«شبح صيف 2013» فوق سورية: هل يستطيع ترامب «فعلَ شيء ما»؟

«شبح صيف 2013» فوق سورية: هل يستطيع ترامب «فعلَ شيء ما»؟

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٦ أبريل ٢٠١٧

مرّة أخرى، وضعت واشنطن نفسها أمام الاختبار السوري. في لحظة مشابهة لـ«أزمة الكيميائي» في صيف 2013، يريد رئيسها «فعل شيء ما». وُضعت أمام دونالد ترامب أمس كل الخيارات المتاحة لعمل عسكري، لكن الفارق الأساسي عن «التجربة الأولى» هو المظلّة الروسية لدمشق. فهل ستقدم الإدارة الأميركية على فعل تعيد به الاشتباك السياسي والعسكري في سوريا إلى المربع الأول، أم سيقدّم بوتين «مخرجاً» (كما فعل في الأزمة الأولى) ينزع فتيل الاندفاعة الأميركية نحو الحرب؟
يعيد سيل التصريحات الأميركية التي تتحدث عن احتمال «تدخل عسكري» في سوريا إلى عام 2013، حين لوّح الرئيس باراك أوباما بتوجيه ضربة عسكرية للقوات السورية على خلفية الهجوم الكيميائي في الغوطة الشرقية.
الحديث عن تفاصيل خطط الضربات وبنك الأهداف السورية المفترض، غطى على مسار الأحداث في مجلس الأمن، والذي أبدت فيه موسكو معارضة واضحة لمشروع القرار الغربي الذي ينص على استخدام «الفصل السابع» لتنفيذ بنوده «الضاغطة» على دمشق، وقدمت مشروعاً «مضاداً».
ويحمل الدخول في تفاصيل «الضربة» الأميركية ضد سوريا، إقراراً بأن قوات البنتاغون ستتحرك منفردة من دون تغطية أممية أو شراكة أوروبية، وهو أمر يجب النظر إليه مع مراعاة الوجود الروسي العسكري في سوريا، ورفض الأوروبيين المشاركة في أي تحرك خارج إطار القانون الدولي.
وبينما كان ينتظر أمس، تحديد موعد جلسة التصويت على مشروعي القرارين الروسي والغربي، نقلت تقارير إعلامية أميركية عدة عن مصادر في وزارة الدفاع، أن اجتماعاً رفيع المستوى لمسؤولين عسكريين في وزارة الدفاع، عقد لمناقشة «خيارات الرد العسكري المحتمل على هجوم الغاز». وضم الاجتماع كلاً من: وزير الدفاع جايمس ماتيس، رئيس الأركان المشتركة جوزيف دانفورد وعدداً من كبار المسؤولين العسكريين؛ بينهم رئيس القيادة المركزية الأميركية جوزيف فوتيل. ونقلت المصادر عن أحد المسؤولين في وزارة الدفاع، أن «الخيارات تشمل أي هدف عسكري مشروع، بما في ذلك المصانع الكيميائية والطائرات ومراكز القيادة والسيطرة، ولدينا الكثير من الخيارات». وأضاف إن «هناك اعتبارات عديدة»، بما في ذلك أي رد محتمل من قبل (الرئيس بشار) الأسد، والتهديد الذي قد يشكله على القوات الأميركية الموجودة على الأرض.
ومن اللافت أن الاجتماعات لتقديم خيارات عسكرية تتزامن مع موعد الـ 90 يوماً، الذي حدده الرئيس دونالد ترامب حين قدومه إلى البيت الأبيض. وبينما نقلت قناة «سي ان ان» أن ترامب قال لبعض أعضاء الكونغرس إنه يدرس خيارات العمل العسكري في سوريا، غير أنه لم يقرر بحزم المضي قدماً فيه، فقد أشارت إلى أنه يناقش الإجراءات والخيارات المتاحة مع وزير الدفاع، موضحة أنه سيعتمد على حكم ماتيس في هذا الخصوص. غير أن ترامب عاد في مؤتمر صحافي ليتهرب مرتين من الإجابة عن تساؤل حول سؤال يتعلق بمصير الأسد بالقول إنه «يجب حدوث شيء ما».
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية، قوله إن الوزير ريكس تيلرسون تحدث هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أول من أمس، بشأن الهجوم. وأضاف إن الجانب الأميركي «طلب التحليل أو القراءة الروسية لما يعتقدون أنه حدث» هناك. وفي مؤتمر صحافي أمس، قال تيلرسون إن بلاده تدرس «رداً مناسباً» على الهجوم، مشيراً في معرض رده على سؤال حول ما إذا كانت واشنطن في صدد تكوين «تحالف» لإزاحة الأسد، إلى أن «هناك خطوات تجرى حالياً» بهذا الشأن.
من جهة أخرى، أصدر عضوا الكونغرس جون ماكين وليندسي غراهام، بياناً مشتركاً يدعو إلى القيام بعمل عسكري في سوريا، موصياً بإقامة «تحالف دولي لمنع طيران الأسد من التحليق». وأضاف البيان إنه «يجب أن نبين أنه لا قوة أجنبية تستطيع حماية الأسد الآن».
وكانت البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة، قد وزعت أمس، مشروع قرار مضاداً للمقترح الغربي حول الهجوم الكيميائي في خان شيخون. ويطالب المشروع بزيارة فريق التحقيق المشترك التابع للأمم المتحدة و«منظمة حظر الأسلحة الكيميائية»، موقع الحادث «لإجراء تحقيق شامل واسع النطاق في أقرب وقت ممكن». كما يطلب من جميع الأطراف في سوريا أن «تكفل، وفقاً لقرار مجلس الأمن (2118)، بشكل كامل وبحرية، وصول أعضاء الفريق المشترك إلى موقع الحادث والمناطق المتاخمة». وينص على «تقديم المدير العام لـ(منظمة حظر الأسلحة الكيميائية)، ورئيس آلية التحقيق المشتركة، مقترحات إلى الأمين العام للأمم المتحدة بشأن مقترحاتهما حول تشكيلة فريق التحقيق، استناداً إلى مبدأ التمثيل الجغرافي العريض والمتوازن». ويتجاهل المشروع الإشارة إلى «الفصل السابع» من ميثاق الأمم المتحدة، والذي يجيز استخدام القوة العسكرية لتنفيذ بنود القرار المقترح، على عكس مشروع القرار الغربي.
بدورها، دانت الرئاسة الروسية الهجوم في خان شيخون، معتبرة أنه يمثل «جريمة مروعة وتهديداً حقيقياً». ودعا الناطق باسم الرئاسة، ديميتري بيسكوف، الجيش السوري إلى «بذل جميع الجهود للحيلولة دون وصول مواد سامة إلى أيدي الإرهابيين»، مشدداً على أن تصريحات الرئيس الأميركي لن تؤثر «جوهرياً» على العلاقات الروسية ــ الأميركية. ورأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن الاتهامات التي خرجت حول الهجوم الكيميائي «لا أساس لها»، مضيفاً في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عدم قبول موسكو «توجيه اتهامات بلا أساس إلى أي كان قبل إجراء تحقيق دولي دقيق ومحايد».
وفي معرض ردود الفعل حول الهجوم، قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت، إن بلاده لن تشارك في تحرك عسكري بري في سوريا، مشيراً في حديث تلفزيوني، إلى أهمية «استصدار قرار من مجلس الأمن يقضي بمعاقبة مرتكبي الحادثة». بدوره، قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، إنه يجب استصدار قرار في الأمم المتحدة قبل أي تحرك منفرد في سوريا. واعتبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن عدم صدور قرار من مجلس الأمن يندد بالهجوم الكيميائي يعدّ «فضيحة، وعلى من عارضوه التفكير في المسؤولية التي يتحملونها».
 

