أسباب تباطؤ عمليات تحرير الموصل

أسباب تباطؤ عمليات تحرير الموصل

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٢٥ أبريل ٢٠١٧

رغم مرور أكثر من ستة أشهر على انطلاق عمليات تحرير الموصل من العصابات الإرهابية لاسيّما تنظيم "داعش" لازالت هذه العمليات لم تحسم بعد، الأمر الذي يثير جملة من التساؤلات بشأن مصير هذه المدينة الاستراتيجية الواقعة شمال غرب العراق.

ويعتقد المراقبون، بحسب تقرير لموقع "الوقت" الاخباري أن أسباب هذا التلكؤ تعود إلى عدّة عوامل عسكرية وسياسية وإنسانية وجغرافية يمكن تلخيصها بما يلي:


العامل الإنساني

بسبب الكثافة السكانية لأهل الموصل اضطرت القوات العراقية إلى وقف عملياتها لعدّة مرات لتفادي وقوع المزيد من الضحايا في صفوف المدنيين خصوصاً في الجانب الأيمن من المدينة الذي تتشابك فيه الأزقة والطرق الفرعية خصوصاً في الأحياء القديمة.

والجدير بالذكر أن الكثير من هؤلاء المدنيين قد اتخذهم "داعش" دروعاً بشرية لمنع تقدم القوات العراقية التي أعلنت منذ بداية انطلاق العمليات حرصها التام على سلامة المدنيين وتطبيق المبادئ الإنسانية والالتزام بالقوانين والأعراف الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان في هذه المدينة.

كما اضطر سلاح الجو العراقي ولمرات عديدة إلى تقليص عملياته ضد مواقع تنظيم "داعش" لتجنب وقوع خسائر في صفوف المدنيين الذي يتخذهم التنظيم الإرهابي دروعاً بشرية كما أسلفنا.


عدم جدية التحالف الدولي في دعم القوات العراقية

أثبتت عمليات تحرير الموصل أن ما يسمى بـ "التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب" الذي تقوده أمريكا غير جاد في تقديم الدعم للقوات العراقية في هذه العمليات خصوصاً فيما يتعلق بالدعم الجوي، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحدّ؛ بل تعمدت الطائرات الأمريكية ضرب العديد من المناطق المكتظة بالسكان بحجة استهداف مواقع "داعش" ما أدى إلى وقوع خسائر كبيرة في صفوف المدنيين.

والأمر الآخر هو أن قوات الحشد الشعبي التي تشارك في عمليات تحرير الموصل إلى جانب القوات العراقية الأخرى تمكنت ومن خلال الأفلام والصور الدامغة من توثيق العديد من الحالات التي تثبت تزويد القوات الأمريكية لعناصر "داعش" بالمؤونة والذخيرة العسكرية والمعلومات اللوجستية، والتي حالت كذلك دون القضاء على هذا التنظيم وتطهير المدينة من عناصره بشكل كامل حتى الآن.

ويعتقد المحللون بأن القوات الأمريكية سعت خلال الأشهر الستة الماضية إلى تدمير أكبر عدد ممكن من المباني والمرافق الحيوية ومن بينها الجسور المهمة التي تربط شقّي مدينة الموصل، بهدف كسب امتيازات أمنية وعسكرية بالإضافة إلى الامتيازات المادية خلال فترة إعادة إعمار المدينة بعد تحريرها من الجماعات الإرهابية.

كما سعت القوات الأمريكية إلى الحيلولة دون إشراك الحشد الشعبي في هذه العمليات ومن بينها عمليات تحرير قضاء "تلعفر" غربي المدينة وباقي المناطق القريبة من الحدود السورية.


العمليات الانتحارية لـ "داعش"

لجأ تنظيم "داعش" الإرهابي إلى تكثيف العمليات الانتحارية التي يشنها عناصره وتفجير السيارات المفخخة داخل الأحياء السكنية لإيقاع أكبر قدر من الخسائر في صفوف المدنيين. واعتمد هذا التنظيم على ما يعرف بـ "الخلايا النائمة" في تنفيذ هذه العمليات التي أدت أيضاً إلى تباطؤ تقدم القوات العراقية خصوصاً في الأسابيع الأخيرة بعد أن وجد هذا التنظيم الإرهابي نفسه غير قادر على الاحتفاظ بمواقعه بفعل العمليات النوعية التي يشنها الجيش العراقي والقوات الأمنية المساندة له ومن بينها قوات مكافحة الإرهاب.


التضاريس الأرضية

بسبب الطبيعة الجغرافية لمدينة الموصل والمناطق المحيطة بها ووعورة الطرق المؤدية إليها خصوصاً في أحيائها القديمة اضطرت القوات العراقية إلى إشراك المشاة في تنفيذ العمليات لعدم تمكنها من الاستفادة من الدبابات والعجلات المدرعة بالشكل المطلوب للتوغل داخل المدينة، ما أدى أيضاً إلى تأخر هذه العمليات وعدم حسمها حتى الآن.

هذه العوامل وغيرها لاسيّما الخلافات السياسية بين العديد من الأطراف العراقية التي يسعى بعضها إلى تجيير مكاسب هذه العمليات لصالحه على حساب الآخرين، إلى جانب خشية الحكومة العراقية من إمكانية اندلاع حرب أهلية بسبب الطبيعة الديموغرافية وتعدد القوميات والطوائف في الموصل أدت كذلك إلى تلكؤ وبطء عمليات تحرير هذه المدينة، خصوصاً بعد منع قوات الحشد الشعبي من المشاركة المباشرة في هذه العمليات بحجة الخشية من اندلاع حرب طائفية باعتبار أن الحشد يتشكل معظمه من الفصائل الشيعية من وسط وجنوب العراق رغم وجود فصائل أخرى في صفوفه من السنّة والمسيحيين والطوائف الأخرى من مختلف أنحاء العراق.

وتجدر الإشارة إلى أن "داعش" لجأ أيضاً إلى حفر الكثير من الأنفاق لمباغتة القوات العراقية أو لتهريب عناصره عبر هذه الأنفاق إلى مناطق أخرى، بالإضافة إلى قيامه بزرع مناطق واسعة بالمتفجرات والألغام سواء على الطرقات أو داخل المباني الحكومية وغير الحكومية لإيقاع أكبر قدر من الخسائر في صفوف الأهالي والقوات العراقية التي توزعت مهامها بين مواصلة عملياتها لتحرير المدينة وإنقاذ المدنيين من بطش "داعش" الذي ارتكب مختلف أنواع الجرائم بالوسائل الوحشية والهمجية ضد هؤلاء المدنيين منذ احتلاله لمدينة الموصل ومدن عراقية أخرى في حزيران/يونيو عام 2014.