حُشود للجيش السوري وحزب الله... بمُواجهة حُشود التحالف

حُشود للجيش السوري وحزب الله... بمُواجهة حُشود التحالف

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ١٧ مايو ٢٠١٧

ناجي البستاني

في الوقت الذي تتواصل فيه الجُهود لتثبيت ما إصطلح على تسميته "المناطق الآمنة" في الداخل السوري، الأمر الذي إعتبر أولى المداميك الخاصة بتقسيم الساحة السورية إلى مناطق نُفوذ إقليميّة ودوليّة، برزت تطوّرات ميدانيّة مُهمّة في البادية السورية، حيث يتواصل تحضير مجموعات مُقاتلة عربيّة ودَوليّة لتنفيذ مُهمّة عسكريّة إستراتيجيّة في الداخل السوري، الأمر الذي إستدعى تحرّكًا عسكريًا مُقابلاً من جانبالجيش السوريوالقوّات الداعمة له لإفشال خطّة "قوّات التحالف". فما الذي يجري، وكيف ستتطوّر الأمور؟.

بداية لا بُد من الإشارة إلى أنّ "قوّات التحالف" أعدّت مجموعات مُقاتلة من كل من "الجيش السوري الحُرّ" و"جيش العشائر" و"مغاوير الثورة"، مُدرّبة بأغلبيّتها في مُعسكرات على الحدود مع الأردن، لعبور الحدود الأردنيّة والتوجّه نحو "دير الزور" لمُقاتلة إرهابيّي تنظيم "داعش"، بدعم مُباشر من قبل وحدات أميركيّة وبريطانيّة وأردنيّة ومن جنسيّات أخرى مُنخرطة ضمن "التحالف"، والهدف الإستراتيجي لهذه المعركة هو الإمساك بالحدود السورية–الأردنيّة، ثم التمدّد للإمساك بالحدود السوريّة–العراقيّة. وبالفعل تقدّمت طلائع من القوى المُحتشدة قرب مخيّم الركبان على الحدود الأردنيّة–العراقيّة في منطقة التنف، نحو البادية السوريّة، وسيطرت على عدد من القرى والهضاب في بادية التنف وفي ريف دير الزور الجنوبي. وتقضي الخطّة التي ستشارك فيها نحو 400 دبابة ومُدرّعة وآلية عسكريّة، بالسيطرة على كامل البادية الفاصلة بين محافظتي دير الزور وحمص، ثم التقدّم نحو مدينة "البوكمال".

وإذا كانت العمليّة المُرتقبة بقيادة الولايات المتحدة الأميركيّة، هي بحجّة منع إنتقال عناصر "داعش" وغيرهم من العناصر الإرهابيّة عبر الحدود، فإنّ الهدف الإستراتيجي يتمثّل في منع تواصل قوّات "الحشد العراقي" مع القوّات المُساندة للدولة السورية في الداخل السوري، خشية تأمين خط إمدادات لوجستيّ يمتدّ برًّا من إيران عبر العراق ثم سوريا وُصولاً إلى لبنان، بشكل يُهدّد التوازنات في منطقة الشرق الأوسط ككل، ويُعرّض المصالح الأميركيّة للخطر، ويتسبّب بمتاعب كبيرة لإسرائيل. إشارة إلى أنّ القوّات العراقيّة التي تُقاتل "داعش" حقّقت تقدّمًا كبيرًا في مدينة المُوصل ومحيطها، وإقتربت بالتالي أكثر فأكثر من الحُدود السوريّة، الأمر الذي دفع الإدارة الأميركيّة إلى رفع مُستوى ضغطها على الحكومة العراقيّة لعدم تحويل المُهمّة من القضاء على إرهابيّي "داعش" في العراق إلى دعم الحكومة السورية بشكل مُباشر.

وفي المُقابل، أعدّ الجيش السوري والقوّات الحليفة خطّة تقضي بالوصول إلى الحدود السوريّة العراقيّة، وتحديدًا إلى معبر النتف، من محورين: الأوّل من بادية دمشق والثاني من ريف حمص الشرقي. كما يُخطّط الجيش السوري لتأمين طريق تدمر–بغداد، وللسيطرة على مدينة السخنة، لإفشال مُخطّط "قوّات التحالف". ويُواصل الجيش السوري تجميع قوّاته في مناطق جنوب دمشق، بهدف منع إقامة منطقة عازلة على الحدود مع الأردن، علمًا أنّ الجيش السوري والقوّات الحليفة له لم يتوقّفا عن مُحاولاتهما لمنع إقامة منطقة عازلة مع الحدود التي تُسيطر عليها القوّات الإسرائيليّة، حيث لا يُمكن فصل معركة البادية السوريّة عن معركة الجنوب السوري، وتحديدًا منطقتي درعا والقنيطرة. وبحسب المعلومات المُسرّبة فإنّ "حزب الله" جهّز نحو 3000 مُقاتل للمشاركة في معركة البادية السوريّة، وأغلبيّة هذا السرايا العسكريّة كانت مُنتشرة في كل من الزبداني ومضايا وسرغايا وكذلك غرب بلدة الطفيل وفي جرود بريتال وحام ومعربون في السلسلة الشرقيّة. كما جرى إستقدام وحدات عسكرية أخرى من القوى المُختلفة التي تؤازر الجيش السوري على العديد من جبهات القتال، لرفع عدد الحشد الذي سيتقدّم لقطع الطريق على "قوّات التحالف"، علمًا أنّ السيطرة على مُجمل البادية السورية هو أمر شبه مُستحيل للطرفين بسبب المساحة الجغرافية الواسعة وصعوبة حصر المعابر والمَمرّات.

إذًا، ما يحصل في البادية السورية حاليًا هو معارك ضُدّ إرهابيّي تنظيم "داعش" من قبل "قوات التحالف" والجيش السوري والقوى الحليفة له، كلّ على حدة. لكن هذا "السيناريو" الظاهر، يُخفي أبعادًا إستراتيجيّة أعمق وأهم بكثير من القضاء على بضعة آلاف من مُقاتلي "داعش"، حيث تُخطّط واشنطن لإقامةمنطقة حُدوديّة عازلة تُنهي حلم "محور المُقاومة" بوصلالجبهات، وبتأمين خط إمداد عسكري برّي من طهران إلى بيروت، بينما تُحاول دمشق بمساعدة القوى الحليفة منع تحقيق هذا الهدف. وإذا كانت المعركة اليوم هي ضُدّ "داعش" وللسيطرة على مدينة "دير الزور" ومحيطها، فإنّ القوى التي تُحارب حاليًا التنظيم الإرهابي كلّ من موقعه، ستصل في نهاية المطاف إلى نقاط تماس مُباشر في ما بينها، وعندها كل الإحتمالات واردة في حال فشل الدبلوماسيّة في ترتيب مناطق تقاسم النفوذ.

النشرة