المعلم: نقبل لجنة التحقيق بشروط

جدّد وزير الخارجية السوري وليد المعلم التأكيد على أن الجيش السوري «لم ولن يستخدم أي نوع من السلاح الكيميائي حتى ضد الإرهابيين». وقال خلال مؤتمر صحافي في دمشق إنه «عندما فشلت» هجمات المجموعات المسلحة في جوبر وحماة وغيرهما «خرجوا بكذبة استخدام الجيش للسلاح الكيميائي». ولفت إلى أن سوريا أرسلت «أكثر من مئة برقية إلى مجلس الأمن ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بمعلومات عن إدخال مواد كيميائية من العراق إلى "داعش" و"جبهة النصرة"، ومن الحدود التركية باتجاه إدلب».
وحول ترحيب دمشق بلجنة تحقيق حول الحادث من عدمه، قال إن «تجربتنا مع لجان التحقيق التي جاءت إلينا لم تكن مشجعة، وبصراحة يخرجون من دمشق بمؤشرات معينة وفي مقر عملهم تتغير هذه المؤشرات». وأضاف أن بلاده «يجب أن تضمن أن اللجنة ليست مسيّسة، وفيها تمثيل جغرافي واسع، وتنطلق من دمشق وليس من تركيا».
ودعا أعضاء مجلس الأمن الدائمين إلى تحمّل «مسؤولياتهم في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين وفقاً للميثاق، بمعنى أنه يمنع أن يتم التصرف بشكل إفرادي»، مشيراً إلى أن تأثير الحادث على العملية السياسية «يعتمد على التطورات التي ستظهر خلال الأيام القليلة المقبلة في مجلس الأمن وفي الاتصالات الروسية ــ الأميركية». وأضاف: «أنا أدرك مثلكم خطورة التصريحات الأميركية الأخيرة، لكن هناك من قال ربما هذه التصريحات هدفها الضغط خلال المشاورات مع الجانب الروسي والصيني بشأن مشروع القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا».