السباق إلى خط الحدود السورية – العراقية

السباق إلى خط الحدود السورية – العراقية

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٤ مايو ٢٠١٧

عمر معربوني

منذ سنة ونصف وعندما لم يكن احد منتبهاً لما يحصل في البادية السورية كتبت حينها مقالة بعنوان : طريق دمشق – بغداد ، معركة خط الإمداد الإستراتيجي وكانت دمشق في عنوان المقال أولا ليس لأسباب لغوية بقدر ما كانت دلالة على توجه الجيش السوري وحلفائه باتجاه الحدود قبل الجيش العراقي والحشد الشعبي .

حينها لم تكن حلب موحدة ولم يكن الجيش السوري في وضع مريح حيث مساحات كبيرة من غرب دمشق تحت سيطرة الجماعات الإرهابية وحيث الضغوط على جبهات حلب الغربية والجنوبية الغربية في ذروتها ولم تكن أرياف اللاذقية قد تحررت بعد والكثير من الأمثلة المرتبطة بالأمر . حينها استغرب الكثيرون كيف اكتب عن طريق دمشق – بغداد ولا يزال الجيش العربي السوري يقاتل في منطقة القلب وعلى امتداد كبير من الشمال إلى الجنوب وفي القلمون ومحيط دمشق ووادي بردى . بعد تحرير غالبية منطقة القلمون وبعد بدء توجه الجيش لرسم خط تقدم نحو ريف حلب الشمالي وتحرير مناطق مهمة في الغوطة الشرقية لدمشق كان سهلاً من خلال متابعة خرائط السيطرة الجديدة أن ندرك أن الجيش العربي السوري ثبّت قواعد ارتكاز لحسم معارك القلب داخل منطقة الثقل الإستراتيجي للدولة سواء بالمعارك العسكرية أو من خلال التسويات وهو ما أدركه الأميركي متأخراً خلال معركة استعادة الأحياء الشرقية لمدينة حلب حيث أعطى الأوامر " لداعش " بالهجوم نحو مدينة تدمر والضغط على الطريق الرابط بين السلمية وحلب وإعادة تفعيل معارك الجنوب في محاولة لتشتيت جهد الجيش العربي السوري ودفعه باتجاه وقف عملياته في محاور حلب .

القيادة السورية ومعها الحلفاء اتخذوا قرارهم بتثبيت خطوط القتال في غالبية محاور القتال وذهبوا باتجاه حسم معركة الأحياء الشرقية لحلب وهو ما حصل فعلاً إدراكا من سوريا وحلفائها أن هذه المعركة ستحسم معارك القلب وهو ما نراه الآن حيث الامتداد من درعا حتى الساحل وحلب مروراً بدمشق والمنطقة الوسطى تحت سيطرة الدولة السورية . القيادة السورية ومنذ البداية كانت تنوي الانتهاء من معارك القلب ونقل المعركة إلى الأطراف وهو ما لم يتحقق بشكل كامل بسبب وجود جيبين كبيرين لكنهما محاصرين وفقدا القدرة على التأثير وخوض عمليات ناجحة واعني الغوطة الشرقية ومنطقة تلبيسة الرستن إضافة إلى جيبين صغيرين في مخيم اليرموك والحجر الأسود وفي بيت جن ومزرعة بيت جن عند سفوح جبل الشيخ . وما عدا ذلك فادلب ومحيط درعا يُصنّفان مناطق أطراف استطاع الحليف الروسي أن يحيدهما مؤقتاً عبر اتفاقية " مناطق خفض التصعيد " التي ستساهم في تحقيق مجموعة من الأمور الإيجابية على رأسها تجميد العمليات القتالية على جبهات واسعة والتفرغ لمعركة البادية التي تشكل حالياً أولوية بالنسبة للقيادة السورية . العامل الأبرز الذي يسمح حالياً للجيش العربي السوري بتطوير العمليات في البادية هو تحرير أعداد كبيرة من قوات الجيش من أعباء المهام الميدانية سواء القتالية منها أو المرتبطة بالحماية والتثبيت وذلك بالنظر إلى ما تحقق في ريف دمشق الغربي ومحيط دمشق وكامل منطقة القلمون ووادي بردى وأخيرا الزبداني والإنجازات المستمرة في ريف حلب الشرقي وصولاً حتى عمليات اليوم . ان تحرير هذه الأعداد سمح للقيادة بتحويلها إلى قوات اقتحام وهو ما نراه في محيط تدمر وفي مناطق القلمون الشرقي وشمال شرق السويداء وكذلك في الريف الجنوبي الشرقي لحلب . معالم الميدان الحالية باتت أكثر لمصلحة الجيش السوري الذي يطوّع الجغرافيا لمصلحته ويحولها إلى قاعدة خلفية متماسكة ونظيفة حيث سنشهد قريباً رسم خط الجبهة ما قبل الأخير الذي ستنطلق منه القوات من خط الحدود مع الأردن شرق وشمال شرق السويداء مروراُ بالتنف والسخنة شرق تدمر وصولاً حتى مسكنة جنوب شرق حلب التي بات الجيش يبعد عنها حوالي 6 كم فقط .

هذه العمليات المستمرة ستصبح أكثر سهولة ويسرا في القريب العاجل نظراً لما نشاهده من انهيارات سريعة " لداعش" وخصوصاً جنوب تدمر وفي ريف حلب الشرقي الجنوبي .

بعد وصول الجيش العربي السوري إلى مرحلة تثبيت خط الجبهة الجديد يمكننا القول أن السباق إلى الحدود سيتسارع بشكل كبير حيث سنكون أمام تحولات جذرية وكبيرة وربما مفاجآت غير متوقعة قد تقلب قواعد الاشتباك الحالية رأساً على عقب.