرت واشنطن تدخلها العسكري على الأرض في خانة مكافحة تنظيم داعش، فشنت مؤخراً غارة جوية على مواقع جنوبي سرت شاركت فيها قاذفتين من نوع B2-A بمساندة أربعة طائرات دون طيار من نوع MQ-1 وطائرتي مراقبة من نوع U-28 وطائرات التزويد بالوقود من نوعي KC-10 وKC-130. هذه الغارة كانت استمرارا لسلسلة من الغارات الجوية بدأت منذ أغسطس الماضي وبلغت حوالي 495 طلعة قتالية واستطلاعية كان معظمها في سرت وجوارها. تزامن ذلك مع تحليق مستمر لطائرات المراقبة من نوع EO-5C والطائرات دون طيار RQ-4. هذا الدور متوقع استمراره خصوصاُ وان تنظيم داعش مازال يحتفظ بنشاط محدود جنوبي درنة وفي مناطق جنوب بني وليد مثل وادي قرزة بجانب مناطق جنوبي طرابلس.

واقع سلاح الجو الليبي
ربما يكون السبب الأهم في التطورات الأخيرة في الهلال النفطي هو الإنهاك الذي تعرض له سلاح الجو الليبي خلال الفترة الماضية، الطائرات والمروحيات الليبية برغم أعدادها القليلة اضطلعت بأدوار قتالية واستطلاعية كبيرة وواسعة النطاق، فنفذت دوريات جوية مناطق جنوب الهلال النفطي وأجدابيا بجانب دوريات لمراقبة الشواطئ ومحاولات لتنفيذ مناطق "حظر للطيران" في مثلث براك الشط – تمنهت – سبها وفي المثلث النفطي أيضاً.


فقد سلاح الجو الليبي منذ مطلع العام الحالي مروحية ومقاتلة من نوع ميج 23 التي تعد أفضل ما هو متوفر له من مقاتلات قاذفة ولم يتبق له من هذا النوع إلا مقاتلة واحدة فقط، وهو ما أصر بالسلب على نشاطه الهجومي الذي لا يمكن أن يعتمد فقط على مقاتلات الميج21 الأقل قدرة على الهجوم الأرضي. تشكل القواعد الجوية الجاهزة للعمليات القتالية أيضاً معضلة كبيرة، فالجيش الليبي بعد فقدانه لمطار رأس لانوف لم يعد لديه في المنطقة الغربية سوى قاعدة الوطية الجوية جنوب غرب طرابلس، في حين انه يمتلك عدة قواعد في المنطقة الشرقية وهي الأبرق وبنينا. كما سيطر أواخر العام الماضي على قاعدة براك الشط التي تقع جنوب سرت وهي حالياً غير جاهزة لتنفيذ اى عمليات جوية برغم نقل بعض من طائرات مطار رأس لانوف إليها. هذا الواقع يعطى أهمية أضافية للدورين الروسي والإماراتي/المصري الحالي والمستقبلي.

سلاح الجو الليبي يحتاج مزيد من مقاتلات الميج 23 التي تتمتع بإمكانيات كبيرة في عمليات القصف الجوى ومدى عمليات كبير وقدرة جيدة على الاشتباك الجوي، خصوصاً وان المعركة المقبلة في ليبيا ستكون في المنطقة الغربية وهي منطقة بعيدة عن قواعد سلاح الجو الليبي، الذي يحتاج أيضا إلى التدرب على الاشتباكات الجوية القريبة ليتمكن من تطبيق مناطق حظر الطيران التي يحاول منذ فترة فرضها في عدة مناطق. كما يحتاج إلى مساعدة الخبراء الروس في إعادة تأهيل المقاتلات القديمة التي يحاول إعادتها للخدمة، حيث توجد خمسة قاذفات ميج23 جار العمل على تجهيزها للدخول في العمليات الهجومية. الدور المصري في ما يتعلق بتدريب الطيارين يكتسب أهمية متزايدة، لأن دفعة الطيارين التي تخرجت من الكلية الجوية المصرية العام الماضي هي من يحلق بعض أفرادها الآن بمقاتلات سلاح الجو الليبي ويعول عليهم بشكل كبير في تشغيل الطائرات التي ستدخل قريباً إلى الخدمة.
الهدف .. ضرب الجهود السياسية المصرية
الواضح أن التطورات المفاجئة في الهلال النفطي، كان هدفها الأساسي هو ضرب المحاولات المصرية والروسية للدفع باتجاه حل سياسي توافقي في ليبيا، روسيا من جهتها لم تتواصل مع حكومة طبرق فقط بل أيضا مع حكومة الوفاق في طرابلس واستقبلت رئيسها في موسكو. ومصر أنشأت لجنة برئاسة رئيس أركان الجيش المصري واجتمعت الشهر الماضي مع رموز السياسة الليبية.

الهجوم الحالي على الهلال النفطي أوقف تماماً الحديث عن الحل السياسي وبات من البديهي والمحتم أن يكون الحل هو عسكري وميداني. قائد الجيش الليبي قال في مناسبات عدة أن البديل عن اى حل سياسي هو الزحف نحو طرابلس، وقد حشد بعض القوات في قاعدة الوطية وفي صبراتة من اجل هذا الغرض، وأنشأ المنطقة العسكرية الوسطى وشهدت قيادة عمليات درنة وقيادة المنطقة الغربية عدة تعديلات خلال الأسابيع الماضية للتحضر لهذا التحرك. هجوم سرايا الدفاع عن بنغازي سيجعل الهلال النفطي نقطة انطلاق لسلسلة من العمليات تستهدف الهلال نفسه ومحور الجفرة ومحور سبها وما تبقى من مناطق في بنغازي بجانب المعركة الكبرى في طرابلس، وهنا ستكون الغلبة لمن يقرأ هو وحلفاؤه الميدان جيداً . لكن الأكيد أن الميدان الليبي مقبل على أيام حبلي بالمعارك يبتعد مع مرور كل يوم منها أي احتمال لنهاية قريبة للحرب في ليبيا والتي تتحول الآن ببطء من حرب أهلية إلى حرب محاور إقليمية ودولية.