«هجوم خان شيخون» في مجلس الأمن: فرصة للضغط على موسكو وترامب

«هجوم خان شيخون» في مجلس الأمن: فرصة للضغط على موسكو وترامب

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٤ أبريل ٢٠١٧

شكّل «الهجوم الكيميائي» الذي «شهدته» بلدة خان شيخون الإدلبية أمس، فرصة ذهبية لإعادة شحن المحور الغربي المناهض لأي تسوية مع موسكو والحكومة السورية، في وجه «التغيير» الذي أبدته إدارة البيت الأبيض أخيراً، خاصة حول مصير الرئيس السوري

غطّت الأخبار والتعليقات الدولية الواردة حول الهجوم الكيميائي المفترض في بلدة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، على كامل المشهد السوري. وخرجت أمس، آلاف التعليقات والتحليلات التي تدين وتناقش تفاصيل الهجوم وهوية مرتكبيه، مقابل آلاف أخرى تفنّد «ثُغَراً» في الصور ومقاطع الفيديو التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تظهر «ضحايا الهجوم» الذين وصل عددهم وفق إحصائية للكوادر الطبية في المشافي الميدانية التابعة للمعارضة إلى «60 شهيداً وأكثر من 300 جريح».

وكحال سابقاته من الهجمات التي ترافقت بحملة إعلامية كبيرة وتحرك غربي على مستوى مجلس الأمن، انبرى مسؤولو الدول الغربية لإدانة الهجوم وتحميل الحكومة السورية مسؤوليته، قبل بدء التحقيقات حوله. وبالتوازي مع قرار مجلس الأمن عقد جلسة طارئة اليوم لمناقشة الهجوم، بناءً على طلب فرنسي ــ بريطاني، بدا لافتاً في تعليقات بعض كبار الديبلوماسيين الأوروبيين، وعلى رأسهم وزير الخارجية الفرنسية، جان مارك أيرولت، تجيير الحادثة إلى «اختبار للإدارة الأميركية الجديدة» بعد المواقف الأخيرة حيال مصير الرئيس السوري بشار الأسد.

الموقف الأوروبي «الانتهازي» الذي يأتي بالتزامن مع انعقاد مؤتمر بروكسل حول الملف السوري، يعكس سعياً أوروبياً واضحاً إلى الضغط على واشنطن التي تخلت عن أولوية إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد، لمصلحة «مكافحة الإرهاب»، من جهة، وعلى موسكو التي أحبطت الجهود الأوروبية مراراً لاستصدار عقوبات تعمّق حصار الحكومة السورية لدفعها نحو انتقال سياسي يراعي المزاج الأوروبي. وعقب ساعات فقط على انتشار أخبار الهجوم، ألقى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، بالمسؤولية مباشرةً على الحكومة السورية، مضيفاً أنَّ «بشار الأسد يعوّل على تواطؤ حلفائه للتصرف دون خوف من العقاب». وبدوره قال وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون: «رغم أننا لسنا متأكدين بعد مما حدث، فإنَّ هذا الاعتداء يحمل كافة بصمات النظام الذي استخدم الأسلحة الكيميائية مراراً وتكراراً». كذلك، اعتبرت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، أن «نظام الأسد يتحمل المسؤولية الرئيسية» عن الهجوم «الذي يُرجح أنه كيميائي».
وفي الجانب المقابل، نفى الجيش السوري «استخدام أية مواد كيميائية أو سامة في بلدة خان شيخون»، مضيفاً في بيان أنه «لم ولن يتم استخدامها في أي مكان أو زمان». وبدورها نفت روسيا «بنحو قاطع» أن تكون قواتها الجوية العاملة في سوريا قد قصفت بلدة خان شيخون، وفق ما نقلت بعض التقارير الغربية. وبدا لافتاً ما نقلته عدة وسائل إعلام ووكالات أنباء عن «تأكيد» المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، تنفيذ الهجوم المفترض عبر غارة جوية، بشكل يقتطع توضيحه في خلال الرد على أسئلة صحافية، بأنه «وفقاً لما فهمنا، فإن الهجوم جاء عبر الجو».
وفي انتظار مجريات جلسة مجلس الأمن غداً، أوضحت «لجنة التحقيق الدولية المستقلة» المعنية بالملف السوري، التي اعتمدت فرنسا وبريطانيا على تقريرها لصياغة مشروع قرار يتضمن عقوبات على الحكومة السورية، جُوبه بفيتو روسي ــ صيني مشترك مطلع الشهر الماضي، أنها «تحقق في ملابسات الهجوم»، موضحة أنها «تود الانتظار قليلاً قبل إعلان الوصول إلى استنتاجات مؤكدة». وعلى غرار الاستغلال الأوروبي للحادثة، ندّد البيت الأبيض بـ«هذا العمل المروع من جانب نظام بشار الأسد»، معتبراً أنه «نتيجة الضعف وانعدام التصميم لدى إدارة باراك أوباما». وأشار المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر، إلى أن بلاده ترى أنَّ «من مصلحة» السوريين عدم بقاء بشار الأسد على رأس السلطة، مذكراً في الوقت نفسه، بأنه «ليس هناك في هذه المرحلة خيار فعلي لتغيير النظام».
وفيما تحفظت موسكو عن الإدلاء بتعليق سياسي يبيّن موقفها من الحملة الموجهة ضدها، أو من اجتماع مجلس الأمن اليوم، فقد حمل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، شكوى الهجوم إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وأشار أردوغان في مكالمة هاتفية، إلى أن مثل هذه الهجمات من شأنها «تقويض كافة الجهود المبذولة في إطار عملية أستانا» لترسيخ وقف إطلاق النار بسوريا، وفق ما أفادت مصادر في الرئاسة التركية. وأكد الرئيسان ضرورة بذل جهد مشترك لاستمرار اتفاق وقف إطلاق النار «الهش» في سوريا.
الدخول التركي على خط الاستثمار في الحادثة، لا يبدو بعيداً عن سياق ردود الفعل الدولية والمحلية، إذ فتح الهجوم المفترض المجال لجميع الأطراف التي شهدت تراجعاً في أسهمها السياسية والعسكرية داخل المعترك السوري. فبعد تغيّب وفد المعارضة المسلحة عن الجولة الماضية لمحادثات أستانا، بالتوازي مع تحجيم الاندفاعة التركية في الشمال السوري، خسرت تلك الفصائل المتحالفة مع «هيئة تحرير الشام» معارك في درعا ودمشق وحماه ترافقت مع جولة جنيف المنتهية. وجاءت أحداث أمس، لتشكل مادة دسمة لتصعيد الخطاب أملاً بتحشيد الدعم الغربي وخاصة الأميركي، ورأى كبير المفاوضين في وفد «الهيئة العليا» المعارضة إلى محادثات جنيف، محمد صبرا، أن «الجريمة تضع كل العملية السياسية في مهب الريح، وتجعلنا نعيد النظر بجدوى المفاوضات».