تعديلات دستورية تركية «امتدادًا للمرحلة العثمانية».. والمانيا: الإنقلاب التالي سينجح!

تعديلات دستورية تركية «امتدادًا للمرحلة العثمانية».. والمانيا: الإنقلاب التالي سينجح!

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٩ مارس ٢٠١٧

عباس الزين - بيروت برس -

لم يعد الاستفتاء على تعديلات الدستور التركي جزءًا من الحياة السياسية التركية الداخلية فقط، فقد اصبحت معركة الرئيس التركي رجب الطيب اردوغان خارجية، في وجه الدول الأوروبية، أكثر منها في وجه المعارضة التركية. تصاعدت حدة الخلافات التركية-الاوروبية لا سيما مع المانيا، بعد رفض الأخيرة قيام تجمعات انتخابية داعمة للرئيس اردوغان، إلّا أنّ أسبابًا أخرى ظهرت مؤخرًا، كشفت عن محاولاتٍ سابقة من قبل اردوغان للضغط على السلطات الالمانية، من اجل التضييق على المعارضين الاتراك المقيمين على اراضيها، ما اعتبرته الحكومة الالمانية تدخلًا في سياساتها الأمنية، لا يقتصر على التبليغ عن المعارضين، بل انه يدخل ضمن اطار التجسس من قبل دولة اجنبية، على مقيمين في المانيا، يملكون حصانة سياسية وأمنية، بغض النظر عن جنسيتهم، ما يفسّر المخاوف الالمانية من التعديلات الدستورية المُقترحة، بعدم اعتبارها شأنًا تركيًا داخليًا، لما يمكن ان تؤثر سلبًا على تركيا ومحيطها الأوروبي بشكلٍ خاص، في وقتٍ يصرح اردوغان، ولو بشكلٍ مبطّن، بأن تلك التعديلات هي امتداد للمرحلة العثمانية والسلجوقية.

وفي هذا السياق، أكد وزير الداخلية الألماني، توماس دي مازيري، أنه "لن يُسمح لتركيا بالتجسس على الأتراك الذين يعيشون في ألمانيا". كلام دي مازيري جاء بعد نشر تقارير تحدثت عن قيام رئيس جهاز الاستخبارات التركي بتسليم نظيره الألماني قائمة بأسماء الأشخاص المشتبه بمعارضتهم للحكومة التركية. وتضمنت القائمة معلومات خاصة وصورًا من كاميرات مراقبة. وتبعًا لصحيفة ألمانية والعديد من وسائل الإعلام المحلية، فإنّ حاكان فيدان، رئيس جهاز الاستخبارات التركي، سلم السلطات الأمنية الألمانية خلال مؤتمر للأمن عقد في ميونيخ في شباط/فبراير الماضي لائحة تتضمن أسماء 300 شخص و200 مؤسسة يعُتقد بأن لديهم علاقة بحركة "غولن"، في محاولة لإقناع السلطات الألمانية بمساعدة نظيراتها التركية، إلا أن النتيجة كانت تحذير هؤلاء الأشخاص بعدم السفر لتركيا أو زيارة القنصليات أو السفارات التركية في ألمانيا، التي تحتضن نحو 1.4 مليون شخص يحق لهم التصويت في الاستفتاء المقرر في 19 نيسان/أبريل المقبل.

الى ذلك، اعتبر دي مازيري، ان هذه التقارير "لم تكن مفاجئة له". وأضاف أن بلاده أبلغت تركيا مرارًا وتكرارًا بأن هذا الأمر غير مقبول، مشيرًا إلى أنه "مهما كانت علاقة أي شخص بحركة غولن، فإنّ لدى هؤلاء الأشخاص حصانة ألمانية ولن نقبل بأن يتم التجسس عليهم من قبل دول أجنبية". من جانبه لفت رئيس جهاز المخابرات الألمانية، هانس -غيورغ ماسين، في تعليقٍ له حول القائمة، الى أنّ "ما من أحد خارج تركيا مقتنع بأنّ حركة غولن كانت وراء الانقلاب". كما أشار وزير الداخلية في مقاطعة ساكسونيا السفلى الألمانية، بوريس بيستوريوس، معلقًا على الموضوع نفسه، الى أنه "يجب القول بكل وضوح إن هذا الأمر يعتبر خوفًا من وقوع مؤامرة ويمكن تصنيفه بأنه نوع من جنون الاضطهاد".

على صعيدٍ متصل، اتهم رئيس البرلمان الألماني، نوربرت لامرت، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتنفيذ انقلاب على الدستور في بلاده. في وقتٍ، حضّ رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم أوروبا على "الاهتمام بشؤونها الخاصة"، محذرًا إياها من التدخل في الاستفتاء المرتقب في 16 نيسان/أبريل المقبل، على تعديلات دستورية تحوّل النظام رئاسيًا في تركيا وتوسّع صلاحيات أردوغان. من جهته، رأى لامرت أن أردوغان والحكومة التركية يخططان لـ "تحويل نظام هش، ولكن ديموقراطي، نظامًا استبداديًا"، معتبرًا أن "محاولة الانقلاب التالية ستكون ناجحة". وأضاف لامرت، أن "أردوغان يعمل الآن لتفريغ النظام السياسي التركي والانقلاب على الدستور"، منتقدًا "موافقة البرلمان التركي على هذا الأمر وتأييده نزع صلاحياته"، بوصفه "أمرًا بلا مثيل في التاريخ الحديث". واعتبر لامرت، أن أردوغان يحاول استثمار تصويت الأتراك في ألمانيا لمصلحته، منبّهًا إلى أن منع الحكومة الألمانية تصويتهم كان سيصبّ في مصلحته. وتطرّق إلى إعلان الرئيس التركي أنه يدرس تنظيم استفتاء لمعرفة رأي شعبه في مسألة عضوية الاتحاد الأوروبي، قائلًا: "يمكن أردوغان التخلّي عن هذه الخطوة، لأن تعديل الدستور سيعني عمليًا إبعاد البلد عن الحضارة الأوروبية".

في موازاة ذلك، أفاد الرئيس التركي، رجب الطيب اردوغان، بأنّ الجمهورية ليست مرحلة جديدة في تاريخ تركيا وإنما امتداد للمرحلة العثمانية والسلجوقية، مؤكدًا أنّ الشباب التركي اليوم أحفاد العثمانيين الذين حوّلوا "جناق قلعة" إلى مقبرة لسبع دول حاولت التربص بتركيا، في ردٍ على حزب الشعب الجمهوري الذي صرّح في وقت سابق مرّات عدة، أنّ إعلان الجمهورية في تركيا يشكل نقطة إنعطاف في تاريخ البلاد. وقد صوّب اردوغان من خلال مهاجمته حزب الشعب الجمهوري، الذي اسسه "اتاتورك"، على النظام الجمهوري الحالي لتركيا، وذلك ترويجًا للتعديلات الدستورية، المُزمع التصويت عليها في نيسان المقبل، لتحويل النظام من جمهوري الى "رئاسي"، يفرض من خلاله اردوغان سلطته على كافة جوانب الحكم.